دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مرة جديدة، تخسر قناة "الجزيرة" أحد أهم كوادرها الإعلامية، ممن يجمع بين الاحترافية والانتماء الصريح لقضية المقاومة في العالم.
بعد أشهر عدة، غاب خلالها مقدم البرامج الزميل سامي كليب عن شاشة القناة، أسوة بغيره من مقدمي البرامج، عُلم أن كليب وقَّع عقدا مع قناة تلفزيونية أخرى، ما يعني توقف تعاونه رسمياً مع القناة القطرية.
ولم يُعرف بعد اسم القناة التلفزيونية المقرر أن ينتقل اليها لاحقاً، كما أن منصبه فيها ما زال طي الكتمان، وإن كانت التسريبات تفيد بأنه سيقدم برنامجا سياسيا يتناول القضايا العربية بمضمون وطريقة جديدين، يستندان الى تجربته الطويلة في مجال الإعلام الغربي.
وفيما من المتوقع أنه سيشرح ملابسات هذه الخطوة لاحقاً، فإن الفرضيات تتباين حول أسباب مغادرة مقدم برنامج «زيارة خاصة» للقناة، وهو البرنامج الذي شكل غالباً منبرا للمقاومين في العالم ضد إسرائيل، ما أثار غير مرة حفيظة الصحافة الإسرائيلية.
ويأتي توقف التعاون بين كليب و«الجزيرة»، بعد عدد من الاستقالات التي شهدتها القناة على مدى العامين الماضيين، وكان آخرها استقالة مدير مكتبها في بيروت ومقدم برنامج «حوار مفتوح» الزميل غسان بن جدو.
وكانت سبق هذه الخطوة، استقالة كليب من منصبه كمستشار رئاسي للهولدينغ الإعلامي الفرنسي الموجه للعالم العربي في باريس، والذي يضم خصوصا إذاعتي "مونت كارلو" و"فرنسا الدولية" وتلفزيون "فرانس 24"، وذلك لخلاف سياسي مع إدارة الهولدينغ حول التعامل مع اسرائيل، حيث بثت مواقع إسرائيلية عديدة مقالات تؤكد أن كليب كان يستضيف في برنامجه "زيارة خاصة" فدائيين نفذوا عمليات عسكرية ضد اسرائيل. كما أن إدارة الهولدينغ اعترضت على استضافته للكاتب الفرنسي الشهير تييري ميسان الذي ناقض كل الرواية الأميركية حول الاعتداءات على برجي مركز التجارة العالمي في أيلول 2001، كما اعتبر أن اسرائيل هي التي اغتالت رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري. وبادر كليب آنذاك الى الاستقالة من منصبه الذي يعتبر أعلى منصب إعلامي يتولاه صحافي عربي في فرنسا.
وكليب الذي كان أمضى أكثر من عشر سنوات متعاونا مع «الجزيرة،» كان برنامجه توقف منذ ستة أشهر، في إطار قرار إيقاف البرامج الحوارية المسائية، الذي اتخذته الإدارة منذ سقوط نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، ما أثار جدلاً كبيرا حول الأسباب. فالبعض برره بحرص القناة على عدم قطع البرامج كل خمس دقائق لتمرير خبر الثورات العربية، والبعض الآخر اعتبر أن للأمر علاقة بالسياسة الجديدة للقناة ولدولة قطر، والقاضية بوضع كل الأخبار والتقارير في سياق سياسي مناهض لعدد من الأنظمة العربية، وهو ما كان صعبا تطبيقه على البرامج، نظرا لنهجها القاضي باستضافة الرأي والرأي الآخر.
يذكر أن كليب قدم في القناة برنامجي "زيارة خاصة" و"الملف"، عبر انتاج خارجي. وتميز الأول بالدخول في أسرار وتاريخ شخصيات عربية كثيرة من المشرق والمغرب العربيين. فيما أضاء «الملف» على ملفات ساخنة كان آخرها ملف السودان قبيل تقسيمه، حيث تم الكشف فيه عن حتمية الانفصال ودور اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية في إيصال أوضاع البلد العربي الأفريقي الى حد الإنفصال. كما تناول ملف التسلح العربي وكيفية فرض الولايات المتحدة الأميركية صفقات كبيرة على دول الخليج لبيعها أسلحة قد لا تستخدمها مطلقا، بالإضافة الى خطر رجال الدين اليهود على مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي.
وفي ظل هذه الاستقالات من "الجزيرة"، ومنها ما هو معروف ومنها ما زال مكتوما، والتي طالت أسماء بارزة فيها، فإن السؤال المطروح هو: هل تحولت "الجزيرة" الى إحدى ضحايا الثورات العربية، نتيجة ما يعتبره البعض ابتعادا عن الموضوعية والمهنية في التغطية وانحيازاً الى ثورة دون أخرى.. وهل تكرس هذه الاستقالات صورة "الجزيرة" الجديدة، سواء من حيث خطها السياسي، أو من حيث وجوه مذيعيها ومقدميها، أو من حيث أدواتـــها المهنية التي تتمحور مؤخرا حول الجانب الإخباري على حـــساب الجــانب البرامجي. أسئلة.. برسم الآتي.
السفير
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة