دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
منذ بداية الحرب على سوريا، والعقوبات تنهال عليها من الولايات المتحدة كزخ المطر. ويبدو أن قانون قيصر وما قبله وما تلاه لم يعد كافيًا للأميركيين والأوروبيين على حد سواء. فتوسيع العقوبات الأوروبية لتطال وزير الشؤون الخارجية السوري فيصل المقداد بحد ذاته أمر يثير الريبة ويجعلنا نتساءل عما يخفي وراء الأكمة؟ إذ أن هناك عدة حقائق ترتبط بالواقع الراهن المرتبط بسوريا خلال العام 2021 وبأوروبا، وبالتحديد بفرنسا، والواقع الجديد الذي تحاول الأخيرة الوصول إلى تحقيق نتائج فيه.
سلسلة العقوبات التي فرضت على سوريا ووضع رجال الدولة فيها على قوائم العقوبات الأوروبية، وآخر الاسماء وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ومنعه من السفر في الخامس عشر من هذا الشهر، وراءه نوايا فرنسية بالإستمرار بالتواجد العسكري في سوريا. اذ إنّ منع الوزير المقداد من السفر جاء قبل عشرة أيام من توجه الوفود إلى جنيف للعمل على اللجنة الدستورية التي ستقوم بوضع دستور جديد للدولة السورية. وهنا يعود للذاكرة دور فرنسا في عزل الملك فيصل في باريس وفي منع قيام الدولة العربية. والسؤال هنا ممن سيتشكل وفد الحكومة السورية المشارك، في حال منع ممثل الجهة الرسمية الحكومية السورية من ذلك، وما معنى ذلك؟ هو بالتأكيد محاصرة لسيادة الدولة السورية واعتداء عليها، والتي لم تنته محاولة إنهاكها بالأعباء الإقتصادية. بالطبع، هذا لا يمنع من أن يرأس الوفد نائب وزير الخارجية، الدكتور بشار الجعفري. ولكن توقيت العقوبات على وزير الخارجية يبقى الأخطر في هذه المرحلة.
فدستور سوريا الجديد، الذي يأمل الأوروبيون والأميركيون والإسرائيليون بالتأسيس له، يعد اعتداءً آخر على سيادة سوريا، وهو يحمل عدة نقاط لا يمكن أن تقبل بها الدولة السورية. وهي النقاط التي وضعتها مجموعة السبعة المعارضة وتكفلت بها في 25 كانون الثاني/يناير 2018. والتي تعد مطلباً “اسرائيلياً” صرفاً، ألا وهي: قطع العلاقات مع إيران، سوريا لن تكون مصدراً لتهديد لجيرانها، والمقصود بذلك “اسرائيل”. مما يعني ذلك قطع العلاقة مع حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، وتقويض إعادة الإعمار في المناطق التي “تحتلها” الحكومة. وما عدا ذلك من نقاط تتعلق باللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة تحت البند 2254، وغيرها.
أهم ما يتعلق بالمحادثات حول اللجنة الدستورية، هو ما لم ولن تقبل به سوريا، هو تقويض صلاحيات الرئيس وتحويل قسم من هذه الصلاحيات إلى رئاسة مجلس الشعب ورئاسة الوزراء. وتقويض هذه الصلاحيات هو بحث خاص بذاته، وهو تحويل لسوريا إلى بلد دون رأس وقيادة موحدة فيها، وتوزيع السلطات على أساس عرقي وطائفي.
ويعتقد الأوروبيون بقيادة فرنسا أنه بغياب الممثل الأول للقيادة في سوريا فإن الوفد السوري لن يكون قادراً على تعطيل اجتماع اللجنة الدستورية الخامس، كما كان يفعل الراحل وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وخاصة أن الوزير فيصل المقداد هو ابن المدرسة ذاتها. وبالتالي يمكن تحويل الملف السوري إلى الحضن الفرنسي بعد خمس وسبعين عاماً من الإستقلال، وفق النظرية الاوروبية.
المصدر :
عبير بسام – العهد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة