عندما يترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعًا لمجلس الدفاع الوطني الذي يَضُم قادة القوّات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة ووزراء السّيادة في الحُكومة، ويتلوه بتزعّم اجتماع مُغلق للبرلمان المُؤيّد له للحُصول على غِطاءٍ شرعيٍّ مفتوح لأيّ تدخّلٍ عسكريٍّ في الأزمة الليبيّة، فإنّ هذا يعني أنّ معركة سرت ـ الجفرة باتت وشيكةً جدًّا، وأنّ المُواجهة المُباشرة وبالأصالة بين الجيشين المِصري والتركي وداعِميهما في الشرق والغرب الليبي، علاوةً على فرنسا وروسيا والإمارات في الجانب المِصري، باتت وشيكةً وعلى بُعد أيّام معدودة، حسب رأي مُعظم الخُبراء الاستراتيجيين العَسكريين.

الطّرفان التركيّ والمِصريّ اتّخذا قرار الحرب واستعدّا لها، الأوّل ضاعف من حُشوده العسكريّة واستِعداده لاقتحام المدينتين (سرت والجفرة)، بنقلِ آلاف الأطنان من العتاد العسكريّ الثّقيل (دبّابات ومدرّعات) وعشَرات من الطّائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستيّة، أمّا الطّرف الثّاني، أي مِصر، المدعوم روسيًّا وفرنسيًّا وإماراتيًّا، فقد حصل على ضُوءٍ أخضر من القبائل الليبيّة، والشرقيّة منها خاصّةً، وغِطاء “شرعيّ” من برلمان طبرق ورئيسه عقيله صالح، وبدَأ فِعلًا في تسليح شباب القبائل على جانبيّ الحُدود الليبيّة المِصريّة، وفتَح قنوات اتّصال مع القِيادات وقادة القبائل المُوالية للعقيد معمر القذافي، والسيّد سيف الإسلام على رأسِهم.

***

السيّد مصطفى المجعي المتحدّث باسم عمليّة البركان التي تستعد لشنّها حُكومة “الوفاق” المُعترف بها من الأمم المتحدة، لاجتِياح سرت ـ الجفرة أكّد في تصريحٍ صحافيّ اليوم الاثنين أنّه جرت تحشيدات عسكريّة غير مسبوقة غرب مدينة سرت وأنّ “تحريرها” بات أمْرًا محسومًا، وقريبًا جدًّا، تمهيدًا للسّيطرة على آبار النفط ومَوانئه في الهلال النفطيّ غرب بنغازي والسّيطرة الكامِلة على التّراب اللّيبي وإنهاء التمرّد، حسب رأيه.

في المُقابل جرى رصد جسر جوي روسي بين موسكو وقاعدة الجفرة الجويّة مُكوّنٌ مِن 11 طائرة شحن من طراز “اليوشن” العِملاقة كانت مُحمّلةً بمنظومات صواريخ “نانتسر” للدّفاع الجوّي المُتطوّرة، ودبّابات وهُناك تقارير تتحدّث عن منظومات صواريخ “إس 400” أيضًا، وأكثر من 20 طائرة حربيّة مِن طِراز “ميغ 29″ و”سو 24” المُتطوّرة.

المعلومات المُتوفّرة لهذه الصّحيفة “رأي اليوم” تُؤكّد أنّ الجيش المِصري بدأ فِعلًا في تكوين جيش من شباب القبائل الليبيّة على الحُدود المِصريّة الليبيّة وتسليحهم، وخاصّةً من قبائل “أولاد علي” و”العبابدة” و”البراعصة”، وإعادة تجميع فُلول قوّات العقيد معمر القذافي وكتائبه العسكريّة والأمنيّة، وهُناك معلومات “شِبه مُؤكّدة” تتحدّث عن دَورٍ لأحمد قذّاف الدم ابن عمّ العقيد المُقيم في القاهرة في هذا الصّدد، كما تتحدّث المعلومات نفسها عن لقاءٍ سرّي جرى بينه وبين عقيله صالح، رئيس برلمان طبرق، أثناء زيارة الأخير للقاهرة للِقاء الرئيس السيسي وإطلاق المُبادرة السياسيّة للحلّ في ليبيا التي لم تحظَ بأيّ قُبولٍ مِن الطّرف الآخر.

هذا الحِراك العسكريّ المِصريّ المُكثّف على صعيدِ تسليح القبائل الليبيّة هو الذي يَقِف وراء حالة القلق التي تسود الأوساط الجزائريّة، ودفعت بالرئيس عبد المجيد تبون لعقد اجتماع على عَجلٍ مع وسائل الإعلام مساء الأحد، والتّعبير عن تحذيره ومُعارضته لتسليح القبائل الليبيّة، ووصفه بأنّه “أمر خطير قد يتسبّب في انزِلاق البِلاد نحو النّموذج الصّومالي بعد أن تجاوز الوضع السوري”، وكشَف أنّه يسعى مع الجار التونسي “للتقدّم بمُبادرةٍ سياسيّةٍ لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ للأزمة الليبيّة”.

كان لافتًا أنّ مصدر قلق الجانب المِصري، المُتمثّل في وجود دور تركيّ عسكريّ قويّ ومُتصاعد في غرب ليبيا مدعوم بأكثر من 17 ألف مُقاتل “جِهادي” جرى نقلهم من سورية، لا يُشكّل قلقًا بالقدر نفسه للطّرف الجزائري، وربّما يعود ذلك إلى تطميناتٍ من قِبَل الرئيس رجب طيّب أردوغان لنظيره الجزائري بأنّ هؤلاء سيكونون تحت السّيطرة، ولن يُشكّلوا أيّ تهديد أمني للجِوارين الجزائري والتونسي، حسب ردّ مصدر تونسي موثوق على سُؤالٍ لنا في هذا الصّدد، ولكنّ المُلاحظ أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي كان أوّل من طالب بدورٍ فاعِلٍ للقبائل الليبيّة، “كخِيار ثالث”، وتأسيس مجلس لها على غِرار نظيره في أفغانستان، بات أكثر قُربًا، ولو علنيًّا، مِن المِحور الفِرنسي المِصري الروسي، مُبتَعِدًا، بطريقةٍ أو بأُخرى، عن الموقف الجزائريّ “شِبه المُحايد”.

***

معركة سرت إذا بدأت قد تكون حاسمةً للعديد من القضايا على الأرض الليبيٍة، وقد تُمهّد للحلّ السياسيّ الذي يتطلّع إليه جميع المُتدخّلين في الأزمة حِفْظًا لمصالحهم، والحُصول على نصيبهم من الكعكة النفطيّة والغازيّة الليبيّة، ولكنّها معركة قد تُؤجّل حسم الحرب مُؤقّتًا، فليبيا غابة سِلاح وميليشيات، وإذا دخلت القبائل المسلّحة إلى الميدان، ودخلت في صِدامٍ مع الميليشيات المسلّحة والقِوى الأجنبيّة، فإنّ حالةَ الاقتِتال في البِلاد ستطول، وربّما تستمرّ لسنواتٍ والمزيد من الفوضى وهذا ما كان يتطلّع إليه حِلف النّاتو مُنذ البِداية.. واللُه أعلم.

 

  • فريق ماسة
  • 2020-07-21
  • 9303
  • من الأرشيف

مصر تتجه الى الحرب مع تركيا

عندما يترأس الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتماعًا لمجلس الدفاع الوطني الذي يَضُم قادة القوّات المسلّحة والأجهزة الأمنيّة ووزراء السّيادة في الحُكومة، ويتلوه بتزعّم اجتماع مُغلق للبرلمان المُؤيّد له للحُصول على غِطاءٍ شرعيٍّ مفتوح لأيّ تدخّلٍ عسكريٍّ في الأزمة الليبيّة، فإنّ هذا يعني أنّ معركة سرت ـ الجفرة باتت وشيكةً جدًّا، وأنّ المُواجهة المُباشرة وبالأصالة بين الجيشين المِصري والتركي وداعِميهما في الشرق والغرب الليبي، علاوةً على فرنسا وروسيا والإمارات في الجانب المِصري، باتت وشيكةً وعلى بُعد أيّام معدودة، حسب رأي مُعظم الخُبراء الاستراتيجيين العَسكريين. الطّرفان التركيّ والمِصريّ اتّخذا قرار الحرب واستعدّا لها، الأوّل ضاعف من حُشوده العسكريّة واستِعداده لاقتحام المدينتين (سرت والجفرة)، بنقلِ آلاف الأطنان من العتاد العسكريّ الثّقيل (دبّابات ومدرّعات) وعشَرات من الطّائرات المسيّرة، والصواريخ الباليستيّة، أمّا الطّرف الثّاني، أي مِصر، المدعوم روسيًّا وفرنسيًّا وإماراتيًّا، فقد حصل على ضُوءٍ أخضر من القبائل الليبيّة، والشرقيّة منها خاصّةً، وغِطاء “شرعيّ” من برلمان طبرق ورئيسه عقيله صالح، وبدَأ فِعلًا في تسليح شباب القبائل على جانبيّ الحُدود الليبيّة المِصريّة، وفتَح قنوات اتّصال مع القِيادات وقادة القبائل المُوالية للعقيد معمر القذافي، والسيّد سيف الإسلام على رأسِهم. *** السيّد مصطفى المجعي المتحدّث باسم عمليّة البركان التي تستعد لشنّها حُكومة “الوفاق” المُعترف بها من الأمم المتحدة، لاجتِياح سرت ـ الجفرة أكّد في تصريحٍ صحافيّ اليوم الاثنين أنّه جرت تحشيدات عسكريّة غير مسبوقة غرب مدينة سرت وأنّ “تحريرها” بات أمْرًا محسومًا، وقريبًا جدًّا، تمهيدًا للسّيطرة على آبار النفط ومَوانئه في الهلال النفطيّ غرب بنغازي والسّيطرة الكامِلة على التّراب اللّيبي وإنهاء التمرّد، حسب رأيه. في المُقابل جرى رصد جسر جوي روسي بين موسكو وقاعدة الجفرة الجويّة مُكوّنٌ مِن 11 طائرة شحن من طراز “اليوشن” العِملاقة كانت مُحمّلةً بمنظومات صواريخ “نانتسر” للدّفاع الجوّي المُتطوّرة، ودبّابات وهُناك تقارير تتحدّث عن منظومات صواريخ “إس 400” أيضًا، وأكثر من 20 طائرة حربيّة مِن طِراز “ميغ 29″ و”سو 24” المُتطوّرة. المعلومات المُتوفّرة لهذه الصّحيفة “رأي اليوم” تُؤكّد أنّ الجيش المِصري بدأ فِعلًا في تكوين جيش من شباب القبائل الليبيّة على الحُدود المِصريّة الليبيّة وتسليحهم، وخاصّةً من قبائل “أولاد علي” و”العبابدة” و”البراعصة”، وإعادة تجميع فُلول قوّات العقيد معمر القذافي وكتائبه العسكريّة والأمنيّة، وهُناك معلومات “شِبه مُؤكّدة” تتحدّث عن دَورٍ لأحمد قذّاف الدم ابن عمّ العقيد المُقيم في القاهرة في هذا الصّدد، كما تتحدّث المعلومات نفسها عن لقاءٍ سرّي جرى بينه وبين عقيله صالح، رئيس برلمان طبرق، أثناء زيارة الأخير للقاهرة للِقاء الرئيس السيسي وإطلاق المُبادرة السياسيّة للحلّ في ليبيا التي لم تحظَ بأيّ قُبولٍ مِن الطّرف الآخر. هذا الحِراك العسكريّ المِصريّ المُكثّف على صعيدِ تسليح القبائل الليبيّة هو الذي يَقِف وراء حالة القلق التي تسود الأوساط الجزائريّة، ودفعت بالرئيس عبد المجيد تبون لعقد اجتماع على عَجلٍ مع وسائل الإعلام مساء الأحد، والتّعبير عن تحذيره ومُعارضته لتسليح القبائل الليبيّة، ووصفه بأنّه “أمر خطير قد يتسبّب في انزِلاق البِلاد نحو النّموذج الصّومالي بعد أن تجاوز الوضع السوري”، وكشَف أنّه يسعى مع الجار التونسي “للتقدّم بمُبادرةٍ سياسيّةٍ لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ للأزمة الليبيّة”. كان لافتًا أنّ مصدر قلق الجانب المِصري، المُتمثّل في وجود دور تركيّ عسكريّ قويّ ومُتصاعد في غرب ليبيا مدعوم بأكثر من 17 ألف مُقاتل “جِهادي” جرى نقلهم من سورية، لا يُشكّل قلقًا بالقدر نفسه للطّرف الجزائري، وربّما يعود ذلك إلى تطميناتٍ من قِبَل الرئيس رجب طيّب أردوغان لنظيره الجزائري بأنّ هؤلاء سيكونون تحت السّيطرة، ولن يُشكّلوا أيّ تهديد أمني للجِوارين الجزائري والتونسي، حسب ردّ مصدر تونسي موثوق على سُؤالٍ لنا في هذا الصّدد، ولكنّ المُلاحظ أنّ الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي كان أوّل من طالب بدورٍ فاعِلٍ للقبائل الليبيّة، “كخِيار ثالث”، وتأسيس مجلس لها على غِرار نظيره في أفغانستان، بات أكثر قُربًا، ولو علنيًّا، مِن المِحور الفِرنسي المِصري الروسي، مُبتَعِدًا، بطريقةٍ أو بأُخرى، عن الموقف الجزائريّ “شِبه المُحايد”. *** معركة سرت إذا بدأت قد تكون حاسمةً للعديد من القضايا على الأرض الليبيٍة، وقد تُمهّد للحلّ السياسيّ الذي يتطلّع إليه جميع المُتدخّلين في الأزمة حِفْظًا لمصالحهم، والحُصول على نصيبهم من الكعكة النفطيّة والغازيّة الليبيّة، ولكنّها معركة قد تُؤجّل حسم الحرب مُؤقّتًا، فليبيا غابة سِلاح وميليشيات، وإذا دخلت القبائل المسلّحة إلى الميدان، ودخلت في صِدامٍ مع الميليشيات المسلّحة والقِوى الأجنبيّة، فإنّ حالةَ الاقتِتال في البِلاد ستطول، وربّما تستمرّ لسنواتٍ والمزيد من الفوضى وهذا ما كان يتطلّع إليه حِلف النّاتو مُنذ البِداية.. واللُه أعلم.  

المصدر : عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة