حالة من الاحتقان المستمر بين الفصائل الموالية لتنظيم القاعدة من جهة، وتنظيم "جبهة النصرة"، من جهة ثانية، يلعب فيها "أبو محمد الجولاني"، بورقة "الفضائح الجنسية"، ضد معارضيه ومنافسيه من بقية الفصائل، ولا يبدو أن غرفة عملية "واثبتوا"، التي أعلنت قبل فترة مبايعتها لـ "تنظيم داعش"، عبر بيان تناقلته المواقع الجهادية ومن ثم عادت لإنكاره، لا يبدو أنها تمتلك النية نحو تصفية الخلافات مع "الجولاني"، الذي يجد في "أبو مالك التلي"، الذي أعلن انشقاقه قبل فترة عن "النصرة"، منافساً قوياً له نتيجة لتحكمه برأس مال كبير جداً، موظف ضمن عدد من المشاريع في مدينة "سرمدا"، التي تعتبر العاصمة التجارية لشمال غرب سورية حالياً.

 

التلي.. علامة فارقة

 

تؤكد المعلومات أن "أبو مالك التلي"، الذي خرج مع مجموعته من القملون محملاً بكميات ضخمة من اﻷموال التي حصل على الجزء الأكبر منها من خلال صفقة "تسليم راهبات معلولا"، رفض الانخراط ضمن البنية الاقتصادية لـ "النصرة"، وعمل بشكل منفرد على مضاعفة ما يمتلكه من أموال مكنته من استقطاب عدد كبير من المؤيدين حين إعلان انشقاقه وتشكيله لفصيل مستقل دون تسمية الفصيل. ويعتبر "التلي" من أكثر القيادات الجهادية القادرة على استقطاب الفصائل المسلحة الموالية للنصرة إلى جانبه بالاستناد إلى القوة التي يشكلها مع بقية الفصائل من قبيل "حراس الدين - أنصار الدين - تنسيقية الجهاد"، الأمر الذي يهدد بقاء "النصرة" متحكمةً بشمال غرب سورية.

 

تشير المصادر إلى أن "الجولاني" يعتمد حالياً على علاقته الوطيدة بـ "الحزب الإسلامي التركستاني"، المشكّل من مقاتلين متحدرين من أقلية "الإيغور" الصينية، إضافة إلى فصيل "مجهادي القوقاز" الذي يعد بمثابة "جناح الانتحاريين"، فيما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام"، التي تقودها النصرة، وقد عقد "الجولاني" مؤخراً سلسلة من الاجتماعات مع قيادات "التركستاني" و "القوقاز"، لضمان ولائهم في صراع بين الفصائل الجهادية، إذ يعد الأمر من أكثر الاحتمالات المهددة لـ "النصرة".

 

المحيسني تحت التهديد

 

تؤكد مصادر خاصة لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن السعودي "عبد الله المحيسني"، والذي يعد من أكثر "الدعاة" تأثيراً في الساحة الإدلبية هٌدد من قبل "أبو محمد الجولاني" بنشر فضائح جنسية صورت لـ "المحيسني"، داخل منزله، إضافة إلى تسريبات تمكن "الجهاز الأمني" في "النصرة" من الحصول عليها عبر اختراق الهاتف المحمول الخاص بـ "المحيسني" الذي جمعته مؤخراً خلافات قوية مع "الجولاني" على أسلوب إدارة الفصائل الجهادية من جهة، وطريقة تعامل "النصرة"، مع الاتفاق الذي طبق بموجبه وقف إطلاق النار في الشمال الغربي من سورية.

 

وعلى الرغم من كون "المحيسني"، أعلن أكثر من مرة عدم انتمائه أو مبايعته لأي من الفصائل المنتشرة في شمال غرب سورية، إلا أنه كان حاضراً في عدد كبير من المعارك، خاصة في حلب، ويعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في مسار العمليات القتالية في مناطق شمال غرب سورية، وغالبا ما كان مؤيداً لـ "الجولاني"، إلا أن الأخير وبعد تهميشه المتعمد للأردني "أبو ماريا القحطاني"، والمصري "أبو يقظان"، وهما من القيادات الأساسية، لاقى انتقادات واسعة ضمن صفوف الجهاديين باتهامه بالمواربة مع الأتراك، ففي حين أنه يبدي نوعاً من رفض تطبيق اتفاق فتح الطريق "إم ٤"، في الجزء الواصل بين محافظتي اللاذقية وحلب، إلا أنه يقبل بالتواجد الروسي من خلال الدوريات المشتركة مع القوات التركية، الأمر الذي لا يعجب الفصائل الموالية لـ "القاعدة"، والتي تطالب بفتح معركة ضد الدولة السورية بهدف استعادة ما خسرته خلال الأيام الماضية، ويبدو أن تشديد الخناق على "المحيسني" وإخضاعه من خلال التهديد تأتي كخطوة استباقية من "الجولاني"، لعدم الدعوة لتفكيك النصرة أو "هيئة تحرير الشام"، وإعلان موالاة غرفة عمليات "واثبتوا"، التي إن صح مبايعتها لـ "داعش"، فستكون القوة الأكثر تأثيراً في مسار الأحداث شمال غرب سورية.

 

وتأتي هذه المعلومات بعد أيام من تسريب "الجهاز الأمني" للنصرة لمقاطع فيديو وصور للأمريكي "بلال عبد الكريم"، الذي يعد واحداً من الواجهات الإعلامية للفصائل المتشددة، وذلك بعد أن وجه "عبد الكريم"، انتقادات حادة لـ "الجولاني"، والفصائل الموالية له على خلفية الاشتباكات التي حدثت بين "النصرة" و غرفة عمليات "واثبتوا"، خلال المرحلة الماضية، وعلى الرغم من عدم امتلاكه لدليل قاطع، وجه حينها "عبد الكريم"، الاتهام بتسريب "مواد جنسية"، له مع زوجته سرقت من هاتفه المحمول، زاعما تعرضه للاختراق.

 

دمشق تحضر

 

من جهة أخرى، تؤكد معلومات ميدانية أن الجيش السوري نقل تعزيزات عسكرية وصفت بـ "الضخمة"، إلى مناطق متفرقة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي فيما يبدو أنه تحضير لمرحلة جديدة من العمليات القتالية ضد الفصائل المتشددة ستكون بهدف السيطرة على الطريق "M4" بالقوة مع خلق هامش أمان لا يقل عن ٥-١٠ كم إلى الشمال من الطريق، ويأتي ذلك بعد فشل الجانب التركي في إجبار الفصائل المسلحة على إخلاء حواجزها عن الطريق الذي من المفترض فتحه أمام حركة نقل الركاب والحركة التجارية.

 

تشير المعلومات أيضاً إلى قيام الجانب التركي بنقل تعزيزات عسكرية إلى الداخل السوري تمثلت بدخول ثلاثة أرتال من معبر "كفر لوسين"، توزعت على النقاط التركية الواقعة في منطقة "جبل الزاوية"، جنوب شرق مدينة إدلب، الأمر الذي يشير إلى أن الأطراف الضامنة لمسار آستانا توافقت خلال القمة الأخيرة التي جمعت رؤساءها على خريطة عمل عسكري سينفذه الجيش السوري في شمال غرب البلاد بما يضمن عودة الحركة التجارية إلى الطريق الدولي، وربط محافظة حلب التي تعد بمثابة الرئة الاقتصادية للدولة السورية بالمنفذ البحري الأساسي المتمثل بـ "ميناء اللاذقية".

 

بالنسبة للدولة السورية، فإن الذهاب نحو مثل هذه العملية في توقيت تشهد فيه الساحة الإدلبية خلافات شديدة بين "النصرة" وبقية الفصائل المتشددة، مع استبعاد الفصائل الموالية للقوات التركية مثل "الجيش الوطني - هيئة التحرير الوطنية"، من حسابات المواجهة لكون هذه الفصائل مرتبطة بشكل مباشر بقرارات الحكومة التركية، يبدو أن استعادة الطريق "M4"، لن تكون صعبة في ظل المعطيات الحالية، خاصة وأن الفصائل الجهادية تجد صعوبة في تأمين مصادر التمويل بعد الضغوط التركية الكبيرة من خلال إغلاق الحدود ووقف تدفق الجهاديين إلى الداخل السوري.

  • فريق ماسة
  • 2020-07-11
  • 9317
  • من الأرشيف

احتقان بين "جهاديي" إدلب.. والجيش السوري يحضر لعمل عسكري لتأمين الطريق السريع "M4"

حالة من الاحتقان المستمر بين الفصائل الموالية لتنظيم القاعدة من جهة، وتنظيم "جبهة النصرة"، من جهة ثانية، يلعب فيها "أبو محمد الجولاني"، بورقة "الفضائح الجنسية"، ضد معارضيه ومنافسيه من بقية الفصائل، ولا يبدو أن غرفة عملية "واثبتوا"، التي أعلنت قبل فترة مبايعتها لـ "تنظيم داعش"، عبر بيان تناقلته المواقع الجهادية ومن ثم عادت لإنكاره، لا يبدو أنها تمتلك النية نحو تصفية الخلافات مع "الجولاني"، الذي يجد في "أبو مالك التلي"، الذي أعلن انشقاقه قبل فترة عن "النصرة"، منافساً قوياً له نتيجة لتحكمه برأس مال كبير جداً، موظف ضمن عدد من المشاريع في مدينة "سرمدا"، التي تعتبر العاصمة التجارية لشمال غرب سورية حالياً.   التلي.. علامة فارقة   تؤكد المعلومات أن "أبو مالك التلي"، الذي خرج مع مجموعته من القملون محملاً بكميات ضخمة من اﻷموال التي حصل على الجزء الأكبر منها من خلال صفقة "تسليم راهبات معلولا"، رفض الانخراط ضمن البنية الاقتصادية لـ "النصرة"، وعمل بشكل منفرد على مضاعفة ما يمتلكه من أموال مكنته من استقطاب عدد كبير من المؤيدين حين إعلان انشقاقه وتشكيله لفصيل مستقل دون تسمية الفصيل. ويعتبر "التلي" من أكثر القيادات الجهادية القادرة على استقطاب الفصائل المسلحة الموالية للنصرة إلى جانبه بالاستناد إلى القوة التي يشكلها مع بقية الفصائل من قبيل "حراس الدين - أنصار الدين - تنسيقية الجهاد"، الأمر الذي يهدد بقاء "النصرة" متحكمةً بشمال غرب سورية.   تشير المصادر إلى أن "الجولاني" يعتمد حالياً على علاقته الوطيدة بـ "الحزب الإسلامي التركستاني"، المشكّل من مقاتلين متحدرين من أقلية "الإيغور" الصينية، إضافة إلى فصيل "مجهادي القوقاز" الذي يعد بمثابة "جناح الانتحاريين"، فيما يسمى بـ "هيئة تحرير الشام"، التي تقودها النصرة، وقد عقد "الجولاني" مؤخراً سلسلة من الاجتماعات مع قيادات "التركستاني" و "القوقاز"، لضمان ولائهم في صراع بين الفصائل الجهادية، إذ يعد الأمر من أكثر الاحتمالات المهددة لـ "النصرة".   المحيسني تحت التهديد   تؤكد مصادر خاصة لـ "وكالة أنباء آسيا"، أن السعودي "عبد الله المحيسني"، والذي يعد من أكثر "الدعاة" تأثيراً في الساحة الإدلبية هٌدد من قبل "أبو محمد الجولاني" بنشر فضائح جنسية صورت لـ "المحيسني"، داخل منزله، إضافة إلى تسريبات تمكن "الجهاز الأمني" في "النصرة" من الحصول عليها عبر اختراق الهاتف المحمول الخاص بـ "المحيسني" الذي جمعته مؤخراً خلافات قوية مع "الجولاني" على أسلوب إدارة الفصائل الجهادية من جهة، وطريقة تعامل "النصرة"، مع الاتفاق الذي طبق بموجبه وقف إطلاق النار في الشمال الغربي من سورية.   وعلى الرغم من كون "المحيسني"، أعلن أكثر من مرة عدم انتمائه أو مبايعته لأي من الفصائل المنتشرة في شمال غرب سورية، إلا أنه كان حاضراً في عدد كبير من المعارك، خاصة في حلب، ويعد من أكثر الشخصيات تأثيراً في مسار العمليات القتالية في مناطق شمال غرب سورية، وغالبا ما كان مؤيداً لـ "الجولاني"، إلا أن الأخير وبعد تهميشه المتعمد للأردني "أبو ماريا القحطاني"، والمصري "أبو يقظان"، وهما من القيادات الأساسية، لاقى انتقادات واسعة ضمن صفوف الجهاديين باتهامه بالمواربة مع الأتراك، ففي حين أنه يبدي نوعاً من رفض تطبيق اتفاق فتح الطريق "إم ٤"، في الجزء الواصل بين محافظتي اللاذقية وحلب، إلا أنه يقبل بالتواجد الروسي من خلال الدوريات المشتركة مع القوات التركية، الأمر الذي لا يعجب الفصائل الموالية لـ "القاعدة"، والتي تطالب بفتح معركة ضد الدولة السورية بهدف استعادة ما خسرته خلال الأيام الماضية، ويبدو أن تشديد الخناق على "المحيسني" وإخضاعه من خلال التهديد تأتي كخطوة استباقية من "الجولاني"، لعدم الدعوة لتفكيك النصرة أو "هيئة تحرير الشام"، وإعلان موالاة غرفة عمليات "واثبتوا"، التي إن صح مبايعتها لـ "داعش"، فستكون القوة الأكثر تأثيراً في مسار الأحداث شمال غرب سورية.   وتأتي هذه المعلومات بعد أيام من تسريب "الجهاز الأمني" للنصرة لمقاطع فيديو وصور للأمريكي "بلال عبد الكريم"، الذي يعد واحداً من الواجهات الإعلامية للفصائل المتشددة، وذلك بعد أن وجه "عبد الكريم"، انتقادات حادة لـ "الجولاني"، والفصائل الموالية له على خلفية الاشتباكات التي حدثت بين "النصرة" و غرفة عمليات "واثبتوا"، خلال المرحلة الماضية، وعلى الرغم من عدم امتلاكه لدليل قاطع، وجه حينها "عبد الكريم"، الاتهام بتسريب "مواد جنسية"، له مع زوجته سرقت من هاتفه المحمول، زاعما تعرضه للاختراق.   دمشق تحضر   من جهة أخرى، تؤكد معلومات ميدانية أن الجيش السوري نقل تعزيزات عسكرية وصفت بـ "الضخمة"، إلى مناطق متفرقة من ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي الشرقي فيما يبدو أنه تحضير لمرحلة جديدة من العمليات القتالية ضد الفصائل المتشددة ستكون بهدف السيطرة على الطريق "M4" بالقوة مع خلق هامش أمان لا يقل عن ٥-١٠ كم إلى الشمال من الطريق، ويأتي ذلك بعد فشل الجانب التركي في إجبار الفصائل المسلحة على إخلاء حواجزها عن الطريق الذي من المفترض فتحه أمام حركة نقل الركاب والحركة التجارية.   تشير المعلومات أيضاً إلى قيام الجانب التركي بنقل تعزيزات عسكرية إلى الداخل السوري تمثلت بدخول ثلاثة أرتال من معبر "كفر لوسين"، توزعت على النقاط التركية الواقعة في منطقة "جبل الزاوية"، جنوب شرق مدينة إدلب، الأمر الذي يشير إلى أن الأطراف الضامنة لمسار آستانا توافقت خلال القمة الأخيرة التي جمعت رؤساءها على خريطة عمل عسكري سينفذه الجيش السوري في شمال غرب البلاد بما يضمن عودة الحركة التجارية إلى الطريق الدولي، وربط محافظة حلب التي تعد بمثابة الرئة الاقتصادية للدولة السورية بالمنفذ البحري الأساسي المتمثل بـ "ميناء اللاذقية".   بالنسبة للدولة السورية، فإن الذهاب نحو مثل هذه العملية في توقيت تشهد فيه الساحة الإدلبية خلافات شديدة بين "النصرة" وبقية الفصائل المتشددة، مع استبعاد الفصائل الموالية للقوات التركية مثل "الجيش الوطني - هيئة التحرير الوطنية"، من حسابات المواجهة لكون هذه الفصائل مرتبطة بشكل مباشر بقرارات الحكومة التركية، يبدو أن استعادة الطريق "M4"، لن تكون صعبة في ظل المعطيات الحالية، خاصة وأن الفصائل الجهادية تجد صعوبة في تأمين مصادر التمويل بعد الضغوط التركية الكبيرة من خلال إغلاق الحدود ووقف تدفق الجهاديين إلى الداخل السوري.

المصدر : الماسة السورية / وكالة أنباء آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة