مع دخول قانون “سيزر” الأميركي حيّز التنفيذ، بدأت الأسئلة تُثار لبنانياً حول الطريقة التي سيُقارب بها لبنان الرسمي هذا القانون. السُمّ الأميركي يأتي هذه المرة عبر فم قانون خبيث بعد أن فشلت كل المخططات الأميركية للي ذراع المحور المعادي لـ”إسرائيل”.

 

قانون يستهدف تجويع سوريا وكل من يتعامل معها. ولبنان واحد من الدول الذي تربطه مصالح عدة مع دمشق، الأمر الذي حدا بكثيرين الى القول إنّ خضوع لبنان لقرارات هذا القانون، تعني خنقه أكثر مما هو مخنوق اقتصادياً ومالياً.

 

قطع شعرة معاوية مع سوريا تعني قطع ما تبقى من أوكسيجين للبنان عبر هذه الدولة التي كانت وما تزال رئته الاقتصادية. والمفارقة أنه وفيما كانت الأصوات الوطنية قد علت مشيرةً الى أن حل الأزمة الخانقة التي يرزح تحتها لبنان تمر عبر فتح قنوات التواصل مع سوريا، يأتي القانون محاولاً “ابتزاز” لبنان لتجويع شعبه ومعاقبته على خياراته الوطنية.

 

وكأنه لم يكن ينقص لبنان الغارق في الأزمات والمحاصر بعدوان أميركي اقتصادي سوى الانغلاق على دول الجوار وخاصةً سوريا، تلك البوابة الى العالم العربي. فالبدعة الأميركية العتيدة تلوّح بفرض عقوبات جديدة على كل من يتعامل مع الحكومة السورية، ما يطرح السؤال الآتي: كيف سيتعامل لبنان مع هذا القانون؟ وما خارطة طريق الحكومة لمقاربة هذا الملف؟.

 

الصورة تكتمل مطلع الأسبوع المقبل

 

مصادر رفيعة في اللجنة الوزارية الخاصّة المكلّفة دراسة قانون “قيصر” تتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن الكيفية التي يقارب بها لبنان هذا القانون. تستهل حديثها بالإشارة الى أنّ اللجنة عقدت اجتماعاً أولياً، على أن تكتمل الصورة مطلع الأسبوع المقبل.

 

وعلى قاعدة عدم إيقاع أنفسنا في دائرة من يعنيهم الأمر، تؤكّد المصادر أنّ اللجنة تتعاطى مع هذا الملف بكثير من الواقعية، فمن جهة لا نريد التهويل على أنفسنا، ومن جهة لا نريد أن نتعامل معه وكأننا نعيش في اليابان. الحل الأنجع -برأي المصادر- وهو ما يحظى بشبه إجماع يكمن في عدم اعتبار أنفسنا معنيين بهذا القانون وعدم زج لبنان به من تلقاء إرادتنا. بمعنى، طالما أنّ القانون لم يطال لبنان مباشرةً حتى هذه اللحظة، فمن الأفضل أن لا نستبق الأمور ونذهب اليه نحن، ونعلن موقفنا.

 

المعيار الأساسي الحفاظ على مصلحة لبنان

 

ولكن ذلك لا يعني -بحسب المصادر-أن ننام على حرير، ولهذه الأسباب تعمل اللجنة الوزارية على دراسة كافة القطاعات اللبنانية المحتمل التعرض لها من قبل القانون لجهة الاقتصاد وغيره كي نكون على جهوزية تامة لمواجهة أي قرار يطالنا.

 

وهنا تُشدّد المصادر على أنّ لبنان سيبني حينها على الشيء مقتضاه، ولكن المعيار الأساسي هو الحفاظ على مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وعدم خنق لبنان اقتصاديا، فهذا الأمر لا يمكن بحثه أو المساومة عليه.

 

وفق المصادر، المصلحة تحتّم علينا إبقاء علاقاتنا قائمة مع سوريا عبر البوابة التجارية والكهرباء والترانزيت وغيرها من القضايا، وفي المقابل أن نبقى على جهوزية تامة لمواجهة أي شيء يُطرح علينا، ونحن نملك قراراً سيادياً وهذا حقنا تقول المصادر التي توضح أنّ لبنان سيتعامل مع هذا القانون وفقاً لمنطق “القطعة” أي أن موقفنا سيكون بوقته وكل يوم بيومه، مشددةً على أنّ مصلحة لبنان ستكون أولاً.

 

اللجنة تدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات

 

وتؤكّد المصادر أنّ اللجنة تدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات وتُحضّر الردود لها، ومطلع الأسبوع القادم سنرى ما اذا كان هناك أي شيء سيُطرح علينا لنتعامل معه على أساس مصلحة لبنان واللبنانيين.

 

بالنسبة للمصادر، فهذا القانون الذي يطال سوريا بشكل مباشر قد تكون له انعكاسات على هذا اللبناني أو ذاك، ومن واجبنا كحكومة وسلطة أن ندرس كافة الاحتمالات ونعمل على أساسها. تبدأ المصادر بسرد بعض السيناريوهات التي قد يواجهها لبنان، وتسأل: في حال استهدف القانون مصلحة أحد اللبنانيين ماذا سنفعل؟.

 

تجيب المصادر على نفسها بالقول:” اللجنة تدرس كيفية مواجهة هذاالأمر إن حصل. كأن يُقال لأحد اللبنانيين في الخارج أنّ مصالحك مهددة لتعاملك تجارياً مع سوريا. حينها، يجب أن يكون لدينا موقف سيادي لمواجهة هذه القضية حفاظاً على مصالح اللبنانيين”. فرضية أخرى تتطرّق اليها المصادر تتعلّق بالمصالح المشتركة مع سوريا. على سبيل المثال، قضية “الترانزيت”، اذ لا حدود للبنان سوى مع سوريا وكل “الترانزيت” يمر عبرها.

 

كذلك، مسألة استجرار الكهرباء من سوريا، اذ ان لبنان يأخذ أحياناً 20 ميغا، 100 ميغا أو 300 ميغا، مع ما يُخفّف هذا الاستجرار من عبء علينا، فضلاً عن مسألة التجارة مع سوريا، والعديد من القضايا التي تهم لبنان قبل سوريا.

 

الأميركيون لا يستطيعون أن يعرضوا مصالح اللبنانيين للخطر في لبنان

 

وفي معرض حديثها، توضح المصادر أن القانون لن يستهدفني كمواطن لبناني بشكل مباشر، لكن قد يقال لي أنك “تتاجر” في سوريا ومصالحك ستتعرض للخطر، وبطبيعة الحال ولكي تكون الأمور واضحة -تقول المصادر- فإنّ الأميركيين لا يستطيعون أن يعرضوا مصالح اللبناني للخطر في لبنان، بل في أميركا. وفيما تشير المصادر الى أنّ أميركا وضعت لائحة لديها بالجهات التي سيطالها القانون، تقول” فلنفترض مثلاً أن واشنطن ستقول للبنان أنّ السوري الفلاني لديه مصالح في بلدكم وهو مدرج على اللائحة”. حينها يجب أن تكون الاجابة جاهزة لدينا، تقول المصادر، التي توضح أن لدى لبنان مصارف عدة وقانونية في سوريا، وليس من المنطق أن نعرّض المتعاملين معها للخطر”.

 

واشنطن تستخدم بلداً كأداة للضغط على دول أخرى

 

وتلفت المصادر الى أنّ فحوى قانون “سيزر” تنص على أن تستعمل واشنطن بلداً كأداة للضغط على دول أخرى. وتعيد المصادر التأكيد أنّ ما يحركنا هو مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وسنكون على جهوزية تامة لأي شيء يطرح انطلاقاً من أنّ لدينا علاقات مفيدة مع سوريا وفي شتى المجالات. فانجرار لبنان في المشاركة بخنق سوريا عبر قطع علاقاته معها يعني خنقه أولاً. أبسط الامور في قضية “الترانزيت” التي لا مفر للبنان فيها من سوريا.

 

بإمكاننا طلب استثناءات

 

وتتحدّث المصادر بكل صراحة، ليس المطلوب منا أن نذهب بأرجلنا الى القانون والتعاطي معه على أننا معنيون به، حتى هذه اللحظة لم يوجه الينا مباشرة، ولكن المطلوب أن يكون لدينا جهوزية عالية ليبنى على الشيء مقتضاه، وعلينا أن نفحص كل ما يُرجّح أن يقع في دائرة الخطر لبنانياً لتحضير أنفسنا للرد، وأن نستطلع كيف تعاطت الدول العربية الأخرى المعنية بهكذا ملف، اذ إنّ مختلف الدول تطلب استثناءات في هذا الإطار، والعراق والاردن مثلاً وجدتا استثناءات، وباستطاعتنا أن نطلب ذلك.

وتختم المصادر حديثها بالقول “علينا أن نتعامل بمعيار واقعي جداً مع أي سيناريو، والمعيار الأساسي لدينا هو الحفاظ على مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وعدم خنق لبنان اقتصادياً”.

  • فريق ماسة
  • 2020-06-20
  • 14435
  • من الأرشيف

هل سيشارك لبنان في حصار سورية عبر تطبيق قانون قيصر؟

مع دخول قانون “سيزر” الأميركي حيّز التنفيذ، بدأت الأسئلة تُثار لبنانياً حول الطريقة التي سيُقارب بها لبنان الرسمي هذا القانون. السُمّ الأميركي يأتي هذه المرة عبر فم قانون خبيث بعد أن فشلت كل المخططات الأميركية للي ذراع المحور المعادي لـ”إسرائيل”.   قانون يستهدف تجويع سوريا وكل من يتعامل معها. ولبنان واحد من الدول الذي تربطه مصالح عدة مع دمشق، الأمر الذي حدا بكثيرين الى القول إنّ خضوع لبنان لقرارات هذا القانون، تعني خنقه أكثر مما هو مخنوق اقتصادياً ومالياً.   قطع شعرة معاوية مع سوريا تعني قطع ما تبقى من أوكسيجين للبنان عبر هذه الدولة التي كانت وما تزال رئته الاقتصادية. والمفارقة أنه وفيما كانت الأصوات الوطنية قد علت مشيرةً الى أن حل الأزمة الخانقة التي يرزح تحتها لبنان تمر عبر فتح قنوات التواصل مع سوريا، يأتي القانون محاولاً “ابتزاز” لبنان لتجويع شعبه ومعاقبته على خياراته الوطنية.   وكأنه لم يكن ينقص لبنان الغارق في الأزمات والمحاصر بعدوان أميركي اقتصادي سوى الانغلاق على دول الجوار وخاصةً سوريا، تلك البوابة الى العالم العربي. فالبدعة الأميركية العتيدة تلوّح بفرض عقوبات جديدة على كل من يتعامل مع الحكومة السورية، ما يطرح السؤال الآتي: كيف سيتعامل لبنان مع هذا القانون؟ وما خارطة طريق الحكومة لمقاربة هذا الملف؟.   الصورة تكتمل مطلع الأسبوع المقبل   مصادر رفيعة في اللجنة الوزارية الخاصّة المكلّفة دراسة قانون “قيصر” تتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن الكيفية التي يقارب بها لبنان هذا القانون. تستهل حديثها بالإشارة الى أنّ اللجنة عقدت اجتماعاً أولياً، على أن تكتمل الصورة مطلع الأسبوع المقبل.   وعلى قاعدة عدم إيقاع أنفسنا في دائرة من يعنيهم الأمر، تؤكّد المصادر أنّ اللجنة تتعاطى مع هذا الملف بكثير من الواقعية، فمن جهة لا نريد التهويل على أنفسنا، ومن جهة لا نريد أن نتعامل معه وكأننا نعيش في اليابان. الحل الأنجع -برأي المصادر- وهو ما يحظى بشبه إجماع يكمن في عدم اعتبار أنفسنا معنيين بهذا القانون وعدم زج لبنان به من تلقاء إرادتنا. بمعنى، طالما أنّ القانون لم يطال لبنان مباشرةً حتى هذه اللحظة، فمن الأفضل أن لا نستبق الأمور ونذهب اليه نحن، ونعلن موقفنا.   المعيار الأساسي الحفاظ على مصلحة لبنان   ولكن ذلك لا يعني -بحسب المصادر-أن ننام على حرير، ولهذه الأسباب تعمل اللجنة الوزارية على دراسة كافة القطاعات اللبنانية المحتمل التعرض لها من قبل القانون لجهة الاقتصاد وغيره كي نكون على جهوزية تامة لمواجهة أي قرار يطالنا.   وهنا تُشدّد المصادر على أنّ لبنان سيبني حينها على الشيء مقتضاه، ولكن المعيار الأساسي هو الحفاظ على مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وعدم خنق لبنان اقتصاديا، فهذا الأمر لا يمكن بحثه أو المساومة عليه.   وفق المصادر، المصلحة تحتّم علينا إبقاء علاقاتنا قائمة مع سوريا عبر البوابة التجارية والكهرباء والترانزيت وغيرها من القضايا، وفي المقابل أن نبقى على جهوزية تامة لمواجهة أي شيء يُطرح علينا، ونحن نملك قراراً سيادياً وهذا حقنا تقول المصادر التي توضح أنّ لبنان سيتعامل مع هذا القانون وفقاً لمنطق “القطعة” أي أن موقفنا سيكون بوقته وكل يوم بيومه، مشددةً على أنّ مصلحة لبنان ستكون أولاً.   اللجنة تدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات   وتؤكّد المصادر أنّ اللجنة تدرس كافة الاحتمالات والسيناريوهات وتُحضّر الردود لها، ومطلع الأسبوع القادم سنرى ما اذا كان هناك أي شيء سيُطرح علينا لنتعامل معه على أساس مصلحة لبنان واللبنانيين.   بالنسبة للمصادر، فهذا القانون الذي يطال سوريا بشكل مباشر قد تكون له انعكاسات على هذا اللبناني أو ذاك، ومن واجبنا كحكومة وسلطة أن ندرس كافة الاحتمالات ونعمل على أساسها. تبدأ المصادر بسرد بعض السيناريوهات التي قد يواجهها لبنان، وتسأل: في حال استهدف القانون مصلحة أحد اللبنانيين ماذا سنفعل؟.   تجيب المصادر على نفسها بالقول:” اللجنة تدرس كيفية مواجهة هذاالأمر إن حصل. كأن يُقال لأحد اللبنانيين في الخارج أنّ مصالحك مهددة لتعاملك تجارياً مع سوريا. حينها، يجب أن يكون لدينا موقف سيادي لمواجهة هذه القضية حفاظاً على مصالح اللبنانيين”. فرضية أخرى تتطرّق اليها المصادر تتعلّق بالمصالح المشتركة مع سوريا. على سبيل المثال، قضية “الترانزيت”، اذ لا حدود للبنان سوى مع سوريا وكل “الترانزيت” يمر عبرها.   كذلك، مسألة استجرار الكهرباء من سوريا، اذ ان لبنان يأخذ أحياناً 20 ميغا، 100 ميغا أو 300 ميغا، مع ما يُخفّف هذا الاستجرار من عبء علينا، فضلاً عن مسألة التجارة مع سوريا، والعديد من القضايا التي تهم لبنان قبل سوريا.   الأميركيون لا يستطيعون أن يعرضوا مصالح اللبنانيين للخطر في لبنان   وفي معرض حديثها، توضح المصادر أن القانون لن يستهدفني كمواطن لبناني بشكل مباشر، لكن قد يقال لي أنك “تتاجر” في سوريا ومصالحك ستتعرض للخطر، وبطبيعة الحال ولكي تكون الأمور واضحة -تقول المصادر- فإنّ الأميركيين لا يستطيعون أن يعرضوا مصالح اللبناني للخطر في لبنان، بل في أميركا. وفيما تشير المصادر الى أنّ أميركا وضعت لائحة لديها بالجهات التي سيطالها القانون، تقول” فلنفترض مثلاً أن واشنطن ستقول للبنان أنّ السوري الفلاني لديه مصالح في بلدكم وهو مدرج على اللائحة”. حينها يجب أن تكون الاجابة جاهزة لدينا، تقول المصادر، التي توضح أن لدى لبنان مصارف عدة وقانونية في سوريا، وليس من المنطق أن نعرّض المتعاملين معها للخطر”.   واشنطن تستخدم بلداً كأداة للضغط على دول أخرى   وتلفت المصادر الى أنّ فحوى قانون “سيزر” تنص على أن تستعمل واشنطن بلداً كأداة للضغط على دول أخرى. وتعيد المصادر التأكيد أنّ ما يحركنا هو مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وسنكون على جهوزية تامة لأي شيء يطرح انطلاقاً من أنّ لدينا علاقات مفيدة مع سوريا وفي شتى المجالات. فانجرار لبنان في المشاركة بخنق سوريا عبر قطع علاقاته معها يعني خنقه أولاً. أبسط الامور في قضية “الترانزيت” التي لا مفر للبنان فيها من سوريا.   بإمكاننا طلب استثناءات   وتتحدّث المصادر بكل صراحة، ليس المطلوب منا أن نذهب بأرجلنا الى القانون والتعاطي معه على أننا معنيون به، حتى هذه اللحظة لم يوجه الينا مباشرة، ولكن المطلوب أن يكون لدينا جهوزية عالية ليبنى على الشيء مقتضاه، وعلينا أن نفحص كل ما يُرجّح أن يقع في دائرة الخطر لبنانياً لتحضير أنفسنا للرد، وأن نستطلع كيف تعاطت الدول العربية الأخرى المعنية بهكذا ملف، اذ إنّ مختلف الدول تطلب استثناءات في هذا الإطار، والعراق والاردن مثلاً وجدتا استثناءات، وباستطاعتنا أن نطلب ذلك. وتختم المصادر حديثها بالقول “علينا أن نتعامل بمعيار واقعي جداً مع أي سيناريو، والمعيار الأساسي لدينا هو الحفاظ على مصلحة لبنان والمواطنين اللبنانيين وعدم خنق لبنان اقتصادياً”.

المصدر : الماسة السورية/ العهد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة