رغم انشغال العالم في كيفية مواجهة خطر تفشي فايروس كورونا وإعلان حالة الطوارئ في معظم بلدان العالم بيد أن أوروبا أعلنت حالة الطوارئ من نوع آخر وذلك للبحث في كيفية مواجهة التهديدات العدائية والابتزاز الإستراتيجي من جانب الرئيس التركي رجب أردوغان والتي ترجمها بالإعلان عن السماح للنازحين السوريين بالتدفق نحو أوروبا عبر البحار متذرعاً بتجدد العمليات العسكرية في سورية مخلاً باتفاق كان أبرم سابقاً بين تركيا والاتحاد الأوروبي الأمر الذي اعتبرته أوروبا تهديداً مباشراً للأمن الأوروبي.

 

مؤخراً دعي لاجتماع طارئ في بروكسل إما بالحضور الشخصي أو عبر قنوات السكايب بقي بعيداً عن الإعلام حضره سفراء وشخصيات وازنة في ميزان سياسات الاتحاد الأوروبي بالإضافة لرؤساء مراكز أبحاث عسكرية واجتماعية للبحث في المخاطر المحدقة بسبب سياسات رئيس النظام التركي المتفلتة تجاه أوروبا وفي وضع التوصيات التي من شأنها تجنيب أوروبا هذا الخطر الداهم.

 

الجدير ذكره هو اتفاق المجتمعين على التوصيف والأخذ بجدية التوصيات التي وضعت.

 

في التوصيف، اتفق المجتمعون على توصيف موضوع اللاجئين بأنه ورقة ضغط سياسية تركية بوجه الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً أن تركيا تعتبر بلداً آمناً تتلقى المساعدات اللازمة للحفاظ على أرواح اللاجئين حيث هم، وهنا يبرز السؤال التالي: كيف يمكن لأردوغان إبداء حرصه على أمن المدنيين في مدينة إدلب وما حولها على حين هو نفسه يعطي أوامره بإلقاء النازحين السوريين في البحار وجعلهم يواجهون الموت غرقاً فيما يشبه جريمة القتل المتعمد؟

 

من خلال ما تقدم يبدو أن هناك سياسة تركية جديدة تجاه الاتحاد الأوروبي تقوم على أساس الابتزاز الإستراتيجي السياسي والاقتصادي وحتى الأمني لأوروبا ومن هذا المنطلق فإن مسألة دفع الأموال الأوروبية لم تعد أولوية لأنقرة وذلك للأسباب التالية:

 

1- ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي للتدخل في الأزمة السورية خصوصاً بعد بدء معركة تحرير محافظة إدلب وذلك بعد إخفاق تركيا أو بالأحرى عدم رغبتها في تطبيق تفاهمات أستانا وسوتشي مع الجانب الروسي الذي قضت بضرورة سحب أسلحة المجموعات المقاتلة وفصل المعارضة السورية عن التنظيمات الإرهابية، وقد ثبت أن هذا الرفض التركي يقوم على مسألة التغيير الديموغرافي للشمال السوري بحيث يمكن استخدام هؤلاء مستقبلاً ضمن سياسات تركيا المستقبلية، من هنا يمكن القول إن دفع المال لن يقوّض السياسة التركية الجديدة نحو أوروبا.

 

2- إن الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي لن يكون مختصراً على ملف ضبط الحدود ومنع تدفق المهاجرين نحو أوروبا بيد أن الخلاف الأكثر حساسية بين الطرفين هو مسالة التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط.

 

3- إن التمدد التركي صوب ليبيا ومحاولة وصل الجرف القاري للبلدين ببعضهما مع تجاهل الجرف القاري اليوناني هو مسألة حساسة ستجعل من تركيا منافساً قوياً للنفوذ الأوروبي في تلك المنطقة ناهيك عن الخوف من استعمال ورقة هجرة اللاجئين الأفارقة تزامناً مع اشتداد النزاع في طرابلس الغرب على غرار المهاجرين السوريين الأمر الذي يهدد الأمن الأوروبي.

 

في التوصيات، دعا اجتماع بروكسل الطارئ إلى ضرورة إجراء تحول في السياسة الأوروبية تجاه الأزمة السورية وفي هذا المجال نجد أن على فرنسا وألمانيا مناقشة سبل التسوية السياسية مع سورية مباشرة وتحديداً مع الرئيس بشار الأسد وليس مع تركيا أردوغان، لأنه وبعد تصرفات الأخير في الآونة الأخيرة وتحديداً فيما خص ملف المهاجرين، فإنه بات من المؤكد أن المصدر الرئيس الذي يهدد أوروبا أمنياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً، هو سياسات أردوغان نفسه وتصرفاته الرعناء غير المسؤولة التي تقع في خانة ابتزاز أوروبا في أمنها ومجتمعها.

 

التأكيد على فرنسا وألمانيا بما تمثلان من الثقل السياسي والاقتصادي والأمني لأوروبا وبالتعاون مع روسيا فلاديمير بوتين أن تبادرا لفتح باب الحوار مع دمشق مباشرة وبشكل علني ورسمي، وذلك لإفساح المجال فيما خص زيادة التعاون الأمني الذي يحفظ الحقوق السورية والاعتراف بدور الدولة السورية الجاد والفاعل في محاربة الإرهاب، وليس مع الرئيس أردوغان، ويجب لفت انتباه قادة أوروبا إلى المستجدات العسكرية الأخيرة والمتغيرات التي حصلت نتيجة نجاح الجيش السوري في بسط سيطرته على المزيد الجغرافيا السورية، وتمكنه من القضاء على معاقل الإرهابيين خصوصاً لجهة تحرير واستعادة منطقة سراقب الإستراتيجية وذلك بعد خوض الجيش السوري بمساندة روسيا والحلفاء في الحرس الثوري الإيراني وحزب اللـه اللبناني معركة عسكرية ضاربة ارتعدت إسرائيل لنتائجها الباهرة بعد أن آلت الأمور لمصلحة الجيش السوري وتمكنه من إعادة فتح مطار حلب الدولي أمام الملاحة الدولية ودحر الإرهاب من كامل ريف حلب.

 

إن قراءة مضمون رسالة الرئيس بشار الأسد المتلفزة واللافتة، قراءة متأنية بعد أن خصصها الرئيس الأسد لأهل حلب والإشادة بصمودهم إضافة إلى تركيزه على تصميم القيادة السورية على تحرير كامل محافظة إدلب من الإرهاب مهما كانت التضحيات مستهزئاً بتهديدات أردوغان واصفاً إياها بمجرد فقاعات فارغة آتية من الشمال، تقودنا إلى وضوح وتصميم في الرؤية السورية للوصول إلى الخواتيم، كما تريدها القيادة السورية مدعومة من روسيا بوتين وليس كما يريدها أردوغان وأميركا.

 

إذاً على أوروبا أن تبادر للاستدارة نحو دمشق، وأن تنحو منحى مختلفاً عن المسار الأميركي التركي والأخذ بالحسبان المتغيرات الميدانية الأخيرة والبناء عليها واعتبارها متغيرات إستراتيجية تصاعدية نتيجة تصميم القيادة السورية على خوض المعركة ضد الإرهاب حتى النهاية بدءاً من تحرير ريف دمشق والغوطة وامتداداً إلى تدمر ومعرة النعمان وصولاً إلى سراقب ومحيط إدلب والدور آت على تحرير شرق الفرات.

 

إن القيادة السورية ومنذ دخول روسيا بعدتها وعديدها لم تتراجع قيد أنملة عن أي شبر تم تحريره، وذلك للوصول إلى الهدف المنشود بمعنى أن لا تراجع ولا تغيير في الدور السوري المتصاعد وهذا ما أخبره بوتين لأردوغان خلال القمة الأخيرة في موسكو، وإذا ما قرأنا ما حصل في شمال سورية، خصوصاً المواجهة السورية التركية العسكرية في سراقب، وفي مناطق عدة والتي انتهت لمصلحة تثبيت مواقع الجيش السوري، قراءة صحيحة ودقيقة، فإن ذلك يقودنا إلى ضرورة حصول تغيير ملموس في طريقة التعامل مع الدولة سورية التي تحارب الإرهاب لأن ما تقوم به سورية في محاربة الإرهاب هو هدف أوروبي مشترك مع سورية ولا غبار عليه لناحية ما أجازه القانون الدولي ويسهم في تعزيز الأمن في تلك المنطقة وفي أوروبا أيضاً، الأمر الذي سيمنح الدولة السورية دوراً فاعلاً في بسط سيطرتها على مجمل المناطق السورية بما فيها تلك التي كانت موضع تفاوض بين الرئيسين بوتين وأردوغان خلال قمة موسكو الأخيرة.

 

تخلص النتائج للآتي: إن ما تقوم به الدولة السورية يصب في مصلحة أمن الاتحاد الأوروبي ومصلحة تعزيز الأمن الإقليمي وإن سورية وأوروبا تواجهان تهديداً مشتركاً لأن سورية تحارب الإرهاب نيابة عن الشعب العربي، لكن أيضاً من أجل مصلحة أوروبا ومصلحة الأمن العالمي والمسألة هي مسألة رؤية إستراتيجية والمفترض بالقادة الأوروبيين النظر إلى الواقع بتجرد وأن يتصرفوا بشكل مختلف تجاه سورية لأن التوجه إلى دمشق مباشرة أضمن لأوروبا وأقل كلفة من الاعتماد على أردوغان الذي يمارس الابتزاز بمهارة.

 

الأوروبيون أدركوا أن رجب أردوغان ليس الشخص المناسب لحل أزمة المهاجرين لأنه هو نفسه المشكلة، وأنه سيكون المسبب في أمواج المهاجرين السوريين نحو أوروبا وهناك الكثير من علامات الاستفهام حول جعل النازحين السوريين كسلاح مدمر موجه صوب أوروبا وذلك بقصد الحصول على أكبر قدر من الأموال من الدول الأوروبية لمساعدة اقتصاده المتعثر.

 

على الدول الأوروبية أن تحزم أمرها فإما الاستمرار بمهادنة أردوغان بسياسته غير القانونية المتجردة من الإنسانية الأمر الذي سيجعل من أوروبا رهينة الابتزاز الإستراتيجي الذي يتقن أردوغان استخدامه بوجه أوروبا مالياً وأمنياً متسلحاً بورقة هؤلاء المهجرين وبكل وقاحة، وإما الاستدارة نحو دمشق بعد أن ثبت أنها الأكثر ضمانة.

 

  • فريق ماسة
  • 2020-03-16
  • 15028
  • من الأرشيف

أوروبا… الى دمشق در

  رغم انشغال العالم في كيفية مواجهة خطر تفشي فايروس كورونا وإعلان حالة الطوارئ في معظم بلدان العالم بيد أن أوروبا أعلنت حالة الطوارئ من نوع آخر وذلك للبحث في كيفية مواجهة التهديدات العدائية والابتزاز الإستراتيجي من جانب الرئيس التركي رجب أردوغان والتي ترجمها بالإعلان عن السماح للنازحين السوريين بالتدفق نحو أوروبا عبر البحار متذرعاً بتجدد العمليات العسكرية في سورية مخلاً باتفاق كان أبرم سابقاً بين تركيا والاتحاد الأوروبي الأمر الذي اعتبرته أوروبا تهديداً مباشراً للأمن الأوروبي.   مؤخراً دعي لاجتماع طارئ في بروكسل إما بالحضور الشخصي أو عبر قنوات السكايب بقي بعيداً عن الإعلام حضره سفراء وشخصيات وازنة في ميزان سياسات الاتحاد الأوروبي بالإضافة لرؤساء مراكز أبحاث عسكرية واجتماعية للبحث في المخاطر المحدقة بسبب سياسات رئيس النظام التركي المتفلتة تجاه أوروبا وفي وضع التوصيات التي من شأنها تجنيب أوروبا هذا الخطر الداهم.   الجدير ذكره هو اتفاق المجتمعين على التوصيف والأخذ بجدية التوصيات التي وضعت.   في التوصيف، اتفق المجتمعون على توصيف موضوع اللاجئين بأنه ورقة ضغط سياسية تركية بوجه الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً أن تركيا تعتبر بلداً آمناً تتلقى المساعدات اللازمة للحفاظ على أرواح اللاجئين حيث هم، وهنا يبرز السؤال التالي: كيف يمكن لأردوغان إبداء حرصه على أمن المدنيين في مدينة إدلب وما حولها على حين هو نفسه يعطي أوامره بإلقاء النازحين السوريين في البحار وجعلهم يواجهون الموت غرقاً فيما يشبه جريمة القتل المتعمد؟   من خلال ما تقدم يبدو أن هناك سياسة تركية جديدة تجاه الاتحاد الأوروبي تقوم على أساس الابتزاز الإستراتيجي السياسي والاقتصادي وحتى الأمني لأوروبا ومن هذا المنطلق فإن مسألة دفع الأموال الأوروبية لم تعد أولوية لأنقرة وذلك للأسباب التالية:   1- ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبي للتدخل في الأزمة السورية خصوصاً بعد بدء معركة تحرير محافظة إدلب وذلك بعد إخفاق تركيا أو بالأحرى عدم رغبتها في تطبيق تفاهمات أستانا وسوتشي مع الجانب الروسي الذي قضت بضرورة سحب أسلحة المجموعات المقاتلة وفصل المعارضة السورية عن التنظيمات الإرهابية، وقد ثبت أن هذا الرفض التركي يقوم على مسألة التغيير الديموغرافي للشمال السوري بحيث يمكن استخدام هؤلاء مستقبلاً ضمن سياسات تركيا المستقبلية، من هنا يمكن القول إن دفع المال لن يقوّض السياسة التركية الجديدة نحو أوروبا.   2- إن الخلاف بين تركيا والاتحاد الأوروبي لن يكون مختصراً على ملف ضبط الحدود ومنع تدفق المهاجرين نحو أوروبا بيد أن الخلاف الأكثر حساسية بين الطرفين هو مسالة التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط.   3- إن التمدد التركي صوب ليبيا ومحاولة وصل الجرف القاري للبلدين ببعضهما مع تجاهل الجرف القاري اليوناني هو مسألة حساسة ستجعل من تركيا منافساً قوياً للنفوذ الأوروبي في تلك المنطقة ناهيك عن الخوف من استعمال ورقة هجرة اللاجئين الأفارقة تزامناً مع اشتداد النزاع في طرابلس الغرب على غرار المهاجرين السوريين الأمر الذي يهدد الأمن الأوروبي.   في التوصيات، دعا اجتماع بروكسل الطارئ إلى ضرورة إجراء تحول في السياسة الأوروبية تجاه الأزمة السورية وفي هذا المجال نجد أن على فرنسا وألمانيا مناقشة سبل التسوية السياسية مع سورية مباشرة وتحديداً مع الرئيس بشار الأسد وليس مع تركيا أردوغان، لأنه وبعد تصرفات الأخير في الآونة الأخيرة وتحديداً فيما خص ملف المهاجرين، فإنه بات من المؤكد أن المصدر الرئيس الذي يهدد أوروبا أمنياً واجتماعياً وحتى اقتصادياً، هو سياسات أردوغان نفسه وتصرفاته الرعناء غير المسؤولة التي تقع في خانة ابتزاز أوروبا في أمنها ومجتمعها.   التأكيد على فرنسا وألمانيا بما تمثلان من الثقل السياسي والاقتصادي والأمني لأوروبا وبالتعاون مع روسيا فلاديمير بوتين أن تبادرا لفتح باب الحوار مع دمشق مباشرة وبشكل علني ورسمي، وذلك لإفساح المجال فيما خص زيادة التعاون الأمني الذي يحفظ الحقوق السورية والاعتراف بدور الدولة السورية الجاد والفاعل في محاربة الإرهاب، وليس مع الرئيس أردوغان، ويجب لفت انتباه قادة أوروبا إلى المستجدات العسكرية الأخيرة والمتغيرات التي حصلت نتيجة نجاح الجيش السوري في بسط سيطرته على المزيد الجغرافيا السورية، وتمكنه من القضاء على معاقل الإرهابيين خصوصاً لجهة تحرير واستعادة منطقة سراقب الإستراتيجية وذلك بعد خوض الجيش السوري بمساندة روسيا والحلفاء في الحرس الثوري الإيراني وحزب اللـه اللبناني معركة عسكرية ضاربة ارتعدت إسرائيل لنتائجها الباهرة بعد أن آلت الأمور لمصلحة الجيش السوري وتمكنه من إعادة فتح مطار حلب الدولي أمام الملاحة الدولية ودحر الإرهاب من كامل ريف حلب.   إن قراءة مضمون رسالة الرئيس بشار الأسد المتلفزة واللافتة، قراءة متأنية بعد أن خصصها الرئيس الأسد لأهل حلب والإشادة بصمودهم إضافة إلى تركيزه على تصميم القيادة السورية على تحرير كامل محافظة إدلب من الإرهاب مهما كانت التضحيات مستهزئاً بتهديدات أردوغان واصفاً إياها بمجرد فقاعات فارغة آتية من الشمال، تقودنا إلى وضوح وتصميم في الرؤية السورية للوصول إلى الخواتيم، كما تريدها القيادة السورية مدعومة من روسيا بوتين وليس كما يريدها أردوغان وأميركا.   إذاً على أوروبا أن تبادر للاستدارة نحو دمشق، وأن تنحو منحى مختلفاً عن المسار الأميركي التركي والأخذ بالحسبان المتغيرات الميدانية الأخيرة والبناء عليها واعتبارها متغيرات إستراتيجية تصاعدية نتيجة تصميم القيادة السورية على خوض المعركة ضد الإرهاب حتى النهاية بدءاً من تحرير ريف دمشق والغوطة وامتداداً إلى تدمر ومعرة النعمان وصولاً إلى سراقب ومحيط إدلب والدور آت على تحرير شرق الفرات.   إن القيادة السورية ومنذ دخول روسيا بعدتها وعديدها لم تتراجع قيد أنملة عن أي شبر تم تحريره، وذلك للوصول إلى الهدف المنشود بمعنى أن لا تراجع ولا تغيير في الدور السوري المتصاعد وهذا ما أخبره بوتين لأردوغان خلال القمة الأخيرة في موسكو، وإذا ما قرأنا ما حصل في شمال سورية، خصوصاً المواجهة السورية التركية العسكرية في سراقب، وفي مناطق عدة والتي انتهت لمصلحة تثبيت مواقع الجيش السوري، قراءة صحيحة ودقيقة، فإن ذلك يقودنا إلى ضرورة حصول تغيير ملموس في طريقة التعامل مع الدولة سورية التي تحارب الإرهاب لأن ما تقوم به سورية في محاربة الإرهاب هو هدف أوروبي مشترك مع سورية ولا غبار عليه لناحية ما أجازه القانون الدولي ويسهم في تعزيز الأمن في تلك المنطقة وفي أوروبا أيضاً، الأمر الذي سيمنح الدولة السورية دوراً فاعلاً في بسط سيطرتها على مجمل المناطق السورية بما فيها تلك التي كانت موضع تفاوض بين الرئيسين بوتين وأردوغان خلال قمة موسكو الأخيرة.   تخلص النتائج للآتي: إن ما تقوم به الدولة السورية يصب في مصلحة أمن الاتحاد الأوروبي ومصلحة تعزيز الأمن الإقليمي وإن سورية وأوروبا تواجهان تهديداً مشتركاً لأن سورية تحارب الإرهاب نيابة عن الشعب العربي، لكن أيضاً من أجل مصلحة أوروبا ومصلحة الأمن العالمي والمسألة هي مسألة رؤية إستراتيجية والمفترض بالقادة الأوروبيين النظر إلى الواقع بتجرد وأن يتصرفوا بشكل مختلف تجاه سورية لأن التوجه إلى دمشق مباشرة أضمن لأوروبا وأقل كلفة من الاعتماد على أردوغان الذي يمارس الابتزاز بمهارة.   الأوروبيون أدركوا أن رجب أردوغان ليس الشخص المناسب لحل أزمة المهاجرين لأنه هو نفسه المشكلة، وأنه سيكون المسبب في أمواج المهاجرين السوريين نحو أوروبا وهناك الكثير من علامات الاستفهام حول جعل النازحين السوريين كسلاح مدمر موجه صوب أوروبا وذلك بقصد الحصول على أكبر قدر من الأموال من الدول الأوروبية لمساعدة اقتصاده المتعثر.   على الدول الأوروبية أن تحزم أمرها فإما الاستمرار بمهادنة أردوغان بسياسته غير القانونية المتجردة من الإنسانية الأمر الذي سيجعل من أوروبا رهينة الابتزاز الإستراتيجي الذي يتقن أردوغان استخدامه بوجه أوروبا مالياً وأمنياً متسلحاً بورقة هؤلاء المهجرين وبكل وقاحة، وإما الاستدارة نحو دمشق بعد أن ثبت أنها الأكثر ضمانة.  

المصدر : رفعت البدوي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة