أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده خسرت المئات من جنودها جراء ما وصفها "هجمات الجيش السوري" على القواات التركية في إدلب، معتبراً أن أنقرة تواجه "نظام الرئيس السوري بشار الأسد"، وليس روسيا.

 

وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها تركيا بهذا العدد الكبير من الخسائر في صفوف جنودها، بينما كانت وسائل إعلامها تتحدث عن أقل من 60 جندياً حتى يوم أمس.

 

 

وقال أردوغان، في تصريحات صحفية أدلى بها اليوم الجمعة من على متن طائرته خلال رحلة العودة من موسكو: "لا مشكلة هنا بين روسيا وتركيا، لا نواجه روسيا، إننا نواجه نظام الأسد.

 

 

وأضاف أردوغان "أقلقنا هذا النظام دائما من كل المناطق الحدودية، بينها الباب وجرابلس. شن هجمات من هناك ما أسفر عن تكبدنا خسائر كبيرة يصل عددها إلى المئات. وجهنا تحذيراتنا لكنه لم يتوقف رغم ذلك" .

 

 

وشدد على أن وقف إطلاق النار في إدلب، الذي تم التوصل إلى اتفاق حوله مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، سيترسخ إن تم الالتزام بالتواقيع التي أبرمت في هذا الخصوص.

 

 

كما أشار إلى أهمية ألا تؤثر التطورات في سوريا وإدلب على العلاقات بين تركيا وروسيا قائلا: "انطلاقا من هذا المبدأ أقدمنا على خطوة هامة جداً".

 

 

وأوضح أن وقف إطلاق النار سيحافظ على أمن الحدود التركية، واستقرار إدلب وأمن المدنيين وعودة الحياة في المدينة لطبيعتها، وسلامة الجنود الأتراك هناك.

 

 

وأردف "هدفنا تفعيل المسار السياسي في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وإنهاء الحرب الداخلية… وسنظل على أهبة الاستعداد دائما للرد على الانتهاكات والهجمات المحتملة من طرف النظام. ويتجلى عزمنا في هذا الموضوع من خلال الخسائر التي كبدناها للنظام في الأسبوع الأخير" على حدّ قوله.

 

 

كما تعهد بأن تحتفظ تركيا بالوضع الراهن لنقاط المراقبة في إدلب، مبينا أنه "لا يوجد أي تغيير بهذا الخصوص حالياً".

 

 

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد اتفقا أمس خلال اجتماع في موسكو على وقف إطلاق النار في إدلب، الساعة 00:00، بمنتصف ليل اليوم الخميس.

 

 

وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي ﻻفروف، أن روسيا وتركيا ستنشئان ممراً آمناً بطول 6 كم إلى شمال وجنوب الطريق “M4” في سوريا.

 

 

وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو أمس الخميس: "اتفقت روسيا وتركيا على تسيير دوريات مشتركة على طول طريق M4 في سوريا، ابتداء من الخامس عشر من مارس/آذار". وتابع أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف جميع الأعمال القتالية على طول خط التماس ابتداء من منتصف ليلة 5 مارس/آذار.

 

 

وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أعلن أيضاً إيقاف الأنشطة العسكرية كافة على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب، اعتباراً من منتصف ليل الخميس-الجمعة، وإنشاء ممر آمن شمال الطريق الدولي "إم 4" وجنوبه.

 

 

وقال تشاووش أوغلو: "ستتوقف الأنشطة العسكرية كافة على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب، اعتباراً من منتصف ليل الخميس-الجمعة". وأضاف أنه سيتم إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمال الطريق الدولي "إم 4" و6 كم جنوبه، وسيتم تحديد التفاصيل في غضون 7 أيام.

 

 

كما أشار أيضاً إلى أن دوريات تركية وروسية ستنطلق في 15 مارس/آذار الجاري، على امتداد طريق "إم 4" بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور.

 

 

مراقبون لما خرج به اجتماع بوتين وأردوغان رأوا أن الرئيس الروسي قدّم السلم لنظيره التركي للنزول عن الشجرة العالية جدّا التي صعد إليها من خلال هجومه على إدلب، ولتجنّب مواجهة عسكرية أكبر في الوقت الراهن، ومواصلة سياسة القضم الروسيّة، وتضييق الخناق على الجماعات المسلّحة المصنّفة إرهابية، انتظاراً لجولة تصفية قادمة ربما تكون الأخيرة والحاسمَة.

 

 

ويرى هؤلاء أن الرئيس أردوغان حقّق مكسباً هامّاً، ولكن ربما مؤقتاً، وهو تجنّب التصعيد والمواجهة العسكرية مع القوات الروسية والسورية، بعد التحشيدات البحرية والجوية الضخمة التي أمر بها الرئيس الروسي ووصلت فعلاً إلى البحر المتوسط، لتأكيد جديته في فرض بنود اتفاق سوتشي بالقوة ومهما كلّف الأمر.

 

 

ويعتقد محللون أن أزمة الرئيس أردوغان العسكرية في إدلب ربما انتهت، أو تجمّدت، وبقيت أمامه ثلاث أزمات: الأولى، مع الاتحاد الأوروبي والمتمثلة في استخدامه اللاجئين السوريين كورقة ضغط، أعطت نتائج عكسية والمزيد من العزلة، أما الثانية، فتتعلق بمواجهة الجماعات المسلحة التي سترى في اتفاقاته مع الروس تنازلاً كبيراً، وهي جماعات راهنت على المواجهة العسكرية مع الروس والجيش السوري معاً حتى نهاية الشوط، ومن المؤكد أن الرئيس أردوغان سيحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ لمواجهة انتقادات هؤلاء واستعادة ثقتهم مجدَّدا، أما الثالثة والأهم، فهي أزمته الداخلية التي انعكست في احتجاجات بالبرلمان التركي ضد سياساته والتدخل العسكري في سورية وليبيا ومقتل أعداد كبيرة من الجنود الأتراك، الذي اتضح أنه أكبر مما توقع الأتراك ومما سوقت له وسائل الإعلام التركية المقربة من حزب العددالة والتنمية، والذي سيكون - حسب المراقبين - السبب المباشر في الانقلاب على أردوغان من قبل منافسيه الذين ينتظرون سقطة كبيرة كتلك التي وقع فيها بحربه الأخيرة في إدلب.

  • فريق ماسة
  • 2020-03-06
  • 7083
  • من الأرشيف

أردوغان يؤكد مقتل المئات من جنوده .. اعتراف باهظ الثمن!

أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن بلاده خسرت المئات من جنودها جراء ما وصفها "هجمات الجيش السوري" على القواات التركية في إدلب، معتبراً أن أنقرة تواجه "نظام الرئيس السوري بشار الأسد"، وليس روسيا.   وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها تركيا بهذا العدد الكبير من الخسائر في صفوف جنودها، بينما كانت وسائل إعلامها تتحدث عن أقل من 60 جندياً حتى يوم أمس.     وقال أردوغان، في تصريحات صحفية أدلى بها اليوم الجمعة من على متن طائرته خلال رحلة العودة من موسكو: "لا مشكلة هنا بين روسيا وتركيا، لا نواجه روسيا، إننا نواجه نظام الأسد.     وأضاف أردوغان "أقلقنا هذا النظام دائما من كل المناطق الحدودية، بينها الباب وجرابلس. شن هجمات من هناك ما أسفر عن تكبدنا خسائر كبيرة يصل عددها إلى المئات. وجهنا تحذيراتنا لكنه لم يتوقف رغم ذلك" .     وشدد على أن وقف إطلاق النار في إدلب، الذي تم التوصل إلى اتفاق حوله مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس، سيترسخ إن تم الالتزام بالتواقيع التي أبرمت في هذا الخصوص.     كما أشار إلى أهمية ألا تؤثر التطورات في سوريا وإدلب على العلاقات بين تركيا وروسيا قائلا: "انطلاقا من هذا المبدأ أقدمنا على خطوة هامة جداً".     وأوضح أن وقف إطلاق النار سيحافظ على أمن الحدود التركية، واستقرار إدلب وأمن المدنيين وعودة الحياة في المدينة لطبيعتها، وسلامة الجنود الأتراك هناك.     وأردف "هدفنا تفعيل المسار السياسي في سوريا بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254 وإنهاء الحرب الداخلية… وسنظل على أهبة الاستعداد دائما للرد على الانتهاكات والهجمات المحتملة من طرف النظام. ويتجلى عزمنا في هذا الموضوع من خلال الخسائر التي كبدناها للنظام في الأسبوع الأخير" على حدّ قوله.     كما تعهد بأن تحتفظ تركيا بالوضع الراهن لنقاط المراقبة في إدلب، مبينا أنه "لا يوجد أي تغيير بهذا الخصوص حالياً".     وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قد اتفقا أمس خلال اجتماع في موسكو على وقف إطلاق النار في إدلب، الساعة 00:00، بمنتصف ليل اليوم الخميس.     وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي ﻻفروف، أن روسيا وتركيا ستنشئان ممراً آمناً بطول 6 كم إلى شمال وجنوب الطريق “M4” في سوريا.     وأضاف لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو أمس الخميس: "اتفقت روسيا وتركيا على تسيير دوريات مشتركة على طول طريق M4 في سوريا، ابتداء من الخامس عشر من مارس/آذار". وتابع أنه تم التوصل إلى اتفاق لوقف جميع الأعمال القتالية على طول خط التماس ابتداء من منتصف ليلة 5 مارس/آذار.     وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أعلن أيضاً إيقاف الأنشطة العسكرية كافة على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب، اعتباراً من منتصف ليل الخميس-الجمعة، وإنشاء ممر آمن شمال الطريق الدولي "إم 4" وجنوبه.     وقال تشاووش أوغلو: "ستتوقف الأنشطة العسكرية كافة على طول خط التماس بمنطقة خفض الصعيد في إدلب، اعتباراً من منتصف ليل الخميس-الجمعة". وأضاف أنه سيتم إنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمال الطريق الدولي "إم 4" و6 كم جنوبه، وسيتم تحديد التفاصيل في غضون 7 أيام.     كما أشار أيضاً إلى أن دوريات تركية وروسية ستنطلق في 15 مارس/آذار الجاري، على امتداد طريق "إم 4" بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور.     مراقبون لما خرج به اجتماع بوتين وأردوغان رأوا أن الرئيس الروسي قدّم السلم لنظيره التركي للنزول عن الشجرة العالية جدّا التي صعد إليها من خلال هجومه على إدلب، ولتجنّب مواجهة عسكرية أكبر في الوقت الراهن، ومواصلة سياسة القضم الروسيّة، وتضييق الخناق على الجماعات المسلّحة المصنّفة إرهابية، انتظاراً لجولة تصفية قادمة ربما تكون الأخيرة والحاسمَة.     ويرى هؤلاء أن الرئيس أردوغان حقّق مكسباً هامّاً، ولكن ربما مؤقتاً، وهو تجنّب التصعيد والمواجهة العسكرية مع القوات الروسية والسورية، بعد التحشيدات البحرية والجوية الضخمة التي أمر بها الرئيس الروسي ووصلت فعلاً إلى البحر المتوسط، لتأكيد جديته في فرض بنود اتفاق سوتشي بالقوة ومهما كلّف الأمر.     ويعتقد محللون أن أزمة الرئيس أردوغان العسكرية في إدلب ربما انتهت، أو تجمّدت، وبقيت أمامه ثلاث أزمات: الأولى، مع الاتحاد الأوروبي والمتمثلة في استخدامه اللاجئين السوريين كورقة ضغط، أعطت نتائج عكسية والمزيد من العزلة، أما الثانية، فتتعلق بمواجهة الجماعات المسلحة التي سترى في اتفاقاته مع الروس تنازلاً كبيراً، وهي جماعات راهنت على المواجهة العسكرية مع الروس والجيش السوري معاً حتى نهاية الشوط، ومن المؤكد أن الرئيس أردوغان سيحتاج إلى جهودٍ كبيرةٍ لمواجهة انتقادات هؤلاء واستعادة ثقتهم مجدَّدا، أما الثالثة والأهم، فهي أزمته الداخلية التي انعكست في احتجاجات بالبرلمان التركي ضد سياساته والتدخل العسكري في سورية وليبيا ومقتل أعداد كبيرة من الجنود الأتراك، الذي اتضح أنه أكبر مما توقع الأتراك ومما سوقت له وسائل الإعلام التركية المقربة من حزب العددالة والتنمية، والذي سيكون - حسب المراقبين - السبب المباشر في الانقلاب على أردوغان من قبل منافسيه الذين ينتظرون سقطة كبيرة كتلك التي وقع فيها بحربه الأخيرة في إدلب.

المصدر : الماسة السورية/ آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة