يعود طريق أوتوستراد حلب – دمشق الدولي لواجهة المشهد الميداني والسياسي في سوريا، بعد تطورات متسارعة حصلت خلال الأيام القليلة الماضية.

 

وبدأت تلك التطورات باتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرمته روسيا وتركيا، تبعه فتح الجيش العربي السوري لثلاثة معابر لإخراج المدنيين من المناطق المحتلة بأرياف حلب وإدلب، وصولاً للاجتماع الثلاثي بين سوريا وتركيا وروسيا.

 

ويعد الاجتماع الثلاثي الذي كانت روسيا صلة الوصل فيه بين الطرفين، الأول منذ بداية الحرب السورية الذي يجمع مسؤولين من سوريا وتركيا التي تحتل أجزاء من الأراضي السورية.

 

وشدد الوفد السوري الذي ترأسه رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك خلال الاجتماع الذي انعقد بموسكو على “ضرورة وفاء تركيا بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي بشأن إدلب المؤرخ 17-9-2018، خاصةً بما يتعلق بإخلاء المنطقة من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة وفتح طريق حلب – اللاذقية وحلب – حماة.

 

والمقصود بطريق حلب – حماة هنا هو الجزء المغلق من أوتوستراد حلب – دمشق الدولي، الممتد في الريف الجنوبي الغربي من حلب والشمالي الشرقي من إدلب، وصولاً إلى حماة، علماً أن هذا الجزء محتل من قبل المسلحين المتشددين منذ بداية الحرب.

 

وشدد اللواء مملوك خلال الاجتماع على أن “الدولة السورية مصممة على متابعة حربها ضد الإرهاب وتحرير كل منطقة إدلب وعودة سلطة الدولة إليها بما يكفل الأمن والأمان للمواطنين السوريين الذين تستخدمهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية في تلك المنطقة”.

 

وسبق الاجتماع المذكور تطور ميداني آخر عبر إعلان الجيش العربي السوري فتحه لثلاثة معابر لخروج المدنيين من مناطق سيطرة المسلحين في ريفي حلب وإدلب، وهي معبر الحاضر جنوب حلب ومعبر أبو ظهور شرق إدلب ومعبر الهبيط جنوب إدلب.

 

وبدأ مئات المدنيين منذ إعلان فتح المعابر بالخروج متجهين لمناطق سيطرة الدولة السورية، حيث بلغ عدد الذين خرجوا يوم الإثنين، نحو ألف مدني غادروا منطقة “خفض التصعيد” في شمال غربي سوريا، بحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، مع استمرار العملية يوم الثلاثاء من المعبر ذاته.

 

وحاول مسلحو “جبهة النصرة” يوم الثلاثاء عرقلة عملية خروج المدنيين عبر استهداف منطقة المعبر بقذائف صاروخية، لم تسفر عن أي إصابات بشرية.

 

أما بداية تلك التطورات الميدانية والسياسية فكانت مع إعلان كل من روسيا وتركيا التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في إدلب.

 

والتزم الجيش العربي السوري بالاتفاق رغم الخروقات التي ارتكبها المسلحون في أول أيامه، والتي تجاوزت 18 خرقاً، عبر استهداف مناطق الدولة السورية بالقذائف الصاروخية.

 

وجاء اتفاق وقف إطلاق النار بعد زيارة مفاجئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، التقى فيها الرئيس بشار الأسد وناقش معه تطورات الوضع في إدلب، كما تجول بوتين خلال زيارته في شوارع دمشق معبراً عن إعجابه “بعودة الحياة لها”.

 

وتبع زيارة بوتين لسوريا أخرى قام بها في اليوم التالي لتركيا، حيث التقى أيضاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحدثاً معه حول الوضع في إدلب، ومناقشاً أيضاً الوضع في ليبيا التي تقوم تركيا بنقل الميليشيات التابعة لها في سوريا إليها.

 

وبعد أن أنهى الرئيس الروسي زيارتيه، أعلن رسمياً عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، علماً أن الاتفاق لم يتحدث عن وضع ريف حلب الشمالي، الذي يتجهز الجيش العربي السوري لشن عملية لتحرير مناطقه.

 

ويشهد ريف حلب الشمالي منذ مدة استهدافات تحصل بين الجيش العربي السوري ومسلحي “جبهة النصرة” المتواجدين هناك، وتعاني مدينة حلب بين حين وآخر من تعمد المسلحين المتواجدين غربها استهداف أحياء المدينة في محاولة للضغط على الجيش.

 

ولابد من الإشارة هنا إلى أن كل من سوريا وروسيا شددتا عدة مرات على أن تنظيم “جبهة النصرة” لا يشمل بالاتفاقات التي تحصل، كونه تنظيم مصنف على قائمة الإرهاب دولياً، علماً أن الاحتلال التركي له يد في تمويل التنظيم وارتباط به منذ بدء ظهوره في سوريا.

 

ومن إحدى المستجدات التي لها بدورها دلالات هامة على الوضع الميداني في ريف حلب، ما نشرته مصادر إعلامية معارضة عن هروب المدعو “أبو ابراهيم سلامة”، وهو قيادي هام في “جبهة النصرة” بمنصب ما يسمى “أمير حلب”.

 

وهروب “أمير حلب” الذي هو أيضاً من أقارب قائد “النصرة” الجولاني، كان عبر نقله لعائلته وأثاث منزله وكافة ممتلكاته من منزله في بلدة عندان بريف حلب الشمالي إلى مدينة حلب، علماً أن هروب “سلامة” كان مفاجئاً، ونتج عنه حالة قلق وارتباك بين مقاتليه.

 

وتحدث ناشطون معارضون عن أن “هروب سلامة ما هو إلا انسحاب من مواجهة الجيش في ريف حلب”، الأمر الذي يراه محللون سياسيون بدوره “مؤشراً هاماً حول وجود تغيرات كبيرة من الممكن أن تطرأ على ريف حلب الشمالي لصالح الدولة السورية”.

 

ويضيف المحللون أن “الأحداث السابقة التي تتتابع في سوريا تشير إلى احتمالية قريبة بتغير كبير في خارطة السيطرة، سواءً عبر عمليات عسكرية في حلب وإدلب، أو عبر تسويات ومصالحات يتوقع أن تحدث في مناطق إدلب ستؤدي بدورها لتأمين منطقة أوتستراد حلب – دمشق الدولي من جهة إدلب وإعادة افتتاحه بضمانة روسية”.

 

ولتوضيح وضع أوتوستراد حلب – دمشق الدولي بشكل مفصل، فإن الطريق يبدأ من جهة مدينة حلب من المنطقة الجنوبية الغربية، بمناطق خان العسل والمنصورة والزربة مروراً بإيكاردا ومن ثم مناطق إدلب وريفها، عبر سراقب، التي تقع أيضاً تحت سيطرة المسلحين.

 

ويستمر الأوتوستراد حتى حماة مروراً بحمص لينتهي في دمشق، علماً أنه مع تحرير الجيش العربي السوري لبلدة خان شيخون، أصبح الطريق مفتوح من البلدة المذكورة حتى حماة فحمص فدمشق، أي أنه مقطوع من حلب وحتى خان شيخون.

 

ويعد طريق حلب – دمشق الدولي أولى الطرق التي أغلقت بعد سيطرة المسلحين المتشددين على مناطق الريف الجنوبي والجنوبي الغربي لمدينة حلب، لتعيش مدينة حلب حينها حصاراً شديداً انتهى مع فتح الجيش العربي السوري طريق خناصر – أثريا، الذي يعرف بـ “طريق الموت” لكثرت الحوادث المرورية فيه.

 

وكان طريق حلب – دمشق الدولي قبل إغلاقه شاهداً على أبشع الجرائم التي ارتكبها المسلحون المتشددون بحق أهالي مدينة حلب، عبر جرائم الخطف والسرقة والقتل، التي طالت المسافرين عبره.

 

  • فريق ماسة
  • 2020-01-15
  • 14873
  • من الأرشيف

هل اقترب موعد فتح أوتوستراد حلب – دمشق الدولي؟

  يعود طريق أوتوستراد حلب – دمشق الدولي لواجهة المشهد الميداني والسياسي في سوريا، بعد تطورات متسارعة حصلت خلال الأيام القليلة الماضية.   وبدأت تلك التطورات باتفاق وقف اطلاق النار الذي أبرمته روسيا وتركيا، تبعه فتح الجيش العربي السوري لثلاثة معابر لإخراج المدنيين من المناطق المحتلة بأرياف حلب وإدلب، وصولاً للاجتماع الثلاثي بين سوريا وتركيا وروسيا.   ويعد الاجتماع الثلاثي الذي كانت روسيا صلة الوصل فيه بين الطرفين، الأول منذ بداية الحرب السورية الذي يجمع مسؤولين من سوريا وتركيا التي تحتل أجزاء من الأراضي السورية.   وشدد الوفد السوري الذي ترأسه رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك خلال الاجتماع الذي انعقد بموسكو على “ضرورة وفاء تركيا بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي بشأن إدلب المؤرخ 17-9-2018، خاصةً بما يتعلق بإخلاء المنطقة من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة وفتح طريق حلب – اللاذقية وحلب – حماة.   والمقصود بطريق حلب – حماة هنا هو الجزء المغلق من أوتوستراد حلب – دمشق الدولي، الممتد في الريف الجنوبي الغربي من حلب والشمالي الشرقي من إدلب، وصولاً إلى حماة، علماً أن هذا الجزء محتل من قبل المسلحين المتشددين منذ بداية الحرب.   وشدد اللواء مملوك خلال الاجتماع على أن “الدولة السورية مصممة على متابعة حربها ضد الإرهاب وتحرير كل منطقة إدلب وعودة سلطة الدولة إليها بما يكفل الأمن والأمان للمواطنين السوريين الذين تستخدمهم التنظيمات الإرهابية دروعاً بشرية في تلك المنطقة”.   وسبق الاجتماع المذكور تطور ميداني آخر عبر إعلان الجيش العربي السوري فتحه لثلاثة معابر لخروج المدنيين من مناطق سيطرة المسلحين في ريفي حلب وإدلب، وهي معبر الحاضر جنوب حلب ومعبر أبو ظهور شرق إدلب ومعبر الهبيط جنوب إدلب.   وبدأ مئات المدنيين منذ إعلان فتح المعابر بالخروج متجهين لمناطق سيطرة الدولة السورية، حيث بلغ عدد الذين خرجوا يوم الإثنين، نحو ألف مدني غادروا منطقة “خفض التصعيد” في شمال غربي سوريا، بحسب بيان وزارة الدفاع الروسية، مع استمرار العملية يوم الثلاثاء من المعبر ذاته.   وحاول مسلحو “جبهة النصرة” يوم الثلاثاء عرقلة عملية خروج المدنيين عبر استهداف منطقة المعبر بقذائف صاروخية، لم تسفر عن أي إصابات بشرية.   أما بداية تلك التطورات الميدانية والسياسية فكانت مع إعلان كل من روسيا وتركيا التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في إدلب.   والتزم الجيش العربي السوري بالاتفاق رغم الخروقات التي ارتكبها المسلحون في أول أيامه، والتي تجاوزت 18 خرقاً، عبر استهداف مناطق الدولة السورية بالقذائف الصاروخية.   وجاء اتفاق وقف إطلاق النار بعد زيارة مفاجئة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا، التقى فيها الرئيس بشار الأسد وناقش معه تطورات الوضع في إدلب، كما تجول بوتين خلال زيارته في شوارع دمشق معبراً عن إعجابه “بعودة الحياة لها”.   وتبع زيارة بوتين لسوريا أخرى قام بها في اليوم التالي لتركيا، حيث التقى أيضاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحدثاً معه حول الوضع في إدلب، ومناقشاً أيضاً الوضع في ليبيا التي تقوم تركيا بنقل الميليشيات التابعة لها في سوريا إليها.   وبعد أن أنهى الرئيس الروسي زيارتيه، أعلن رسمياً عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في إدلب، علماً أن الاتفاق لم يتحدث عن وضع ريف حلب الشمالي، الذي يتجهز الجيش العربي السوري لشن عملية لتحرير مناطقه.   ويشهد ريف حلب الشمالي منذ مدة استهدافات تحصل بين الجيش العربي السوري ومسلحي “جبهة النصرة” المتواجدين هناك، وتعاني مدينة حلب بين حين وآخر من تعمد المسلحين المتواجدين غربها استهداف أحياء المدينة في محاولة للضغط على الجيش.   ولابد من الإشارة هنا إلى أن كل من سوريا وروسيا شددتا عدة مرات على أن تنظيم “جبهة النصرة” لا يشمل بالاتفاقات التي تحصل، كونه تنظيم مصنف على قائمة الإرهاب دولياً، علماً أن الاحتلال التركي له يد في تمويل التنظيم وارتباط به منذ بدء ظهوره في سوريا.   ومن إحدى المستجدات التي لها بدورها دلالات هامة على الوضع الميداني في ريف حلب، ما نشرته مصادر إعلامية معارضة عن هروب المدعو “أبو ابراهيم سلامة”، وهو قيادي هام في “جبهة النصرة” بمنصب ما يسمى “أمير حلب”.   وهروب “أمير حلب” الذي هو أيضاً من أقارب قائد “النصرة” الجولاني، كان عبر نقله لعائلته وأثاث منزله وكافة ممتلكاته من منزله في بلدة عندان بريف حلب الشمالي إلى مدينة حلب، علماً أن هروب “سلامة” كان مفاجئاً، ونتج عنه حالة قلق وارتباك بين مقاتليه.   وتحدث ناشطون معارضون عن أن “هروب سلامة ما هو إلا انسحاب من مواجهة الجيش في ريف حلب”، الأمر الذي يراه محللون سياسيون بدوره “مؤشراً هاماً حول وجود تغيرات كبيرة من الممكن أن تطرأ على ريف حلب الشمالي لصالح الدولة السورية”.   ويضيف المحللون أن “الأحداث السابقة التي تتتابع في سوريا تشير إلى احتمالية قريبة بتغير كبير في خارطة السيطرة، سواءً عبر عمليات عسكرية في حلب وإدلب، أو عبر تسويات ومصالحات يتوقع أن تحدث في مناطق إدلب ستؤدي بدورها لتأمين منطقة أوتستراد حلب – دمشق الدولي من جهة إدلب وإعادة افتتاحه بضمانة روسية”.   ولتوضيح وضع أوتوستراد حلب – دمشق الدولي بشكل مفصل، فإن الطريق يبدأ من جهة مدينة حلب من المنطقة الجنوبية الغربية، بمناطق خان العسل والمنصورة والزربة مروراً بإيكاردا ومن ثم مناطق إدلب وريفها، عبر سراقب، التي تقع أيضاً تحت سيطرة المسلحين.   ويستمر الأوتوستراد حتى حماة مروراً بحمص لينتهي في دمشق، علماً أنه مع تحرير الجيش العربي السوري لبلدة خان شيخون، أصبح الطريق مفتوح من البلدة المذكورة حتى حماة فحمص فدمشق، أي أنه مقطوع من حلب وحتى خان شيخون.   ويعد طريق حلب – دمشق الدولي أولى الطرق التي أغلقت بعد سيطرة المسلحين المتشددين على مناطق الريف الجنوبي والجنوبي الغربي لمدينة حلب، لتعيش مدينة حلب حينها حصاراً شديداً انتهى مع فتح الجيش العربي السوري طريق خناصر – أثريا، الذي يعرف بـ “طريق الموت” لكثرت الحوادث المرورية فيه.   وكان طريق حلب – دمشق الدولي قبل إغلاقه شاهداً على أبشع الجرائم التي ارتكبها المسلحون المتشددون بحق أهالي مدينة حلب، عبر جرائم الخطف والسرقة والقتل، التي طالت المسافرين عبره.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة