دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كتب آرون ي. زيلين مقالاً عنوانه «"حراس الدين": جماعة تنظيم "القاعدة" المتغاضى عنها في سورية» نشره معهد واشنطن بتاريخ 24 أيلول/سبتمبر 2019، تحدث فيه عن تنظيم "حراس الدين" الذي يعزز وجوده في إدلب عبر جذب فصائل أخرى، والتخوف من إمكانية قيادته لتمرد جديد في المستقبل.
صنّفت وزارة الخارجية الأمريكية مؤخراً وبشكل رسمي تنظيم "حراس الدين" كمنظمة إرهابية أجنبية وعرضت مبلغاً مالياً في إطار برنامج "المكافآت من أجل العدالة" لقاء معلومات عن ثلاثة من قادتها. يُعد التنظيم الفرع الرسمي لـ "القاعدة" في سورية، وهو الدور الذي اضطلع به بعد أن نأت "هيئة تحرير الشام" بنفسها علناً عن منظمتها الأم. وفي غضون ذلك، قُتل أبو خالد المهندس (المعروف بصهيب) أحد كبار شخصيات "حراس الدين" في أواخر آب/أغسطس، بعبوة ناسفة زُرعت من قبل خصوم إسلاميين.
انطلاقاً من هذه التطورات، من المهم النظر إلى ما هو أبعد من الاختلافات الأيديولوجية بين تنظيم "حراس الدين" و"هيئة تحرير الشام" ومعرفة ما الذي يفعله أعضاؤهما فعلياً في شمال غرب سورية –المعقل المتبقي للجماعات الجهادية في البلاد. وفي حال تمكنت الدولة السورية وحلفاؤها من استعادة إدلب بالكامل، قد يستفيد "حراس الدين" من هذا الأمر. فقد يتمكن من إقناع المزيد من الجهاديين بالانضمام إلى صفوفه ومساعدته على قيادة أي تمرد مستقبلي في شمال سورية.
التكوين والعمليات العسكرية
تم تأسيس تنظيم "حراس الدين" في شباط/فبراير 2018 بعد أن تفكك الفرع الأصلي لتنظيم "القاعدة" في سورية، وهو موجّه من قبل عدة شخصيات رئيسة، بمن فيهم القائد الأكبر خالد العاروري (الملقب بأبو القاسم الأردني) وأعضاء مجلس الشورى. البيان التأسيسي لـ "حراس الدين" حثّ "الفصائل المتناحرة في الشام على وقف القتال في ما بينها وإنقاذ أمّة المسلمين". واستجابة لهذا النداء الموحد، انضمّ ستة عشر فصيلاً على الأقل إلى تنظيم "حراس الدين". وبالتالي سعى لإثبات أنه يتمتع بقاعدة دعم محلية وليس كونه جهة فاعلة هامشية. ومنذ ذلك الحين، نظّم ما لا يقل عن أربعة معسكرات تدريب لهذه القوات المقاتلة.
ومن أجل تعزيز قدرته العسكرية، أقام "حراس الدين" أيضاً تحالفات قتالية مختلفة. كان الأول في نيسان/أبريل 2018 عندما شكّل "أنصار التوحيد" و"حراس الدين" ما يسمى بـ "حلف نصرة الإسلام". والأهم من ذلك إنشاء غرفة عمليات "وحرض المؤمنين" التي تشكّلت في تشرين الأول/أكتوبر 2018، إلى جانب جماعتين أصغر حجماً متحالفتين مع تنظيم "القاعدة"، هما: "جبهة أنصار الدين" و"جماعة أنصار الإسلام".
يدّعي "حراس الدين" أنه شنّ نحو 200 هجوم منذ إنشائه. وقعت هذه الهجمات في مجموعة من المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، بما فيها اثنا عشر موقعاً في حلب، و16 في حماة، و7 في إدلب، و15 في اللاذقية. ومن المثير للاهتمام أن ثلاثة من هذه الهجمات المزعومة على الأقل نُفذت بالاشتراك مع "هيئة تحرير الشام"، ما يشير إلى أن علاقتهما ليست عدائية بحتة.
الدعوة، الحسبة، والتمويل
إلى جانب أنشطته العسكرية، يشارك تنظيم "حراس الدين" بشكل كبير في نشر أيديولوجيته في أجزاء مختلفة من محافظة إدلب. فقد أنشأ مؤسسة دينية عبر "مركز دعاة التوحيد الدعوي" التابع له بقيادة أبو أسامة الشوكاني. تركز أنشطة المركز على خطب الجمعة، ومحاضرات الشباب، ومنتديات الدعوة العامة، وجولات الدعوة، والدورات الثقافية، وزيارات المستشفيات. كما يوزع الأعضاء منشورات أيديولوجية عند نقاط تفتيش السيارات ويعلقون لافتات تروّج لأيديولوجيتهم أو فعالياتهم.
كما استخدم التنظيم منذ تأسيسه مصادر إلكترونية للترويج لما يصل إلى 100 فعالية مماثلة في 14 مدينة وقرية مختلفة في إدلب. بالإضافة إلى ذلك، افتتح "مركز دعاة التوحيد الدعوي" مدرسة صيفية للأطفال من عمر 5 إلى 10 سنوات في سهل الروج، يوفر فيها مواصلات مجانية وتعليم اللغة العربية والإنكليزية والدراسات الدينية (القرآن والحديث والشريعة) والأنشطة الرياضية.
كذلك، أقدم "حراس الدين" على إنشاء "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". يقوم أعضاء الهيئة بدوريات حسبة (أي الشرطة الأخلاقية) ويوزعون ملابس شرعية على طالبات المدارس بما يتماشى مع تفسير هذا التنظيم للحشمة.
فضلاً عن ذلك، قام تنظيم "حراس الدين" وغرفة عملياته "وحرض المؤمنين" بجمع الأموال للأنشطة العسكرية محلياً وعبر الإنترنت في إطار "حملة جاهزون" التي تنص على أن "المال هو ركيزة الجهاد ومن دونه قد تضعف قدرات المجاهدين". وتُستخدم الأموال للأسلحة والغذاء والوقود والعلاج للمقاتلين الجرحى. وكانت الحملة قد بدأت في منتصف أيار/مايو، حيث طلبت من المؤيدين إرسال رسائل على حسابات متخصصة في "تلغرام" و"واتساب"، وتزويدهم بمعلومات عن حسابات مصرفية يمكنهم إرسال الأموال إليها.
الاحتراس من تمرد في المستقبل
رغم هذه الزيادة في نشاطه العسكري والاجتماعي، لا يُعد تنظيم "حراس الدين" الجهة الفاعلة الأكثر قوة في إدلب –فهو لا يزال يعتمد على "هيئة تحرير الشام" للقيام بعملياته، وإذا أراد زيادة قوته، ستحاول "الهيئة" قمعه واعتقال قادته من أجل الحفاظ على قاعدة القوة الخاصة بها. وبهذا المعنى، فإن إمكانات النمو المحلي لتنظيم "حراس الدين" محدودة إلى حد ما. وهذه الحالة هي جزء من اللغز الأوسع نطاقاً الذي ينشأ غالباً مع التنظيمات التابعة لـ "القاعدة": عندما تصبح هذه التنظيمات أكبر وأكثر شعبية، عليها الاختيار بين البقاء وفيّة لأيديولوجيتها الأساسية أو أن تصبح أكثر واقعية من أجل الحفاظ على سلطتها المحلية والشرعية. وهذه المعضلة هي السبب الرئيس وراء نأي "هيئة تحرير الشام" عن تنظيم "القاعدة"، ما أرغم منظمتها الأم السابقة على تأسيس تنظيم "حراس الدين" كجماعة جديدة تابعة لها.
في الوقت الحالي، فإن السؤال الأكثر أهمية لسياسة الولايات المتحدة هو إذا كانت هذه الديناميات ستدفع تنظيم "حراس الدين" نحو المزيد من التخطيط لعمليات خارجية. يجب على أجهزة الاستخبارات والمجتمعات العسكرية الأمريكية الاستمرار في مراقبة التطورات في مناطق العمليات المعروفة للتنظيم، ويجب على القوات الأمريكية القيام بهجمات جوية تمييزية عند الضرورة. كما يجب على واشنطن أيضاً تتبّع التطورات الكبيرة في إدلب لمعرفة ما إذا ستستعيدها الدولة السورية بالكامل، لأن انهيار ذلك الممر يمكن أن يضع "حراس الدين" في مكانة لقيادة التمرد الجهادي الكبير الآتي.
المصدر :
الماسة السورية/ مداد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة