دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
أيها الأحبة السودانيون. عرفتُ بلادَكم قبل وبعد انفصال الجنوب. زُرتها عشرات المرات، فأحببتُ طيبة الناس وتعلقهم بكرامتهم وعنفوانهم، ودُهشتُ لعراقة التاريخ الانساني والحضاري وحيوية النقاشات السياسية وعمق الثقافة عندكم.
ورافقتُ كل المرحلة التي أعقبت وصول الجبهة الاسلامية الى السلطة، ثم عايشت اختلاف أهل الجبهة بين محوري الدكتور حسن الترابي والرئيس عمر حسن البشير. وبحثتُ في اسباب تهريب الفالاشا اليهود( ربما ليسوا جميعا يهودا) من اثيوبيا عبر السودان الى اسرائيل، وتعمّقت في فهم اللعبة الدولية في فصل الجنوب وأخطاء السلطة القاتلة حيال هذا القسم الغني من السودان حيث تتركز معظم الثروة النفطية.
أيها الأحبة السودانيون، في خلال عملي الاعلامي تعرّفت على معظم الطبقة السياسة عندكم من سلطة ومعارضة. قابلت عشرات القيادات من الرئيس البشير حتى ابرز معارضيه. زرت جوبا عاصمة الجنوب مرات عديدة قبل وبعد الانفصل حيث تعرّفت عن قرب على الحركة الشعبية والجيش الشعبي. وقرأت عشرات الكتب عن الاصابع الدولية والاسرائيلية في جزء كبير مما حصل ( اقرأوا مثلا كتاب المحقق الفرنسي الشهير بيان بيان بعنوان Carnage مذابح سوف تُذهلون من حجم التآمر).
أيها الأحبة الطيبون الذين حلِمتم بعد سقوط البشير بغد أفضل. أنتم اليوم ضحية لعبة اقليمية ودولية خطيرة ربما لا تعرفون الكثير عن خبثها. يرادُ لبلادكم الانزلاق الى أتون صراعات داخلية، اما لصناعة حُكم جديد يناسب مشاريع مشبوهة في أفضل الأحوال وليس مهما ان كان عسكريا ام مدنيا، أو للسقوط في اقتتال طويل في أسوأه.
ان بلادكم الهائلة أيها الاحبة ذات الخيرات الطبيعية الاستثنائية بحيث كانت تُسمّى " اهراءات افريقيا" لغناها بالحبوب وبمئات الآف الهتكارات من الاراضي الزارعية واكثر من ١٢٨ مليون رأس ماشية وعشرات الانهار، يُراد تقسيمها وتفكيكها الى دويلات .
ايها الاحبة السودانيون، اطردوا كل من يتدخل في بلادكم، فالاقليم منقسم حولكم بين دول عربية واسلامية وافريقية، والعالم منقسم بشأنكم وفق ما راينا مما حصل في مجلس الأمن، وانتم في كل ذلك ضحية. ففي الصراعات الاقليمية والدولية يُصبح الانسان بلا قيمة، ويغدو الدمُ البريء مجرد ورقة سياسية وامنية، ويصبح الشعب بكل مكوناته من مدنيين وعسكريين مجرد بيدق على لعبة شطرنج.
ايها الاحبة الطيبون، عُضّوا على الجراح، وعودوا الى الحوار، فلا المعارضة ستربح ولا الجيش رابح، نما انتم جميع خاسرون من أي اقتتال داخلي مهما كانت المسببات والذرائع .....
بلادكم تستحق أن تعيش، وشعبكم يستحق الفرح بعد عقود من الحروب والعذاب والقهر والفقر في واحد من أغنى دول العالم وأكبر دول المحيط مساحة.... عودوا الى رشدكم، واقتلوا المؤامرة الاقليمية والدولية في مهدها بدل أن تتقاتلوا فتقتلكم جميعا .
هذه نصيحة مُحبٍ عرف بلادكم العريقة وشعبكم الطيب فتعلّق بهما.
المصدر :
سامي كليب
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة