حسنا فعل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بالقول لوكالة أنباء إيرانية إن بلاده لا تريد الحرب. وحسنا فعل قبله الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببعث رسالة الى وزير دفاع بالوكالة باتريك شاناها يقول فيها انه لا يريد الدخول في حرب مع إيران وانه يكتفي بالضغوط عليها، رغم كل تسريبات الصحافة الأميركية وأبواق إسرائيل في أميركا حول حتمية الحرب.

 

يُدرك البلدان كارثة الحرب عليهما، ويعرفان تماما متى يتقدمان صوبها لتحسين ظروف التفاوض لاحقا، ومتى يتراجعان حين تصبح قرقعة السلاح أكثر خطرا عليهما من الصمت. وهما نجحا تماما في العقدين الماضيين في التنافر دون الوصول الى الحرب، أو التحارب بالوكالة عبر الأراضي العربية، وفي التقارب حتى توقيع الاتفاق النووي الشهير والاتفاق مباشرة أو مداورة بشأن عدد من الملفات وفي مقدمها العراق وأفغانستان وربما جبهات اخرى.

 

لكن اللافت جدا هذه الأيام، أن حلفاء إيران وأميركا من العرب هم الأكثر جعجعة بشأن اقتراب نذر الحرب والحماسة لها، كأنهم لو وقعت ستسير تحت أقدامهم أنهار اللبن والعسل، ولو لم تقع وتفاوض الطرفان، سينعمون بتدفق الخيرات والرفاهية والانتعاش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الى بلادهم.

 

مناسبة هذا الكلام، أني قرأتُ مقالين في الساعات الماضية، أولهما لكاتب معروف يقول نخشى أن تكون " إيران نمرا من ورق" ويتحدث عن هزائم العرب ويكيل الاتهام للزعيم جال عبد الناصر وصدام حسين ويقلل من أهمية انتصار لبنان على إسرائيل وانتصار حرب ١٩٧٣، وثانيهما لكاتب يقدّم نفسه على أنه قريب جدا لمراكز صنع القرار في ايران (ولا اعتقد شخصيا ذلك) يُشعِرُنا من خلال حماسته للحرب، أنه سيحتل مع ايران وحلفائها سريعا أميركا وربما يمر على احتلال الأطلسي في خلال ساعات قليلة لو وقعت الحرب وقد يجتاج كل دول الخليج ويرمي إسرائيل في البحر.

 

ربما أيها الاخوة ، ورحمة بوطننا العربي أو ما بقي منه، أن تصمت الأبواق وأن لا يندفع العرب وحدانا وزرافات وفي قممهم الى الحماسة للحروب تأييدا لأميركا ، ولا يندفعون أيضا لحماسة تفوق بأشواط ما عليه حالُ ايران معتقدين أنها تسمع صراخهم.

 

نحن العرب وحتى إشعار آخر، لسنا أكثر من لحمٍ للمدافع في الحروب، وورقة تفاوضية في التفاوض.... أما من يعتقد غير ذلك فليقدم لنا أرقاما واحصائيات دقيقية حول كيفية ربح الحرب، حتى نصدّق كل هذه العنتريات.

  • فريق ماسة
  • 2019-05-20
  • 11191
  • من الأرشيف

حلفاء إيران وأميركا العرب متحمّسون للحرب أكثر منهما

 حسنا فعل وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بالقول لوكالة أنباء إيرانية إن بلاده لا تريد الحرب. وحسنا فعل قبله الرئيس الأميركي دونالد ترامب ببعث رسالة الى وزير دفاع بالوكالة باتريك شاناها يقول فيها انه لا يريد الدخول في حرب مع إيران وانه يكتفي بالضغوط عليها، رغم كل تسريبات الصحافة الأميركية وأبواق إسرائيل في أميركا حول حتمية الحرب.   يُدرك البلدان كارثة الحرب عليهما، ويعرفان تماما متى يتقدمان صوبها لتحسين ظروف التفاوض لاحقا، ومتى يتراجعان حين تصبح قرقعة السلاح أكثر خطرا عليهما من الصمت. وهما نجحا تماما في العقدين الماضيين في التنافر دون الوصول الى الحرب، أو التحارب بالوكالة عبر الأراضي العربية، وفي التقارب حتى توقيع الاتفاق النووي الشهير والاتفاق مباشرة أو مداورة بشأن عدد من الملفات وفي مقدمها العراق وأفغانستان وربما جبهات اخرى.   لكن اللافت جدا هذه الأيام، أن حلفاء إيران وأميركا من العرب هم الأكثر جعجعة بشأن اقتراب نذر الحرب والحماسة لها، كأنهم لو وقعت ستسير تحت أقدامهم أنهار اللبن والعسل، ولو لم تقع وتفاوض الطرفان، سينعمون بتدفق الخيرات والرفاهية والانتعاش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الى بلادهم.   مناسبة هذا الكلام، أني قرأتُ مقالين في الساعات الماضية، أولهما لكاتب معروف يقول نخشى أن تكون " إيران نمرا من ورق" ويتحدث عن هزائم العرب ويكيل الاتهام للزعيم جال عبد الناصر وصدام حسين ويقلل من أهمية انتصار لبنان على إسرائيل وانتصار حرب ١٩٧٣، وثانيهما لكاتب يقدّم نفسه على أنه قريب جدا لمراكز صنع القرار في ايران (ولا اعتقد شخصيا ذلك) يُشعِرُنا من خلال حماسته للحرب، أنه سيحتل مع ايران وحلفائها سريعا أميركا وربما يمر على احتلال الأطلسي في خلال ساعات قليلة لو وقعت الحرب وقد يجتاج كل دول الخليج ويرمي إسرائيل في البحر.   ربما أيها الاخوة ، ورحمة بوطننا العربي أو ما بقي منه، أن تصمت الأبواق وأن لا يندفع العرب وحدانا وزرافات وفي قممهم الى الحماسة للحروب تأييدا لأميركا ، ولا يندفعون أيضا لحماسة تفوق بأشواط ما عليه حالُ ايران معتقدين أنها تسمع صراخهم.   نحن العرب وحتى إشعار آخر، لسنا أكثر من لحمٍ للمدافع في الحروب، وورقة تفاوضية في التفاوض.... أما من يعتقد غير ذلك فليقدم لنا أرقاما واحصائيات دقيقية حول كيفية ربح الحرب، حتى نصدّق كل هذه العنتريات.

المصدر : سامي كليب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة