العدو قبل الصديق يُدرك جيداً المصداقية التي تتمتّع بها شخصية الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله. تلك الشخصية التي لطالما اتسمت بصفات تكاد تكون معدومة في الكثير من الرموز. فمعروف عن هذا الرجل قوّة الكاريزما التي يمتلكها والتي اكتسبها أولاً وأخيراً بفعل صدق الحديث، وأداء الأمانة. البعيد قبل القريب يعرف أنّ كل حرف ينطق به سماحته له ما له من الأبعاد. “السيد” لا يطلق الكلام جزافاً بل يعني كل كلمة يقولها وينطقها، وهو الأمر الذي جعله مصدر ثقة قوية حتى للأعداء الذين يدفنون رؤوسهم بالرمال رغم أنهم يعرفون هذه الحقيقة.

 

ما سبق ذكره، لطالما أوضحته الدراسات، حتى “الإسرائيلية”. إحداها خلصت الى أنّ مصداقية السيد نصر الله تفوقت على قادة العدو، حتى بات الصدق لازمة تطبع شخصية السيد نصرالله وترتبط بالصورة الذهنية كلما استحضرنا اسمه، لتفعل معادلة “إذا وعد صدق” فعلها لدى مقاربة الكثير من الملفات.

 

ومما لا شكّ فيه أنّ الكلام الذي وجّهه السيد نصر الله في خطابه الأخير للأميركيين، لناحية مواجهة الإجراءات التي تهدد “شعبنا وبلدنا ومقاومتنا” شكّل مادة “دسمة” فتحت أبواب التحليل والتوقعات لما اعتُبر معادلة جديدة أرساها السيد نصر الله تجاه الأميركيين بعدما تمادت الإدارة الأميركية في غيّها. وفي هذا الصدد، يتناول الكاتب والمحلل السياسي د. وسيم بزي “تهديد” الأمين العام لحزب الله بالإشارة الى أنه أرسى قواعد “اشتباك” جديدة.

 

فيكفي أن ننظر الى الجهة التي صدر عنها الموقف لتتبيّن لنا متانته وقوّته. برأي بزي يلعب “الشكل” دوراً كبيراً في مقاربة المعادلة الجديدة التي أطلقتها قيادة حزب الله، وهو في هذا السياق يُسجّل عدة ملاحظات:

 

1- رغم أنّ التمادي الأميركي لطالما كان محور رد من قبل المسؤوليين الإيرانيين الذين لم يُقصّروا مطلقاً في التعبير عن مخاطر القرارات الأميركية، إلا أنّ شخصية السيد نصر الله تكتسب خصوصية تجعل الأميركي يحسب ألف حساب لما قاله وبطريقة مختلفة.

 

2- السيد هو الناطق باسم محور الممانعة وشخصيته هي أكثر شخصية تعطي هذا المحور بعداً تجسيدياً عملياً علماً أنّ هذا المحور موجود في جغرافيا المعركة وله إنجازات كبيرة على مستوى المعارك.

 

3- المصداقية الشخصية التي راكمها السيد تجاه العالم والمنطقة والأعداء وجمهور المقاومة تجعل كل حرف يصدر عنه في هذا السياق يحسب له حساب.

 

4- ميراث السيد الطويل بمواجهة الأميركي منذ بزغ فجر المقاومة في الثمانينات يجعل الخبرة موظّفة في خدمة ما قاله الآن وتعطي للموقف بعداً إضافياً.

 

يُشدّد بزي على أنّ “تهديد السيد نصر الله جاء بعد أن وصلنا الى منعطف جديد، فمرحلة التحمل و”كظم الغيظ” والتعايش مع الوقائع لن تستمر، لندخل مرحلة الردود، وهذا يوصل الى قواعد اشتباك جديدة قائمة على جدلية العلاقة بين الفعل ورد الفعل. كيف ذلك؟

 

ينطلق بزي في مقاربته لافتاً الانتباه الى أنه إذا افترضنا أننا بهزيمتنا للإرهاب خذلنا أدوات أميركا، وهذا فعل، فمن الطبيعي أن نواجه برد فعل من أميركا يتمثل بالتصعيد “المجنون”، لكنّ الجديد هو أننا سنقدم على فعل في ضوء التقدير الذي يقودنا الى أن الاميركيين خرجوا عن السياق.

 

التهديد بالرد على قاعدة “الغموض البناء”

 

يُشدّد المتحدّث على أنّ حزب الله يعمل على قاعدة “الغموض البناء”، وهذا جزء من إدارة الحرب النفسية والعملية يفهمها “المتلقّف” للرسالة أي الأميركي، لأنه يعرف نقاط الضعف لديه، خصوصاً أننا نتحدّث عن ساحة غرب آسيا كساحة “رحبة” للصراع، وهي عملياً تمتد من جبال أفغانستان الى شواطئ البحر المتوسّط، ما يجعل الذهن خلاقاً أمام حجم “الهوامش” المتاحة والأوراق الموجودة على الطاولة في إطار الرد، أي أنّ المرحلة الجديدة التي دخلنا فيها والتي تقول إن الكيل طفح وإنّ تقدير أي خطوة قائمة قد تذهب الى الرد، هذه المرحلة تبدو فيها الخيارات واسعة جداً بدءاً من شرق سوريا مروراً بالعراق وصولاً الى أفغانستان الساحة الأهم.

 

يكرّر بزي انّ خيارات الرد واسعة ومسألة التحديد هي مسألة “استقرائية”، خاصة أن المعنيين بالرد خبروا طويلاً طبيعة الأرض ولديهم الكثير من الخبرة الغنية التي أرعبت الأميركي لدرجة أنه عندما تمر السفن الأميركية في مضيق هرمز فإنّ الايرانيين يحددون حركتها بالسنتيمتر. فهل تجرؤ أميركا على التمادي أكثر؟! يسأل بزي.

  • فريق ماسة
  • 2019-04-12
  • 11300
  • من الأرشيف

رد المقاومة على “الحماقة” الأميركية..من أفغانستان الى المتوسط

العدو قبل الصديق يُدرك جيداً المصداقية التي تتمتّع بها شخصية الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله. تلك الشخصية التي لطالما اتسمت بصفات تكاد تكون معدومة في الكثير من الرموز. فمعروف عن هذا الرجل قوّة الكاريزما التي يمتلكها والتي اكتسبها أولاً وأخيراً بفعل صدق الحديث، وأداء الأمانة. البعيد قبل القريب يعرف أنّ كل حرف ينطق به سماحته له ما له من الأبعاد. “السيد” لا يطلق الكلام جزافاً بل يعني كل كلمة يقولها وينطقها، وهو الأمر الذي جعله مصدر ثقة قوية حتى للأعداء الذين يدفنون رؤوسهم بالرمال رغم أنهم يعرفون هذه الحقيقة.   ما سبق ذكره، لطالما أوضحته الدراسات، حتى “الإسرائيلية”. إحداها خلصت الى أنّ مصداقية السيد نصر الله تفوقت على قادة العدو، حتى بات الصدق لازمة تطبع شخصية السيد نصرالله وترتبط بالصورة الذهنية كلما استحضرنا اسمه، لتفعل معادلة “إذا وعد صدق” فعلها لدى مقاربة الكثير من الملفات.   ومما لا شكّ فيه أنّ الكلام الذي وجّهه السيد نصر الله في خطابه الأخير للأميركيين، لناحية مواجهة الإجراءات التي تهدد “شعبنا وبلدنا ومقاومتنا” شكّل مادة “دسمة” فتحت أبواب التحليل والتوقعات لما اعتُبر معادلة جديدة أرساها السيد نصر الله تجاه الأميركيين بعدما تمادت الإدارة الأميركية في غيّها. وفي هذا الصدد، يتناول الكاتب والمحلل السياسي د. وسيم بزي “تهديد” الأمين العام لحزب الله بالإشارة الى أنه أرسى قواعد “اشتباك” جديدة.   فيكفي أن ننظر الى الجهة التي صدر عنها الموقف لتتبيّن لنا متانته وقوّته. برأي بزي يلعب “الشكل” دوراً كبيراً في مقاربة المعادلة الجديدة التي أطلقتها قيادة حزب الله، وهو في هذا السياق يُسجّل عدة ملاحظات:   1- رغم أنّ التمادي الأميركي لطالما كان محور رد من قبل المسؤوليين الإيرانيين الذين لم يُقصّروا مطلقاً في التعبير عن مخاطر القرارات الأميركية، إلا أنّ شخصية السيد نصر الله تكتسب خصوصية تجعل الأميركي يحسب ألف حساب لما قاله وبطريقة مختلفة.   2- السيد هو الناطق باسم محور الممانعة وشخصيته هي أكثر شخصية تعطي هذا المحور بعداً تجسيدياً عملياً علماً أنّ هذا المحور موجود في جغرافيا المعركة وله إنجازات كبيرة على مستوى المعارك.   3- المصداقية الشخصية التي راكمها السيد تجاه العالم والمنطقة والأعداء وجمهور المقاومة تجعل كل حرف يصدر عنه في هذا السياق يحسب له حساب.   4- ميراث السيد الطويل بمواجهة الأميركي منذ بزغ فجر المقاومة في الثمانينات يجعل الخبرة موظّفة في خدمة ما قاله الآن وتعطي للموقف بعداً إضافياً.   يُشدّد بزي على أنّ “تهديد السيد نصر الله جاء بعد أن وصلنا الى منعطف جديد، فمرحلة التحمل و”كظم الغيظ” والتعايش مع الوقائع لن تستمر، لندخل مرحلة الردود، وهذا يوصل الى قواعد اشتباك جديدة قائمة على جدلية العلاقة بين الفعل ورد الفعل. كيف ذلك؟   ينطلق بزي في مقاربته لافتاً الانتباه الى أنه إذا افترضنا أننا بهزيمتنا للإرهاب خذلنا أدوات أميركا، وهذا فعل، فمن الطبيعي أن نواجه برد فعل من أميركا يتمثل بالتصعيد “المجنون”، لكنّ الجديد هو أننا سنقدم على فعل في ضوء التقدير الذي يقودنا الى أن الاميركيين خرجوا عن السياق.   التهديد بالرد على قاعدة “الغموض البناء”   يُشدّد المتحدّث على أنّ حزب الله يعمل على قاعدة “الغموض البناء”، وهذا جزء من إدارة الحرب النفسية والعملية يفهمها “المتلقّف” للرسالة أي الأميركي، لأنه يعرف نقاط الضعف لديه، خصوصاً أننا نتحدّث عن ساحة غرب آسيا كساحة “رحبة” للصراع، وهي عملياً تمتد من جبال أفغانستان الى شواطئ البحر المتوسّط، ما يجعل الذهن خلاقاً أمام حجم “الهوامش” المتاحة والأوراق الموجودة على الطاولة في إطار الرد، أي أنّ المرحلة الجديدة التي دخلنا فيها والتي تقول إن الكيل طفح وإنّ تقدير أي خطوة قائمة قد تذهب الى الرد، هذه المرحلة تبدو فيها الخيارات واسعة جداً بدءاً من شرق سوريا مروراً بالعراق وصولاً الى أفغانستان الساحة الأهم.   يكرّر بزي انّ خيارات الرد واسعة ومسألة التحديد هي مسألة “استقرائية”، خاصة أن المعنيين بالرد خبروا طويلاً طبيعة الأرض ولديهم الكثير من الخبرة الغنية التي أرعبت الأميركي لدرجة أنه عندما تمر السفن الأميركية في مضيق هرمز فإنّ الايرانيين يحددون حركتها بالسنتيمتر. فهل تجرؤ أميركا على التمادي أكثر؟! يسأل بزي.

المصدر : الماسة السورية/ العهد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة