في غُضون أيّام، وربّما ساعات، سيتم الإعلان رسميًّا عن انتهاء “دولة الخلافة” الذي أعلن قيامها أبو بكر البغدادي، زعيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش) من على منبر الجامع الكبير في الموصل صيف عام 2014، فالمُقاتلون الباقون على قيد الحياة باتوا وعائلاتهم مُحاصرين في مساحةٍ لا تزيد عن نصف كيلومتر مربع في قرية الباغوز شرق الفرات، ولم يعد أمامهم إلا أحد خِيارين، الأوّل هو الاستسلام لقوّات سورية الديمقراطيّة، أو القتال حتّى الموت بعد رفض كُل مطالبهم بالمُغادرة إلى إدلب، ولكن السّؤال المطروح الآن هو عمّا سيحدث في منطقة شمال سورية وشرق الفُرات، ومن سيملأ الفراغ النّاجم عن هزيمة هذه “الدولة”؟ وأخيرًا هل ستكون هذه الهزيمة هي نقطة النّهاية، أم بدايةً جديدةً مُختلفةً لهذا التّنظيم؟

قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بُد من التوقّف عند حالة الجدل الدائرة حاليًّا في الأوساط الأوروبيّة حول كيفيّة التّعاطي مع حواليّ 800 مُقاتل يحملون الجنسيّات البريطانيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والألمانيّة والإيرلنديّة، وجرى أسرهم من قبل قوّات سورية الديمقراطيّة، ويقبعون حاليًّا في سُجونها، علاوةً عن الآلاف من زوجاتهم وأطفالهم، فهل ستسمح هذه الدول بعودة هؤلاء إلى دولهم التي يحملون جنسيُاتها في أوروبا أم إغلاق أبواب العودة في وجوههم باعتبارهم إرهابيين؟ ولماذا يُغرّد دونالد ترامب بنصائح للدول الأوروبيّة باستقبالهم ولا يفعل ذلك بنفسه، ويُقدّم مثلًا لهُم؟

***

لا بُد من العودة إلى الوراء سبع سنوات على الأقل، والتّذكير بأنّ حكومات أوروبيّة اعتبرت هؤلاء مُقاتلين شرعيّين من أجل الحريّة في سورية، وإطاحة النظام فيها، وسهّلت سفر هؤلاء إلى ميادين القتال وسط مباركة سياسيُة من مجموعة دول “أصدقاء سورية” التي كانت تضُم 65 دولة، وتغطية إعلاميّة قدّمت هؤلاء كأبطال، ونحن كُنّا شُهودًا على هذه “الزفّة”، ومُتابعين لها عن قُرب من الجانب الأُوروبي، بحُكم إقامتنا على الأقل.

الأمر الآخر الذي لا يُمكن أن نتجاهله أن ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، وفرانسوا هولاند، رئيس فرنسا في حينها، ذهبا إلى بروكسل في 16 اذار (مارس) 2013، ومارسا ضُغوطًا كبيرةً على الاتّحاد الأوروبي لإصدار قرار برفع الحظر عن إرسال السّلاح إلى سورية، لتسهيل عمليّة تسليح هؤلاء المُقاتلين وغيرهم، للتّسريع بتغيير النّظام في دِمشق.

تقتضي علينا الأمانة والموضوعيّة أن نعترف بأنّ السيدة أنجيلا ميركل، المُستشارة الألمانيّة عارضت بقوّة، ومعها دول أوروبيّة أخرى، هذا المسعى الفرنسي البريطاني لتخفيف حظر السلاح، واعتبرت تسليح المعارضة في حينها يمكن أن يؤدي إلى سقوط الأسلحة في أيدي الجماعات المتطرفة وإشعال سباق تسلّح يؤدي إلى تقويض أمن المنطقة واستقرارها، وأن إيران وروسيا ستُبادران في حال تسليح المعارضة السوريّة إلى دعم النظام السوري بكل احتياجاته من الأسلحة وبما يُعزّز صُمود، ودعم “حزب الله” ودخوله إلى الميدان السوري أيضًا، وضرورة الأخذ في الاعتبار كُل انعِكاسات ذلك على لبنان والمِنطقة.

كُل المخاوف التي حذّرت منها السيدة ميركل تحقّقت حرفيًّا، وها هي روسيا تملك اليد العُليا ليس في سورية، وإنّما في المنطقة بأسرها أيضًا، وها هي إيران تملك وجودًا قويًّا في الأرض السوريّة، وها هو “حزب الله” بات يملك الجيش الثاني الأكثر قوّة بعد الجيش الإسرائيلي، وها هو الجيش العربي السوري يستعيد أكثر من 80 في المئة من الأراضي السوريّة، والباقي في الطريق، ولا ذِكر مُطلقًا للمعارضة السوريّة وهيئاتها وقيادتها هذه الأيّام.

ما نُريد قوله، أن هؤلاء المقاتلين هم أوروبيون في الأساس، ويجب أن يعودوا وعائلاتهم إلى نقطة انطلاقهم، وأن يتم التّعاطي معهم وفق القوانين المرعيّة، وهُم في رأينا يشكّلون قمّة جبل الثّلج في سياسات التدخلات العسكريّة الأوروبيّة والأمريكيّة القائمة على الخِداع والتّضليل الهادفة إلى تدمير دول في منطقة الشرق الأوسط، وبما يخدم الدولة العبريّة واستمرار هيمنتها، وحُروبها واحتلالها للأراضي العربيّة.

نعود إلى الأسئلة التي طرحناها سابقًا في بداية هذا المقال، ونقول بأنّنا لا نعتقد بأنّ تنظيم “الدولة الإسلاميّة” سيختفي من الوجود بانهيار خلافته ودولته، لأنّ الظّروف التي أدّت إلى صعوده ما زالت باقية بطريقةٍ أو بأخرى، ويجب التعاطي معها بعقليّات جديدة مدروسة وغير طائفيّة، وأبرزها التدخّلات الأمريكيّة، وسياسات التّهميش والإقصاء لبعض حواضنه العراقيّة والسوريّة، وغِياب الحُكم الرّشيد والعدالة الاجتماعيّة، واستِفحال الفساد، والتوزيع العادل للثّروة في مُعظم الدول العربيّة والإسلاميّة.

“داعش” الذي ورث التنظيم الأم “القاعدة”، بعد هزيمة الأخير بفعل الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، قد يلجأ إلى الخطة “B”، أيّ إعادة تجميع صفوفه واللجوء إلى العمل السري تحت الأرض، الذي يعتبر أقل كلفة من التمكين والتمدد فوقها، والتخلص من أعباء الدولة وإدارتها وتوفير الخدمات الرئيسيّة الأمنيّة والمعيشيّة “لمُواطنيها” وسط بيئة مُعادية لما يترتّب على ذلك من أموال وجُهد، وفي حال عدم اللّجوء إلى هذه الخطة، فإنّ هناك احتمالًا آخر، أيّ أن ينشأ تنظيم جديد من رحمه أكثر تشدّدًا ودمويّة فيما هو قادمٌ من أيّام، وتاريخ المنطقة حافِلٌ بالأمثلة، وهذا موضوعٌ آخر.

***

خِتامًا نقول أنّ المنطقة، وسورية والعراق تحديدًا، تقف على أعتاب تغييرات كبرى، فمن سيملأ الفراغ الذي سينجم عن إنهاء وجود “داعش” هو الدول السوريّة بدعمٍ من الروس ومحور المُقاومة الذي تُشكّل أحد أبرز أركانه، ولا نعتقد أن الهُجوم الشّرس الذي شنّه الرئيس بشار الأسد في خطابه الذي ألقاه يوم أمس أمام رؤوساء للمجالس المحليّة، على الرئيس التركي رجب طيًب أردوغان ولأوّل مرّة بعد غيابٍ طويل، جاء من قبيل الصّدفة، وإنّما يُشكّل توصيفًا للمرحلة المُقبلة التي عُنوانها الأبرز تعافي سورية سياسيًّا وعسكريًّا، ويقول بكل صراحة أنُ الدولة السوريُة تنتقل من مرحلةِ الدّفاع إلى الهُجوم.

لا نعرِف ما هي المُعطيات التي دفعت الرئيس الأسد لشن هذا الهُجوم، ولكن كون الخطاب جاء بعد أيّام من انعقاد قمة سوتشي الثلاثيّة الإيرانيّة التركيّة الروسيّة، فإنّ هذا يشي بالكثير، عن نُقاط الخِلاف والاتّفاق بين اللاعبين الرئيسيين فيها، وتباين وجهات النظر الروسيّة والتركيّة في قضايا عديدة على الأرض السوريّة.

معلوماتنا تُفيد بأنّ الروس والإيرانيّين عارضوا كل المطالب التركيّة بإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سورية، وأصرُوا على عودتهما كاملة إلى سيادة الدولة السوريّة، وما يُعزُز ذلك التصريحات التي صدرت عن قيادة قوات سورية الديمقراطيّة التي تستجدي الاتحاد الأوروبي هذه الأيّام بعدم التخلّي عنها، وإعرابها عن استعدادها بتقديم تنازلات للدولة السوريّة بتقاسم حُقول النّفط، والعائدات الضريبيّة معًا، ورفع العلم السوريّ الرسميّ فوق مقرّاتها.

قوات سورية الديمقراطيّة التي حظيت بدعم الأمريكان وتسليحهم، وتحدّت الدولة السوريّة، تنتهي مُهمّتها ودورها بمقتل أو خُروج آخر مُقاتلي “الدولة الإسلاميّة” (داعش) من شرق الفرات، وستكون في موقفٍ ضعيفٍ لا يُؤهّلها من إملاء شُروطها على دِمشق، بعد تخلّي الأمريكان والأُوروبيُين المُتوقّع عنها، مثلَما تخلّوا عن المُعارضة السوريّة.. والعديد من “الحُلفاء” الذين راهنوا عليها، والقائمةُ طويلةٌ جدًّا، وسينضم إليها بعض القادة العرب.. والأيّام بيننا.

  • فريق ماسة
  • 2019-02-18
  • 15236
  • من الأرشيف

لماذا صَعّد الرئيس الأسد هُجومه على أردوغان فجأةً؟

في غُضون أيّام، وربّما ساعات، سيتم الإعلان رسميًّا عن انتهاء “دولة الخلافة” الذي أعلن قيامها أبو بكر البغدادي، زعيم “الدولة الإسلاميّة” (داعش) من على منبر الجامع الكبير في الموصل صيف عام 2014، فالمُقاتلون الباقون على قيد الحياة باتوا وعائلاتهم مُحاصرين في مساحةٍ لا تزيد عن نصف كيلومتر مربع في قرية الباغوز شرق الفرات، ولم يعد أمامهم إلا أحد خِيارين، الأوّل هو الاستسلام لقوّات سورية الديمقراطيّة، أو القتال حتّى الموت بعد رفض كُل مطالبهم بالمُغادرة إلى إدلب، ولكن السّؤال المطروح الآن هو عمّا سيحدث في منطقة شمال سورية وشرق الفُرات، ومن سيملأ الفراغ النّاجم عن هزيمة هذه “الدولة”؟ وأخيرًا هل ستكون هذه الهزيمة هي نقطة النّهاية، أم بدايةً جديدةً مُختلفةً لهذا التّنظيم؟ قبل الإجابة على هذه الأسئلة لا بُد من التوقّف عند حالة الجدل الدائرة حاليًّا في الأوساط الأوروبيّة حول كيفيّة التّعاطي مع حواليّ 800 مُقاتل يحملون الجنسيّات البريطانيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والألمانيّة والإيرلنديّة، وجرى أسرهم من قبل قوّات سورية الديمقراطيّة، ويقبعون حاليًّا في سُجونها، علاوةً عن الآلاف من زوجاتهم وأطفالهم، فهل ستسمح هذه الدول بعودة هؤلاء إلى دولهم التي يحملون جنسيُاتها في أوروبا أم إغلاق أبواب العودة في وجوههم باعتبارهم إرهابيين؟ ولماذا يُغرّد دونالد ترامب بنصائح للدول الأوروبيّة باستقبالهم ولا يفعل ذلك بنفسه، ويُقدّم مثلًا لهُم؟ *** لا بُد من العودة إلى الوراء سبع سنوات على الأقل، والتّذكير بأنّ حكومات أوروبيّة اعتبرت هؤلاء مُقاتلين شرعيّين من أجل الحريّة في سورية، وإطاحة النظام فيها، وسهّلت سفر هؤلاء إلى ميادين القتال وسط مباركة سياسيُة من مجموعة دول “أصدقاء سورية” التي كانت تضُم 65 دولة، وتغطية إعلاميّة قدّمت هؤلاء كأبطال، ونحن كُنّا شُهودًا على هذه “الزفّة”، ومُتابعين لها عن قُرب من الجانب الأُوروبي، بحُكم إقامتنا على الأقل. الأمر الآخر الذي لا يُمكن أن نتجاهله أن ديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، وفرانسوا هولاند، رئيس فرنسا في حينها، ذهبا إلى بروكسل في 16 اذار (مارس) 2013، ومارسا ضُغوطًا كبيرةً على الاتّحاد الأوروبي لإصدار قرار برفع الحظر عن إرسال السّلاح إلى سورية، لتسهيل عمليّة تسليح هؤلاء المُقاتلين وغيرهم، للتّسريع بتغيير النّظام في دِمشق. تقتضي علينا الأمانة والموضوعيّة أن نعترف بأنّ السيدة أنجيلا ميركل، المُستشارة الألمانيّة عارضت بقوّة، ومعها دول أوروبيّة أخرى، هذا المسعى الفرنسي البريطاني لتخفيف حظر السلاح، واعتبرت تسليح المعارضة في حينها يمكن أن يؤدي إلى سقوط الأسلحة في أيدي الجماعات المتطرفة وإشعال سباق تسلّح يؤدي إلى تقويض أمن المنطقة واستقرارها، وأن إيران وروسيا ستُبادران في حال تسليح المعارضة السوريّة إلى دعم النظام السوري بكل احتياجاته من الأسلحة وبما يُعزّز صُمود، ودعم “حزب الله” ودخوله إلى الميدان السوري أيضًا، وضرورة الأخذ في الاعتبار كُل انعِكاسات ذلك على لبنان والمِنطقة. كُل المخاوف التي حذّرت منها السيدة ميركل تحقّقت حرفيًّا، وها هي روسيا تملك اليد العُليا ليس في سورية، وإنّما في المنطقة بأسرها أيضًا، وها هي إيران تملك وجودًا قويًّا في الأرض السوريّة، وها هو “حزب الله” بات يملك الجيش الثاني الأكثر قوّة بعد الجيش الإسرائيلي، وها هو الجيش العربي السوري يستعيد أكثر من 80 في المئة من الأراضي السوريّة، والباقي في الطريق، ولا ذِكر مُطلقًا للمعارضة السوريّة وهيئاتها وقيادتها هذه الأيّام. ما نُريد قوله، أن هؤلاء المقاتلين هم أوروبيون في الأساس، ويجب أن يعودوا وعائلاتهم إلى نقطة انطلاقهم، وأن يتم التّعاطي معهم وفق القوانين المرعيّة، وهُم في رأينا يشكّلون قمّة جبل الثّلج في سياسات التدخلات العسكريّة الأوروبيّة والأمريكيّة القائمة على الخِداع والتّضليل الهادفة إلى تدمير دول في منطقة الشرق الأوسط، وبما يخدم الدولة العبريّة واستمرار هيمنتها، وحُروبها واحتلالها للأراضي العربيّة. نعود إلى الأسئلة التي طرحناها سابقًا في بداية هذا المقال، ونقول بأنّنا لا نعتقد بأنّ تنظيم “الدولة الإسلاميّة” سيختفي من الوجود بانهيار خلافته ودولته، لأنّ الظّروف التي أدّت إلى صعوده ما زالت باقية بطريقةٍ أو بأخرى، ويجب التعاطي معها بعقليّات جديدة مدروسة وغير طائفيّة، وأبرزها التدخّلات الأمريكيّة، وسياسات التّهميش والإقصاء لبعض حواضنه العراقيّة والسوريّة، وغِياب الحُكم الرّشيد والعدالة الاجتماعيّة، واستِفحال الفساد، والتوزيع العادل للثّروة في مُعظم الدول العربيّة والإسلاميّة. “داعش” الذي ورث التنظيم الأم “القاعدة”، بعد هزيمة الأخير بفعل الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، قد يلجأ إلى الخطة “B”، أيّ إعادة تجميع صفوفه واللجوء إلى العمل السري تحت الأرض، الذي يعتبر أقل كلفة من التمكين والتمدد فوقها، والتخلص من أعباء الدولة وإدارتها وتوفير الخدمات الرئيسيّة الأمنيّة والمعيشيّة “لمُواطنيها” وسط بيئة مُعادية لما يترتّب على ذلك من أموال وجُهد، وفي حال عدم اللّجوء إلى هذه الخطة، فإنّ هناك احتمالًا آخر، أيّ أن ينشأ تنظيم جديد من رحمه أكثر تشدّدًا ودمويّة فيما هو قادمٌ من أيّام، وتاريخ المنطقة حافِلٌ بالأمثلة، وهذا موضوعٌ آخر. *** خِتامًا نقول أنّ المنطقة، وسورية والعراق تحديدًا، تقف على أعتاب تغييرات كبرى، فمن سيملأ الفراغ الذي سينجم عن إنهاء وجود “داعش” هو الدول السوريّة بدعمٍ من الروس ومحور المُقاومة الذي تُشكّل أحد أبرز أركانه، ولا نعتقد أن الهُجوم الشّرس الذي شنّه الرئيس بشار الأسد في خطابه الذي ألقاه يوم أمس أمام رؤوساء للمجالس المحليّة، على الرئيس التركي رجب طيًب أردوغان ولأوّل مرّة بعد غيابٍ طويل، جاء من قبيل الصّدفة، وإنّما يُشكّل توصيفًا للمرحلة المُقبلة التي عُنوانها الأبرز تعافي سورية سياسيًّا وعسكريًّا، ويقول بكل صراحة أنُ الدولة السوريُة تنتقل من مرحلةِ الدّفاع إلى الهُجوم. لا نعرِف ما هي المُعطيات التي دفعت الرئيس الأسد لشن هذا الهُجوم، ولكن كون الخطاب جاء بعد أيّام من انعقاد قمة سوتشي الثلاثيّة الإيرانيّة التركيّة الروسيّة، فإنّ هذا يشي بالكثير، عن نُقاط الخِلاف والاتّفاق بين اللاعبين الرئيسيين فيها، وتباين وجهات النظر الروسيّة والتركيّة في قضايا عديدة على الأرض السوريّة. معلوماتنا تُفيد بأنّ الروس والإيرانيّين عارضوا كل المطالب التركيّة بإقامة منطقة آمنة في شمال شرق سورية، وأصرُوا على عودتهما كاملة إلى سيادة الدولة السوريّة، وما يُعزُز ذلك التصريحات التي صدرت عن قيادة قوات سورية الديمقراطيّة التي تستجدي الاتحاد الأوروبي هذه الأيّام بعدم التخلّي عنها، وإعرابها عن استعدادها بتقديم تنازلات للدولة السوريّة بتقاسم حُقول النّفط، والعائدات الضريبيّة معًا، ورفع العلم السوريّ الرسميّ فوق مقرّاتها. قوات سورية الديمقراطيّة التي حظيت بدعم الأمريكان وتسليحهم، وتحدّت الدولة السوريّة، تنتهي مُهمّتها ودورها بمقتل أو خُروج آخر مُقاتلي “الدولة الإسلاميّة” (داعش) من شرق الفرات، وستكون في موقفٍ ضعيفٍ لا يُؤهّلها من إملاء شُروطها على دِمشق، بعد تخلّي الأمريكان والأُوروبيُين المُتوقّع عنها، مثلَما تخلّوا عن المُعارضة السوريّة.. والعديد من “الحُلفاء” الذين راهنوا عليها، والقائمةُ طويلةٌ جدًّا، وسينضم إليها بعض القادة العرب.. والأيّام بيننا.

المصدر : رأي اليوم /عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة