تميزت الحرب على سوريا بشيفراتها الغير مفهومة والمترابطة ببعضها منذ أول رصاصة أطلقت على الجيش السوري في درعا عام 2011م إلى يومنا هذا، حلحلت طلاسم الشيفرات وتحولت لمعادلات بسيطة وواضحة، وبات من السهل حلها بعد تجربة مريرة خاضتها الجمهورية العربية السورية.

سنذكر في هذا المقال المراحل المفصلية التي مرت بها الحرب على سوريا ونفند قدر المستطاع الأسباب والنتائج لكل منها:

1- مرحلة الصدمة والاستيعاب:

أ- الصدمة: بعد مرور سنة من الضخ الإعلامي المعادي واللعب على وتر الطائفية والمناطقية كان الشارع السوري قد سخن جيداً وبات من غرر بهم مستعدين لتنفيذ ما يؤمرون به من قبل دول المحور المعادي لسوريا، فانتشر السلاح بشكل مقلق في مناطق واسعة من الأراضي السورية، وشرع الإرهابيون بشن هجماتهم على المدن والبلدات وكذلك على معسكرات الجيش السوري، وربما كانت هذه البداية أكبر صدمة للشعب والدولة السورية، فهذا الفكر الإرهابي الدخيل جديد على وطن الأمن والسلام.

ب- الاستيعاب: عندما عجزت قوات الشرطة وحفظ النظام والأمن عن السيطرة على الوضع كان لا بد من التدخل المباشر من قبل الجيش السوري وتنفيذ مهامه الدستورية بحفظ الأمن والذود عن تراب الوطن فحافظ حينها على أكثر المناطق والمدن الحيوية، وخاض أشرس المعارك مع الإرهابيين من جنسيات سورية وغير سورية بالأخص مع تنظيمي (داعش) و (جبهة النصرة)، واستمرت هذه المعادلة إلى نهاية العام 2014م إن صح تمسيتها بمعادلة، والملفت في الأمر أن الجيش السوري أظهر في تلك السنوات شجاعة منقطعة النظير في المقاومة والتحدي نظراً للنقص العددي الحاد في صفوف الوحدات البرية آنذاك والقتال في ظروف قاسية وكذلك الحصار الذي أطبق على الجيش والشعب السوري من قبل أعداء سوريا، ولكن بالمحصلة كانت أكثر من 65 % من الجغرافية السورية قد أضحت خارج سيطرة الدولة.

2- مرحلة التحرير وضرب الإرهابيين:

مع بداية العام 2015م مالت الكفة للجيش السوري بعد الصمود الأسطوري الذي أبداه في السنوات السابقة والدعم الذي قدمته الدول الصديقة والقوات الحليفة، فانتقل الجيش من خندق الدفاع إلى جبهات الهجوم، لتبدأ آلة التحرير بالسيطرة على المدن والبلدات والجبال والصحراء، فتساقطت مناطق وقلاع الإرهابيين المزعومة كأحجار الدومنيو، واستعاد الجيش السوري مناطق واسعة من الجغرافية السورية، ولا شك أن الدول والقوات الصديقة كان لها دوراً مهماً في هذه المرحلة ولكن دماء جرحى وشهداء الجيش السوري صاحبة الكلمة الفصل في الانتصار الساحق على الإرهابيين، وهذه المرحلة امتدت منذ بداية العام 2015م حتى نهاية العام 2017م، وكانت أبرز محطاتها تحرير مساحات واسعة من البادية وحقول النفط والغاز ومدينة دير الزور وتدمر والميادين والبوكمال والوصول إلى الحدود السورية-العراقية ومدينة حمص ومدينة حلب وجبال القلمون وثلثي الغوطة الشرقية والغوطة الغربية، وتحرير مثلث أرياف حلب وإدلب وحماة وتأمين الطريق الدولي بين المرافئ السورية والعاصمة دمشق، ومحاصرة مواقع الإرهابيين في جيوب كبيرة وصغيرة.

3- مرحلة التطهير:

تختلف مرحلة التطهير عن مرحلة التحرير بكونها تعني عودة المناطق بشكل كامل لسلطة الدولة السورية وليس كالمرحلة السابقة فكان الجيش السوري يبقي على الجيوب الإرهابية ويحاربها بحسب الأولوية، تميزت هذه المرحلة بالأريحية الكبيرة على الصعيد العملياتي والتكتيكي للجيش السوري، فقد استعرض حشوده المؤللة التي يستحيل قهرها واستخدم نظرية الترهيب والترغيب التي تكفلت بفصل المعتدلين عن المتشددين من الميلشيات المسلحة، ليتمخض عنها مشروع المصالحة الوطنية الذي لم ينضج جيداً حتى بداية العام 2018 م بالرغم من نجاح بعض المصالحات في السنوات السابقة إلا أنها كانت على نطاق ضيق نوعاً ما، وتمكن الجيش السوري في مرحلة التطهير من تفريغ الداخل السوري من المسلحين أما بقتلهم أو بالمصالحة مع من يرغب أو بترحيلهم إلى الشمال السوري، وما حرر في هذه المرحلة عبارة عن جيوب كالسرطان كان لابد من القضاء عليها وهي: ما تبقى من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي وجنوب العاصمة وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي الغربي وجيب (داعش) الإرهابي شرق مدينة الميادين.

4- مرحلة الحدود وتدخل الأصيل:

تنقسم هذه المرحلة إلى شقين:

أ- مناطق سيطرة القوات الكردية شرق الفرات ومنطقة التنف وعفرين ومناطق سيطرة ميلشيا (درع الفرات) المدعومة تركياً في الشمال السوري وهو ما سنتكلم عنه في المقالات المقبلة.

ب- حرب الحدود: بدأت مرحلة حرب الحدود فعلياً في منتصف الشهر السادس من عام 2018م عندما هاجم الجيش السوري الإرهابيين في محافظتي درعا والقنيطرة وتمكن من السيطرة على كامل المحافظتين في أقل من شهرين بالرغم من جميع المحاولات السياسية والعسكرية للدول المعادية على رأسها الكيان (الإسرائيلي) والولايات المتحدة الأميركية فقد فرض الجيش السوري سياسة الأمر الواقع وقضى على أذنابهم في المنطقة الجنوبية ولم تنفع كل تهديداتهم ووعودهم بصد التقدم المذهل للجيش السوري، وبالطبع إن محافظة إدلب ومحيطها من أرياف اللاذقية وحماة وحلب ممن تخضع لسيطرة الإرهابيين هي الخطوة القادمة في مرحلة حرب الحدود وقد أفسحت الدولة السورية مجالاً للحل السياسي برعاية روسية مما قد يخفض فاتورة الدم لأي عملية مقبلة، على أي حال الحشود العسكرية للجيش السوري بابت أكثر من جاهزة على طول الجبهة من كسب إلى حلب وبانتظار إعلان ساعة الصفر والانقضاض على الخزان الرئيس للإرهابيين وتخليص مدنيي إدلب من سوط الظالمين، ومايسمى بنقاط المراقبة لجيش العدو التركي وما استجلبوه من أسلحة ومدرعات وجنود لن يفرق الجيش السوري بينهم وبين نقاط الأوزباك والتركستان والنصرة وحراس الدين وغيرهم من الإرهابيين في حال فشل الحل السياسي وتعنت النظام التركي بإبقاء قواته داخل الحدود السورية.

على الرغم من التعقيدات الكبيرة التي واجهت الجيش السوري في إدلب والتهديدات الغربية بشن عدوان ثلاثي ورباعي وربما خماسي بعد تمثيل مسرحية للاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي كما حدث في خان شيخون ودوما مسبقاً، يمكننا القول بأن إدلب ستعود إلى حضن الوطن وهذا ليس ببعيد، فما اجتمع الجيش السوري إلا للانتصار وتطهير كامل حدوده وأراضيه، ولن تصلح بعد الآن شيفرات الدول المعادية في إطالة أمد الحرب على سورية خصوصاً بعد فك الجيش السوري لتلك الشيفرات بجنازير الدبابات وفوهات المدافع.

 

  • فريق ماسة
  • 2018-09-16
  • 7943
  • من الأرشيف

فك الشيفرة ونهاية الحرب على سورية

تميزت الحرب على سوريا بشيفراتها الغير مفهومة والمترابطة ببعضها منذ أول رصاصة أطلقت على الجيش السوري في درعا عام 2011م إلى يومنا هذا، حلحلت طلاسم الشيفرات وتحولت لمعادلات بسيطة وواضحة، وبات من السهل حلها بعد تجربة مريرة خاضتها الجمهورية العربية السورية. سنذكر في هذا المقال المراحل المفصلية التي مرت بها الحرب على سوريا ونفند قدر المستطاع الأسباب والنتائج لكل منها: 1- مرحلة الصدمة والاستيعاب: أ- الصدمة: بعد مرور سنة من الضخ الإعلامي المعادي واللعب على وتر الطائفية والمناطقية كان الشارع السوري قد سخن جيداً وبات من غرر بهم مستعدين لتنفيذ ما يؤمرون به من قبل دول المحور المعادي لسوريا، فانتشر السلاح بشكل مقلق في مناطق واسعة من الأراضي السورية، وشرع الإرهابيون بشن هجماتهم على المدن والبلدات وكذلك على معسكرات الجيش السوري، وربما كانت هذه البداية أكبر صدمة للشعب والدولة السورية، فهذا الفكر الإرهابي الدخيل جديد على وطن الأمن والسلام. ب- الاستيعاب: عندما عجزت قوات الشرطة وحفظ النظام والأمن عن السيطرة على الوضع كان لا بد من التدخل المباشر من قبل الجيش السوري وتنفيذ مهامه الدستورية بحفظ الأمن والذود عن تراب الوطن فحافظ حينها على أكثر المناطق والمدن الحيوية، وخاض أشرس المعارك مع الإرهابيين من جنسيات سورية وغير سورية بالأخص مع تنظيمي (داعش) و (جبهة النصرة)، واستمرت هذه المعادلة إلى نهاية العام 2014م إن صح تمسيتها بمعادلة، والملفت في الأمر أن الجيش السوري أظهر في تلك السنوات شجاعة منقطعة النظير في المقاومة والتحدي نظراً للنقص العددي الحاد في صفوف الوحدات البرية آنذاك والقتال في ظروف قاسية وكذلك الحصار الذي أطبق على الجيش والشعب السوري من قبل أعداء سوريا، ولكن بالمحصلة كانت أكثر من 65 % من الجغرافية السورية قد أضحت خارج سيطرة الدولة. 2- مرحلة التحرير وضرب الإرهابيين: مع بداية العام 2015م مالت الكفة للجيش السوري بعد الصمود الأسطوري الذي أبداه في السنوات السابقة والدعم الذي قدمته الدول الصديقة والقوات الحليفة، فانتقل الجيش من خندق الدفاع إلى جبهات الهجوم، لتبدأ آلة التحرير بالسيطرة على المدن والبلدات والجبال والصحراء، فتساقطت مناطق وقلاع الإرهابيين المزعومة كأحجار الدومنيو، واستعاد الجيش السوري مناطق واسعة من الجغرافية السورية، ولا شك أن الدول والقوات الصديقة كان لها دوراً مهماً في هذه المرحلة ولكن دماء جرحى وشهداء الجيش السوري صاحبة الكلمة الفصل في الانتصار الساحق على الإرهابيين، وهذه المرحلة امتدت منذ بداية العام 2015م حتى نهاية العام 2017م، وكانت أبرز محطاتها تحرير مساحات واسعة من البادية وحقول النفط والغاز ومدينة دير الزور وتدمر والميادين والبوكمال والوصول إلى الحدود السورية-العراقية ومدينة حمص ومدينة حلب وجبال القلمون وثلثي الغوطة الشرقية والغوطة الغربية، وتحرير مثلث أرياف حلب وإدلب وحماة وتأمين الطريق الدولي بين المرافئ السورية والعاصمة دمشق، ومحاصرة مواقع الإرهابيين في جيوب كبيرة وصغيرة. 3- مرحلة التطهير: تختلف مرحلة التطهير عن مرحلة التحرير بكونها تعني عودة المناطق بشكل كامل لسلطة الدولة السورية وليس كالمرحلة السابقة فكان الجيش السوري يبقي على الجيوب الإرهابية ويحاربها بحسب الأولوية، تميزت هذه المرحلة بالأريحية الكبيرة على الصعيد العملياتي والتكتيكي للجيش السوري، فقد استعرض حشوده المؤللة التي يستحيل قهرها واستخدم نظرية الترهيب والترغيب التي تكفلت بفصل المعتدلين عن المتشددين من الميلشيات المسلحة، ليتمخض عنها مشروع المصالحة الوطنية الذي لم ينضج جيداً حتى بداية العام 2018 م بالرغم من نجاح بعض المصالحات في السنوات السابقة إلا أنها كانت على نطاق ضيق نوعاً ما، وتمكن الجيش السوري في مرحلة التطهير من تفريغ الداخل السوري من المسلحين أما بقتلهم أو بالمصالحة مع من يرغب أو بترحيلهم إلى الشمال السوري، وما حرر في هذه المرحلة عبارة عن جيوب كالسرطان كان لابد من القضاء عليها وهي: ما تبقى من الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي وجنوب العاصمة وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي الغربي وجيب (داعش) الإرهابي شرق مدينة الميادين. 4- مرحلة الحدود وتدخل الأصيل: تنقسم هذه المرحلة إلى شقين: أ- مناطق سيطرة القوات الكردية شرق الفرات ومنطقة التنف وعفرين ومناطق سيطرة ميلشيا (درع الفرات) المدعومة تركياً في الشمال السوري وهو ما سنتكلم عنه في المقالات المقبلة. ب- حرب الحدود: بدأت مرحلة حرب الحدود فعلياً في منتصف الشهر السادس من عام 2018م عندما هاجم الجيش السوري الإرهابيين في محافظتي درعا والقنيطرة وتمكن من السيطرة على كامل المحافظتين في أقل من شهرين بالرغم من جميع المحاولات السياسية والعسكرية للدول المعادية على رأسها الكيان (الإسرائيلي) والولايات المتحدة الأميركية فقد فرض الجيش السوري سياسة الأمر الواقع وقضى على أذنابهم في المنطقة الجنوبية ولم تنفع كل تهديداتهم ووعودهم بصد التقدم المذهل للجيش السوري، وبالطبع إن محافظة إدلب ومحيطها من أرياف اللاذقية وحماة وحلب ممن تخضع لسيطرة الإرهابيين هي الخطوة القادمة في مرحلة حرب الحدود وقد أفسحت الدولة السورية مجالاً للحل السياسي برعاية روسية مما قد يخفض فاتورة الدم لأي عملية مقبلة، على أي حال الحشود العسكرية للجيش السوري بابت أكثر من جاهزة على طول الجبهة من كسب إلى حلب وبانتظار إعلان ساعة الصفر والانقضاض على الخزان الرئيس للإرهابيين وتخليص مدنيي إدلب من سوط الظالمين، ومايسمى بنقاط المراقبة لجيش العدو التركي وما استجلبوه من أسلحة ومدرعات وجنود لن يفرق الجيش السوري بينهم وبين نقاط الأوزباك والتركستان والنصرة وحراس الدين وغيرهم من الإرهابيين في حال فشل الحل السياسي وتعنت النظام التركي بإبقاء قواته داخل الحدود السورية. على الرغم من التعقيدات الكبيرة التي واجهت الجيش السوري في إدلب والتهديدات الغربية بشن عدوان ثلاثي ورباعي وربما خماسي بعد تمثيل مسرحية للاستخدام المزعوم للسلاح الكيماوي كما حدث في خان شيخون ودوما مسبقاً، يمكننا القول بأن إدلب ستعود إلى حضن الوطن وهذا ليس ببعيد، فما اجتمع الجيش السوري إلا للانتصار وتطهير كامل حدوده وأراضيه، ولن تصلح بعد الآن شيفرات الدول المعادية في إطالة أمد الحرب على سورية خصوصاً بعد فك الجيش السوري لتلك الشيفرات بجنازير الدبابات وفوهات المدافع.  

المصدر : الماسة السورية/ دمشق الآن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة