استخدم حكام الإمارات العربية المتحدة برامج التجسس الإسرائيلية لسنوات عدة، كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني المسرّبة.

كشفت صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق مطول كيف استخدمت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامج تجسس صممته شركة إسرائيلية للتجسس على معارضيها في الداخل وخصومها في الخارج، وبينهم أمير قطر والأمير السعودي متعب بن عبدالله. والآتي ترجمة النص الكامل للتحقيق:

كان حكام الإمارات العربية المتحدة يستخدمون برامج التجسس الإسرائيلية لأكثر من عام، بشكل سري لحويل الهواتف الذكية لمعارضين في الوطن أو الخارج إلى أجهزة مراقبة.

لذا عندما عُرض تحديث باهظ الثمن لتكنولوجيا التجسس الإسرائيلية على كبار المسؤولين الإماراتيين، أرادوا التأكد من أنها نجحت، وذلك وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي تم تسريبها وقدمت الخميس في قضيتين ضد صانع برامج التجسس، مجموعة "أن أس أو" NSO التي مقرها "إسرائيل".

هل يمكن للشركة تسجيل بشكل سري للاتصالات الهاتفية لأمير قطر، وهو منافس إقليمي، سأل الإماراتيون؟ وماذا عن هاتف أمير سعودي قوي يدير الحرس الوطني للمملكة؟ أو ماذا عن تسجيل هاتف رئيس تحرير صحيفة عربية في لندن؟

"يرجى العثور على تسجيلين مرفقين"، كتب ممثل الشركة رداً بعد أربعة أيام، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني. التسجيلان كانا لاتصالات لرئيس التحرير عبدالعزيز الخميس، الذي أكد هذا الأسبوع أنه أجرى هذه الاتصالات ولم يكن يعلم أنه كان تحت المراقبة.

إن أعمال مجموعة NSO هي الآن في قلب دعويين قضائيين تتهمان الشركة بالمشاركة بفعالية في تجسس غير شرعي كجزء من جهد عالمي لمواجهة أذرعة التنافس المتزايد في عالم برامج التجسس.

بينما تقوم شركات خاصة بتطوير وبيع الحكومات تكنولوجيا مراقبة بملايين الدولارات، تقول جماعات حقوق الإنسان إن الإشراف الضئيل على هذه الممارسة يدعو إلى سوء الاستخدام المتفشي. وليس هناك أي شركة أكثر  مركزية في خضم المعركة من مجموعةNSO ، وهي واحدة من أشهر منشئي برامج التجسس الذين يغزون الهواتف الذكية.

لقد تم رفع الدعويين القضائيين اللتين رفعتا في "إسرائيل" وقبرص من قبل مواطن قطري وصحافيين وناشطين مكسيكيين استهدفوا ببرامج الشركة التجسسية.

في المكسيك، باعت مجموعة NSO تكنولوجيا التجسس إلى الحكومة المكسيكية ضمن حالة واضحة وهي أنها ستستخدم ضد المجرمين والإرهابيين. ومع ذلك، فقد تم استهداف بعض المحامين البارزين في مجال حقوق الإنسان والصحافيين والناشطين بشأن مكافحة الفساد. العديد منهم الآن مدعون في الدعاوى القضائية.

حكومة بنما كانت اشترت أيضاً برنامج التجسس وكان الرئيس حينها يتجسس على خصومه السياسيين ومنتقديه، وفقاً لوثائق المحكمة في قضية هناك.

وكلما واجهت التحدي، كانت الشركة تقول إنها فقط تبيع هذه التكنولوجيا إلى حكومات وافقت على استخدامها بشكل حصري ضد المجرمين لكنها بعد ذلك تشغّلها من تلقاء نفسها.

وتشمل الدعاوى القضائية الجديدة وثائق مسربة ورسائل بريد إلكتروني تتحدى مباشرة تأكيدات الشركة المكررة بأنها غير مسؤولة عن أي مراقبة غير شرعية تقو بهال الحكومات التي تشتري برنامج التجسس هذا.

وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، تحاجج الدعاوى القضائية، أن إحدى الشركات التابعة لمجموعة "إن إس أو" NSO حاولت التجسس على مسؤولي حكومة أجنبية وأنها سجلت بنجاح اتصالات صحافي، بناء على طلب زبائن إماراتيين قبل أربع سنوات.

تعمل هذه التقنية عن طريق إرسال رسالة إلى الهاتف الذكي، على أمل أن يأكل الطعم الشخص المتلقي فينقر عليها. إذا قام المستخدم بذلك، فإن برنامج التجسس، المعروف باسم "ييغاسوس" Pegasus، يتم تنزيله سرًا، ويمكن الحكومات أيضًا بمراقبة المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني وجهات الاتصال وحتى المحادثات التي تتم وجهاً لوجه.

بالنسبة لدولة الإمارات، تظهر المستندات، إحدى الشركات التابعة لمجموعة "إن إس أو" أنها اقترحت بشكل خاص لغة للرسائل النصية الفاسدة. تم تصميم العديد منها خصيصًا للخليج الفارسي بدعوات تبدو بريئة مثل "رمضان قريب - حسومات لا تصدق" و"حافظ على إطارات سيارتك من الانفجار في الحرارة".

الوثائق التقنية المسرّبة المدرجة في الدعاوى القضائية نظهر أن الشركة ساعدت زبائنها على نقل البيانات المكتسبة عبر المراقبة من خلال شبكة كمبيوتر متقنة.

وقال علاء محاجنة، وهو محام اسرائيلي قدم الدعوى بالتعاون مع مازن مصري وهو محاضر كبير في القانون في جامعة سيتي في لندن،: "نحن ندفع لجعل القانون يلحق بالتكنولوجيا" وإظهار أن صانعي برامج التجسس "متواطئون في انتهاكات الخصوصية هذه".

رفضت مجموعة NSO التعليق للصحيفة حتى تتمكن من مراجعة الدعاوى القضائية. ولم ترد السفارة الإماراتية في واشنطن على طلب الصحيفة للتعليق على الموضوع.

بعد أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في العام الماضي أن محامين وصحافيين ونشطاء في مكافحة الفساد بارزين قد استهدفوا من قبل برامج التجسس التابعة لشركة "إن إس أو" NSO، أعلنت الحكومة المكسيكية عن بدء تحقيق اتحادي في الأمر. لكن بعد أكثر من عام، حقق التحقيق القليل من التقدم الواضح، لذا انضم الصحافيون المكسيكيون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى الدعاوى القضائية للكشف عن المزيد حول برنامج الحكومة التجسسي.

كما ألقت الدعاوى القضائية ضوءًا جديدًا على المؤامرات السياسية التي تشمل "إسرائيل" وممالك الخليج العربية، والتي تحولت بشكل متزايد إلى عمليات اختراق كسلاح مفضل للواحدة ضد الأخرى.

لا تعترف دولة الإمارات بـ"إسرائيل"، ولكن يبدو أن لديها تحالفًا متنامياً معها خلف الكواليس. ونظرًا لأن "إسرائيل" تعتبر برنامج التجسس سلاحاً، فقد لاحظت الدعاوى القضائية أن مجموعة NSO  والشركات التابعة لها كان بإمكانها بيعها إلى الإماراتيين فقط بموافقة من وزارة الدفاع الإسرائيلية.

تظهر رسائل البريد الإلكتروني المسربة والتي قدمت في الدعاوى القضائية أن الإمارات العربية المتحدة قد وقعت عقداً لترخيص برنامج مراقبة للشركة في وقت مبكر من آب - أغسطس 2013.

وبعد عام ونصف في وقت لاحق، شركة بريطانية تابعة لمجموعة NSO طلبت من زبون إماراتي لتوفير دفعة سادسة بقيمة ثلاثة ملايين دولار بموجب العقد الأصلي، مشيرة إلى أن رسوم الترخيص الكلي هي 18 مليون دولار على الأقل خلال تلك الفترة.

لكن تحديثاً للبرنامج بيع في العام اللاحق من شركة أخرى تابعة للمجموعة مقرها قبرص بكلفة 11 مليون دولار على أربع دفعات، وذلك بحسب الفواتير المسرّبة.

التوترات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجارتها قطر انفجرت في عام 2013 بسبب صراع على السلطة في مصر. كانت قطر قد تحالفت مع الحركة الإسلامية المصرية التي ربحت الانتخابات بعد "الربيع المصري" لكن الإمارات دعمت استيلاء الجيش الذي وضع الإسلاميين في السجن بدلاً من ذلك.

في النزاع المتصاعد، اتهم كل طرف الآخر بالتجسس السيبراني. اخترق المتسللون إلى حسابات البريد الإلكتروني لاثنين من المعارضين البارزين لقطر هما السفير الإماراتي هو واشنطن، يوسف العتيبة، وجامع التبرعات الجمهوري الأميركي الذين يقوم بأعمال مع الإمارات، إيليوت برويدي. سيد برويدي قدم دعوى قضائية منفصلة تتهم قطر وجماعات الضغط التابعة لها بالتآمر لسرقة رسائل بريده الإلكتروني وتسريبها.

قراصنة آخرون استولوا لفترة قصيرة على موقع وكالة الأنباء القطرية ووضعوا تقريراً مزيفاً عن خطاب محرج لأمير قطر لإيذائه، وعرضت لاحقاً رسائل الإيمل القطرية المسرّبة تفاصيل المفاوضات لإطلاق سراح أفراد من العائلة المالكة اختطفوا في العراق. حلفاء قطر ألقوا باللوم في ذلك على الإماراتيين.

قد تكون رسائل البريد الإلكتروني المسرّبة المدرجة في الدعاوى القضائية الجديدة قد سرقت أيضاً من خلال القرصنة. المحامون المشتركون يقولون إن الوثائق زودهم بها صحافي قطري لم يكشف لهم عن كيفية حصوله عليها.

تظهر الرسائل أن الإماراتيين كانوا يسعون إلى اعتراض المكالمات الهاتفية لأمير قطر في وقت مبكر من عام 2014.

لكن قائمة الأهداف الإماراتية تضمنت المملكة العربية السعودية. في مناقشات البريد الإلكتروني حول تحديث تكنولوجيا مجموعة NSO، طلب الإماراتيون من الشركة اعتراض المكالمات الهاتفية للأمير السعودي متعب بن عبد الله، الذي كان اعتبر في ذلك الوقت منافساً محتملاً لتولي العرش.

كان الإماراتيون من الداعمين النشطين لمنافس الأمير متعب الأصغر، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. في العام الماضي، أخرج ولي العهد الأمير متعب من دوره كوزير للحرس الوطني ووضعه في إقامة جبرية على صلة باتهامات بالفساد.

في مقابلة عبر الهاتف، عبّر الأمير متعب عن تفاجئه بأن الإماراتيين حاول تسجيل اتصالاته. وقال "إنهم لا يحتاجون الى اختراق هاتفي. سأقول لهم ما أفعله."

بحسب رسائل البريدي الالكتروني المسربة، فإن الإماراتيين طلبوا أيضاً من الشركة اعتراض الاتصالات الهاتفية لسعد الحريري، الذي هو الآن رئيس وزراء لبنان.

اتهم السيد الحريري في بعض الأحيان بالفشل في الضغط بقوة بما فيه الكفاية، ضد حزب الله، الحركة اللبنانية القوية المدعومة من إيران. في العام الماضي، احتجز الحليف السعودي للإمارات، ولي العهد محمد بن سلمان، مؤقتاً السيد الحريري في الرياض، العاصمة السعودية، وأجبره على إعلان استقالته من رئاسة الوزراء. (ألغى الحريري في وقت لاحق هذا الإعلان، وهو يظل رئيساً للوزراء).

اعتبر السيد عبد العزيز الخميس ، الذي استقال في عام 2014 من رئاسة تحرير صحيفة "العرب" اللندنية، مراقبة اتصالاته الهاتفية بأنه أمر "غريب جداً" لكنه ليس غير متوقع لأنه نشر بعض المقالات "الحساسة" عن سياسات الخليج الفارسي.

تم الإبلاغ أولاً عن استخدام دولة الإمارات لبرنامج التجسس الخاص بمجموعة NSO في عام 2016. لاحظ أحمد منصور، أحد المدافعين الإماراتيين عن حقوق الإنسان، رسائل نصية مشبوهة ومحاولة اختراق جهاز الأيفون iPhone الخاص به. ألقت الإمارات القبض عليه السنة اللاحقة لسبب على ما يبدو لا علاقة له بالأمر وهو لا يزال في السجن.

بعد افصاحات السيد منصور، قالت شركة آبل إنها أصدرت تحديثاً لسد الثغرات التي تم استغلالها من قبل مجموعة NSO وتعهدت مجموعة NSO بالتحقيق في الأمر وقالت "إن الشركة ليست لديها معرفة بالأمر ولا يمكنها تأكيد قضايا محددة".

لكن المستندات المسربة الأخرى المرفوعة مع الدعاوى القضائية تشير إلى أن الإمارات استمرت في ترخيص واستخدام برنامج "بيغاسوس" Pegasus بشكل جيد بعدما أعلنت شركة آبل عن إصلاحها وتعهد مجموعة NSO بالتحقيق.

في 5 حزيران - يونيو 2017 ، بدأت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فرض حصار على قطر في محاولة لعزلها. بعد عشرة أيام، رسالة إلكترونية إماراتية ذُكرت في الدعاوى القضائية أشارت إلى 159 عضوًا من العائلة المالكة القطرية، مسؤولين وآخرين استهدفت هواتفهم ببرنامج شركة NSO. وتعهدت الرسالة الالكترونية بتقرير يكشف ما وجده في هواتف 13 هدفاً كبيراً فقط.

وكتب المسؤول الإماراتي الذي تم تحديده في القضايا كمساعد للأمير خالد بن محمد، رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي ونجل محمد بن زايد، حاكم الأمر الواقع للإمارات، قائلاً: "سموك، بناء على تعليماتك، رأينا ما جمعناه من الهواتف القطرية المستهدفة".

هذا الشهر، قالت منظمة العفو الدولية أن واحداً من فريقها العمل في المملكة العربية السعودية قد تم استهدافه ببرنامج تجسس يرتبط بمجموعة "إن إس أو" NSO، والشركة الأخيرة أكدت أنها غير مسؤولة عن استخدام زبائنها للبرنامج. وقالت الشركة في بيان موجه لمنظمة العفو الدولية: "إن منتجنا مخصص بشكل حصري للتحقيق ولمنع الجريمة والإرهاب"، متعهدة "التحقيق في القضية واتخاذ الإجراءات المناسبة."

  • فريق ماسة
  • 2018-09-01
  • 12048
  • من الأرشيف

الإمارات استخدمت برامج إسرائيلية للتجسس على الامير تميم والأمير متعب وسعد الحريري

 استخدم حكام الإمارات العربية المتحدة برامج التجسس الإسرائيلية لسنوات عدة، كما تظهر رسائل البريد الإلكتروني المسرّبة. كشفت صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق مطول كيف استخدمت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامج تجسس صممته شركة إسرائيلية للتجسس على معارضيها في الداخل وخصومها في الخارج، وبينهم أمير قطر والأمير السعودي متعب بن عبدالله. والآتي ترجمة النص الكامل للتحقيق: كان حكام الإمارات العربية المتحدة يستخدمون برامج التجسس الإسرائيلية لأكثر من عام، بشكل سري لحويل الهواتف الذكية لمعارضين في الوطن أو الخارج إلى أجهزة مراقبة. لذا عندما عُرض تحديث باهظ الثمن لتكنولوجيا التجسس الإسرائيلية على كبار المسؤولين الإماراتيين، أرادوا التأكد من أنها نجحت، وذلك وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني التي تم تسريبها وقدمت الخميس في قضيتين ضد صانع برامج التجسس، مجموعة "أن أس أو" NSO التي مقرها "إسرائيل". هل يمكن للشركة تسجيل بشكل سري للاتصالات الهاتفية لأمير قطر، وهو منافس إقليمي، سأل الإماراتيون؟ وماذا عن هاتف أمير سعودي قوي يدير الحرس الوطني للمملكة؟ أو ماذا عن تسجيل هاتف رئيس تحرير صحيفة عربية في لندن؟ "يرجى العثور على تسجيلين مرفقين"، كتب ممثل الشركة رداً بعد أربعة أيام، وفقاً لرسائل البريد الإلكتروني. التسجيلان كانا لاتصالات لرئيس التحرير عبدالعزيز الخميس، الذي أكد هذا الأسبوع أنه أجرى هذه الاتصالات ولم يكن يعلم أنه كان تحت المراقبة. إن أعمال مجموعة NSO هي الآن في قلب دعويين قضائيين تتهمان الشركة بالمشاركة بفعالية في تجسس غير شرعي كجزء من جهد عالمي لمواجهة أذرعة التنافس المتزايد في عالم برامج التجسس. بينما تقوم شركات خاصة بتطوير وبيع الحكومات تكنولوجيا مراقبة بملايين الدولارات، تقول جماعات حقوق الإنسان إن الإشراف الضئيل على هذه الممارسة يدعو إلى سوء الاستخدام المتفشي. وليس هناك أي شركة أكثر  مركزية في خضم المعركة من مجموعةNSO ، وهي واحدة من أشهر منشئي برامج التجسس الذين يغزون الهواتف الذكية. لقد تم رفع الدعويين القضائيين اللتين رفعتا في "إسرائيل" وقبرص من قبل مواطن قطري وصحافيين وناشطين مكسيكيين استهدفوا ببرامج الشركة التجسسية. في المكسيك، باعت مجموعة NSO تكنولوجيا التجسس إلى الحكومة المكسيكية ضمن حالة واضحة وهي أنها ستستخدم ضد المجرمين والإرهابيين. ومع ذلك، فقد تم استهداف بعض المحامين البارزين في مجال حقوق الإنسان والصحافيين والناشطين بشأن مكافحة الفساد. العديد منهم الآن مدعون في الدعاوى القضائية. حكومة بنما كانت اشترت أيضاً برنامج التجسس وكان الرئيس حينها يتجسس على خصومه السياسيين ومنتقديه، وفقاً لوثائق المحكمة في قضية هناك. وكلما واجهت التحدي، كانت الشركة تقول إنها فقط تبيع هذه التكنولوجيا إلى حكومات وافقت على استخدامها بشكل حصري ضد المجرمين لكنها بعد ذلك تشغّلها من تلقاء نفسها. وتشمل الدعاوى القضائية الجديدة وثائق مسربة ورسائل بريد إلكتروني تتحدى مباشرة تأكيدات الشركة المكررة بأنها غير مسؤولة عن أي مراقبة غير شرعية تقو بهال الحكومات التي تشتري برنامج التجسس هذا. وفي حالة دولة الإمارات العربية المتحدة، تحاجج الدعاوى القضائية، أن إحدى الشركات التابعة لمجموعة "إن إس أو" NSO حاولت التجسس على مسؤولي حكومة أجنبية وأنها سجلت بنجاح اتصالات صحافي، بناء على طلب زبائن إماراتيين قبل أربع سنوات. تعمل هذه التقنية عن طريق إرسال رسالة إلى الهاتف الذكي، على أمل أن يأكل الطعم الشخص المتلقي فينقر عليها. إذا قام المستخدم بذلك، فإن برنامج التجسس، المعروف باسم "ييغاسوس" Pegasus، يتم تنزيله سرًا، ويمكن الحكومات أيضًا بمراقبة المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني وجهات الاتصال وحتى المحادثات التي تتم وجهاً لوجه. بالنسبة لدولة الإمارات، تظهر المستندات، إحدى الشركات التابعة لمجموعة "إن إس أو" أنها اقترحت بشكل خاص لغة للرسائل النصية الفاسدة. تم تصميم العديد منها خصيصًا للخليج الفارسي بدعوات تبدو بريئة مثل "رمضان قريب - حسومات لا تصدق" و"حافظ على إطارات سيارتك من الانفجار في الحرارة". الوثائق التقنية المسرّبة المدرجة في الدعاوى القضائية نظهر أن الشركة ساعدت زبائنها على نقل البيانات المكتسبة عبر المراقبة من خلال شبكة كمبيوتر متقنة. وقال علاء محاجنة، وهو محام اسرائيلي قدم الدعوى بالتعاون مع مازن مصري وهو محاضر كبير في القانون في جامعة سيتي في لندن،: "نحن ندفع لجعل القانون يلحق بالتكنولوجيا" وإظهار أن صانعي برامج التجسس "متواطئون في انتهاكات الخصوصية هذه". رفضت مجموعة NSO التعليق للصحيفة حتى تتمكن من مراجعة الدعاوى القضائية. ولم ترد السفارة الإماراتية في واشنطن على طلب الصحيفة للتعليق على الموضوع. بعد أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في العام الماضي أن محامين وصحافيين ونشطاء في مكافحة الفساد بارزين قد استهدفوا من قبل برامج التجسس التابعة لشركة "إن إس أو" NSO، أعلنت الحكومة المكسيكية عن بدء تحقيق اتحادي في الأمر. لكن بعد أكثر من عام، حقق التحقيق القليل من التقدم الواضح، لذا انضم الصحافيون المكسيكيون والمدافعون عن حقوق الإنسان إلى الدعاوى القضائية للكشف عن المزيد حول برنامج الحكومة التجسسي. كما ألقت الدعاوى القضائية ضوءًا جديدًا على المؤامرات السياسية التي تشمل "إسرائيل" وممالك الخليج العربية، والتي تحولت بشكل متزايد إلى عمليات اختراق كسلاح مفضل للواحدة ضد الأخرى. لا تعترف دولة الإمارات بـ"إسرائيل"، ولكن يبدو أن لديها تحالفًا متنامياً معها خلف الكواليس. ونظرًا لأن "إسرائيل" تعتبر برنامج التجسس سلاحاً، فقد لاحظت الدعاوى القضائية أن مجموعة NSO  والشركات التابعة لها كان بإمكانها بيعها إلى الإماراتيين فقط بموافقة من وزارة الدفاع الإسرائيلية. تظهر رسائل البريد الإلكتروني المسربة والتي قدمت في الدعاوى القضائية أن الإمارات العربية المتحدة قد وقعت عقداً لترخيص برنامج مراقبة للشركة في وقت مبكر من آب - أغسطس 2013. وبعد عام ونصف في وقت لاحق، شركة بريطانية تابعة لمجموعة NSO طلبت من زبون إماراتي لتوفير دفعة سادسة بقيمة ثلاثة ملايين دولار بموجب العقد الأصلي، مشيرة إلى أن رسوم الترخيص الكلي هي 18 مليون دولار على الأقل خلال تلك الفترة. لكن تحديثاً للبرنامج بيع في العام اللاحق من شركة أخرى تابعة للمجموعة مقرها قبرص بكلفة 11 مليون دولار على أربع دفعات، وذلك بحسب الفواتير المسرّبة. التوترات بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجارتها قطر انفجرت في عام 2013 بسبب صراع على السلطة في مصر. كانت قطر قد تحالفت مع الحركة الإسلامية المصرية التي ربحت الانتخابات بعد "الربيع المصري" لكن الإمارات دعمت استيلاء الجيش الذي وضع الإسلاميين في السجن بدلاً من ذلك. في النزاع المتصاعد، اتهم كل طرف الآخر بالتجسس السيبراني. اخترق المتسللون إلى حسابات البريد الإلكتروني لاثنين من المعارضين البارزين لقطر هما السفير الإماراتي هو واشنطن، يوسف العتيبة، وجامع التبرعات الجمهوري الأميركي الذين يقوم بأعمال مع الإمارات، إيليوت برويدي. سيد برويدي قدم دعوى قضائية منفصلة تتهم قطر وجماعات الضغط التابعة لها بالتآمر لسرقة رسائل بريده الإلكتروني وتسريبها. قراصنة آخرون استولوا لفترة قصيرة على موقع وكالة الأنباء القطرية ووضعوا تقريراً مزيفاً عن خطاب محرج لأمير قطر لإيذائه، وعرضت لاحقاً رسائل الإيمل القطرية المسرّبة تفاصيل المفاوضات لإطلاق سراح أفراد من العائلة المالكة اختطفوا في العراق. حلفاء قطر ألقوا باللوم في ذلك على الإماراتيين. قد تكون رسائل البريد الإلكتروني المسرّبة المدرجة في الدعاوى القضائية الجديدة قد سرقت أيضاً من خلال القرصنة. المحامون المشتركون يقولون إن الوثائق زودهم بها صحافي قطري لم يكشف لهم عن كيفية حصوله عليها. تظهر الرسائل أن الإماراتيين كانوا يسعون إلى اعتراض المكالمات الهاتفية لأمير قطر في وقت مبكر من عام 2014. لكن قائمة الأهداف الإماراتية تضمنت المملكة العربية السعودية. في مناقشات البريد الإلكتروني حول تحديث تكنولوجيا مجموعة NSO، طلب الإماراتيون من الشركة اعتراض المكالمات الهاتفية للأمير السعودي متعب بن عبد الله، الذي كان اعتبر في ذلك الوقت منافساً محتملاً لتولي العرش. كان الإماراتيون من الداعمين النشطين لمنافس الأمير متعب الأصغر، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. في العام الماضي، أخرج ولي العهد الأمير متعب من دوره كوزير للحرس الوطني ووضعه في إقامة جبرية على صلة باتهامات بالفساد. في مقابلة عبر الهاتف، عبّر الأمير متعب عن تفاجئه بأن الإماراتيين حاول تسجيل اتصالاته. وقال "إنهم لا يحتاجون الى اختراق هاتفي. سأقول لهم ما أفعله." بحسب رسائل البريدي الالكتروني المسربة، فإن الإماراتيين طلبوا أيضاً من الشركة اعتراض الاتصالات الهاتفية لسعد الحريري، الذي هو الآن رئيس وزراء لبنان. اتهم السيد الحريري في بعض الأحيان بالفشل في الضغط بقوة بما فيه الكفاية، ضد حزب الله، الحركة اللبنانية القوية المدعومة من إيران. في العام الماضي، احتجز الحليف السعودي للإمارات، ولي العهد محمد بن سلمان، مؤقتاً السيد الحريري في الرياض، العاصمة السعودية، وأجبره على إعلان استقالته من رئاسة الوزراء. (ألغى الحريري في وقت لاحق هذا الإعلان، وهو يظل رئيساً للوزراء). اعتبر السيد عبد العزيز الخميس ، الذي استقال في عام 2014 من رئاسة تحرير صحيفة "العرب" اللندنية، مراقبة اتصالاته الهاتفية بأنه أمر "غريب جداً" لكنه ليس غير متوقع لأنه نشر بعض المقالات "الحساسة" عن سياسات الخليج الفارسي. تم الإبلاغ أولاً عن استخدام دولة الإمارات لبرنامج التجسس الخاص بمجموعة NSO في عام 2016. لاحظ أحمد منصور، أحد المدافعين الإماراتيين عن حقوق الإنسان، رسائل نصية مشبوهة ومحاولة اختراق جهاز الأيفون iPhone الخاص به. ألقت الإمارات القبض عليه السنة اللاحقة لسبب على ما يبدو لا علاقة له بالأمر وهو لا يزال في السجن. بعد افصاحات السيد منصور، قالت شركة آبل إنها أصدرت تحديثاً لسد الثغرات التي تم استغلالها من قبل مجموعة NSO وتعهدت مجموعة NSO بالتحقيق في الأمر وقالت "إن الشركة ليست لديها معرفة بالأمر ولا يمكنها تأكيد قضايا محددة". لكن المستندات المسربة الأخرى المرفوعة مع الدعاوى القضائية تشير إلى أن الإمارات استمرت في ترخيص واستخدام برنامج "بيغاسوس" Pegasus بشكل جيد بعدما أعلنت شركة آبل عن إصلاحها وتعهد مجموعة NSO بالتحقيق. في 5 حزيران - يونيو 2017 ، بدأت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية فرض حصار على قطر في محاولة لعزلها. بعد عشرة أيام، رسالة إلكترونية إماراتية ذُكرت في الدعاوى القضائية أشارت إلى 159 عضوًا من العائلة المالكة القطرية، مسؤولين وآخرين استهدفت هواتفهم ببرنامج شركة NSO. وتعهدت الرسالة الالكترونية بتقرير يكشف ما وجده في هواتف 13 هدفاً كبيراً فقط. وكتب المسؤول الإماراتي الذي تم تحديده في القضايا كمساعد للأمير خالد بن محمد، رئيس جهاز الاستخبارات الإماراتي ونجل محمد بن زايد، حاكم الأمر الواقع للإمارات، قائلاً: "سموك، بناء على تعليماتك، رأينا ما جمعناه من الهواتف القطرية المستهدفة". هذا الشهر، قالت منظمة العفو الدولية أن واحداً من فريقها العمل في المملكة العربية السعودية قد تم استهدافه ببرنامج تجسس يرتبط بمجموعة "إن إس أو" NSO، والشركة الأخيرة أكدت أنها غير مسؤولة عن استخدام زبائنها للبرنامج. وقالت الشركة في بيان موجه لمنظمة العفو الدولية: "إن منتجنا مخصص بشكل حصري للتحقيق ولمنع الجريمة والإرهاب"، متعهدة "التحقيق في القضية واتخاذ الإجراءات المناسبة."

المصدر : الماسة السورية/ الميادين


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة