معروف أنّ جميع الإرهابيين المنتمين إلى جبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى، ومسلحين آخرين رفضوا خيار المصالحة، تجمّعوا في محافظة إدلب.

الآن يبدأ الجيش السوري عمليةً لتطهير إدلب، ومع بدء العملية يتساءل الكثيرون إلى أين سيذهب هذه المرة الإرهابيون، ولا سيما أولئك الذين يرتبطون بتنظيم جبهة النصرة وتنظيم القاعدة؟

لا شك أنّ مصير هؤلاء سوف يكون كمصير إرهابيّي داعش في محافظة دير الزور وفي حوض اليرموك، أيّ القضاء عليهم على الأقلّ، هذا سيكون مصير الجزء الأكبر، إذ لم يقبل هؤلاء أيّ تسوية ولم تتوفر لهم أيّ منطقة تشكل ملاذاً آمناً يمكن أن يرحلوا إليها.

أما من تجمّع في إدلب من إرهابيّين وعوائلهم فإنّ مصيرهم موزّع على النحو الآتي: جزء من هؤلاء غادر الأراضي السورية منذ رحيله إلى إدلب من مناطق تمركزه الأولى، وهاجروا إما إلى أوروبا أو إلى داخل تركيا، وعدد هؤلاء ليس بقليل. صحيح أنّ السلطات التركية تمنع دخولهم، ولكن الصحيح أيضاً أنّ شبكات التهريب تنشط على نطاق واسع وتمكّنت من نقل الآلاف إلى داخل تركيا، بعض هؤلاء سافر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا وبعضهم لا يزال في تركيا.

جزء ثانٍ من هؤلاء الإرهابيّين وأسرهم سوف يُستعاد من قبل مشغليه، سواء تركيا أو دول غربية، تماماً على غرار ما حدث في المنطقة الجنوبية، حيث تحدّثت التقارير عن إجلاء أكثر من ثلاثة آلاف شخص بعضهم عن طريق الكيان الصهيوني، كما هو حال «الخوذ البيضاء» وبعضهم عن طريق الأردن مباشرة، وهؤلاء هم ضباط الاستخبارات والمتعاملون معهم وبحوزتهم أسرارٌ كثيرة، وفي عداد هؤلاء الكوادر القيادية في التنظيمات الإرهابية.

الجزء الأكبر من هؤلاء الإرهابيين، سواء كانوا من محافظة إدلب، أو رفضوا المصالحات ولجأوا إليها سوف يقبلون هذه المرة خيار المصالحة وبأعداد كبيرة جداً تشبه أعداد من قبلوا المصالحة في المنطقة الجنوبية، بل وربما يفوقها لأن ليس هناك منطقة يذهبون إليها، ولوحظ أنّ أعداد رافضي المصالحة في المنطقة الجنوبية بالمقارنة مع رافضي هذا الخيار في الغوطة كان أقلّ في المنطقة الجنوبية، وكان عدد المسلحين الذين قبلوا المصالحة أكبر، والأرجح أن يتكرّر هذا السيناريو في إدلب.

جزءٌ آخر سينقله الجيش التركي إلى مناطق سيطرته في عفرين وجرابلس والباب ويصبح مصيره مرتبطاً بالحلّ الذي سيفضي إلى خروج الجيش التركي من سورية. وربما يحتشد جزءٌ آخر في العراء قرب الحدود التركية السورية في مناطق مهجورة على غرار ما حصل على الحدود السورية الأردنية وقرب خط وقف إطلاق النار في الجولان.

الخلاصة، أنّ مشكلة لاجئي إدلب، سواء كانوا مواطنين أو إرهابيّين وذويهم، لن تكون مشكلة ويجري التهويل فيها أكثر مما هي مشكلة حقيقية، مثلما جرى التهويل بقضية هجرة سكان المنطقة الجنوبية، ولاحقاً لم يظهر أنّ عدد المهجّرين يوازي ما تحدّث عنه الإعلام المعادي، وعاد أكثر من ربع مليون الذين تحدّثت عنه تقارير دولية ممن اضطروا إلى ترك بيوتهم إلى قراهم، ولم ينزح عن المنطقة سوى عدد قليل لا يتجاوز خمسة آلاف، وهم الذين ذهبوا إلى الأردن عبر الكيان الصهيوني، أو الذين طلبوا الترحيل إلى إدلب.

  • فريق ماسة
  • 2018-08-17
  • 6632
  • من الأرشيف

إلى أين سيذهب إرهابيّو إدلب؟

معروف أنّ جميع الإرهابيين المنتمين إلى جبهة النصرة وتنظيمات القاعدة الأخرى، ومسلحين آخرين رفضوا خيار المصالحة، تجمّعوا في محافظة إدلب. الآن يبدأ الجيش السوري عمليةً لتطهير إدلب، ومع بدء العملية يتساءل الكثيرون إلى أين سيذهب هذه المرة الإرهابيون، ولا سيما أولئك الذين يرتبطون بتنظيم جبهة النصرة وتنظيم القاعدة؟ لا شك أنّ مصير هؤلاء سوف يكون كمصير إرهابيّي داعش في محافظة دير الزور وفي حوض اليرموك، أيّ القضاء عليهم على الأقلّ، هذا سيكون مصير الجزء الأكبر، إذ لم يقبل هؤلاء أيّ تسوية ولم تتوفر لهم أيّ منطقة تشكل ملاذاً آمناً يمكن أن يرحلوا إليها. أما من تجمّع في إدلب من إرهابيّين وعوائلهم فإنّ مصيرهم موزّع على النحو الآتي: جزء من هؤلاء غادر الأراضي السورية منذ رحيله إلى إدلب من مناطق تمركزه الأولى، وهاجروا إما إلى أوروبا أو إلى داخل تركيا، وعدد هؤلاء ليس بقليل. صحيح أنّ السلطات التركية تمنع دخولهم، ولكن الصحيح أيضاً أنّ شبكات التهريب تنشط على نطاق واسع وتمكّنت من نقل الآلاف إلى داخل تركيا، بعض هؤلاء سافر بطريقة غير شرعية إلى أوروبا وبعضهم لا يزال في تركيا. جزء ثانٍ من هؤلاء الإرهابيّين وأسرهم سوف يُستعاد من قبل مشغليه، سواء تركيا أو دول غربية، تماماً على غرار ما حدث في المنطقة الجنوبية، حيث تحدّثت التقارير عن إجلاء أكثر من ثلاثة آلاف شخص بعضهم عن طريق الكيان الصهيوني، كما هو حال «الخوذ البيضاء» وبعضهم عن طريق الأردن مباشرة، وهؤلاء هم ضباط الاستخبارات والمتعاملون معهم وبحوزتهم أسرارٌ كثيرة، وفي عداد هؤلاء الكوادر القيادية في التنظيمات الإرهابية. الجزء الأكبر من هؤلاء الإرهابيين، سواء كانوا من محافظة إدلب، أو رفضوا المصالحات ولجأوا إليها سوف يقبلون هذه المرة خيار المصالحة وبأعداد كبيرة جداً تشبه أعداد من قبلوا المصالحة في المنطقة الجنوبية، بل وربما يفوقها لأن ليس هناك منطقة يذهبون إليها، ولوحظ أنّ أعداد رافضي المصالحة في المنطقة الجنوبية بالمقارنة مع رافضي هذا الخيار في الغوطة كان أقلّ في المنطقة الجنوبية، وكان عدد المسلحين الذين قبلوا المصالحة أكبر، والأرجح أن يتكرّر هذا السيناريو في إدلب. جزءٌ آخر سينقله الجيش التركي إلى مناطق سيطرته في عفرين وجرابلس والباب ويصبح مصيره مرتبطاً بالحلّ الذي سيفضي إلى خروج الجيش التركي من سورية. وربما يحتشد جزءٌ آخر في العراء قرب الحدود التركية السورية في مناطق مهجورة على غرار ما حصل على الحدود السورية الأردنية وقرب خط وقف إطلاق النار في الجولان. الخلاصة، أنّ مشكلة لاجئي إدلب، سواء كانوا مواطنين أو إرهابيّين وذويهم، لن تكون مشكلة ويجري التهويل فيها أكثر مما هي مشكلة حقيقية، مثلما جرى التهويل بقضية هجرة سكان المنطقة الجنوبية، ولاحقاً لم يظهر أنّ عدد المهجّرين يوازي ما تحدّث عنه الإعلام المعادي، وعاد أكثر من ربع مليون الذين تحدّثت عنه تقارير دولية ممن اضطروا إلى ترك بيوتهم إلى قراهم، ولم ينزح عن المنطقة سوى عدد قليل لا يتجاوز خمسة آلاف، وهم الذين ذهبوا إلى الأردن عبر الكيان الصهيوني، أو الذين طلبوا الترحيل إلى إدلب.

المصدر : حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة