منذ أيلول العام الفائت أطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم موقفاً متقدماً تجاه الأكراد، وقال: «إنهم في سورية يريدون شكلاً من أشكال «الإدارة الذاتية» في إطار حدود الجمهورية، وهذا أمر قابل للتفاوض والحوار»، لكن لم تجر أي محادثات بعدها بين الطرفين حتى أواخر أيار الماضي.

 

بعدها كانت المقابلة التي أجراها الرئيس بشار الأسد مع قناة «روسيا اليوم» التلفزيونية والتي لفت فيها إلى أن التعامل مع «قوات سورية الديمقراطية- قسد» سيتم عبر خيارين الأول: عبر المفاوضات، والثاني في حال لم ينجح الأول: هو اللجوء إلى القوة لتحرير المناطق التي يسيطرون عليها بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم.

 

عندها بدأت الأنظار تتجه إلى مواقف «قسد»، والقوى الكردية الأخرى في الشمال، وسبق ذلك زيارة لافتة لسكرتير «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية» عبد الحميد درويش إلى دمشق وإجراؤه محادثات مع مسؤولين والمعارضة الداخلية في العاصمة، انتهت بتوقيع اتفاق مع «الجبهة الديمقراطية السورية» المعارضة، لتنظيم العلاقات والتنسيق فيما يتعلق بالتعاطي مع الملفات السياسية والمؤتمرات داخل وخارج البلاد.

وعلى حين أكدت مصادر «الوطن» انطلاق مناقشات بين مسؤولين رسميين وقوى كردية الأسبوع الماضي، أعلنت الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سورية الديمقراطية- مسد» الجمعة الماضي حصول التفاوض بين الحكومة والأكراد حول عودة موظفي سد الفرات القدماء والخبراء للعمل مع إدارة السد الحالية.

 

خلافات في الشارع الكردي

 

«يجب أن نميز بين المكون الكردي الوطني وبين القوى السياسية الكردية التي ترى مصالحها في توظيف مشاعر هؤلاء الناس خدمة لأجنداتهم الحزبية»، بحسب مصدر كردي تحدث لـ«الوطن»، لكن الأخير حمّل السلطات السورية في المقابل «المسؤولية» أيضاً لأن الأكراد في سورية برأيه «ظاهرة اجتماعية وحلها يجب أن يكون وطنياً وسياسياً وليس أمنياً»، ورأى أن «مطالب الأكراد بشكل عام اليوم، عدا بعض المرتبطين بأجندات خارجية، هي اعتراف دستوري كمكون على مبدأ المواطنة الموحدة والمتساوية ومنحهم تمثيلاً مناسباً في كل مؤسسات الدولة وهيئاتها بشكل وطني وليس بشكل قومي».

ولم يتسن التأكد بعد من كل هذه المطالب باعتبار أن القوى الكردية التي أبدت استعداداً للتفاوض مع دمشق لم تعلن عن شروطها بعد، وحتى في حال أعلنت لا تملك من القوة ما يتيح لها الصمود في وجه الجيش فيما لو مضى الوقت على ظرف التفاوض وانتقلت دمشق للعمل العسكري.

 

خلاف على التفاوض مع دمشق

 

لا يزال المشهد ضبابياً في الشارع الكردي تجاه المفاوضات مع دمشق، وبحسب المصدر «هنالك قوى تؤيد المفاوضات على رأسها «حركة المجتمع الديمقراطي» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي – بايادا» و«الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية» بزعامة درويش إضافة إلى «التحالف الوطني الكردي» بزعامة محمد مصطفى مشايخ، وهذا التحالف يضم «حزب الوحدة – يكيتي» بزعامة محيى الدين شيخ آلي وحزب «البارتي الديمقراطي» بزعامة نصر الدين إبراهيم، وحزب «الوفاق» بزعامة فوزي شنغالي، وحزب «اليسار الديمقراطي» بزعامة صالح كدو، وحزب «الإصلاح» بزعامة أمجد عثمان.

ورأى المصدر، أن «بايادا» لعب دوراً تفاوضياً مع الحكومة بدل الأميركيين وبات الحزب الكردي أداة في يد واشنطن خاصة في الرقة ودير الزور، وقد كان بغنى عن ذلك وبإمكانه الحفاظ على سوريته وتنوع الجزيرة والمطالبة بحل ديمقراطي، لكنهم طالبوا بالانفصال في مراحل الأزمة.

 

في المقابل، أضاف المصدر، فإن «المجلس الوطني الكردي» رافض للتفاوض مع دمشق وعاد إلى عضوية «الائتلاف» المعارض بعدما غادرها لشهرين في عام 2014 كما دخلوا في «هيئة التفاوض» التي تشكلت في مؤتمر «الرياض 2» للمعارضات.

ويتألف «المجلس الوطني» من حزب «البارتي الكردستاني» بزعامة سعود الملا، وجناح منشق عن «اليكيتي» يحمل ذات الاسم بزعامة إبراهيم برو، وحزب «المساواة» بزعامة نعمت داوود، إضافة إلى «الاتحاد الوطني الديمقراطي» طاهر سفوك، و«تيار المستقبل» وهم جماعة مشعل تمو سابقاً.

 

وأكد المصدر، أن موقف «المجلس الوطني الكردي» يرتبط بمواقف مسعود بارزاني في العراق وتوجهاته، لكنه شدد على أن المجتمع الكردي مسيس ليس فيه دور للوجهاء أو المشايخ كما أن ثمة أفراداً كثيرين يخوضون السياسة بمفردهم دون أن ينتموا لأي حزب.

 

كما لفت المصدر إلى أنه يوجد في الشمال أيضاً «حزب سورية الغد» بزعامة إبراهيم قفطان ومعاونته كردية، وهو يضم أعضاء من «بايادا» وعرب ومكونات من المنطقة الشمالية شكلوا مجتمعين تياراً سياسياً، وهم منفتحون للحوار مع كل السوريين ويؤكدون وحدة سورية أرضاً وشعباً، كما يؤكدون أنهم سوريون بامتياز لكن لديهم مطالب كالديمقراطية والحرية.

 

وعن موقف «قسد» نفسها من التفاوض مع دمشق أوضح المصدر، أن «قسد» ليست موحدة اليوم ككتلة واحدة وإنما أمرها بيد أكراد تركيا، ورأى أنه يجب مناقشة مستقبلهم بشكل إقليمي بين سورية وإيران والعراق وتركيا خاصة أن قسماً من القيادات في «قسد» ميال ومؤيد لإيران وهم جماعة رئيس «منظومة المجتمع الكردستاني» (حزب العمال الكردستاني) جميل بايق الملقب بـ«جمعة» ومعه شخص آخر يسمى «خلخال»، وقسم منهم مقرب من أكراد تركيا يمثله تيار المدعو مراد قره يلن، إضافة إلى وجود قسم سوري له مصالح في الشمال واستثمارات يريد الحفاظ عليها وهذا التيار منقسم على التيارين السابقين.

 

ظروف التفاوض والخوف

 

يبدو أن هناك تخوفاً عند الأكراد وخاصة «حركة المجتمع الديمقراطي» التي يقودها «بايادا» من انسحاب أميركي مفاجئ من سورية، وأن يكذب عليهم الحليف الأميركي كما فعل سابقاً في عفرين ومنبج بريف حلب، وفق المصدر لأن الأميركي لا يمكن أن يفضل الأكراد على التركي أو حلف الأطلسي، ولذلك هذه الأمور هي التي تضغط على «بايادا» وهم خائفون والحكومة في دمشق تعلم ذلك تماماً وتريد لهم أن يأتوا إليها صاغرين، على حد قوله.

  • فريق ماسة
  • 2018-07-16
  • 15872
  • من الأرشيف

«المجتمع الديمقراطي» في مواجهة مع «المجلس الوطني» … أكراد الشمال بين التفاوض مع دمشق والارتهان للخارج

منذ أيلول العام الفائت أطلق نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم موقفاً متقدماً تجاه الأكراد، وقال: «إنهم في سورية يريدون شكلاً من أشكال «الإدارة الذاتية» في إطار حدود الجمهورية، وهذا أمر قابل للتفاوض والحوار»، لكن لم تجر أي محادثات بعدها بين الطرفين حتى أواخر أيار الماضي.   بعدها كانت المقابلة التي أجراها الرئيس بشار الأسد مع قناة «روسيا اليوم» التلفزيونية والتي لفت فيها إلى أن التعامل مع «قوات سورية الديمقراطية- قسد» سيتم عبر خيارين الأول: عبر المفاوضات، والثاني في حال لم ينجح الأول: هو اللجوء إلى القوة لتحرير المناطق التي يسيطرون عليها بوجود الأميركيين أو بعدم وجودهم.   عندها بدأت الأنظار تتجه إلى مواقف «قسد»، والقوى الكردية الأخرى في الشمال، وسبق ذلك زيارة لافتة لسكرتير «الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية» عبد الحميد درويش إلى دمشق وإجراؤه محادثات مع مسؤولين والمعارضة الداخلية في العاصمة، انتهت بتوقيع اتفاق مع «الجبهة الديمقراطية السورية» المعارضة، لتنظيم العلاقات والتنسيق فيما يتعلق بالتعاطي مع الملفات السياسية والمؤتمرات داخل وخارج البلاد. وعلى حين أكدت مصادر «الوطن» انطلاق مناقشات بين مسؤولين رسميين وقوى كردية الأسبوع الماضي، أعلنت الرئيسة المشتركة لـ«مجلس سورية الديمقراطية- مسد» الجمعة الماضي حصول التفاوض بين الحكومة والأكراد حول عودة موظفي سد الفرات القدماء والخبراء للعمل مع إدارة السد الحالية.   خلافات في الشارع الكردي   «يجب أن نميز بين المكون الكردي الوطني وبين القوى السياسية الكردية التي ترى مصالحها في توظيف مشاعر هؤلاء الناس خدمة لأجنداتهم الحزبية»، بحسب مصدر كردي تحدث لـ«الوطن»، لكن الأخير حمّل السلطات السورية في المقابل «المسؤولية» أيضاً لأن الأكراد في سورية برأيه «ظاهرة اجتماعية وحلها يجب أن يكون وطنياً وسياسياً وليس أمنياً»، ورأى أن «مطالب الأكراد بشكل عام اليوم، عدا بعض المرتبطين بأجندات خارجية، هي اعتراف دستوري كمكون على مبدأ المواطنة الموحدة والمتساوية ومنحهم تمثيلاً مناسباً في كل مؤسسات الدولة وهيئاتها بشكل وطني وليس بشكل قومي». ولم يتسن التأكد بعد من كل هذه المطالب باعتبار أن القوى الكردية التي أبدت استعداداً للتفاوض مع دمشق لم تعلن عن شروطها بعد، وحتى في حال أعلنت لا تملك من القوة ما يتيح لها الصمود في وجه الجيش فيما لو مضى الوقت على ظرف التفاوض وانتقلت دمشق للعمل العسكري.   خلاف على التفاوض مع دمشق   لا يزال المشهد ضبابياً في الشارع الكردي تجاه المفاوضات مع دمشق، وبحسب المصدر «هنالك قوى تؤيد المفاوضات على رأسها «حركة المجتمع الديمقراطي» بقيادة «حزب الاتحاد الديمقراطي – بايادا» و«الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية» بزعامة درويش إضافة إلى «التحالف الوطني الكردي» بزعامة محمد مصطفى مشايخ، وهذا التحالف يضم «حزب الوحدة – يكيتي» بزعامة محيى الدين شيخ آلي وحزب «البارتي الديمقراطي» بزعامة نصر الدين إبراهيم، وحزب «الوفاق» بزعامة فوزي شنغالي، وحزب «اليسار الديمقراطي» بزعامة صالح كدو، وحزب «الإصلاح» بزعامة أمجد عثمان. ورأى المصدر، أن «بايادا» لعب دوراً تفاوضياً مع الحكومة بدل الأميركيين وبات الحزب الكردي أداة في يد واشنطن خاصة في الرقة ودير الزور، وقد كان بغنى عن ذلك وبإمكانه الحفاظ على سوريته وتنوع الجزيرة والمطالبة بحل ديمقراطي، لكنهم طالبوا بالانفصال في مراحل الأزمة.   في المقابل، أضاف المصدر، فإن «المجلس الوطني الكردي» رافض للتفاوض مع دمشق وعاد إلى عضوية «الائتلاف» المعارض بعدما غادرها لشهرين في عام 2014 كما دخلوا في «هيئة التفاوض» التي تشكلت في مؤتمر «الرياض 2» للمعارضات. ويتألف «المجلس الوطني» من حزب «البارتي الكردستاني» بزعامة سعود الملا، وجناح منشق عن «اليكيتي» يحمل ذات الاسم بزعامة إبراهيم برو، وحزب «المساواة» بزعامة نعمت داوود، إضافة إلى «الاتحاد الوطني الديمقراطي» طاهر سفوك، و«تيار المستقبل» وهم جماعة مشعل تمو سابقاً.   وأكد المصدر، أن موقف «المجلس الوطني الكردي» يرتبط بمواقف مسعود بارزاني في العراق وتوجهاته، لكنه شدد على أن المجتمع الكردي مسيس ليس فيه دور للوجهاء أو المشايخ كما أن ثمة أفراداً كثيرين يخوضون السياسة بمفردهم دون أن ينتموا لأي حزب.   كما لفت المصدر إلى أنه يوجد في الشمال أيضاً «حزب سورية الغد» بزعامة إبراهيم قفطان ومعاونته كردية، وهو يضم أعضاء من «بايادا» وعرب ومكونات من المنطقة الشمالية شكلوا مجتمعين تياراً سياسياً، وهم منفتحون للحوار مع كل السوريين ويؤكدون وحدة سورية أرضاً وشعباً، كما يؤكدون أنهم سوريون بامتياز لكن لديهم مطالب كالديمقراطية والحرية.   وعن موقف «قسد» نفسها من التفاوض مع دمشق أوضح المصدر، أن «قسد» ليست موحدة اليوم ككتلة واحدة وإنما أمرها بيد أكراد تركيا، ورأى أنه يجب مناقشة مستقبلهم بشكل إقليمي بين سورية وإيران والعراق وتركيا خاصة أن قسماً من القيادات في «قسد» ميال ومؤيد لإيران وهم جماعة رئيس «منظومة المجتمع الكردستاني» (حزب العمال الكردستاني) جميل بايق الملقب بـ«جمعة» ومعه شخص آخر يسمى «خلخال»، وقسم منهم مقرب من أكراد تركيا يمثله تيار المدعو مراد قره يلن، إضافة إلى وجود قسم سوري له مصالح في الشمال واستثمارات يريد الحفاظ عليها وهذا التيار منقسم على التيارين السابقين.   ظروف التفاوض والخوف   يبدو أن هناك تخوفاً عند الأكراد وخاصة «حركة المجتمع الديمقراطي» التي يقودها «بايادا» من انسحاب أميركي مفاجئ من سورية، وأن يكذب عليهم الحليف الأميركي كما فعل سابقاً في عفرين ومنبج بريف حلب، وفق المصدر لأن الأميركي لا يمكن أن يفضل الأكراد على التركي أو حلف الأطلسي، ولذلك هذه الأمور هي التي تضغط على «بايادا» وهم خائفون والحكومة في دمشق تعلم ذلك تماماً وتريد لهم أن يأتوا إليها صاغرين، على حد قوله.

المصدر : الماسة السورية/ الوطن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة