لو عرف الأتراك قيمة الملح لما سموه "طز" فقد تحول فجأة في الصين إلى سلعة نادرة اختفت من الأسواق بعد رواج شائعات بأن الملح بما يحتويه من اليود أو "الإيودين" يمكن أن يقي من خطر إشعاعات نووية قد تحملها الرياح القادمة من اليابان.

ولهذا, وقف آلاف الصينيين بمختلف المدن في طوابير طويلة أمام المحال التجارية لشراء الملح, وأمام الصيدليات لشراء الأدوية التي تحتوي على اليود مما أدى إلى اختفائها.

ورُصدت ببعض المدن محاولات لبيع الملح في السوق السوداء بأسعار بلغت أحيانا عشرة أضعاف السعر العادي مما دفع السلطات إلى مطالبة الحكومات المحلية بفرض رقابة مشددة على الأسعار.

وحذّرت بلدية مقاطعة غوانغ دونغ جنوب الصين من غرامات تصل إلى مليوني يوان (300 ألف دولار) لمن يثبت تورطه في رفع الأسعار.

واضطرت السلطات الصينية إلى نشر كثير من رجال أفراد الأمن تحسبا لتطورات أخطر, بينما أكدت الشركة الوطنية لصناعة الملح أن لديها مخزونا يكفي شهرين, وأن التصنيع اليومي يجري بشكل طبيعي.

لكن سريان الشائعات وانتقالها عبر الهواتف المحمولة أدى إلى الانسياق الأعمى والاصطفاف في طوابير طويلة لشرائه مما دفع السلطات إلى التحذير من بث الشائعات أو الترويج لها.

كما سارعت وزارتا الصحة والبيئة ومكتب منظمة الصحة العالمية في بكين إلى إصدار بيانات تؤكد عدم وجود خطر انتشار نووي في الأجواء الصينية حتى الآن.

ونفت وزارة الصحة الصينية في بيان منفصل أي أساس علمي للاعتقاد بأن الملح يمكن أن يقي من خطر الإصابة بالإشعاعات النووية باعتبار أن نسبة اليود الموجودة فيه ضئيلة للغاية.

وحذر خبراء في الصحة من أن الإفراط في تناول الملح يمكن أن يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض لا تقل خطورة عن الإصابة بالإشعاعات النووية كارتفاع ضغط الدم.

للتخزين

لكن هوس المواطنين الصينيين بشراء الملح لا ينحصر في الفترة الحالية إذ يرغبون في شراء كميات كبيرة وتخزينها لا عتقادهم أن الملح البحري الذي سيتم تصنيعه في الفترة المقبلة سيكون مشبعا بالمواد المشعة أي تالفا, أو كما تساءل المسيح عليه السلام "إذا تلف الملح فبماذا نملّح؟".

ومن المعروف أن الملح لا يتلف إلا باختلاطه بأشياء أخرى كالتراب مثلاً أو بمواد مشعة وفق ما قال أحد المواطنين الصينيين الذي بدت الخيبة على وجهه لأنه انتظر في طابور طويل عدة ساعات ولم يتمكن من الحصول سوى على كيلوغرامين منه.

والصين ثاني أكبر منتج عالمي للملح بعد أميركا, ويعود إنتاجه إلى نحو ثمانمائة عام قبل الميلاد, ولا تزال تحافظ على هذا التراث. ويقارب إنتاج الصين سبعين مليون طن لا تستهلك منها سوى ثمانية أطنان, وتصدّر الباقي.

ويبدو أن الصينيين يحاولون إعادة عجلة التاريخ إلى العصور القديمة عندما كان الملح سلعة ثمينة يستبدل به الذهب أوقية بأوقية، كما استخدموا أيضا عملات مصنوعة من الملح في التداول.

فمع استمرار الدعوات إلى تنظيم مظاهرات وتجمعات احتجاجية في مختلف المدن الصينية على غرار الثورات العربية أو ما بات يعرف في الصين "بثورات الياسمين" نجحت قوى الأمن حتى الآن في وأدها في مهدها.

ويرى مراقبون أن السلطات الصينية تخشى أن يتمكن بعض الناشطين من التسلل إلى صفوف هذه الطوابير الطويلة الباحثة عن الملح وتحويلها إلى مسيرات كما حدث في ثورة غاندي عام 1930 عندما تحدى الاحتلال البريطاني باحتكار إنتاج الملح أو ما سمي حينها "مسيرة الملح " التي أدت إلى استقلال الهند وحريتها.

  • فريق ماسة
  • 2011-03-20
  • 13231
  • من الأرشيف

تخزين الملح بالصين تحسبا للإشعاعات

لو عرف الأتراك قيمة الملح لما سموه "طز" فقد تحول فجأة في الصين إلى سلعة نادرة اختفت من الأسواق بعد رواج شائعات بأن الملح بما يحتويه من اليود أو "الإيودين" يمكن أن يقي من خطر إشعاعات نووية قد تحملها الرياح القادمة من اليابان. ولهذا, وقف آلاف الصينيين بمختلف المدن في طوابير طويلة أمام المحال التجارية لشراء الملح, وأمام الصيدليات لشراء الأدوية التي تحتوي على اليود مما أدى إلى اختفائها. ورُصدت ببعض المدن محاولات لبيع الملح في السوق السوداء بأسعار بلغت أحيانا عشرة أضعاف السعر العادي مما دفع السلطات إلى مطالبة الحكومات المحلية بفرض رقابة مشددة على الأسعار. وحذّرت بلدية مقاطعة غوانغ دونغ جنوب الصين من غرامات تصل إلى مليوني يوان (300 ألف دولار) لمن يثبت تورطه في رفع الأسعار. واضطرت السلطات الصينية إلى نشر كثير من رجال أفراد الأمن تحسبا لتطورات أخطر, بينما أكدت الشركة الوطنية لصناعة الملح أن لديها مخزونا يكفي شهرين, وأن التصنيع اليومي يجري بشكل طبيعي. لكن سريان الشائعات وانتقالها عبر الهواتف المحمولة أدى إلى الانسياق الأعمى والاصطفاف في طوابير طويلة لشرائه مما دفع السلطات إلى التحذير من بث الشائعات أو الترويج لها. كما سارعت وزارتا الصحة والبيئة ومكتب منظمة الصحة العالمية في بكين إلى إصدار بيانات تؤكد عدم وجود خطر انتشار نووي في الأجواء الصينية حتى الآن. ونفت وزارة الصحة الصينية في بيان منفصل أي أساس علمي للاعتقاد بأن الملح يمكن أن يقي من خطر الإصابة بالإشعاعات النووية باعتبار أن نسبة اليود الموجودة فيه ضئيلة للغاية. وحذر خبراء في الصحة من أن الإفراط في تناول الملح يمكن أن يؤدي إلى خطر الإصابة بأمراض لا تقل خطورة عن الإصابة بالإشعاعات النووية كارتفاع ضغط الدم. للتخزين لكن هوس المواطنين الصينيين بشراء الملح لا ينحصر في الفترة الحالية إذ يرغبون في شراء كميات كبيرة وتخزينها لا عتقادهم أن الملح البحري الذي سيتم تصنيعه في الفترة المقبلة سيكون مشبعا بالمواد المشعة أي تالفا, أو كما تساءل المسيح عليه السلام "إذا تلف الملح فبماذا نملّح؟". ومن المعروف أن الملح لا يتلف إلا باختلاطه بأشياء أخرى كالتراب مثلاً أو بمواد مشعة وفق ما قال أحد المواطنين الصينيين الذي بدت الخيبة على وجهه لأنه انتظر في طابور طويل عدة ساعات ولم يتمكن من الحصول سوى على كيلوغرامين منه. والصين ثاني أكبر منتج عالمي للملح بعد أميركا, ويعود إنتاجه إلى نحو ثمانمائة عام قبل الميلاد, ولا تزال تحافظ على هذا التراث. ويقارب إنتاج الصين سبعين مليون طن لا تستهلك منها سوى ثمانية أطنان, وتصدّر الباقي. ويبدو أن الصينيين يحاولون إعادة عجلة التاريخ إلى العصور القديمة عندما كان الملح سلعة ثمينة يستبدل به الذهب أوقية بأوقية، كما استخدموا أيضا عملات مصنوعة من الملح في التداول. فمع استمرار الدعوات إلى تنظيم مظاهرات وتجمعات احتجاجية في مختلف المدن الصينية على غرار الثورات العربية أو ما بات يعرف في الصين "بثورات الياسمين" نجحت قوى الأمن حتى الآن في وأدها في مهدها. ويرى مراقبون أن السلطات الصينية تخشى أن يتمكن بعض الناشطين من التسلل إلى صفوف هذه الطوابير الطويلة الباحثة عن الملح وتحويلها إلى مسيرات كما حدث في ثورة غاندي عام 1930 عندما تحدى الاحتلال البريطاني باحتكار إنتاج الملح أو ما سمي حينها "مسيرة الملح " التي أدت إلى استقلال الهند وحريتها.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة