لاتخلو العلاقة الزوجية من الخلافات والمشاكل والاختلاف في الآراء والعادات والطباع حيث لكل طرف رأيه ومعتقداته التي يدافع عنها أمام الطرف الآخر ،وهذا غالبا ما يكون طبيعياً ، ولكن الخطورة تكمن عندما يتمسك أحد الطرفين برأيه و موقفه دون أن يتنازل أمام الطرف الآخر ،ما يخلق فجوة وخللاً وصراعاً بالعلاقة الزوجية تنعكس سلبا على الزوجين والأسرة بكاملها .. الدكتورة ليلى سليمان مسعود الباحثة والاختصاصية بعلم النفس العيادي والأسري حدثتنا عن أسباب العناد بين الزوجين وآثاره وطرق علاجه .‏

تضارب الآراء ..‏

الدكتورة ليلى مسعود بدأت حديثها بتعريف العناد بشكل عام بأنه عبارة عن موقف يتخذه الإنسان ويحاول من خلاله إثبات ذاته و فرض وجوده وهو يظهر عند الطفل بين الثالثة والرابعة و الخامسة من العمر ثم يعود من جديد في فترة المراهقة، كما انه عبارة عن إثبات للذات ومحاولة لفرض المكانة الاجتماعية مشيرة الى ان العناد يعتبر طبيعيا في بعض المراحل و خاصة مرحلة المراهقة حيث يحاول المراهق، إثبات وجوده و إثبات نضجه و موازاته للبالغين .‏

وعن الأسباب التي تؤدي بأحد الزوجين الى العناد بينت مسعود ان ذلك يعود الى عدم شعور أحد الزوجين بقيمته أمام الطرف الآخر فهو دائما يقلل من شأنه ويستهزئ به ،والى وجود صراع بينهما على السلطة داخل الأسرة من حيث قيادتها ومن صاحب الرأي والكلمة الأخيرة التي يجب ان تطاع أو تسمع ،كما أن تضارب الآراء بين الزوجين وتناقضها يؤدي بأحدهما أو كليهما الى اتباع العناد كوسيلة ونهج اسري في المنزل ، مشيرة الى ان العناد يعتبر من أكبر العقبات في الحياة الزوجية لأن الزواج الناجح والأبدي الذي يستمر مدى العمر يرتكز على تبادل التضحيات والاحترام والتفاهم والتسامح بين الطرفين والتجاوز والتغاضي عن عيوب الاخر والنظر الى الشيء الجميل والجيد والايجابي عنده ،مشيرة إلى أن العناد بين الزوجين يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلات بينهما والتي تؤدي في كثير من الاحيان الى انفصال الزوجين وتدمير الأسرة بكاملها ، كونه يلقي بظلاله النفسية والتربوية والانفعالية على الزوجين وقد تمتد وتؤثر على الأبناء أيضا .‏

المعاملة القاسية ..‏

وأوضحت مسعود ان المجادلات الساخنة التي تدور بين الزوج والزوجة تؤدي احيانا الى العناد من خلال تشبث احدهما برأيه، سواء كان هذا الرأي صحيحا أم خاطئا وهو ما يوصل الأمور غالبا إلى نقطة اللا عودة ،مضيفة ان دخول العناد الى الحياة الزوجية يعني نسف الكثير من قواعد الاحترام المتبادلة بين الأب والأم وبالتالي تحويل الحياة الزوجية إلى جحيم .‏

وأكدت الدكتورة ليلى مسعود ان معاملة الزوج القاسية لزوجته وتعنيفها على الدوام يجعلها تلجأ الى أسلوب العناد معه حيث يكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة لسلوك زوجها جملة وتفصيلاً، وتعبيراً عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية، كما أن هناك بعض الزوجات تعتقدن أن إصرارهن على مواقفهن يدل على قوة شخصيتهن ويزيد من قيمتهن ومكانتهن عند ازواجهن فيحققوا لهن ما يردن، كما أن الشعور بالنقص من أهم العوامل المؤدية للعناد عند الزوجين .‏

وعن آثار العناد بين الزوجين قالت مسعود :إن العناد هو بحد ذاته أثر كونه ناتجاً عن عدم توازن العلاقة الزوجية وعدم ثبات القوانين الداخلية الخاصة بتوزيع المهام و الأدوار داخل الكيان الأسري ، كما ان العناد رد فعل بغرض فرض تغييرات مرغوبة من طرف الزوجة مثلا لكن هذه الردود تزيد الأمر سوءاً، حيث تحول الحياة الزوجية إلى ميدان للصراعات و المشاجرات كما أنها تستدعي عناد الزوج بدوره ،فتصبح التفاعلات بين الزوجين عبارة عن ردود أفعال فكل طرف يحاول الرد بشكل أقوى من الآخر، ما يؤدي إلى تلوث المناخ الأسري و اضطراب العلاقة الزوجية .‏

العلاج ..‏

أما عن طرق علاج العناد بين الزوجين فأوضحت مسعود انه يتمثل في فتح المجال للحوار ومحاولة التعمق في فهم الآخر و التعرف على حاجاته ومطالبه الحقيقية وأن يتعلم كل طرف كيف يعبر عن ذاته و كيف يفرض وجوده دون أن يلجأ للطرق غير المباشرة ، بالإضافة الى سعي كل من الزوجين الى منح الآخر المزيد من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام لبعضهما البعض ،فعندما يكون احد الزوجين غاضبا فإنه يتوجب على الطرف الاخر امتصاص غضبه وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعه ،كما انه يجب ان يسود داخل الأسرة أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح.‏

ودعت كلا الزوجين الى التسامح وتقديم التنازلات فيما بينهما حتى تسير الحياة في أمان واستقرار ، وعدم إظهار صراعاتهما أمام الأبناء وعدم مناقشة مشاكلهما أمام الأقارب والأهل، الأمر الذي قد يزيد من حدة التوتر والخلاف

.‏

  • فريق ماسة
  • 2011-03-17
  • 10299
  • من الأرشيف

المشكلات الزوجية إلى أين؟(أنا المنتصر)...

لاتخلو العلاقة الزوجية من الخلافات والمشاكل والاختلاف في الآراء والعادات والطباع حيث لكل طرف رأيه ومعتقداته التي يدافع عنها أمام الطرف الآخر ،وهذا غالبا ما يكون طبيعياً ، ولكن الخطورة تكمن عندما يتمسك أحد الطرفين برأيه و موقفه دون أن يتنازل أمام الطرف الآخر ،ما يخلق فجوة وخللاً وصراعاً بالعلاقة الزوجية تنعكس سلبا على الزوجين والأسرة بكاملها .. الدكتورة ليلى سليمان مسعود الباحثة والاختصاصية بعلم النفس العيادي والأسري حدثتنا عن أسباب العناد بين الزوجين وآثاره وطرق علاجه .‏ تضارب الآراء ..‏ الدكتورة ليلى مسعود بدأت حديثها بتعريف العناد بشكل عام بأنه عبارة عن موقف يتخذه الإنسان ويحاول من خلاله إثبات ذاته و فرض وجوده وهو يظهر عند الطفل بين الثالثة والرابعة و الخامسة من العمر ثم يعود من جديد في فترة المراهقة، كما انه عبارة عن إثبات للذات ومحاولة لفرض المكانة الاجتماعية مشيرة الى ان العناد يعتبر طبيعيا في بعض المراحل و خاصة مرحلة المراهقة حيث يحاول المراهق، إثبات وجوده و إثبات نضجه و موازاته للبالغين .‏ وعن الأسباب التي تؤدي بأحد الزوجين الى العناد بينت مسعود ان ذلك يعود الى عدم شعور أحد الزوجين بقيمته أمام الطرف الآخر فهو دائما يقلل من شأنه ويستهزئ به ،والى وجود صراع بينهما على السلطة داخل الأسرة من حيث قيادتها ومن صاحب الرأي والكلمة الأخيرة التي يجب ان تطاع أو تسمع ،كما أن تضارب الآراء بين الزوجين وتناقضها يؤدي بأحدهما أو كليهما الى اتباع العناد كوسيلة ونهج اسري في المنزل ، مشيرة الى ان العناد يعتبر من أكبر العقبات في الحياة الزوجية لأن الزواج الناجح والأبدي الذي يستمر مدى العمر يرتكز على تبادل التضحيات والاحترام والتفاهم والتسامح بين الطرفين والتجاوز والتغاضي عن عيوب الاخر والنظر الى الشيء الجميل والجيد والايجابي عنده ،مشيرة إلى أن العناد بين الزوجين يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لتفاقم المشكلات بينهما والتي تؤدي في كثير من الاحيان الى انفصال الزوجين وتدمير الأسرة بكاملها ، كونه يلقي بظلاله النفسية والتربوية والانفعالية على الزوجين وقد تمتد وتؤثر على الأبناء أيضا .‏ المعاملة القاسية ..‏ وأوضحت مسعود ان المجادلات الساخنة التي تدور بين الزوج والزوجة تؤدي احيانا الى العناد من خلال تشبث احدهما برأيه، سواء كان هذا الرأي صحيحا أم خاطئا وهو ما يوصل الأمور غالبا إلى نقطة اللا عودة ،مضيفة ان دخول العناد الى الحياة الزوجية يعني نسف الكثير من قواعد الاحترام المتبادلة بين الأب والأم وبالتالي تحويل الحياة الزوجية إلى جحيم .‏ وأكدت الدكتورة ليلى مسعود ان معاملة الزوج القاسية لزوجته وتعنيفها على الدوام يجعلها تلجأ الى أسلوب العناد معه حيث يكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض الزوجة لسلوك زوجها جملة وتفصيلاً، وتعبيراً عن عدم انسجامها معه في حياتهما الزوجية، كما أن هناك بعض الزوجات تعتقدن أن إصرارهن على مواقفهن يدل على قوة شخصيتهن ويزيد من قيمتهن ومكانتهن عند ازواجهن فيحققوا لهن ما يردن، كما أن الشعور بالنقص من أهم العوامل المؤدية للعناد عند الزوجين .‏ وعن آثار العناد بين الزوجين قالت مسعود :إن العناد هو بحد ذاته أثر كونه ناتجاً عن عدم توازن العلاقة الزوجية وعدم ثبات القوانين الداخلية الخاصة بتوزيع المهام و الأدوار داخل الكيان الأسري ، كما ان العناد رد فعل بغرض فرض تغييرات مرغوبة من طرف الزوجة مثلا لكن هذه الردود تزيد الأمر سوءاً، حيث تحول الحياة الزوجية إلى ميدان للصراعات و المشاجرات كما أنها تستدعي عناد الزوج بدوره ،فتصبح التفاعلات بين الزوجين عبارة عن ردود أفعال فكل طرف يحاول الرد بشكل أقوى من الآخر، ما يؤدي إلى تلوث المناخ الأسري و اضطراب العلاقة الزوجية .‏ العلاج ..‏ أما عن طرق علاج العناد بين الزوجين فأوضحت مسعود انه يتمثل في فتح المجال للحوار ومحاولة التعمق في فهم الآخر و التعرف على حاجاته ومطالبه الحقيقية وأن يتعلم كل طرف كيف يعبر عن ذاته و كيف يفرض وجوده دون أن يلجأ للطرق غير المباشرة ، بالإضافة الى سعي كل من الزوجين الى منح الآخر المزيد من الحب والاهتمام والتقدير والاحترام لبعضهما البعض ،فعندما يكون احد الزوجين غاضبا فإنه يتوجب على الطرف الاخر امتصاص غضبه وتأجيل موضوع النقاش إلى وقت مناسب يسهل فيه إقناعه ،كما انه يجب ان يسود داخل الأسرة أسلوب الحوار واحترام الرأي الآخر ونسيان المواقف السلبية السابقة والتعامل بروح التسامح.‏ ودعت كلا الزوجين الى التسامح وتقديم التنازلات فيما بينهما حتى تسير الحياة في أمان واستقرار ، وعدم إظهار صراعاتهما أمام الأبناء وعدم مناقشة مشاكلهما أمام الأقارب والأهل، الأمر الذي قد يزيد من حدة التوتر والخلاف .‏

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة