لو دققت قليلا في تفاعل ما كينات الإعلام الخليجي مع أحداث الغوطة الشرقية لوجدت الخط البياني التالي، حملة اعلامية مرتفعة الوتيرة مع بداية العملية العسكرية، استدعت حشد كافة الطاقات والاذرع من حسابات السوشل ميديا إلى الفضائيات والصحف والمواقع، مشهد يحاكي بداية الأحداث في سوربا قبل أكثر من سبعة أعوام انقضت.

 

ثم انحسرت الحملة إلى النصف تقريبا فجأة، مع أن الجيش السوري زاد من وتيرة قتاله في الغوطة وتقدم برا إلى عمقها، ثم انحسرت أكثر في الفترة الأخيرة لتعود الحملات ضد ما يسمونه النظام السوري إلى وتيرتها المعتادة.

 

لكل ظاهرة سبب حسب قانون الطبيعة، فماذا كان يدور في الظل على هامش الأحداث اليومية التي تنقلها وكالات الأنباء؟

من المعروف أن خارطة سيطرة الفصائل على الغوطة الشرقية تنقسم إلى

أربعة أقسام، دوما ومحيطها تخضع لجيش الإسلام المدعوم من السعودية، حرستا غربا تخضع لحركة أحرار الشام المدعومة من تركيا القريبة من الإخوان المسلمين، وفيلق الرحمن السلفي المدعوم مباشرة من قطر المسيطر على مع يعرف بالقطاع الأوسط (عربين، زملكا، سقبا .. وبلدات أخرى، وهناك تواجد محدود لجبهة النصرة يقدر ب 800 مقاتل يتمركزون في جوبر ومدعومون من قطر أيضا.

 

في الأسبوع الأول من القتال وكما نشرنا في حينها في “راي اليوم” استنادا إلى مصادرنا حضر محمد علوش مندوب جيش الإسلام إلى جنيف للقاء مسؤولين روس للتفاوض على مصير الغوطة، عرض الروس ستة نقاط على علوش “نشرنا بنودها في حينها” وكانت في جوهرها تقع في ضمان بقاء جيش الإسلام في دوما وإدخال قوات روسية لنشر نقاط عسكرية فيها، والإفراج عن المعتقلين لدى جيش الإسلام في ما يعرف “سجن التوبة”، وإخراج الحالات الحرجة إلى مشافي دمشق، بينما يقوم جيش الإسلام بمساعدة الروس في القضاء على الفصائل الأخرى وإخراجها من الغوطة.. الخ.

خفت الزخم الإعلامي من طرف إعلام السعودية قليلا على وقع التفاوض، خفت الزخم كذلك لدى ماكينة إعلام الإخوان “القطري التركي”، بعد أن تأكد عدم دخول الجيش السوري إلى عفرين وبعد أن تقدم الجيش التركي فيها وفق اتفاق مع الروس.

 

ما حدث بعد هذا اللقاء كان مفاجأة للروس إذ أغلق علوش خط التفاوض معهم بناءا على نصيحه أمريكية طلبت منه الانتظار لأن ثمة وقف إطلاق نار تسعى إليه واشنطن مع شركائها عبر مجلس الأمن، وضغط أمريكي متواصل من داخل المجلس الدولي وخارجه سيوقف الحملة العسكرية . كنا قد وجهنا نصيحة لعلوش حينها في مقال منشور في هذه الصحيفة تحت عنوان “الغوطة أما قاتل أو مقتول” بعدم وضع بيضه في سلة امريكا وان يعجل بالتفاوض مع الروس.

انتظر علوش الوعد الأمريكي، لكن الأمور كانت تسير بسرعة والجيش السوري أسقط البلدات في الغوطة الواحدة تلو الأخرى حتى بعد قرار مجلس الأمن، وتهديدات واشنطن بعمل عسكري ضد دمشق، عاد علوش إلى طلب التفاوض، حدد الروس موعدا بعد أسبوع . ثم حصل لقاء جديد. علوش كان امام الروس بوضع يفاوض فيه عن الغوطة الشرقية كلها، لتحديد مصير كل المناطق التي تخضع لسيطرة كافة الفصائل.

 

كشف المبعوث الدولي ستفان ديمستورا عن هذه اللقاءات وقالستفان علوش يفاوض الروس منذ أسابيع، وذلك بعد أسبوع على نشر “راي اليوم ” تقريرا مفصلا عن هذه اللقاءات وعن طلب علوش عودة التفاوض .

تفاجأ علوش كما تفاجأ قادة جيش الإسلام في الغوطة، باتفاق لفصائل الغوطة المدعومة من قطر وتركيا والتي حسب التصنيفات أكثر تشددا من جيش الإسلام، وكانت رفضت المفاوضات و أبدت التزامها بالقتال، حسب تسجيل بالصوت والصورة لقائد فيلق الرحمن “عبد الناصر شمير” الذي توعد فيه كل من يمد يده للنظام أو يطالب بالتفاوض معه بالضرب عليها وعلى رؤوس المطالبين، وهذا الخطاب نشرناه في حينه، فكيف يتم الاتفاق بهذه السرعة وتخرج الفصائل وتترك جيش الإسلام ويغدو علوش في جنيف يفاوض عن دوما فقط لأن الآخرين أبرموا اتفاقهم.

إذا أردت التأكد من صحة هذا المشهد فما عليك إلا أن تتابع مواقف هذه الفصائل الآن حيث يتهم جيش الإسلام فيلق الرحمن واحرار الشام بالتخاذل والتخلي عن الغوطة الخروج، وإبرام اتفاق منفرد مع الروس والجيش السوري، بينما يرد الاخرون عبر صفحاتهم وحساباتهم بالإشارة إلى مفاوضات علوش مع الروس منذ الاسبوع الاول للعملية العسكرية السورية في الغوطة الشرقية.

في نهاية المطاف خرج الجميع من الغوطة، ستبقى دوما معقل جيش الإسلام الذي سوف يسلم دوما سلما أو حربا، هو بالطبع لا يستطيع الخروج لأي مكان، هذا يعني أن آخر الأوراق السعودية في سوريا وقعت.

  • فريق ماسة
  • 2018-04-04
  • 14456
  • من الأرشيف

تفاصيل سرية على هامش معركة الغوطة.. علوش لم يسمع النصيحة.. وما دور قطر ؟

لو دققت قليلا في تفاعل ما كينات الإعلام الخليجي مع أحداث الغوطة الشرقية لوجدت الخط البياني التالي، حملة اعلامية مرتفعة الوتيرة مع بداية العملية العسكرية، استدعت حشد كافة الطاقات والاذرع من حسابات السوشل ميديا إلى الفضائيات والصحف والمواقع، مشهد يحاكي بداية الأحداث في سوربا قبل أكثر من سبعة أعوام انقضت.   ثم انحسرت الحملة إلى النصف تقريبا فجأة، مع أن الجيش السوري زاد من وتيرة قتاله في الغوطة وتقدم برا إلى عمقها، ثم انحسرت أكثر في الفترة الأخيرة لتعود الحملات ضد ما يسمونه النظام السوري إلى وتيرتها المعتادة.   لكل ظاهرة سبب حسب قانون الطبيعة، فماذا كان يدور في الظل على هامش الأحداث اليومية التي تنقلها وكالات الأنباء؟ من المعروف أن خارطة سيطرة الفصائل على الغوطة الشرقية تنقسم إلى أربعة أقسام، دوما ومحيطها تخضع لجيش الإسلام المدعوم من السعودية، حرستا غربا تخضع لحركة أحرار الشام المدعومة من تركيا القريبة من الإخوان المسلمين، وفيلق الرحمن السلفي المدعوم مباشرة من قطر المسيطر على مع يعرف بالقطاع الأوسط (عربين، زملكا، سقبا .. وبلدات أخرى، وهناك تواجد محدود لجبهة النصرة يقدر ب 800 مقاتل يتمركزون في جوبر ومدعومون من قطر أيضا.   في الأسبوع الأول من القتال وكما نشرنا في حينها في “راي اليوم” استنادا إلى مصادرنا حضر محمد علوش مندوب جيش الإسلام إلى جنيف للقاء مسؤولين روس للتفاوض على مصير الغوطة، عرض الروس ستة نقاط على علوش “نشرنا بنودها في حينها” وكانت في جوهرها تقع في ضمان بقاء جيش الإسلام في دوما وإدخال قوات روسية لنشر نقاط عسكرية فيها، والإفراج عن المعتقلين لدى جيش الإسلام في ما يعرف “سجن التوبة”، وإخراج الحالات الحرجة إلى مشافي دمشق، بينما يقوم جيش الإسلام بمساعدة الروس في القضاء على الفصائل الأخرى وإخراجها من الغوطة.. الخ. خفت الزخم الإعلامي من طرف إعلام السعودية قليلا على وقع التفاوض، خفت الزخم كذلك لدى ماكينة إعلام الإخوان “القطري التركي”، بعد أن تأكد عدم دخول الجيش السوري إلى عفرين وبعد أن تقدم الجيش التركي فيها وفق اتفاق مع الروس.   ما حدث بعد هذا اللقاء كان مفاجأة للروس إذ أغلق علوش خط التفاوض معهم بناءا على نصيحه أمريكية طلبت منه الانتظار لأن ثمة وقف إطلاق نار تسعى إليه واشنطن مع شركائها عبر مجلس الأمن، وضغط أمريكي متواصل من داخل المجلس الدولي وخارجه سيوقف الحملة العسكرية . كنا قد وجهنا نصيحة لعلوش حينها في مقال منشور في هذه الصحيفة تحت عنوان “الغوطة أما قاتل أو مقتول” بعدم وضع بيضه في سلة امريكا وان يعجل بالتفاوض مع الروس. انتظر علوش الوعد الأمريكي، لكن الأمور كانت تسير بسرعة والجيش السوري أسقط البلدات في الغوطة الواحدة تلو الأخرى حتى بعد قرار مجلس الأمن، وتهديدات واشنطن بعمل عسكري ضد دمشق، عاد علوش إلى طلب التفاوض، حدد الروس موعدا بعد أسبوع . ثم حصل لقاء جديد. علوش كان امام الروس بوضع يفاوض فيه عن الغوطة الشرقية كلها، لتحديد مصير كل المناطق التي تخضع لسيطرة كافة الفصائل.   كشف المبعوث الدولي ستفان ديمستورا عن هذه اللقاءات وقالستفان علوش يفاوض الروس منذ أسابيع، وذلك بعد أسبوع على نشر “راي اليوم ” تقريرا مفصلا عن هذه اللقاءات وعن طلب علوش عودة التفاوض . تفاجأ علوش كما تفاجأ قادة جيش الإسلام في الغوطة، باتفاق لفصائل الغوطة المدعومة من قطر وتركيا والتي حسب التصنيفات أكثر تشددا من جيش الإسلام، وكانت رفضت المفاوضات و أبدت التزامها بالقتال، حسب تسجيل بالصوت والصورة لقائد فيلق الرحمن “عبد الناصر شمير” الذي توعد فيه كل من يمد يده للنظام أو يطالب بالتفاوض معه بالضرب عليها وعلى رؤوس المطالبين، وهذا الخطاب نشرناه في حينه، فكيف يتم الاتفاق بهذه السرعة وتخرج الفصائل وتترك جيش الإسلام ويغدو علوش في جنيف يفاوض عن دوما فقط لأن الآخرين أبرموا اتفاقهم. إذا أردت التأكد من صحة هذا المشهد فما عليك إلا أن تتابع مواقف هذه الفصائل الآن حيث يتهم جيش الإسلام فيلق الرحمن واحرار الشام بالتخاذل والتخلي عن الغوطة الخروج، وإبرام اتفاق منفرد مع الروس والجيش السوري، بينما يرد الاخرون عبر صفحاتهم وحساباتهم بالإشارة إلى مفاوضات علوش مع الروس منذ الاسبوع الاول للعملية العسكرية السورية في الغوطة الشرقية. في نهاية المطاف خرج الجميع من الغوطة، ستبقى دوما معقل جيش الإسلام الذي سوف يسلم دوما سلما أو حربا، هو بالطبع لا يستطيع الخروج لأي مكان، هذا يعني أن آخر الأوراق السعودية في سوريا وقعت.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة