دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تمنع أصول الضيافة وإكرام الوفادة الصحف الاميركية الكبرى من كشف بعض الخصال الحميدة التي يتمتع بها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان. وأبرزها “اكرامه” وفادة ابناء عمومته وخؤولته من أفراد العائلة المالكة ومعهم بعض كبار رجال الاعمال، في فندق ريتز الذي لا مثيل لفخامته.
لقد تبين أن الامير الجلاد قد أمر بوضع قيود حديدية في أقدام معتقليه، بعد الافراج عنهم إثر دفع “الفدية”، بحيث يتعذر عليهم الركض، مثلاً، او السفر خلسة، او التظلم كأبرياء لم يقربوا المال الحرام، ولم ينهبوا من خيرات المملكة التي قامت بالسيف والتواطؤ مع الاجنبي، الذي كان بريطانياً ثم صار اميركياً.
واضح الابتزاز في الحملة الاميركية على الضيف الملكي السعودي، فمجموع ما حصله الرئيس دونالد ترامب وعقيلته وابنته وصهره، سواء كصفقات أسلحة ومعدات حربية وهدايا ملكية مذهبة، لا يتجاوز أربعة مليارات وربع المليار دولار، فاذا اضفنا قيمة الهدايا بلغ المجموع أقل قليلاً من خمسة مليارات من الدولارات.. بينما ولي العهد السعودي قد نهب من ذوي قرباه وأهل رحمه ومعاوني أبيه وأعمامه أكثر من ثلاثمائة مليار دولار.
الابتزاز السياسي أخطر من الابتزاز المالي، الذي سبق لولي العهد أن دفع بعضا منه خلال زيارته لبريطانيا التي كلفت خزينة المملكة ملياراً من الجنيهات الإسترلينية، عدا الهدايا باهظة الكلفة التي قدمت للملكة العجوز التي خرقت البروتوكول ولبست للأمير الشاب الفستان الزهري الذي كانت تحتفظ به من ايام الشباب لتلبسه في الافراح والمناسبات المبهجة.
وليس ضرورياً أن نضيف إلى هذه المبالغ ما قدمه الملك العتيد من “شرهات” للمسؤولين المصريين من الساسة ورجال الدين أقباطًا ومسلمين فمجموع ما دفعه خلال زيارته مصر لا يستحق الذكر..
هذه هي حالة العرب ممثلين بقادتهم من أصحاب الجلالة والسيادة والسمو: انهم يدفعون للمحتل والمهيمن والمستغل من خيرات بلادهم ما تحتاجه شعوبهم من اجل الخروج من دهر الفقر والحاجة ودخول العصر.
فمن حيث المبدأ، بل والواقع ايضاً ـ ليس للسعودية ـ بين العرب اعداء يقاتلونها، بل هي من يقاتل العرب ويعرقل تقدمهم وانتماءهم إلى العصر بعنوان اليمن..
وبالتأكيد فإن ما انفقته السعودية ومعها دولة الامارات على حرب الابادة التي يشنانها على اليمن، برجالها ونسائها واطفالها على وجه الخصوص، بالتعاون مع الكوليرا، كان يمكن أن يجعل من المركز الاول للحضارة العربية ومنطلق جيوش الفتح، ما يمكِّنها من أن تعود أبهى مما كانت وأجمل بعراقة الفن الاصيل فيها.
إن أهل النفط والغاز من ملوك العرب وامرائهم ينفقون ثروات خرافية على اسلحة لن يستخدموها إلا ضد اهلهم العرب.
لم نسمع، مثلاً، انهم ساهموا في تمويل حملة عسكرية عربية لتحرير فلسطين، ومنع العدو الإسرائيلي من استكمال احتلال القدس بـ"المسجد الاقصى الذي باركنا حوله"، ومسجد عمر الذي بني حيث صلى خارج الكنيسة حتى لا تؤخذ الكنيسة بذريعة “هنا صلى عمر”..
ولم نسمع انهم دللوا على سماحة الدين الاسلامي بالتقدم لتحرير كنيسة القيامة، تدليلاً على الترفع عن التعصب والتسامح والتوكيد على الاخوة بين المسلمين والمسيحيين الذين تشدهم رابطة العروبة، بعضهم إلى بعض.
على اننا سمعنا وفرحنا لان المملكة التي قامت بالسيف والتواطؤ مع الاحتلال الاجنبي، بريطانيا في البداية ثم اميركيا مع تدفق النفط، قد سمحت اخيراً للنساء بحضور مباريات كرة القدم ودخول صالات السينما، وقيادة السيارات، واعتبرت هذه القرارات انجازا تاريخياً يحد من سطوة “المطاوعة” على الحياة العامة.
بالمقابل فان ولي العهد السعودي، المبشر بالتغيير والعامل له، قد دعا رئيس حكومة لبنان، سعد الحريري، إلى رحلة صيد، في المملكة، حيث احتجزه رهينة لمدة أحد عشر يوما، ولم يفرج عنه وعن اسرته (زوجته واطفاله) الا بشفاعة الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي تصادف أن كان في زيارة رسمية لدولة الامارات، فقطعها ونزل في مطار الرياض ليجد في استقباله الامير محمد بن سلمان… فطالبه بأن يأتيه برهينته رئيس حكومة لبنان، فأتي به مخفوراً، فطالبه بإطلاق سراحه “وتحرير” اسرته لتلحق به إلى باريس، وهكذا كان.
وحتى اليوم، لم يعرف اللبنانيون (ولا العالم) اسباب احتجاز رئيس حكومتهم، ثم اطلاقه.. ثم، وبعد شهرين، دعوته لزيارة المملكة، حيث استقبله الملك سلمان فور وصوله، في حين تأخر ولي العهد يومين طويلين قبل أن يستقبله مع شقيقه السفير في واشنطن، من دون كوفية وعقال، والكل يضحكون للكاميرا.. وعلى الناس!
المهم أن واشنطن تثبت، مرة أخرى، انها ماهرة في فن الابتزاز، خصوصاً وان رئيسها هو في الاصل مضارب في البورصة..
وهذا يعني أن استقبال ولي العهد السعودي بفضيحة انجازه التاريخي بحجز هذه الكوكبة من أبناء أعمامه وكبار رجال الاعمال سيكلفه ما جناه منهم مقابل الافراج عنهم.
وقديماً قيل: وما من ظالمٍ الا سيُبلى بأظلمِ..
المصدر :
طلال سلمان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة