عندما فاز المغني السوري حازم شريف بلقب «أراب آيدول» العام 2014، أخذت الحالة يومها بُعداً رمزياً لتعطي للجمهور السوري الذي تابع البرنامج، دفعة من الأمل باستمرار الحياة رغم الموت الذي يحيط بمدينة الياسمين، وقدرة الشعب المكلوم على الفرح ولو بلقب صغير مثل «أراب آيدول». لكن الظرف يومها كان مواتياً بالنسبة لقناة mbc، لكي تنزل عن شجرة مقاطعتها لدمشق، فأتت الفرصة على طبق من ذهب، عندما تقدّم مشترك يحمل كل مقوّمات الفوز باللقب.

هكذا، استعانت المحطة السعودية بإحدى أدواتها لتبث بضع لقطات من أحد مطاعم الشام، وتسلّط الضوء على متابعة السوريين لمواطنهم وهو يعتلي أكثر مسارح الوطن العربي شهرة. في كل البرامج المشابهة، إعتصمت المحطة المعروفة عند حالة إستثمار الوضع السوري ليكون مادة لاستجداء العطف الجماهيري، وتسوّل مشاركاتهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح! لكن المعادلة إختلفت بالنسبة إليها الآن. ربما أفل زمن الموضة السورية. رغم أن عدد المواهب القادمة من دمشق إلى «ذا فويس كيدز» (كل سبت 20:30 بتوقيت بيروت) وصل إلى 13 وتمكّن أصحابها من التأهّل للنهائيات، لكن الخطة كانت واضحة، وتقضي بضرورة تصفية تلك المواهب وإقصائها تباعاً. منذ الحلقة ما قبل الماضية، إختار كاظم الساهر أصوات ثلاثة سوريين ملفتة وهم: زياد أمونة، وتيم الحلبي، ويمان قصّار للوقوف سوية على المسرح، ليختار تيم الحلبي متذرّعاً بأنّ فريقه يحتاج إلى هذا النوع من الأصوات. على طريق تقليص عدد السوريين، مشت نانسي عجرم خطوة إضافية باختيارها لأصوات سورية مهمة وهي: خالد مرعي وشقيقه التوأم عابد مرعي، وكمي عز الدين، لتختار عابد. مرّة ثانية اختارت من سوريا يائيل القاسم (الصورة) وجيسيكا غربي وزين عمار، وأبقت على يائيل. لكن من تمكّن من تجاوز مرحلة المواجهة، كان استبعاده أمراً مؤكّداً في مرحلة المواجهة الثانية يوم أمس، ليظلّ البرنامج بدون أي مشترك سوري، رغم الإجماع على موهبة يمان قصّار المتميّزة، ورغم أن يائيل القاسم تمكّن من كسب تعاطف مدرّبته، بل أجبرها على ذرف الدموع. حالة التأثر في أقصى درجاتها لم تشفع للطفل الذي أدّى بإحساس عال وأسلوب متفرّد رائعة المغني آدم «خلصت الحكاية» وكان القرار بإبعاده عن المنافسة. لا يمكن للمتابع إلا أن يكتشف تسييس البرنامج والنتائج المعدّة سلفاً بعد هذا المشهد. فالحدّ الأدنى من المنطق يملي إختيار الطفل الذي حرّك مشاعر مدرّبته، وصاغ أعلى درجات التأثر بصوته. على أيّ حال، إختيرت مواهب الحلقة الأخيرة بناء على خطة محكمة. موهبتان من طرفي نقيض، واحدة يمنية وهي ماريا قحطان، وفي ذلك مواراة لكوارث الحرب السعودية على اليمن، بطريقة فنية توصل رسالة تفيد بتبني أطفال اليمن، وأخرى سعودية صاحبها لجي المسرحي، وهي مساحة صاحبة المشروع، خاصة أنه قلما تصل موهبة سعودية إلى هذه البرامج، إضافة إلى موهبة أشرقت أحمد المصرية، لضمان الهامش الجماهيري الواسع إضافة لموهبة جورج عاصي اللبنانية المتميزة، ونور وسام من العراق، وحمزة لبيض من تونس.

المسرحية الهزلية التي حدثت على الشاشة، دفعت الآلاف من الجماهير السورية للتوجّه إلى حسابات لجنة التحكيم الرسمية على السوشال ميديا، للتعبير عن الغضب العارم الذي خلفته حلقة البرنامج، إضافة إلى إطلاق هاشتاغ #كلّنا_ضد_ذا_فويس_كيدز كنوع من رفض التلاعب بمشاعر الأطفال. كما دخل بعض صانعي الدراما السورية منهم النجمة شكران مرتجى والسيناريست نور الشيشكلي، على خطّ التضامن مع مواهب بلدهم، وكتبوا تعليقات تسأل عن سبب حشر الأطفال بلعبة السياسية، وعن أكبر كذبة تعرّض لها أطفال سوريا، وعن الحزن الذي رافق هذه التجربة رغم أن المطلوب منها عكس ذلك تماماً. وخصصت بعض الوسائل الإعلامية السورية جزءاً من الفترة الصباحية للحديث عن حلقة الأمس!.

  • فريق ماسة
  • 2018-01-27
  • 16225
  • من الأرشيف

حتى في «ذا فويس كيدز»... السوري مغلوب على أمره!

عندما فاز المغني السوري حازم شريف بلقب «أراب آيدول» العام 2014، أخذت الحالة يومها بُعداً رمزياً لتعطي للجمهور السوري الذي تابع البرنامج، دفعة من الأمل باستمرار الحياة رغم الموت الذي يحيط بمدينة الياسمين، وقدرة الشعب المكلوم على الفرح ولو بلقب صغير مثل «أراب آيدول». لكن الظرف يومها كان مواتياً بالنسبة لقناة mbc، لكي تنزل عن شجرة مقاطعتها لدمشق، فأتت الفرصة على طبق من ذهب، عندما تقدّم مشترك يحمل كل مقوّمات الفوز باللقب. هكذا، استعانت المحطة السعودية بإحدى أدواتها لتبث بضع لقطات من أحد مطاعم الشام، وتسلّط الضوء على متابعة السوريين لمواطنهم وهو يعتلي أكثر مسارح الوطن العربي شهرة. في كل البرامج المشابهة، إعتصمت المحطة المعروفة عند حالة إستثمار الوضع السوري ليكون مادة لاستجداء العطف الجماهيري، وتسوّل مشاركاتهم لتحقيق أكبر قدر ممكن من الربح! لكن المعادلة إختلفت بالنسبة إليها الآن. ربما أفل زمن الموضة السورية. رغم أن عدد المواهب القادمة من دمشق إلى «ذا فويس كيدز» (كل سبت 20:30 بتوقيت بيروت) وصل إلى 13 وتمكّن أصحابها من التأهّل للنهائيات، لكن الخطة كانت واضحة، وتقضي بضرورة تصفية تلك المواهب وإقصائها تباعاً. منذ الحلقة ما قبل الماضية، إختار كاظم الساهر أصوات ثلاثة سوريين ملفتة وهم: زياد أمونة، وتيم الحلبي، ويمان قصّار للوقوف سوية على المسرح، ليختار تيم الحلبي متذرّعاً بأنّ فريقه يحتاج إلى هذا النوع من الأصوات. على طريق تقليص عدد السوريين، مشت نانسي عجرم خطوة إضافية باختيارها لأصوات سورية مهمة وهي: خالد مرعي وشقيقه التوأم عابد مرعي، وكمي عز الدين، لتختار عابد. مرّة ثانية اختارت من سوريا يائيل القاسم (الصورة) وجيسيكا غربي وزين عمار، وأبقت على يائيل. لكن من تمكّن من تجاوز مرحلة المواجهة، كان استبعاده أمراً مؤكّداً في مرحلة المواجهة الثانية يوم أمس، ليظلّ البرنامج بدون أي مشترك سوري، رغم الإجماع على موهبة يمان قصّار المتميّزة، ورغم أن يائيل القاسم تمكّن من كسب تعاطف مدرّبته، بل أجبرها على ذرف الدموع. حالة التأثر في أقصى درجاتها لم تشفع للطفل الذي أدّى بإحساس عال وأسلوب متفرّد رائعة المغني آدم «خلصت الحكاية» وكان القرار بإبعاده عن المنافسة. لا يمكن للمتابع إلا أن يكتشف تسييس البرنامج والنتائج المعدّة سلفاً بعد هذا المشهد. فالحدّ الأدنى من المنطق يملي إختيار الطفل الذي حرّك مشاعر مدرّبته، وصاغ أعلى درجات التأثر بصوته. على أيّ حال، إختيرت مواهب الحلقة الأخيرة بناء على خطة محكمة. موهبتان من طرفي نقيض، واحدة يمنية وهي ماريا قحطان، وفي ذلك مواراة لكوارث الحرب السعودية على اليمن، بطريقة فنية توصل رسالة تفيد بتبني أطفال اليمن، وأخرى سعودية صاحبها لجي المسرحي، وهي مساحة صاحبة المشروع، خاصة أنه قلما تصل موهبة سعودية إلى هذه البرامج، إضافة إلى موهبة أشرقت أحمد المصرية، لضمان الهامش الجماهيري الواسع إضافة لموهبة جورج عاصي اللبنانية المتميزة، ونور وسام من العراق، وحمزة لبيض من تونس. المسرحية الهزلية التي حدثت على الشاشة، دفعت الآلاف من الجماهير السورية للتوجّه إلى حسابات لجنة التحكيم الرسمية على السوشال ميديا، للتعبير عن الغضب العارم الذي خلفته حلقة البرنامج، إضافة إلى إطلاق هاشتاغ #كلّنا_ضد_ذا_فويس_كيدز كنوع من رفض التلاعب بمشاعر الأطفال. كما دخل بعض صانعي الدراما السورية منهم النجمة شكران مرتجى والسيناريست نور الشيشكلي، على خطّ التضامن مع مواهب بلدهم، وكتبوا تعليقات تسأل عن سبب حشر الأطفال بلعبة السياسية، وعن أكبر كذبة تعرّض لها أطفال سوريا، وعن الحزن الذي رافق هذه التجربة رغم أن المطلوب منها عكس ذلك تماماً. وخصصت بعض الوسائل الإعلامية السورية جزءاً من الفترة الصباحية للحديث عن حلقة الأمس!.

المصدر : الأخبار اللبنانية/وسام كنعان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة