تداعت أجهزة المخابرات السعودية والأميركية والإسرائيلية والأردنية والكردية والقطرية والبريطانية والتركية إلى عقد اجتماع في العاصمة الأردنية عمان في اليوم الأول من حزيران 2014 للتحضير لغزو العراق عبر تنظيم داعش، حسب الوثيقة التي نشرتها صحيفة «أوزغورغوندوم» التركية في اليوم التالي للاجتماع.

ووفقا لهذه الوثيقة، فقد تم الاتفاق على ضرورة التنسيق بين داعش وإقليم كردستان العراق، بما يفضي إلى قيام الأولى بشن هجوم خاطف على الموصل، على حين تتولى الثانية أمر الاستيلاء على كركوك.

تخبرنا الوثيقة نفسها أيضاً أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني كان قد زار الأردن قبل أربعة أيام من ذلك الاجتماع، والتقى خلالها بعض المشاركين فيه لاحقا، وحرص على عدم حضور اجتماع مزمع عقده بعد أربعة أيام، فأوفد ابنه مسرور، بوصفه رئيس جهاز استخباراته الخاص.

حين غزت داعش الجزء الذي خصصته لها الولايات المتحدة مسبقاً غرب العراق، قامت على الفور بأسر الإزيديين واعتبارهم عبيدا وجواري.

وللتذكير فإن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الأسرى هم من الأكراد، لكن طبقا لاتفاق عمان فلا ينبغي على الجار الكردي أن يتدخل، حتى حين تمكن البعض منهم من الفرار والتحصن في جبل سنجار.

في نهاية المطاف، أنقذتهم فرقة القوات الخاصة في حزب العمال الكردستاني التركي، وليس بارزاني، وأنقذوا جميع المتحصنين في جبل سنجار، بمن فيهم غير الأكراد.

إن محاولة أتباع بارزاني إعادة كتابة تلك الرواية، وفقا لأهوائهم، لن تمحو عار جريمتهم بحق شعبهم.

هناك شخصية كردية معروفة كانت حاضرة اجتماع عمان أيضا، وهو الإسلامي الملا كريكار، الذي كان وقتها يقضي حكما بالسجن لمدة خمس سنوات في النرويج لتهديده بالقتل على شاشة التلفزيون رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ، لكنه مع ذلك خرج من سجنه وذهب إلى عمان لحضور الاجتماع على متن طائرة عسكرية تابعة لحلف الناتو، ثم عاد إلى زنزانته بعد بضعة أيام من انتهاء الاجتماع، معلنا من أوسلو مبايعته لداعش.

لم يحاسبه أحد لانتمائه لمنظمة إرهابية فحسب، بل تم تخفيف عقوبته سنتين، فأطلق سراحه فوراً إثرها، وصار قائدا لفرع داعش في أوروبا انطلاقا من العاصمة النرويجية أوسلو، تحت حماية ورعاية حلف شمال الأطلسي، وهذا يعني أن شبكة الـ«غلاديو» التابعة للحلف الأطلسي لا تزال في أوج نشاطها هناك.

ووفقا لمجلة «أكراد إسرائيل» التي تنقل عنها الصحافة التركية على نطاق واسع، فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسعود بارزاني، بإيفاد مئتي ألف إسرائيلي للمساعدة على إدارة شؤون الدولة الجديدة، المدعوة إلى التوسع داخل الأراضي السورية.

قبل ثمانية أشهر من اجتماع عمان، كانت باحثة من وزارة الدفاع الأميركية تدعى روبن رايت، قد أكدت موافقة بلادها على هذا المشروع، وكان آل بارزاني يؤكدون حتى ذلك الحين أنهم يدافعون عن جميع الأكراد، بما في ذلك أولئك الذين يقيمون في تركيا وإيران، ولفتت رايت آنذاك إلى استحالة تطبيق هذا المشروع، لكنها نشرت، مع ذلك، خريطة لدولة سنية تُمنح لداعش، وخريطة لدولة كردستان المعطاة لبارزاني في العراق وسورية، وأرست وزارة الدفاع الأميركية، بناء على ذلك مؤخرا، مناقصة بقيمة 500 مليون دولار على أحد المقاولين لتوريد أسلحة وذخائر سوفيتية الصنع بشكل رئيسي، وصلت الدفعة الأولى منها، عبر كردستان العراق، وهي حمولة مئتي شاحنة إلى محافظة الحسكة، تم تسليمها بين 11– 19 أيلول الجاري لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، تحت أنظار داعش التي لم تعترض سبيل تلك القافلة.

ولتكتمل الصورة التي يخبئها استفتاء كردستان العراق، نشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخرا، صورا من أقمارها الصناعية لمعسكر تابع للقوات الخاصة الأميركية داخل أراض تحتلها داعش في سورية، تُظهر الجنود الأميركيين وهم يعيشون جنبا إلى جنب مع الأكراد والجهاديين بوئام تام.

  • فريق ماسة
  • 2017-09-25
  • 13157
  • من الأرشيف

ما يخبئه الاستفتاء

تداعت أجهزة المخابرات السعودية والأميركية والإسرائيلية والأردنية والكردية والقطرية والبريطانية والتركية إلى عقد اجتماع في العاصمة الأردنية عمان في اليوم الأول من حزيران 2014 للتحضير لغزو العراق عبر تنظيم داعش، حسب الوثيقة التي نشرتها صحيفة «أوزغورغوندوم» التركية في اليوم التالي للاجتماع. ووفقا لهذه الوثيقة، فقد تم الاتفاق على ضرورة التنسيق بين داعش وإقليم كردستان العراق، بما يفضي إلى قيام الأولى بشن هجوم خاطف على الموصل، على حين تتولى الثانية أمر الاستيلاء على كركوك. تخبرنا الوثيقة نفسها أيضاً أن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني كان قد زار الأردن قبل أربعة أيام من ذلك الاجتماع، والتقى خلالها بعض المشاركين فيه لاحقا، وحرص على عدم حضور اجتماع مزمع عقده بعد أربعة أيام، فأوفد ابنه مسرور، بوصفه رئيس جهاز استخباراته الخاص. حين غزت داعش الجزء الذي خصصته لها الولايات المتحدة مسبقاً غرب العراق، قامت على الفور بأسر الإزيديين واعتبارهم عبيدا وجواري. وللتذكير فإن الأغلبية الساحقة من هؤلاء الأسرى هم من الأكراد، لكن طبقا لاتفاق عمان فلا ينبغي على الجار الكردي أن يتدخل، حتى حين تمكن البعض منهم من الفرار والتحصن في جبل سنجار. في نهاية المطاف، أنقذتهم فرقة القوات الخاصة في حزب العمال الكردستاني التركي، وليس بارزاني، وأنقذوا جميع المتحصنين في جبل سنجار، بمن فيهم غير الأكراد. إن محاولة أتباع بارزاني إعادة كتابة تلك الرواية، وفقا لأهوائهم، لن تمحو عار جريمتهم بحق شعبهم. هناك شخصية كردية معروفة كانت حاضرة اجتماع عمان أيضا، وهو الإسلامي الملا كريكار، الذي كان وقتها يقضي حكما بالسجن لمدة خمس سنوات في النرويج لتهديده بالقتل على شاشة التلفزيون رئيسة الوزراء إرنا سولبرغ، لكنه مع ذلك خرج من سجنه وذهب إلى عمان لحضور الاجتماع على متن طائرة عسكرية تابعة لحلف الناتو، ثم عاد إلى زنزانته بعد بضعة أيام من انتهاء الاجتماع، معلنا من أوسلو مبايعته لداعش. لم يحاسبه أحد لانتمائه لمنظمة إرهابية فحسب، بل تم تخفيف عقوبته سنتين، فأطلق سراحه فوراً إثرها، وصار قائدا لفرع داعش في أوروبا انطلاقا من العاصمة النرويجية أوسلو، تحت حماية ورعاية حلف شمال الأطلسي، وهذا يعني أن شبكة الـ«غلاديو» التابعة للحلف الأطلسي لا تزال في أوج نشاطها هناك. ووفقا لمجلة «أكراد إسرائيل» التي تنقل عنها الصحافة التركية على نطاق واسع، فقد تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمسعود بارزاني، بإيفاد مئتي ألف إسرائيلي للمساعدة على إدارة شؤون الدولة الجديدة، المدعوة إلى التوسع داخل الأراضي السورية. قبل ثمانية أشهر من اجتماع عمان، كانت باحثة من وزارة الدفاع الأميركية تدعى روبن رايت، قد أكدت موافقة بلادها على هذا المشروع، وكان آل بارزاني يؤكدون حتى ذلك الحين أنهم يدافعون عن جميع الأكراد، بما في ذلك أولئك الذين يقيمون في تركيا وإيران، ولفتت رايت آنذاك إلى استحالة تطبيق هذا المشروع، لكنها نشرت، مع ذلك، خريطة لدولة سنية تُمنح لداعش، وخريطة لدولة كردستان المعطاة لبارزاني في العراق وسورية، وأرست وزارة الدفاع الأميركية، بناء على ذلك مؤخرا، مناقصة بقيمة 500 مليون دولار على أحد المقاولين لتوريد أسلحة وذخائر سوفيتية الصنع بشكل رئيسي، وصلت الدفعة الأولى منها، عبر كردستان العراق، وهي حمولة مئتي شاحنة إلى محافظة الحسكة، تم تسليمها بين 11– 19 أيلول الجاري لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية، تحت أنظار داعش التي لم تعترض سبيل تلك القافلة. ولتكتمل الصورة التي يخبئها استفتاء كردستان العراق، نشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخرا، صورا من أقمارها الصناعية لمعسكر تابع للقوات الخاصة الأميركية داخل أراض تحتلها داعش في سورية، تُظهر الجنود الأميركيين وهم يعيشون جنبا إلى جنب مع الأكراد والجهاديين بوئام تام.

المصدر : الوطن / تيري ميسان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة