لعلّ انسحاب «جيش العشائر» من مواقع له شرق السويداء باتجاه الأردن، يظهر بشكل أوضح دعم عمان للتهدئة في الجنوب السوري. ويعمل الأردن، أيضاً، على تثمير الاتفاق الأميركي ــ الروسي للاستفادة منه لتحقيق مصلحة في مدّ الجسور مع دمشق، نتاجها العمل الفعلي لإعادة فتح المعابر، وإحياء النشاط التجاري الذي تضرّر كثيراً

لا يزال معبر نصيب الحدودي، بين الأردن وسوريا، يمثّل «تيرمومتر» في مستقبل العلاقة بين البلدين، فبعد أيام من الحديث الأردني عن فتح المعبر ووصول طلائع الجيش السوري إليه، عاد محافظ درعا محمد خالد الهنوس لينفي فتح «نصيب» (معبر جابر بالتسمية الأردنية)، مؤكداً أنه لا يزال مغلقاً منذ أكثر من عامين.

وفي ظل بقاء فصائل من «الجيش الحر» على المعبر، أكد المحافظ في حديث صحافي، أول من أمس، أن «نصيب» لن يفتح إلا بموافقة وإشراف من دمشق.

وفي المجمل، جاءت استعادة الجيش السوري السيطرة على الحدود مع المملكة من جهة محافظة السويداء، وتعزيز قوّته في ريفي درعا والقنيطرة ومحيطها المحاذي للجولان، بالتزامن مع اتفاق «تهدئة الجنوب» بين واشنطن وموسكو بمشاركة أردنية، لتثبّت الوضع القائم.

وبعد استعادة الجيش السوري مساحات واسعة مع الأردن تجاوزت 50 كيلومتراً من الشريط الحدودي من جهة محافظة السويداء، اتضح انهيار الخطط الأميركية في المنطقة انطلاقاً من التنف، وخاصة بعد حصر هذا الوجود إلى جانب الفصائل العاملة معه في جيب بعد نجاح الجيش وحلفائه في الوصول إلى الحدود العراقية شمالاً، ثم تضييقه أكثر بعد عمليات ريف السويداء.

 

الجيش على النقيض

 

طوال سنوات الأزمة السورية، بقي موقف الجيش الأردني متمايزاً بالحد الأدنى قياساً بمواقف الأجهزة الأمنية الأخرى (المخابرات)، أو تلك المعلنة للحكومة. وهنا تؤكد مصادر في المملكة، تحدثت إلى «الأخبار»، أن الجيش الذي اعتاد ألا يبرز مواقفه في الإعلام «يؤيد بأعلى مستوياته التعاون مع نظيره السوري». وتؤكد المصادر وجود اجتماعات بين الضباط في المؤسستين، وخاصة أن «الجانب السوري يصرّ على الحديث إلى الجيش حصراً كلما رغب في تبادل الرسائل، بصفته محط ثقة دون مؤسسات الحكم الأخرى في الأردن».

انحياز الجيش بات مفهوماً في المملكة، فالمؤسسة العسكرية التي يشكل عمودها الفقري أبناء العشائر الشرق ــ أردنية ستكون الخاسر الأكبر من أي فوضى أو انفلات تتعرض له البلاد، وكذلك لجهة الخطر التكفيري الداخلي، أو حتى لو أقحمت في أي مواجهة على الأراضي السورية. لكن «المخابرات»، وفق المصادر نفسها، ليست على وفاق تام في هذا الملف مع الجيش، وذلك يرجع إلى طبيعة تكوينها وبنائها وعلاقاتها بالأميركيين والبريطانيين، فضلاً عن مستوى التنسيق الأمني العالي مع إسرائيل.

ومنذ مدة، نفى رئيس الأركان الأردني، الفريق محمود فريحات، أي «نية لتدخل عسكري أردني فوق الأراضي السورية». ومنذ بدايات الأزمة، كانت المعطيات المتداولة في أكثر من مستوى، من داخل المؤسسة العسكرية، ومن جسم المتقاعدين من مختلف المرتبات، تقول إنهم ضد أي تدخل في الشأن السوري، وكانوا يرجحون المحافظة على قنوات الاتصال والتنسيق مع الجيش السوري، «لأن أمن ووحدة سوريا واستمرار الدولة هو استمرار لأمن واستقرار الأردن... وإن حدث العكس، فالضحية التالية ستكون الأردن شعباً وكياناً ونظام حكم»، كما يقول نائب الأمين العام لـ«حزب الوحدة الشعبية» المعارض، عصام الخواجا.

ويضيف الخواجا أن «الاعتراض الإسرائيلي على الهدنة في الجنوب السوري ليس مستغرباً، فقد توجّه وفد أمني يضم رئيس جهاز الموساد ورئيس الاستخبارات العسكرية وآخرين إلى واشنطن، وكان من ضمن مهمات ذلك الوفد تعديل اتفاق الهدنة، الذي لم يأخذ في نظرهم احتياجات إسرائيل الأمنية ومصالحها». كما يرى أن ما حدث «عزّز موقف الجيش السوري وسيطرته على الأرض، وهو ما يؤسس لاستعادة جاهزيته بعد سنوات من العمل على تقويض قدراته والحيلولة دون استعادة عافيته».

 

 

يتمايز موقف الجيش عن «المخابرات» بالميل إلى التنسيق مع دمشق

 

أما عن مواقف الحكومات الأردنية المتعاقبة، وهذا ينطبق على حكومة هاني الملقي الحالية، فهي الأقل شأناً في الميزان الداخلي، لأن الحكومة لا تتمتع بالولاية العامة التي نزعت منها بفعل التعديلات الدستورية. ويتابع الخواجا: «هذا القرار (بوزن عودة العلاقة مع السوريين) يحدده القصر والأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية... والحكومة مجرد قناة وظيفية توكل إليها مهمة التعبير عن الموقف فقط». ويشار إلى أن وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني، قال قبل أيام، إن بلاده «مع إقرارها بأن فتح معبر نصيب مصلحة أردنية، لكننا نرفض وجود ميليشيات طائفية قرب الحدود الشمالية».

الصحافي والكاتب محمد عرسان، الذي يتابع الملف السوري ــ الأردني، يرى أن الهدنة في الجنوب السوري «اتفاق أميركي ــ روسي، لكنه مصلحة أردنية خاصة في حال فتحت المعابر وشُكّلت منطقة عازلة تضمن غياب أي ميليشيات شيعية»، لكنه استغرب «انسحاب جيش العشائر الذي دربه الأردن من المناطق التي كان يسيطر عليها، فيما حل مكانه الجيش السوري».

وبينما يتحدث عرسان عن «قرب إغلاق غرفة الموك قبل نهاية العام الجاري»، فإن عضو المكتب السياسي لـ«الحركة الشعبية الأردنية» محمد الروسان ذكر أن تلك الغرفة «أغلقت عدة مرات في أوقات متقطعة... إلى أن أقفلت بالفعل أبوابها قبيل هدنة الجنوب، والمرتقب غرفة روسية ــ أردنية ستقود الأوضاع من جديد، وتهيئ العلاقات مع دمشق».

من جهة أخرى، «يحلم» القطاع التجاري والصناعي بعودة المعابر مع سوريا إلى العمل، وهو أيضاً ما يمثل «محط ترحيب» على المستوى الشعبي والحزبي، والمؤسسة العسكرية، وكذلك السلطة التنفيذية، حتى لو اختلفت خلفيات وأسباب هذا الارتياح بالنسبة إلى كل طرف، لما يمثله ذلك من «انفراج اقتصادي» كبير، بالإضافة إلى التمهيد لعودة اللاجئين السوريين، فيما يستثنى من ذلك موقف جماعة «الإخوان المسلمين».

 

طوق نجاة؟

 

يرى المختص في الشأن السوري عامر السبايلة أن الأردن بصفته دولة «يفضل إعادة ترتيب المنطقة الحدودية مع القوات السورية الحكومية، وفتح المعابر، لكن يبقى التحدي في تجسير الهوة السياسية مع دمشق، وذلك يتطلب مرونة أردنية تبدأ بتغيير النهج والشخوص». يضيف السبايلة: «الكرة في الملعب الأردني، إذ إن اتفاق الهدنة وفّر طوق نجاة في مواجهة الضغوط المتعددة إسرائيلياً وخليجياً».

يعود الخواجا، نائب الأمين العام لحزب «الوحدة»، ليتفق مع سابقه في أن المصلحة الأردنية «تكمن في تجنب الغوص في الملف السوري إلا ضمن الحدود الدنيا، لكن هذه الرغبة التي لم يعبّر عنها بصراحة كانت تصطدم بشبكة ارتباطات النظام وانخراطه ضمن ما يسمى دول الاعتدال، بجانب ارتباطه بقيود معاهدة وادي عربة التي سلبت منذ توقيعها استقلالية القرار الأردني».

ولا يخفى أن المملكة انخرطت عملياً في الملف السوري بتوفير معسكرات ومراكز تدريب على أرضها للمجموعات المسلحة بإشراف أميركي ــ بريطاني وتمويل خليجي، علماً بأن جزءاً كبيراً من هذا المشروع صبّ في أيدي «داعش» و«النصرة».

حتى الموقف الشعبي، الذي يمكن رصده من المساجد والمناسبات العامة، بدأ يميل إلى إعادة العلاقة، لكن ضمن حدود المصلحة العامة والاقتصادية، وهو ما يتحدث عنه الداعية مصطفى أبو رمان، الذي يؤيد إعادة العلاقة، مشيراً إلى أن «السلفيين والإخوانيين هم المسؤولون بدرجة أولى عن تحريض المجتمع في السنوات السبع الماضية، وهو ما أنتج مشاركة مسلحة في الحرب هناك، وخاصة أن موقفهم لم يتغير حتى اللحظة».

ويشير إلى «غالبية صامتة» ترفض ما يذهب إليه «الإخوانيون» والسلفيون، لكنهم يخشون من تأييد علني للدولة السورية و«محور الممانعة»، وخاصة في ظل تحالف الإعلام المحلي مع الموقف الرسمي وكذلك الإسلامي، وكذلك بسبب ما سيلاقونه من «اتهامات بالتشيع أو العمالة لإيران، وأيضاً تعرض بعضهم لتهديدات فعلية بالقتل».

 

إسرائيل أحرص على الأردن من نفسها!

 

في مقالة تحليلية للكاتب عاموس هرئيل في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قال إن إسرائيل قدمت إلى الأردن «مساعدة استخبارية وأمنية لتعزيز استقرارها خشية زيادة السيطرة الإيرانية في المنطقة»، مضيفاً أن تل أبيب نقلت إلى عمان مروحيّات قديمة قابلة للاستخدام من طراز «كوبرا»، بعدما أغلق سلاح الجو الإسرائيلي سربَي «كوبرا» خاصين به. وانطلق هرئيل في الإشادة بمستوى التنسيق بين الطرفين في ما يتعلق بجنوبي سوريا، وخاصة أن «الدولتين قلقتان من تمركز الجيش السوري هناك، وتخشيان أن تنشر إيران قوات من الحرس الثوري أو حزب الله، على مقربة من الحدود المشتركة».

 

  • فريق ماسة
  • 2017-08-22
  • 6807
  • من الأرشيف

الأردن «الحائر» في سورية... طوق النجاة في المعابر؟

لعلّ انسحاب «جيش العشائر» من مواقع له شرق السويداء باتجاه الأردن، يظهر بشكل أوضح دعم عمان للتهدئة في الجنوب السوري. ويعمل الأردن، أيضاً، على تثمير الاتفاق الأميركي ــ الروسي للاستفادة منه لتحقيق مصلحة في مدّ الجسور مع دمشق، نتاجها العمل الفعلي لإعادة فتح المعابر، وإحياء النشاط التجاري الذي تضرّر كثيراً لا يزال معبر نصيب الحدودي، بين الأردن وسوريا، يمثّل «تيرمومتر» في مستقبل العلاقة بين البلدين، فبعد أيام من الحديث الأردني عن فتح المعبر ووصول طلائع الجيش السوري إليه، عاد محافظ درعا محمد خالد الهنوس لينفي فتح «نصيب» (معبر جابر بالتسمية الأردنية)، مؤكداً أنه لا يزال مغلقاً منذ أكثر من عامين. وفي ظل بقاء فصائل من «الجيش الحر» على المعبر، أكد المحافظ في حديث صحافي، أول من أمس، أن «نصيب» لن يفتح إلا بموافقة وإشراف من دمشق. وفي المجمل، جاءت استعادة الجيش السوري السيطرة على الحدود مع المملكة من جهة محافظة السويداء، وتعزيز قوّته في ريفي درعا والقنيطرة ومحيطها المحاذي للجولان، بالتزامن مع اتفاق «تهدئة الجنوب» بين واشنطن وموسكو بمشاركة أردنية، لتثبّت الوضع القائم. وبعد استعادة الجيش السوري مساحات واسعة مع الأردن تجاوزت 50 كيلومتراً من الشريط الحدودي من جهة محافظة السويداء، اتضح انهيار الخطط الأميركية في المنطقة انطلاقاً من التنف، وخاصة بعد حصر هذا الوجود إلى جانب الفصائل العاملة معه في جيب بعد نجاح الجيش وحلفائه في الوصول إلى الحدود العراقية شمالاً، ثم تضييقه أكثر بعد عمليات ريف السويداء.   الجيش على النقيض   طوال سنوات الأزمة السورية، بقي موقف الجيش الأردني متمايزاً بالحد الأدنى قياساً بمواقف الأجهزة الأمنية الأخرى (المخابرات)، أو تلك المعلنة للحكومة. وهنا تؤكد مصادر في المملكة، تحدثت إلى «الأخبار»، أن الجيش الذي اعتاد ألا يبرز مواقفه في الإعلام «يؤيد بأعلى مستوياته التعاون مع نظيره السوري». وتؤكد المصادر وجود اجتماعات بين الضباط في المؤسستين، وخاصة أن «الجانب السوري يصرّ على الحديث إلى الجيش حصراً كلما رغب في تبادل الرسائل، بصفته محط ثقة دون مؤسسات الحكم الأخرى في الأردن». انحياز الجيش بات مفهوماً في المملكة، فالمؤسسة العسكرية التي يشكل عمودها الفقري أبناء العشائر الشرق ــ أردنية ستكون الخاسر الأكبر من أي فوضى أو انفلات تتعرض له البلاد، وكذلك لجهة الخطر التكفيري الداخلي، أو حتى لو أقحمت في أي مواجهة على الأراضي السورية. لكن «المخابرات»، وفق المصادر نفسها، ليست على وفاق تام في هذا الملف مع الجيش، وذلك يرجع إلى طبيعة تكوينها وبنائها وعلاقاتها بالأميركيين والبريطانيين، فضلاً عن مستوى التنسيق الأمني العالي مع إسرائيل. ومنذ مدة، نفى رئيس الأركان الأردني، الفريق محمود فريحات، أي «نية لتدخل عسكري أردني فوق الأراضي السورية». ومنذ بدايات الأزمة، كانت المعطيات المتداولة في أكثر من مستوى، من داخل المؤسسة العسكرية، ومن جسم المتقاعدين من مختلف المرتبات، تقول إنهم ضد أي تدخل في الشأن السوري، وكانوا يرجحون المحافظة على قنوات الاتصال والتنسيق مع الجيش السوري، «لأن أمن ووحدة سوريا واستمرار الدولة هو استمرار لأمن واستقرار الأردن... وإن حدث العكس، فالضحية التالية ستكون الأردن شعباً وكياناً ونظام حكم»، كما يقول نائب الأمين العام لـ«حزب الوحدة الشعبية» المعارض، عصام الخواجا. ويضيف الخواجا أن «الاعتراض الإسرائيلي على الهدنة في الجنوب السوري ليس مستغرباً، فقد توجّه وفد أمني يضم رئيس جهاز الموساد ورئيس الاستخبارات العسكرية وآخرين إلى واشنطن، وكان من ضمن مهمات ذلك الوفد تعديل اتفاق الهدنة، الذي لم يأخذ في نظرهم احتياجات إسرائيل الأمنية ومصالحها». كما يرى أن ما حدث «عزّز موقف الجيش السوري وسيطرته على الأرض، وهو ما يؤسس لاستعادة جاهزيته بعد سنوات من العمل على تقويض قدراته والحيلولة دون استعادة عافيته».     يتمايز موقف الجيش عن «المخابرات» بالميل إلى التنسيق مع دمشق   أما عن مواقف الحكومات الأردنية المتعاقبة، وهذا ينطبق على حكومة هاني الملقي الحالية، فهي الأقل شأناً في الميزان الداخلي، لأن الحكومة لا تتمتع بالولاية العامة التي نزعت منها بفعل التعديلات الدستورية. ويتابع الخواجا: «هذا القرار (بوزن عودة العلاقة مع السوريين) يحدده القصر والأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية... والحكومة مجرد قناة وظيفية توكل إليها مهمة التعبير عن الموقف فقط». ويشار إلى أن وزير الدولة لشؤون الإعلام محمد المومني، قال قبل أيام، إن بلاده «مع إقرارها بأن فتح معبر نصيب مصلحة أردنية، لكننا نرفض وجود ميليشيات طائفية قرب الحدود الشمالية». الصحافي والكاتب محمد عرسان، الذي يتابع الملف السوري ــ الأردني، يرى أن الهدنة في الجنوب السوري «اتفاق أميركي ــ روسي، لكنه مصلحة أردنية خاصة في حال فتحت المعابر وشُكّلت منطقة عازلة تضمن غياب أي ميليشيات شيعية»، لكنه استغرب «انسحاب جيش العشائر الذي دربه الأردن من المناطق التي كان يسيطر عليها، فيما حل مكانه الجيش السوري». وبينما يتحدث عرسان عن «قرب إغلاق غرفة الموك قبل نهاية العام الجاري»، فإن عضو المكتب السياسي لـ«الحركة الشعبية الأردنية» محمد الروسان ذكر أن تلك الغرفة «أغلقت عدة مرات في أوقات متقطعة... إلى أن أقفلت بالفعل أبوابها قبيل هدنة الجنوب، والمرتقب غرفة روسية ــ أردنية ستقود الأوضاع من جديد، وتهيئ العلاقات مع دمشق». من جهة أخرى، «يحلم» القطاع التجاري والصناعي بعودة المعابر مع سوريا إلى العمل، وهو أيضاً ما يمثل «محط ترحيب» على المستوى الشعبي والحزبي، والمؤسسة العسكرية، وكذلك السلطة التنفيذية، حتى لو اختلفت خلفيات وأسباب هذا الارتياح بالنسبة إلى كل طرف، لما يمثله ذلك من «انفراج اقتصادي» كبير، بالإضافة إلى التمهيد لعودة اللاجئين السوريين، فيما يستثنى من ذلك موقف جماعة «الإخوان المسلمين».   طوق نجاة؟   يرى المختص في الشأن السوري عامر السبايلة أن الأردن بصفته دولة «يفضل إعادة ترتيب المنطقة الحدودية مع القوات السورية الحكومية، وفتح المعابر، لكن يبقى التحدي في تجسير الهوة السياسية مع دمشق، وذلك يتطلب مرونة أردنية تبدأ بتغيير النهج والشخوص». يضيف السبايلة: «الكرة في الملعب الأردني، إذ إن اتفاق الهدنة وفّر طوق نجاة في مواجهة الضغوط المتعددة إسرائيلياً وخليجياً». يعود الخواجا، نائب الأمين العام لحزب «الوحدة»، ليتفق مع سابقه في أن المصلحة الأردنية «تكمن في تجنب الغوص في الملف السوري إلا ضمن الحدود الدنيا، لكن هذه الرغبة التي لم يعبّر عنها بصراحة كانت تصطدم بشبكة ارتباطات النظام وانخراطه ضمن ما يسمى دول الاعتدال، بجانب ارتباطه بقيود معاهدة وادي عربة التي سلبت منذ توقيعها استقلالية القرار الأردني». ولا يخفى أن المملكة انخرطت عملياً في الملف السوري بتوفير معسكرات ومراكز تدريب على أرضها للمجموعات المسلحة بإشراف أميركي ــ بريطاني وتمويل خليجي، علماً بأن جزءاً كبيراً من هذا المشروع صبّ في أيدي «داعش» و«النصرة». حتى الموقف الشعبي، الذي يمكن رصده من المساجد والمناسبات العامة، بدأ يميل إلى إعادة العلاقة، لكن ضمن حدود المصلحة العامة والاقتصادية، وهو ما يتحدث عنه الداعية مصطفى أبو رمان، الذي يؤيد إعادة العلاقة، مشيراً إلى أن «السلفيين والإخوانيين هم المسؤولون بدرجة أولى عن تحريض المجتمع في السنوات السبع الماضية، وهو ما أنتج مشاركة مسلحة في الحرب هناك، وخاصة أن موقفهم لم يتغير حتى اللحظة». ويشير إلى «غالبية صامتة» ترفض ما يذهب إليه «الإخوانيون» والسلفيون، لكنهم يخشون من تأييد علني للدولة السورية و«محور الممانعة»، وخاصة في ظل تحالف الإعلام المحلي مع الموقف الرسمي وكذلك الإسلامي، وكذلك بسبب ما سيلاقونه من «اتهامات بالتشيع أو العمالة لإيران، وأيضاً تعرض بعضهم لتهديدات فعلية بالقتل».   إسرائيل أحرص على الأردن من نفسها!   في مقالة تحليلية للكاتب عاموس هرئيل في صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قال إن إسرائيل قدمت إلى الأردن «مساعدة استخبارية وأمنية لتعزيز استقرارها خشية زيادة السيطرة الإيرانية في المنطقة»، مضيفاً أن تل أبيب نقلت إلى عمان مروحيّات قديمة قابلة للاستخدام من طراز «كوبرا»، بعدما أغلق سلاح الجو الإسرائيلي سربَي «كوبرا» خاصين به. وانطلق هرئيل في الإشادة بمستوى التنسيق بين الطرفين في ما يتعلق بجنوبي سوريا، وخاصة أن «الدولتين قلقتان من تمركز الجيش السوري هناك، وتخشيان أن تنشر إيران قوات من الحرس الثوري أو حزب الله، على مقربة من الحدود المشتركة».  

المصدر : الماسة السورية/ الأخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة