دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
فيما حملت ردود موسكو على إسقاط «التحالف الدولي» لقاذفة سوريّة، تحديات جديدة لواشنطن تتمثّل في فقدان التنسيق مع الروس وتهديد أمن طائراتها العاملة في سوريا، تشير المعطيات إلى أن الجيش وحلفاءه لن يهدروا أي وقت متاح في تحرّكهم نحو دير الزور، وهم يعدّون العدة لتسريع تلك العمليات على جبهات منسّقة تلتقي في ريف الدير
أعاد التصعيد الأخير من قبل الولايات المتحدة عبر إسقاط القاذفة السورية جنوب الرقة، التوتر بين واشنطن وموسكو إلى حاله ما بعد العدوان الأميركي على مطار الشعيرات. الرد الروسي كان ــ مجدداً ــ عبر تعليق العمل بمذكّرة التفاهم حول سلامة الطيران في الأجواء السورية، وجاء مصحوباً بتحذير من أن الدفاعات الجوية الروسية سوف تراقب جميع تحركات طائرات «التحالف الدولي» فوق الأراضي السورية غربي الفرات، على اعتبار أنها «أهداف شرعية».
وكما جرى حين عدوان الشعيرات، لم تتوقف عمليات الجيش السوري وحلفائه على الأرض. وتابع تقدمه أمس، على محور عمليات جنوب الرقة، ليسيطر على مدينة الرصافة وعدد من المزارع المحيطة بها. وفي المقابل خفّت وتيرة الاشتباكات بين الجيش و«قوات سوريا الديموقراطية» شمال هذا المحور، بعدما تركّزت ليل أول من أمس، في عدة نقاط قرب بلدتي جعدين والشويحان شمال غرب الرصافة. وتشير المعلومات الميدانية إلى أن الجيش يُعدّ لتنشيط عدة عمليات عسكرية منسّقة، تهدف إلى نقل كامل العمليات نحو بادية دير الزور، انطلاقاً من المحاور التي رسمتها تحركاته خلال الأسابيع الماضية، حيث ينتظر أن يشهد محور تدمر ــ السخنة ضغطاً عسكرياً كبيراً من قبل الجيش وحلفائه، بهدف السيطرة على السخنة والانطلاق نحو دير الزور. وفي المقابل يعمل الجيش على إغلاق الجيب الذي يسيطر عليه «داعش» في ريف حلب الجنوبي الشرقي ــ شرق طريق خناصر ــ عبر التقدم على محور إثريا ــ الطبقة. حيث شهد أمس هذا المحور سيطرة الجيش على نقطتي المسبح وتل أبو زين. وبالتوازي، ستستخدم القوات مدينة الرصافة المسيطر عليها أخيراً، كنقطة انطلاق لعمليات تمتد في موازاة نهر الفرات، للتقدم نحو الدير من الناحية الشمالية الغربية، وعزلها عن مواقع سيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، بما يمنع أي خطط قد يضعها «التحالف» للزجّ بتلك القوات في معارك نحو الدير.
ويعكس التصعيد الأخير بين الجيش و«قسد»، الذي عزّزه تحرك «التحالف» الأخير، رفض دمشق وحلفائها لتوسّع القوات البرية العاملة تحت راية «التحالف»، وقضمها لمزيد من مساحة الجغرافيا السورية. وفي السياق نفسه، أوضح مصدر سوري رسمي بارز، أن «دمشق حرصت على النظر بإيجابية إلى دور الأكراد في محاربة تنظيم (داعش)، بوصفهم مكوّناً سورياً يشارك في محاربة الإرهاب»، مضيفاً في الوقت نفسه، أنه «حين تبدر عنهم سلوكيات مختلفة، فحتماً سيكون التعامل مختلفاً». وشدد المصدر على أن «لا أحد يمتلك الحق في منع الجيش السوري من تحرير أراضٍ سورية. ومن يحاول فسيفشل حتماً».
شدد مصدر سوريّ على أن تعامل دمشق مع الأكراد سيكون مرتبطاً بسلوكهم
وعلى الجانب الآخر، يتهم الأكراد القوات الحكومية ببدء التصعيد ضدهم. وضمن هذا السياق، قال المتحدث الرسمي باسم «قسد» طلال سلو، في حديث إلى «الأخبار»، إنه «في حال تكرُّر الاعتداء، ونتمنى ألا يتكرر، لن نقف مكتوفي الأيدي». وأضاف: «نعتقد أن المسار الأفضل للعلاقة بيننا وبين النظام هو المسار السياسي القائم على محادثات للتفاهم حول مستقبل سوريا». وشدد على أن «لا تواصل بشكل مباشر (لقواته) مع النظام، أما في المناطق التي توجد فيها سيطرة مشتركة أو متجاورة (مثل منبج)، فيقوم (مكتب العلاقات العامة) بالتواصل حين تدعو الحاجة»، لافتاً إلى أنه «حين وقعت اشتباكات الحسكة تدخّل الروس، وكان الاتفاق على تحاشي أي صدام مستقبلي. ولكن النظام لم يلتزم الاتفاق».
الوساطة الروسية التي عملت على حلّ عدد من الأزمات المشابهة، تتداخل معها اليوم حسابات توازن القوة مع الجانب الأميركي. إذ إن الأخير يحاول فرض مناطق «منع تصادم» في محيط المواقع التي تسيطر عليها القوات التي يدعمها على الأرض، وهي سياسة لقيت اعتراضاً سياسياً من موسكو، إلى جانب الرد الميداني من دمشق والحلفاء، كما جرى شمال التنف.
وبدا واضحاً من بيان وزارة الدفاع الروسي أن موسكو لن تسلّم بمعادلات «منع التصادم» الأميركية، أحادية الجانب. إذ أشار البيان إلى أن «إسقاط طائرة تابعة لسلاح الجو السوري في المجال الجوي السوري، يشكّل انتهاكاً سافراً لسيادة سوريا»، مضيفاً أن «العمليات القتالية الأميركية تحت ستار (مكافحة الإرهاب) ضد القوات الشرعية لدولة عضو في الأمم المتحدة، تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، وعدواناً عسكرياً». وقال إن القوات الروسية ستعتبر أي طلعات جوية داخل منطقة عمليات قواتها الجوية في سوريا «هدفاً مشروعاً»، موضحاً أن «أي طائرات حربيّة أو مسيّرة تابعة لقوات (التحالف الدولي) سترصدها القوات الروسية في مناطق العمليات غرب نهر الفرات، ستتابع من قبل طائرات الدفاع الجوي الروسية ومن قبل وسائط الدفاع الجوي الأرضية، على أنها أهداف جويّة».
وعلى خلاف ما أشار إليه بيان «التحالف» حول إسقاط الطائرة السورية، أوضحت وزارة الدفاع الروسية أن «قيادة (التحالف) لم تستخدم خط الاتصال القائم بين القيادة الجوية لقاعدة العديد (الأميركية في قطر) وقاعدة حميميم الجوية»، مشيرة إلى أن موسكو «تعتبر أن تصرفات القيادة الأميركية، هي تقصير متعمد في التزاماتها بموجب مذكرة منع وقوع الحوادث».
وعقب البيان الروسي، خرج المتحدث باسم القوات الأميركية ضمن «التحالف»، ريان ديلون، ليؤكد أن واشنطن تعمل على تغيير مواقع طائراتها فوق سوريا «لضمان مواصلة استهداف (داعش) وضمان سلامة طواقمها»، وذلك في سيناريو مشابه للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها القوات الأميركية في سوريا عقب عدوان الشعيرات. كذلك أوضح رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي جوزيف دانفورد، أن بلاده تسعى إلى إعادة الخط الساخن بين الجيشين الأميركي والروسي، مؤكداً أن العمل جارٍ ضمن هذا الإطار «على المستويين الديبلوماسي والعسكري». ومن جانبه، قال المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر: «سنقوم بكل ما نستطيع لحماية مصالحنا في سوريا... وسنحتفظ بحق الدفاع عن أنفسنا هناك»، مضيفاً أن «من المهم إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع روسيا».
المصدر :
الماسة السورية/ الأخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة