دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا تزال التفاعلات الدولية بخصوص «مناطق تخفيف التصعيد»، متواصلة وبالأخص الموقف الأميركي منها. بدت واشنطن مرتبكة حيال الاتفاق الذي وقعته روسيا، إيران وتركيا في عاصمة كازاخستان، خصوصاً أن التوقيع جاء بعد ساعات قليلة على مكالمة الرئيسين الأميركي والروسي الهاتفية، والتي تطرقت إلى مناقشة المناطق الآمنة.
وعلى الرغم من إشارة الروس إلى وجود ترحيب أميركي وسعودي بمبادرة الرئيس فلاديمير بوتين، إلا أن الرفض الذي أعرب عنه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بيدا) و«الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة يشي بأن موقف داعميهم الحقيقي «الأميركيون، بالنسبة للأول، والسعوديين بالنسبة للثانية» هو الرفض. ويكتسب هذا الأمر أهمية كبرى مع اقتراب زيارة ترامب إلى السعودية. وبدأ منتصف ليل السبت سريان اتفاق أستانا بشأن مناطق «تخفيف التصعيد» في سورية، حيث من المقرر أن تشكل الدول الضامنة «روسيا، إيران وتركيا» فريق عمل مشتركاً مهمته إعداد خرائط لحدود مناطق وقف التصعيد والمناطق العازلة «مناطق الأمن» التي ستمتد على حدود مناطق تخفيف التصعيد.
ولم تغلق موسكو الباب أمام زيادة عدد المناطق الآمنة في سورية، وأشارت إلى أن تنفيذ المذكرة سيسمح للجيش السوري بتوجيه قوات إضافية لمحاربة تنظيم داعش، حيث ستتركز الجهود الأساسية على إحراز تقدم شرقي مدينة تدمر ورفع الحصار عن دير الزور، وكذلك لتحرير المناطق المحاذية لنهر الفرات شرقي ريف حلب.
وبدوره، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مذكرة مناطق تخفيف التصعيد المُوقعة بختام جولة المحادثات السورية يوم الخميس الماضي في أستانا تأخذ بعين الاعتبار المقترحات الأميركية السابقة بهذا الخصوص.
ولفت لافروف في حديث صحفي، وفقاً لموقع «روسيا اليوم»، أن بوتين، أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبيل بدء الجولة الرابعة من محادثات أستانا، عن الخطوات التي يتعين اتخاذها بخصوص الأزمة السورية، مشيراً إلى أن هذه الخطوات تتوافق مع المبادرات، التي اقترحتها الولايات المتحدة نفسها في بداية هذه السنة، بهدف خلق الظروف لحماية السكان المدنيين، ووقف القتال في المناطق التي تدور فيها معارك بين القوات الحكومية و«قوات المعارضة».
تصريحات لافروف جاءت عقب تلقيه اتصالاً هاتفياً من نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، تركز حول التسوية السورية في ضوء نتائج اجتماع «أستانا 4»، حسبما أوردت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أمس. وأشار البيان إلى أن لافروف وتيلرسون بحثا «مهام تخفيف التصعيد في «سورية» وتحقيق استدامة نظام وقف إطلاق النار وتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، إضافة إلى تنشيط المساعدة الخارجية في عملية التفاوض السورية»، مبيناً أنهما اتفقا على جدول الاتصالات الروسية الأميركية المستقبلية، في إشارة إلى اللقاء المزمع بين الوزيرين في آلاسكا.
وبينما لم يذكر البيان الروسي مفاوضات جنيف مكتفياً بإيراد مصطلح «عملية التفاوض السورية»، تحدث البيان الصادر عن الخارجية الأميركية عن المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في عاصمة المنظمات الدولية. وأشار البيان الأميركي إلى أن تيلرسون يتطلع إلى عقد مزيد من اللقاءات مع نظيره الروسي من أجل «مناقشة أدوار الولايات المتحدة وروسيا في تخفيف حدة الصراع ودعم المحادثات في جنيف لدفع الحل السياسي».
وأول من أمس، ألمح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى دور أميركي محتمل في الرقابة على وقف إطلاق النار، على أن يتم بحثه على مستوى الخبراء والعسكريين، وشدد على ضرورة أن توافق الأطراف السورية، وبالدرجة الأولى الحكومة الشرعية على أي دور للولايات المتحدة في تنفيذ الاتفاق.
وفور التوقيع في أستانا على اتفاق «مناطق تخفيف التصعيد»، توترت الأجواء بين روسيا والولايات المتحدة، حيث أعربت وزارة خارجية الأخيرة عن تشككها في نجاح الاتفاق ورفضت أي دور لإيران في تنفيذه. وتظهر الموقف الأميركي الحقيقي من الاتفاق من رفض حزب الاتحاد الديمقراطي للمبادرة الروسية، إذ وصفها المتحدث باسم الحزب إبراهيم إبراهيم بـ«الجريمة» معتبراً أنها ترقى إلى حد «تقسيم سورية على أساس طائفي».
وحذر إبراهيم وفقاَ لوكالة «رويترز» للأنباء من أن الدول الضامنة في خطة مناطق تخفيف التوتر «مشيراً إلى تركيا من دون أن يسميها» قد تحبط هذه الخطط وتعتدي على مناطق الإدارة الذاتية التي أعلنها «بيدا» في الجزيرة «الحسكة» عفرين «ريف حلب الغربي»، عين العرب «ريف حلب الشرقي» تل أبيض «ريف الرقة» القامشلي «شرقي الحسكة» منبج «ريف حلب الشمالي».
نقطة أخرى لبدت الأجواء ما بين موسكو وواشنطن، تمثلت في إعلان رئيس الوفد الروسي إلى اجتماع أستانا الكسندر لافرينتيف فور التوقيع على الاتفاق، عن أنه يحظر على طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن العمل في أجواء مناطق تخفيف التصعيد بسورية منذ لحظة التوقيع على الاتفاق.
ورد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» أدريان رانكين غالاواي بأن الطيران الحربي التابع للولايات المتحدة والتحالف الدولي سيواصل توجيه ضربات جوية على مواقع «داعش» و«القاعدة» في كل مكان. ونفى متحدث آخر باسم البنتاغون هو جيف ديفيس علمه بالاتفاق، لكنه أشار إلى أن مناطق وقف التصعيد ستقام في غرب سورية، في حين تشن بلاده عملياتها الجوية ضد داعش في مناطق أخرى من البلاد.
وعلى أية حال، فقد أكد رئيس الإدارة المركزية لعمليات هيئة الأركان العامة الروسية الفريق سيرغي رودسكوي أن عسكريي بلاده سيبحثون مع نظرائهم الأميركيين في أقرب وقت عودة روسيا إلى المشاركة الكاملة في مذكرة عدم التصادم. وبعد العدوان الأميركي على مطار الشعيرات بريف حمص الشهر الماضي علق الجانب الروسي العمل بمذكرة عدم التصادم.
كما أن انتقاد «الهيئة العليا للمفاوضات» لا يترك مجالاً للشك في موقف الرياض الرافض لاتفاق أستانا. وسبق لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن أعلن من واشنطن عن تأييد بلاده إقامة مناطق آمنة في سورية، لكنه أكد حاجته إلى الإطلاع على تفاصيل اتفاق أستانا. وحتى ساعة إعداد هذا التقرير لم تكن الرياض قد أصدرت موقفاً من الاتفاق، على حين عكست تغطيات وسائل إعلام مرتبطة بالسعودية امتعاض الرياض من الاتفاق.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة