في 30 (نيسان) الجاري، تأتي مناسبة مرور 100 يوم كاملة على حكم الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب. ولكن يبقى التاريخ الأهم هو 20 يناير (كانون الثاني) 2017، والذي تولى فيه رسميًّا رجل الأعمال والرئيس المنتخب دونالد ترامب الحكم، بعد استلامه السلطة من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته «باراك أوباما»، الذي ظلّ في الحكم فترتين رئاسيتين، دارت فيها العديد من الأحداث التي استطعنا من خلالها فهم وتسجيل وتحليل فترة حكمه في هذا التقرير. ويبقى دونالد ترامب، مثيرًا للجدل؛ سواء كان مرشحًا للرئاسة، أو رئيسًا بالفعل.

100 يوم كاملة على حكم ترامب، كانت مليئة بالمفاجآت، والجدل، ولذلك، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها بخصوص هذه المناسبة، لترصد فيه 100 طريقة مختلفة هدد بها الرئيس الجديد حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًّا ومحليًّا. بعض هذه الطرق تمت مواجهتها ومقاومتها أحيانًا من قِبل المجتمع المحلي والدولي، ولكن ثَمة طُرق أخرى لم يتمكن أحد من مقاومتها.

الجدير بالذكر أن المنظمة صنَّفت تقريرها بطريقة وضع قائمة من 100 حدث مختلف، ولكنها عملت على تصنيفهم في مجالات الحياة المختلفة، لتشمل 13 مجالًا من مجالات الحياة المختلفة، ارتكب ترامب خلالها أفعالًا تنتهك حقوق الإنسان المختلفة. وفيما يلي يرصد ساسة بوست هذه المجالات المختلفة، مع شرح ما ورد في القائمة التي أصدرتها المنظمة في تقريرها.

منع دخول اللاجئين

الانتهاك الأكبر الذي ارتكبه ترامب في فترة رئاسته خلال الـ100 يوم الأولى هو ما يخصّ قضية اللاجئين؛ إذ أصدر ترامب قراره التنفيذي المعروف إعلاميًّا باسم «قرار حظر المسلمين»، والذي منع فيه دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لمدة 120 يومًا. تعليق دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة طوال هذه الفترة يمثل حكمًا بالإعدام على العديد منهم، بحسب منظمة العفو الدولية.

قرار حظر دخول اللاجئين، وإغلاق الحدود، بُني على افتراضاتٍ زائفة تبنّاها ترامب، وأعلنها عدة مرَّات، وهي أن اللاجئين مجرمون، ومؤيدون للإرهاب؛ مما أدى إلى تعليق حوالي 47 ألف لاجئ، تقطعت بهم السبل، ولم يجدوا مكانًا ولا ملجأ يحميهم.

شدد التقرير على الصعوبات، والمخاطر التي ستلحق بأولئك اللاجئين، وخاصةً النساء منهم والأطفال؛ فهم الفئات الأكثر تضررًا، والتي ستتحمل العبء الأكبر طوال هذه الفترة، حتى يُسمح لهم بالدخول.

الأمر لا يتوقف على اللاجئين القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل أيضًا على أولئكَ المقيمين داخلها، إذ يسعى ترامب إلى تقليص عدد اللاجئين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى النصف تقريبًا، حتى يصل عددهم إلى 50 ألفًا بدلًا من 110 آلاف لاجئ في الولايات المتحدة. وأيضًا، أولئك الذين سيحظون بالاستمرار داخل الولايات المتحدة، لم يستطيعوا الحصول على الأمن والأمان في الوقت الحالي، خاصةً في ظل الانتهاكات العديدة التي يرتكبها عددٌ من أفراد الشعب الأمريكي المتشددين، والذين بالطبع تأثروا برسائل ترامب حول قضية اللاجئين، خاصةً في ظل التستر على عدد من الحالات بلا معاقبة، ولا حساب.

إغلاق الحدود

إلى جانب منع دخول اللاجئين، أيضًا أغلق ترامب الحدود الأمريكية أمام عدد من المهاجرين اللاتينيين؛ إذ أدى قرار ترامب وإعلانه نيته بناء جدار يفصل بين الحدود الأمريكية، والحدود المكسيكية، إلى تضرر مئات الآلاف من المواطنين من الدول المختلفة في أمريكا اللاتينية، وعلى رأسهم مواطني منطقة أمريكا الوسطى، من دول المكسيك، وجواتيمالا، والسلفادور، وهندوراس، الذين توقفت تجارتهم، وأعمالهم داخل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب نوايا ترامب.

أيضًا، عند محاولتهم الدخول عبر الأنفاق، وعبر طرق أخرى بمساعدة مهربين، فإن ذلك يكلفهم الكثير من الأموال، كما أنه يؤدي في معظم الحالات إلى خطفهم عن طريق العصابات، بل وتعرضهم للضرب، والاعتداءات الجنسية والجسدية المختلفة، فضلًا عن معاملتهم كمجرمين، إذ أظهرت تحقيقات أن مهربي البشر على الحدود الأمريكية، والذين يعملون على إدخال المهاجرين إلى الولايات المتحدة، بعد انتهاء فرصهم القانونية في الحصول على بطاقة لجوء، ارتفعت أجورهم مع تصريحات ترامب ببناء الجدار، لتصل قيمة تهريب فرد واحد إلى 8000 دولار، بدلًا من 3500 دولار في وقتٍ سابق.

أصبح الآن من الصعب الحصول على أي فرصة داخل الولايات المتحدة للجوء بأي شكلٍ من الأشكال. فغير التجارة، هناك المجموعات الفارة من العنف في بلادهم، والذين لم يجدوا طريقًا إلا الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن العنف ما زال يلاحقهم حتى على حدود الولايات المتحدة، أو حتى داخلها.

التحرش والعنف الناتجان عن خطاب الكراهية

 

الخطاب الذي يُصدِّره ترامب معظم الوقت يُصنَّف بأنه خطاب كراهية، خاصةً فيما يتعلق بالمسلمين. وقد ذكرت منظمة العفو أن معظم جرائم الكراهية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية، ما هي إلا نتاج لخطاب الكراهية الذي يتبناه ترامب في حكمه، والذي يمتزج بالقرارات التي تدعم هذا الخطاب، ولذلك فقد تبدو جرائم الكراهية طبيعية كنتاج لخليط خطاب الكراهية، والقرارات الصادرة من ترامب.

أنت في خطر لو كنت مسلمًا؛ سواء كنت مهاجرًا، أو لاجئًا، أو حتى مواطنًا أمريكيًّا

وقد شجَّع السلوك المعادي للمسلمين الذي يتخذه ترامب عددًا من الحوادث أيضًا؛ إذ تضاعفت أعداد الهجمات على المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكم الرئيس ترامب في شتى أنحاء البلاد، فضلًا عن تعرض العديد من المسلمين للتحرش، والعنف الجسدي، حتى وإن كانوا مواطنين أمريكيين، وليسوا لاجئين أو مهاجرين.

من جانبه، نفى البيت الأبيض أن تكون هذه الجرائم تخص المسلمين فقط، أو تُصنَّف كخطاب كراهية، مشيرًا إلى أنها حوادث فردية، يتعرض لها المسلمون كما يتعرض لها اليهود، أو أي فئة تمثل أقلية دينية داخل المجتمع الأمريكي.

تشجيع وتسليح الديكتاتوريات حول العالم

واحدة من أسوأ الطرق التي فعلها ترامب خلال فترة حكمه هو دعمه الديكتاتوريات حول العالم؛ فبدلًا من تنديده، ومقاطعته، وفرضه عقوبات، وطلبه اجتماعات في مجلس الأمن لمناقشة هذه القضايا لوقف انتهاكاتهم، قام بدعمهم.

ليس فقط الدعم المعنوي، بل إنه أيضًا قدم لعدد كبير منهم الأسلحة المختلفة، والتي ساعدتهم بالطبع على ممارسة انتهاكات أكبر لحقوق الإنسان في الدول المختلفة. الديكتاتوريات التي دعمها ترامب متعددة؛ فبدايةً من تركيا، ومرورًا بالصين، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وروسيا، ووصولًا إلى الفلبين، وبيرو، وإسرائيل، ونيجيريا، وغيرها وفقًا للتقرير.

يملك دونالد ترامب علاقات جيدة مع كلّ هذه الديكتاتوريات؛ فبالنسبة لتركيا، برغم الانتهاكات المستمرة التي يرتكبها النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، فإن الرئيس ترامب يؤكد أنه يملك علاقة مقربة مع النظام التركي؛ وقد حوكم 100 شخص في تركيا بالإعدام، فضلًا عن فصل الآلاف من الموظفين من أعمالهم، بالإضافة إلى سجن ومحاكمة أكثر من 120 صحافيًّا في تركيا.

وبالنسبة لمصر، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي ارتكب نظامه عددًا كبيرًا من الانتهاكات بحق المدنيين في مصر، فضلًا عن إغلاقه عددًا من مؤسسات المجتمع المدني، والذي يشن عليهم حملات قاسية، بالإضافة إلى اعتقال وسجن الآلاف من المواطنين، أو إخفائهم قسريًّا، ولكن برغم كل ذلك أكد ترامب أن ما يفعله السيسي هو أمر رائع، مؤكدًا على دعمه الدائم له.

الأمر نفسه ينطبق على المملكة العربية السعودية، التي تملك علاقات جيدة مع ترامب بسبب صفقات الأسلحة التي تحصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي غالبًا ما تستخدمها لقمع الحقوق والحريات، وممارسة الانتهاكات المختلفة في اليمن. كما أن ترامب يدعم بالأساس الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين.

المساهمة في توسيع الصراعات العالمية

من المفترض أن دونالد ترامب من مؤيدي الاتجاه الانعزالي للولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى أنه لا يميل إلى التدخل العسكري في الدول المختلفة، كان ذلك معروفًا خلال فترة الحملة الانتخابية الرئاسية، ولكن بعد توليه الحكم ظهرعكس ذلك تمامًا.

فقد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عسكريًّا في عدد من الدول، كما أنها أيدت عددًا من التدخلات العسكرية للدول المختلفة في دول أخرى أيضًا؛ مما أدى إلى توسيع دوائر الصراع في المناطق المختلفة حول العالم، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى زيادة عدد المدنيين الذين يُقصفون ويُقتلون خطأ.

الغارات الخاطئة التي صدرت من الولايات المتحدة متعددة؛ فبدايةً من الموصل، فإن هناك المئات من المدنيين الذين لقوا مصرعهم إثر ضربات جوية أمريكية خاطئة، كانت من المفترض لها أن تستهدف أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

الأمر أيضًا شمل اليمن، التي استهدفتها غارات، وقصف جوي من الولايات المتحدة الأمريكية على تنظيم داعش أيضًا، ولكنها لم تصب هذه المرة أيضًا، وأدت إلى مقتل المئات من المدنيين اليمنيين، والذين كان منهم عدد كبير من النساء والأطفال. وأيضًا إشعال الصراع مع كوريا الشمالية، الذي قد يؤدي إلى حرب نووية، ستؤدي بالكل إلى أوضاع سيئة، ولذلك ما كان يجب على ترامب أن يشعل هذه الصراعات هكذا، ولا أن يقوم بتحريك الترسانة الأمريكية إلى شبه الجزيرة الكورية.

قطع الأموال عن الأزمات العالمية

من المفترض للولايات المتحدة الأمريكية، مركز تأسيس الأمم المتحدة، ومعظم المنظمات الدولية، أن تقود المجتمع الدولي لحل الأزمات الدولية المختلفة، ولكن بدلًا من ذلك، فإن الرئيس دونالد ترامب قام بقطع، وتخفيض هذه المساعدات.

فقد قام ترامب بتخفيض التمويل الخاص بالولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، لتقطع بذلك الأموال والدعم المالي عن عددٍ كبير من المشروعات الدولية، والإنمائية، وأيضًا على الدعم المالي الموجه لقضايا اللاجئين والمهاجرين.

كان ذلك كله نتاج الشعار الذي اتخذه ترامب «أمريكا أولًا». فضلًا عن قطع المعونات الأمريكية عن عددٍ من الدول الإفريقية، التي كانت موجهة لأغراض وأهداف إنسانية في الأساس، فقد اقترح ترامب إلغاء برنامج الولايات المتحدة للتنمية في إفريقيا. وبذلك يضع عددًا من الدول الإفريقية في وضع مأساوي وحرج، بين المجاعات، والفقر، وغياب الطعام، والمواد الغذائية، والمواد الصحية، والمياه النظيفة الصالحة للشرب.

تهديدات داخلية لحقوق الإنسان

إلى جانب كل التهديدات السابقة، فإن التهديدات الداخلية لم تتوقف أيضًا؛ فقد ارتكبت الشرطة الفيدرالية عددًا من الانتهاكات المتعددة الخاصة بحقوق الإنسان أيضًا، فقد قالت منظمة العفو الدولية إن الرئيس ترامب يدعم التعذيب، بل إنه طالب في وقتٍ سابق بعودة طريقة التعذيب بالإيهام بالغرق.

وتشير المنظمة أن وكالة الاستخبارات الأمريكية كشفت عن عدد من الانتهاكات، والتعذيب، داخل السجون الأمريكية لأولئك المتهمين في قضايا خاصة بأحداث 11 سبتمبر 2001، والذي وصفته الوكالة أنه تعذيب ممنهج، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للسجناء.

كما أن هناك عددًا كبيرًا من المسجونين الذين بقوا إلى هذه اللحظة بلا محاكمة، ولا تهمة، ولا أي شيء، وإنما هم فقط بلا حياة، معلقين، ومعتقلين في السجون الأمريكية منذ أعوام، ولا يبدو لهم في الأفق أي طريق قادم للنجاة، أو للخروج.

وحتى أولئك الذين تمت محاكمتهم، فإنهم لم يجدوا حتى الآن أي محاكمة عادلة، وإنما كانت محاكمتهم باطشة ظالمة، مبنية على خطاب كراهية في الأساس، وبعيدة عن الحكم بالأدلة والبراهين المتوافرة، حتى يكون حكمها عادلًا.

وبالتالي، فإلى جانب غياب العدالة الجنائية، فإن العنف الشرطي أيضًا ما زال جزءًا متأصلًا يظهر من خلال أفراد الشرطة الفيدرالية في نظام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالتالي فإن المأساة طالت المواطنين الأمريكيين، وأيضًا غيرهم؛ فلا أحد يحصل على حقه في عهد ترامب، إلا من أحبه ترامب.

انتهاك حقوق الأقليات الدينية.. وأصحاب الميول المختلفة

الانتهاكات التي ارتكبها ترامب ونظامه امتدت لتشمل حقوق الأقليات المختلفة، سواء الأقليات الدينية، أو الأقليات العرقية، أو حتى أولئك الذين لهم انحيازات وانتماءات مختلفة عن الأغلبية، وأيضًا انتهاكات متعددة لحقوق المثليين.

فقد أظهر ترامب منذ حملته الانتخابية عداءً كبيرًا للمثليين، وللمتحولين جنسيًّا، وألغى ترامب الحماية التي كانت ممنوحة للمثليين في أماكن العمل، كما أن إدارته أرسلت تُشرك المعادين لحقوق المثليين في المؤتمرات الدولية الموجودة في الولايات المتحدة حول حقوقهم.

كما أنه انتهك حقوق الهنود، الذين يعتبرون من أول من وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ هدد وجود مصادر للمياه خاصة بهم من منطقة نهر ميسوري، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد ثقافتهم الأصلية، بحسب منظمة العفو الدولية.

انتهاكات واسعة لحقوق المرأة وحرية التعبير

من المعروف عن دونالد ترامب أنه لا يحترم النساء، بل يُحقِّرهن في معظم الأوقات، كان ذلك معروفًا من قبل توليه الرئاسة، ولكنه الآن أصبح يقوم بأفعال تنتهك حقوق المرأة مستخدمًا سلطاته الواسعة بصفته رئيس الدولة. قام ترامب بإلغاء قوانين الحماية الخاصة بالسيدات فيما يخص مكان العمل؛ وبذلك فلا توجد أي ضمانات للنساء في الأجور المتساوية على سبيل المثال، ولا في ساعات العمل، ولا أي شيء من هذا القبيل.

كما أنه قام بحجب الأموال التي كانت تمنحها سلطات الولايات إلى المنظمات المختلفة؛ حيث إنه ألغى منح أي أموال إلى المنظمات التي تدعم الإجهاض. ومن المفترض لهذه الأموال أن تستخدم للكشف عن أمراض تخص المرأة مثل سرطان الثدي، والمشكلات الصحية الخاصة بالحمل والإجهاض وغير ذلك.

وبالنسبة لحقوق التعبير، فإن دونالد ترامب يعادي معظم الصحف الأمريكية؛ إذ يعرف بجملته الشهيرة (أخبار مفبركة)، والتي يستخدمها مبررًا دائمًا لأي خبر يتعرض له بالانتقاد الموضوعي أو غيره.

ليس هذا فقط، بل تطور الأمر ليصل إلى وصف الرئيس ترامب للصحافة المحلية في بلاده بأنها عدو للبلاد.

  • فريق ماسة
  • 2017-04-29
  • 13424
  • من الأرشيف

ترامب.. 100 يوم في الحكم و100 تهديد لحقوق الإنسان

في 30 (نيسان) الجاري، تأتي مناسبة مرور 100 يوم كاملة على حكم الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب. ولكن يبقى التاريخ الأهم هو 20 يناير (كانون الثاني) 2017، والذي تولى فيه رسميًّا رجل الأعمال والرئيس المنتخب دونالد ترامب الحكم، بعد استلامه السلطة من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته «باراك أوباما»، الذي ظلّ في الحكم فترتين رئاسيتين، دارت فيها العديد من الأحداث التي استطعنا من خلالها فهم وتسجيل وتحليل فترة حكمه في هذا التقرير. ويبقى دونالد ترامب، مثيرًا للجدل؛ سواء كان مرشحًا للرئاسة، أو رئيسًا بالفعل. 100 يوم كاملة على حكم ترامب، كانت مليئة بالمفاجآت، والجدل، ولذلك، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها بخصوص هذه المناسبة، لترصد فيه 100 طريقة مختلفة هدد بها الرئيس الجديد حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًّا ومحليًّا. بعض هذه الطرق تمت مواجهتها ومقاومتها أحيانًا من قِبل المجتمع المحلي والدولي، ولكن ثَمة طُرق أخرى لم يتمكن أحد من مقاومتها. الجدير بالذكر أن المنظمة صنَّفت تقريرها بطريقة وضع قائمة من 100 حدث مختلف، ولكنها عملت على تصنيفهم في مجالات الحياة المختلفة، لتشمل 13 مجالًا من مجالات الحياة المختلفة، ارتكب ترامب خلالها أفعالًا تنتهك حقوق الإنسان المختلفة. وفيما يلي يرصد ساسة بوست هذه المجالات المختلفة، مع شرح ما ورد في القائمة التي أصدرتها المنظمة في تقريرها. منع دخول اللاجئين الانتهاك الأكبر الذي ارتكبه ترامب في فترة رئاسته خلال الـ100 يوم الأولى هو ما يخصّ قضية اللاجئين؛ إذ أصدر ترامب قراره التنفيذي المعروف إعلاميًّا باسم «قرار حظر المسلمين»، والذي منع فيه دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لمدة 120 يومًا. تعليق دخول اللاجئين إلى الولايات المتحدة طوال هذه الفترة يمثل حكمًا بالإعدام على العديد منهم، بحسب منظمة العفو الدولية. قرار حظر دخول اللاجئين، وإغلاق الحدود، بُني على افتراضاتٍ زائفة تبنّاها ترامب، وأعلنها عدة مرَّات، وهي أن اللاجئين مجرمون، ومؤيدون للإرهاب؛ مما أدى إلى تعليق حوالي 47 ألف لاجئ، تقطعت بهم السبل، ولم يجدوا مكانًا ولا ملجأ يحميهم. شدد التقرير على الصعوبات، والمخاطر التي ستلحق بأولئك اللاجئين، وخاصةً النساء منهم والأطفال؛ فهم الفئات الأكثر تضررًا، والتي ستتحمل العبء الأكبر طوال هذه الفترة، حتى يُسمح لهم بالدخول. الأمر لا يتوقف على اللاجئين القادمين إلى الولايات المتحدة الأمريكية فقط، بل أيضًا على أولئكَ المقيمين داخلها، إذ يسعى ترامب إلى تقليص عدد اللاجئين في الولايات المتحدة الأمريكية إلى النصف تقريبًا، حتى يصل عددهم إلى 50 ألفًا بدلًا من 110 آلاف لاجئ في الولايات المتحدة. وأيضًا، أولئك الذين سيحظون بالاستمرار داخل الولايات المتحدة، لم يستطيعوا الحصول على الأمن والأمان في الوقت الحالي، خاصةً في ظل الانتهاكات العديدة التي يرتكبها عددٌ من أفراد الشعب الأمريكي المتشددين، والذين بالطبع تأثروا برسائل ترامب حول قضية اللاجئين، خاصةً في ظل التستر على عدد من الحالات بلا معاقبة، ولا حساب. إغلاق الحدود إلى جانب منع دخول اللاجئين، أيضًا أغلق ترامب الحدود الأمريكية أمام عدد من المهاجرين اللاتينيين؛ إذ أدى قرار ترامب وإعلانه نيته بناء جدار يفصل بين الحدود الأمريكية، والحدود المكسيكية، إلى تضرر مئات الآلاف من المواطنين من الدول المختلفة في أمريكا اللاتينية، وعلى رأسهم مواطني منطقة أمريكا الوسطى، من دول المكسيك، وجواتيمالا، والسلفادور، وهندوراس، الذين توقفت تجارتهم، وأعمالهم داخل الولايات المتحدة الأمريكية بسبب نوايا ترامب. أيضًا، عند محاولتهم الدخول عبر الأنفاق، وعبر طرق أخرى بمساعدة مهربين، فإن ذلك يكلفهم الكثير من الأموال، كما أنه يؤدي في معظم الحالات إلى خطفهم عن طريق العصابات، بل وتعرضهم للضرب، والاعتداءات الجنسية والجسدية المختلفة، فضلًا عن معاملتهم كمجرمين، إذ أظهرت تحقيقات أن مهربي البشر على الحدود الأمريكية، والذين يعملون على إدخال المهاجرين إلى الولايات المتحدة، بعد انتهاء فرصهم القانونية في الحصول على بطاقة لجوء، ارتفعت أجورهم مع تصريحات ترامب ببناء الجدار، لتصل قيمة تهريب فرد واحد إلى 8000 دولار، بدلًا من 3500 دولار في وقتٍ سابق. أصبح الآن من الصعب الحصول على أي فرصة داخل الولايات المتحدة للجوء بأي شكلٍ من الأشكال. فغير التجارة، هناك المجموعات الفارة من العنف في بلادهم، والذين لم يجدوا طريقًا إلا الولايات المتحدة، ولكن يبدو أن العنف ما زال يلاحقهم حتى على حدود الولايات المتحدة، أو حتى داخلها. التحرش والعنف الناتجان عن خطاب الكراهية   الخطاب الذي يُصدِّره ترامب معظم الوقت يُصنَّف بأنه خطاب كراهية، خاصةً فيما يتعلق بالمسلمين. وقد ذكرت منظمة العفو أن معظم جرائم الكراهية التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية، ما هي إلا نتاج لخطاب الكراهية الذي يتبناه ترامب في حكمه، والذي يمتزج بالقرارات التي تدعم هذا الخطاب، ولذلك فقد تبدو جرائم الكراهية طبيعية كنتاج لخليط خطاب الكراهية، والقرارات الصادرة من ترامب. أنت في خطر لو كنت مسلمًا؛ سواء كنت مهاجرًا، أو لاجئًا، أو حتى مواطنًا أمريكيًّا وقد شجَّع السلوك المعادي للمسلمين الذي يتخذه ترامب عددًا من الحوادث أيضًا؛ إذ تضاعفت أعداد الهجمات على المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكم الرئيس ترامب في شتى أنحاء البلاد، فضلًا عن تعرض العديد من المسلمين للتحرش، والعنف الجسدي، حتى وإن كانوا مواطنين أمريكيين، وليسوا لاجئين أو مهاجرين. من جانبه، نفى البيت الأبيض أن تكون هذه الجرائم تخص المسلمين فقط، أو تُصنَّف كخطاب كراهية، مشيرًا إلى أنها حوادث فردية، يتعرض لها المسلمون كما يتعرض لها اليهود، أو أي فئة تمثل أقلية دينية داخل المجتمع الأمريكي. تشجيع وتسليح الديكتاتوريات حول العالم واحدة من أسوأ الطرق التي فعلها ترامب خلال فترة حكمه هو دعمه الديكتاتوريات حول العالم؛ فبدلًا من تنديده، ومقاطعته، وفرضه عقوبات، وطلبه اجتماعات في مجلس الأمن لمناقشة هذه القضايا لوقف انتهاكاتهم، قام بدعمهم. ليس فقط الدعم المعنوي، بل إنه أيضًا قدم لعدد كبير منهم الأسلحة المختلفة، والتي ساعدتهم بالطبع على ممارسة انتهاكات أكبر لحقوق الإنسان في الدول المختلفة. الديكتاتوريات التي دعمها ترامب متعددة؛ فبدايةً من تركيا، ومرورًا بالصين، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وروسيا، ووصولًا إلى الفلبين، وبيرو، وإسرائيل، ونيجيريا، وغيرها وفقًا للتقرير. يملك دونالد ترامب علاقات جيدة مع كلّ هذه الديكتاتوريات؛ فبالنسبة لتركيا، برغم الانتهاكات المستمرة التي يرتكبها النظام التركي برئاسة رجب طيب أردوغان، فإن الرئيس ترامب يؤكد أنه يملك علاقة مقربة مع النظام التركي؛ وقد حوكم 100 شخص في تركيا بالإعدام، فضلًا عن فصل الآلاف من الموظفين من أعمالهم، بالإضافة إلى سجن ومحاكمة أكثر من 120 صحافيًّا في تركيا. وبالنسبة لمصر، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي ارتكب نظامه عددًا كبيرًا من الانتهاكات بحق المدنيين في مصر، فضلًا عن إغلاقه عددًا من مؤسسات المجتمع المدني، والذي يشن عليهم حملات قاسية، بالإضافة إلى اعتقال وسجن الآلاف من المواطنين، أو إخفائهم قسريًّا، ولكن برغم كل ذلك أكد ترامب أن ما يفعله السيسي هو أمر رائع، مؤكدًا على دعمه الدائم له. الأمر نفسه ينطبق على المملكة العربية السعودية، التي تملك علاقات جيدة مع ترامب بسبب صفقات الأسلحة التي تحصل عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي غالبًا ما تستخدمها لقمع الحقوق والحريات، وممارسة الانتهاكات المختلفة في اليمن. كما أن ترامب يدعم بالأساس الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين. المساهمة في توسيع الصراعات العالمية من المفترض أن دونالد ترامب من مؤيدي الاتجاه الانعزالي للولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى أنه لا يميل إلى التدخل العسكري في الدول المختلفة، كان ذلك معروفًا خلال فترة الحملة الانتخابية الرئاسية، ولكن بعد توليه الحكم ظهرعكس ذلك تمامًا. فقد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية عسكريًّا في عدد من الدول، كما أنها أيدت عددًا من التدخلات العسكرية للدول المختلفة في دول أخرى أيضًا؛ مما أدى إلى توسيع دوائر الصراع في المناطق المختلفة حول العالم، وهو ما يؤدي بالتبعية إلى زيادة عدد المدنيين الذين يُقصفون ويُقتلون خطأ. الغارات الخاطئة التي صدرت من الولايات المتحدة متعددة؛ فبدايةً من الموصل، فإن هناك المئات من المدنيين الذين لقوا مصرعهم إثر ضربات جوية أمريكية خاطئة، كانت من المفترض لها أن تستهدف أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). الأمر أيضًا شمل اليمن، التي استهدفتها غارات، وقصف جوي من الولايات المتحدة الأمريكية على تنظيم داعش أيضًا، ولكنها لم تصب هذه المرة أيضًا، وأدت إلى مقتل المئات من المدنيين اليمنيين، والذين كان منهم عدد كبير من النساء والأطفال. وأيضًا إشعال الصراع مع كوريا الشمالية، الذي قد يؤدي إلى حرب نووية، ستؤدي بالكل إلى أوضاع سيئة، ولذلك ما كان يجب على ترامب أن يشعل هذه الصراعات هكذا، ولا أن يقوم بتحريك الترسانة الأمريكية إلى شبه الجزيرة الكورية. قطع الأموال عن الأزمات العالمية من المفترض للولايات المتحدة الأمريكية، مركز تأسيس الأمم المتحدة، ومعظم المنظمات الدولية، أن تقود المجتمع الدولي لحل الأزمات الدولية المختلفة، ولكن بدلًا من ذلك، فإن الرئيس دونالد ترامب قام بقطع، وتخفيض هذه المساعدات. فقد قام ترامب بتخفيض التمويل الخاص بالولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، لتقطع بذلك الأموال والدعم المالي عن عددٍ كبير من المشروعات الدولية، والإنمائية، وأيضًا على الدعم المالي الموجه لقضايا اللاجئين والمهاجرين. كان ذلك كله نتاج الشعار الذي اتخذه ترامب «أمريكا أولًا». فضلًا عن قطع المعونات الأمريكية عن عددٍ من الدول الإفريقية، التي كانت موجهة لأغراض وأهداف إنسانية في الأساس، فقد اقترح ترامب إلغاء برنامج الولايات المتحدة للتنمية في إفريقيا. وبذلك يضع عددًا من الدول الإفريقية في وضع مأساوي وحرج، بين المجاعات، والفقر، وغياب الطعام، والمواد الغذائية، والمواد الصحية، والمياه النظيفة الصالحة للشرب. تهديدات داخلية لحقوق الإنسان إلى جانب كل التهديدات السابقة، فإن التهديدات الداخلية لم تتوقف أيضًا؛ فقد ارتكبت الشرطة الفيدرالية عددًا من الانتهاكات المتعددة الخاصة بحقوق الإنسان أيضًا، فقد قالت منظمة العفو الدولية إن الرئيس ترامب يدعم التعذيب، بل إنه طالب في وقتٍ سابق بعودة طريقة التعذيب بالإيهام بالغرق. وتشير المنظمة أن وكالة الاستخبارات الأمريكية كشفت عن عدد من الانتهاكات، والتعذيب، داخل السجون الأمريكية لأولئك المتهمين في قضايا خاصة بأحداث 11 سبتمبر 2001، والذي وصفته الوكالة أنه تعذيب ممنهج، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للسجناء. كما أن هناك عددًا كبيرًا من المسجونين الذين بقوا إلى هذه اللحظة بلا محاكمة، ولا تهمة، ولا أي شيء، وإنما هم فقط بلا حياة، معلقين، ومعتقلين في السجون الأمريكية منذ أعوام، ولا يبدو لهم في الأفق أي طريق قادم للنجاة، أو للخروج. وحتى أولئك الذين تمت محاكمتهم، فإنهم لم يجدوا حتى الآن أي محاكمة عادلة، وإنما كانت محاكمتهم باطشة ظالمة، مبنية على خطاب كراهية في الأساس، وبعيدة عن الحكم بالأدلة والبراهين المتوافرة، حتى يكون حكمها عادلًا. وبالتالي، فإلى جانب غياب العدالة الجنائية، فإن العنف الشرطي أيضًا ما زال جزءًا متأصلًا يظهر من خلال أفراد الشرطة الفيدرالية في نظام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبالتالي فإن المأساة طالت المواطنين الأمريكيين، وأيضًا غيرهم؛ فلا أحد يحصل على حقه في عهد ترامب، إلا من أحبه ترامب. انتهاك حقوق الأقليات الدينية.. وأصحاب الميول المختلفة الانتهاكات التي ارتكبها ترامب ونظامه امتدت لتشمل حقوق الأقليات المختلفة، سواء الأقليات الدينية، أو الأقليات العرقية، أو حتى أولئك الذين لهم انحيازات وانتماءات مختلفة عن الأغلبية، وأيضًا انتهاكات متعددة لحقوق المثليين. فقد أظهر ترامب منذ حملته الانتخابية عداءً كبيرًا للمثليين، وللمتحولين جنسيًّا، وألغى ترامب الحماية التي كانت ممنوحة للمثليين في أماكن العمل، كما أن إدارته أرسلت تُشرك المعادين لحقوق المثليين في المؤتمرات الدولية الموجودة في الولايات المتحدة حول حقوقهم. كما أنه انتهك حقوق الهنود، الذين يعتبرون من أول من وصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ إذ هدد وجود مصادر للمياه خاصة بهم من منطقة نهر ميسوري، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد ثقافتهم الأصلية، بحسب منظمة العفو الدولية. انتهاكات واسعة لحقوق المرأة وحرية التعبير من المعروف عن دونالد ترامب أنه لا يحترم النساء، بل يُحقِّرهن في معظم الأوقات، كان ذلك معروفًا من قبل توليه الرئاسة، ولكنه الآن أصبح يقوم بأفعال تنتهك حقوق المرأة مستخدمًا سلطاته الواسعة بصفته رئيس الدولة. قام ترامب بإلغاء قوانين الحماية الخاصة بالسيدات فيما يخص مكان العمل؛ وبذلك فلا توجد أي ضمانات للنساء في الأجور المتساوية على سبيل المثال، ولا في ساعات العمل، ولا أي شيء من هذا القبيل. كما أنه قام بحجب الأموال التي كانت تمنحها سلطات الولايات إلى المنظمات المختلفة؛ حيث إنه ألغى منح أي أموال إلى المنظمات التي تدعم الإجهاض. ومن المفترض لهذه الأموال أن تستخدم للكشف عن أمراض تخص المرأة مثل سرطان الثدي، والمشكلات الصحية الخاصة بالحمل والإجهاض وغير ذلك. وبالنسبة لحقوق التعبير، فإن دونالد ترامب يعادي معظم الصحف الأمريكية؛ إذ يعرف بجملته الشهيرة (أخبار مفبركة)، والتي يستخدمها مبررًا دائمًا لأي خبر يتعرض له بالانتقاد الموضوعي أو غيره. ليس هذا فقط، بل تطور الأمر ليصل إلى وصف الرئيس ترامب للصحافة المحلية في بلاده بأنها عدو للبلاد.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة