عادت جبهات الاشتباك في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي سريعا الى واجهة الاحداث، وهذا ما يفرضه المكان الجغرافي للمحافظة الواقعة بين مسلحي حمص في الجنوب والجماعات المسلحة في ادلب شمالا،ما يفتح الباب الجغرافيا امام المجموعات المسلحة من السلمية في شرقها، مروراً بكل القرى والبلدات وصولا الى محردة في الشمال الغربي.

بعد دخول المجموعات المسلحة الى بعض البلدات والقرى، عبر هجوم واسع شنته على جبهة بطول 50 كيلومتراً من كوكب شرقا حتى محردة غرباً، عاد الجيش السوري وامتلك زمام المبادرة، ثم واصل تقدّمه السريع والثابت في تلك الجبهات على امتددا ريف حماه الشمالي.

الواقع الميداني في ريف المحافظة يتغيّر بين ساعة وأخرى، الخطة العسكرية تقضي بسدّ الخرق الذي قامت به تلك المجموعات، ومحاولة اعادة الامور الى ما كانت عليه، فالعملية العسكرية، تعتبر من أعقد العمليات، نظراً للاتصال الجغرافي بين تلك البلدات والمزارع مع ريف ادلب الجنوبي، الخزان الرئيسي للمسلحين، ما يشكل عائقا استطاع الجيش تجاوزه بهدف تفكيك تلك الشبكة المعقدة من خطوط التواصل الجغرافي، والامداد بين القرى التي دخلتها المجموعات المسلحة وريف ادلب.

الجيش نفذ هجمات سريعة معاكسة مستنداً فيها على كثافة نارية من الوحدات المتمركزة في جبل زين العابدين، بالاضافة الى هجمات خاطفة من قبل وحدات المشاة المدعومة بالدبابات والمدرعات.. هذه الهجمات جاءت بعد احباط الهجوم الكبير الذي شنته "جبهة النصرة" و"احرار الشام" و"جيش ادلب"، والذي استغرق التحضير له اكثر من شهر ونصف، بالتعاون مع المخابرات التركية، حيث بدأت المجموعات المسلحة بالانسحاب تحت النيران من بلدة قمحانة، التي حاول المسلحون الالتفاف اليها من محور خربة الحجامة، وانطلق الجيش في معركة معاكسة، استطاع خلالها استعادة بلدة كوكب وتحرير كامل محيط بلدة خطاب بما فيها الرحبة العسكرية، وتطهير خربة الحجامة، كما اوقف تقدمهم على اتجاه بلدة صوران.

ثم بدأ الجيش بالتقدم نحو بلدة معردس وتل عبادي، من الجهة الجنوبية الشرقية، اما على اتجاه محردة، استطاع الجيش تأمين المدينة من كل الاتجاهات، وافشل محاولة التفاف كانت "جبهة النصرة" تحاول تنفيذها انطلاقا من قلعة المضيق..

ويمتد خط التواجد للجيش السوري على الشكل التالي، من شمال محردة الى جنوب الشير وحتى شمال بلدة خطاب، وشمال بلدة قمحانة وجنوب بلدة معردس وعلى الاطراف الجنوبية الشرقية لبلدة صوران، امتدادا حتى شمال بلدة كوكب.

الاهداف الواضحة والمعلنة لهذه الهجمات التي شنتها "النصرة"، ان كان في ريف حماة ام شرق دمشق، تقع ضمن شقين، الاول سياسي، كون الهجوم لم يكن للحظة منفصلا عن انطلاق الجولة الخامسة لمحادثات جنيف، وهذا ما رد عليه الجيش السوري حين استعاد السيطرة على منطقة المعامل، ومن ثم في عمليته المستمرة في ريف حماه التي استعاد فيها عددا من القرى، ما رسم ملامح الرد السوري الى المجتمعين في جنيف، وسحب من الدول الداعمة للمجموعات المسلحة ضغط الميدان، الذي حاولت ان تفرضه على وفد الجمهورية العربية السورية في المفاوضات..

أما الهدف الميداني، فكان الوصول الى بلدة قمحانة ومنها محاصرة جبل زين العابدين، ومن ثم يصبح الطريق مفتوحا امامها للوصول الى مدينة حماه، (تبعد قمحانة عن حما حوالي 7 كلم).. والعمليات العسكرية في ريف حماه لها طابع جغرافي خاص، كون المدينة وريفها يشكلان شريان الإمداد الرئيسي لوحدات الجيش السوري المتمركزة في حلب، ونقطة ربط بين مختلف الجبهات العسكرية في سوريا، وتساهم هذه العمليات في الوصول الى ريف الرقة الشرقي، والاحاطة بجنوب حلب، وهذا ما لم تحققه المجموعات المسلحة.

  • فريق ماسة
  • 2017-03-26
  • 14259
  • من الأرشيف

معركة ريف حماه.. الأعقد جغرافيا والأخطر استراتيجيا

عادت جبهات الاشتباك في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي سريعا الى واجهة الاحداث، وهذا ما يفرضه المكان الجغرافي للمحافظة الواقعة بين مسلحي حمص في الجنوب والجماعات المسلحة في ادلب شمالا،ما يفتح الباب الجغرافيا امام المجموعات المسلحة من السلمية في شرقها، مروراً بكل القرى والبلدات وصولا الى محردة في الشمال الغربي. بعد دخول المجموعات المسلحة الى بعض البلدات والقرى، عبر هجوم واسع شنته على جبهة بطول 50 كيلومتراً من كوكب شرقا حتى محردة غرباً، عاد الجيش السوري وامتلك زمام المبادرة، ثم واصل تقدّمه السريع والثابت في تلك الجبهات على امتددا ريف حماه الشمالي. الواقع الميداني في ريف المحافظة يتغيّر بين ساعة وأخرى، الخطة العسكرية تقضي بسدّ الخرق الذي قامت به تلك المجموعات، ومحاولة اعادة الامور الى ما كانت عليه، فالعملية العسكرية، تعتبر من أعقد العمليات، نظراً للاتصال الجغرافي بين تلك البلدات والمزارع مع ريف ادلب الجنوبي، الخزان الرئيسي للمسلحين، ما يشكل عائقا استطاع الجيش تجاوزه بهدف تفكيك تلك الشبكة المعقدة من خطوط التواصل الجغرافي، والامداد بين القرى التي دخلتها المجموعات المسلحة وريف ادلب. الجيش نفذ هجمات سريعة معاكسة مستنداً فيها على كثافة نارية من الوحدات المتمركزة في جبل زين العابدين، بالاضافة الى هجمات خاطفة من قبل وحدات المشاة المدعومة بالدبابات والمدرعات.. هذه الهجمات جاءت بعد احباط الهجوم الكبير الذي شنته "جبهة النصرة" و"احرار الشام" و"جيش ادلب"، والذي استغرق التحضير له اكثر من شهر ونصف، بالتعاون مع المخابرات التركية، حيث بدأت المجموعات المسلحة بالانسحاب تحت النيران من بلدة قمحانة، التي حاول المسلحون الالتفاف اليها من محور خربة الحجامة، وانطلق الجيش في معركة معاكسة، استطاع خلالها استعادة بلدة كوكب وتحرير كامل محيط بلدة خطاب بما فيها الرحبة العسكرية، وتطهير خربة الحجامة، كما اوقف تقدمهم على اتجاه بلدة صوران. ثم بدأ الجيش بالتقدم نحو بلدة معردس وتل عبادي، من الجهة الجنوبية الشرقية، اما على اتجاه محردة، استطاع الجيش تأمين المدينة من كل الاتجاهات، وافشل محاولة التفاف كانت "جبهة النصرة" تحاول تنفيذها انطلاقا من قلعة المضيق.. ويمتد خط التواجد للجيش السوري على الشكل التالي، من شمال محردة الى جنوب الشير وحتى شمال بلدة خطاب، وشمال بلدة قمحانة وجنوب بلدة معردس وعلى الاطراف الجنوبية الشرقية لبلدة صوران، امتدادا حتى شمال بلدة كوكب. الاهداف الواضحة والمعلنة لهذه الهجمات التي شنتها "النصرة"، ان كان في ريف حماة ام شرق دمشق، تقع ضمن شقين، الاول سياسي، كون الهجوم لم يكن للحظة منفصلا عن انطلاق الجولة الخامسة لمحادثات جنيف، وهذا ما رد عليه الجيش السوري حين استعاد السيطرة على منطقة المعامل، ومن ثم في عمليته المستمرة في ريف حماه التي استعاد فيها عددا من القرى، ما رسم ملامح الرد السوري الى المجتمعين في جنيف، وسحب من الدول الداعمة للمجموعات المسلحة ضغط الميدان، الذي حاولت ان تفرضه على وفد الجمهورية العربية السورية في المفاوضات.. أما الهدف الميداني، فكان الوصول الى بلدة قمحانة ومنها محاصرة جبل زين العابدين، ومن ثم يصبح الطريق مفتوحا امامها للوصول الى مدينة حماه، (تبعد قمحانة عن حما حوالي 7 كلم).. والعمليات العسكرية في ريف حماه لها طابع جغرافي خاص، كون المدينة وريفها يشكلان شريان الإمداد الرئيسي لوحدات الجيش السوري المتمركزة في حلب، ونقطة ربط بين مختلف الجبهات العسكرية في سوريا، وتساهم هذه العمليات في الوصول الى ريف الرقة الشرقي، والاحاطة بجنوب حلب، وهذا ما لم تحققه المجموعات المسلحة.

المصدر : حسين مرتضى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة