من الصعب التكهن بتحقيق أي اختراق حقيقي في الازمة السورية من خلال منظومة جنيف التي بدأت جولتها الخامسة اليوم بحضور وفد الحكومة السورية، ووفود المعارضة الثلاثة في ظل الخلافات المتفاقمة، والتصعيد العسكري الذي يبلغ ذروته حاليا في كل من اطراف العاصمة دمشق، ومدينة حماة، و”الفيتو” الكبير الذي تفرضه السلطات السورية على المبعوث الدولي استيفان دي مستورا.

 

دمشق رفضت استقبال المبعوث الدولي، وقالت له انت غير مرحب بك، لا في الحاضر ولا في المستقبل، والسبب حسب مصادر دبلوماسية سورية عليمة، يكمن في اتهام الأخير بتحريض المعارضة على تعديل موازين القوى، واشعال فتيل المعارك للضغط على النظام السوري قبل بدء جولة المفاوضات الحالية في جنيف.

 

لا نعرف مدى دقة هذه الاتهامات، ولكن حجم الغضب الرسمي السوري، وغير المسبوق، يوحي بأن هناك أرضية لهذه الاتهامات، وهناك من يقول انه لم يكن من قبيل الصدفة ان ترفض فصائل المعارضة المسلحة الذهاب الى الجولة الثانية من مفاوضات الآستانة، وان يتزامن تصعيد المعارك على أبواب دمشق واطراف مدينة حماة، قبل أيام من انعقاد الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف.

السيد نصر الحريري، رئيس الوفد المفاوض للهيئة العليا للمفاوضات، ومقرها الرياض، بات يتبنى لغة اكثر تشددا، ويصر على مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة لبحث النقطة الأهم في السلال الأربعة وهي “الحكم”، والفترة الانتقالية وصلاحياتها على وجه الخصوص.

المبعوث دي ميستورا اعلن عن اتفاق في الجولة السابقة على أربعة عناوين رئيسية يجب ان يتم بحثها بشكل متواز هي: الحكم، والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، والعنوان الأخير اصر وفد الحكومة السورية على اضافته، وهذا يعني تشكيل اربع لجان من الأطراف المتفاوضة لبحث هذه العناوين في الوقت نفسه.

المعلومات المتسربة من جنيف تقول ان الوفد الرسمي السوري سيصر على بحث ملف الإرهاب أولا، ومطالبة وفود المعارضة بإدانته، وعدم وجود أي ممثلين للفصائل التي اشتركت مع هيئة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، في التصعيد العسكري الأخير في دمشق وحماة، من الوجود ضمن الوفد المفاوض لانها انتهكت اتفاق وقف اطلاق النار، واخلت بالتزاماتها في هذا الخصوص، وقاطعت مؤتمر الآستانة في جولته الثانية.

المعادلة الجديدة تقول، اذا كانت فصائل الآستانة المسلحة انخرطت في القتال على جبهتي دمشق وحماة لتغيير موازين القوى لمصلحة وفد المعارضة المفاوض في جنيف، فان النظام في دمشق سيجد نفسه ملزما بالقتال لإعادة موازين القوى الى حالها قبل فتح جبهتي دمشق وحماة، وبما يفشل خطط دي ميستورا والدول الداعمة له في الغرب مثل الولايات المتحدة، وفي الشرق مثل السعودية وقطر وتركيا.

الخلاصة ان مفاوضات جنيف ستكون متعثرة، وربما اقصر من سابقاتها، وفرص تحقيق أي تقدم فيها، تبدو ضعيفة جدا، ان لم تكن معدومة.

  • فريق ماسة
  • 2017-03-24
  • 8407
  • من الأرشيف

فتح جبهتي دمشق وحماة يهدد بنسف عملية جنيف التفاوضية برمتها.. والحل السياسي يتراجع ويعود للمربع الأول

 من الصعب التكهن بتحقيق أي اختراق حقيقي في الازمة السورية من خلال منظومة جنيف التي بدأت جولتها الخامسة اليوم بحضور وفد الحكومة السورية، ووفود المعارضة الثلاثة في ظل الخلافات المتفاقمة، والتصعيد العسكري الذي يبلغ ذروته حاليا في كل من اطراف العاصمة دمشق، ومدينة حماة، و”الفيتو” الكبير الذي تفرضه السلطات السورية على المبعوث الدولي استيفان دي مستورا.   دمشق رفضت استقبال المبعوث الدولي، وقالت له انت غير مرحب بك، لا في الحاضر ولا في المستقبل، والسبب حسب مصادر دبلوماسية سورية عليمة، يكمن في اتهام الأخير بتحريض المعارضة على تعديل موازين القوى، واشعال فتيل المعارك للضغط على النظام السوري قبل بدء جولة المفاوضات الحالية في جنيف.   لا نعرف مدى دقة هذه الاتهامات، ولكن حجم الغضب الرسمي السوري، وغير المسبوق، يوحي بأن هناك أرضية لهذه الاتهامات، وهناك من يقول انه لم يكن من قبيل الصدفة ان ترفض فصائل المعارضة المسلحة الذهاب الى الجولة الثانية من مفاوضات الآستانة، وان يتزامن تصعيد المعارك على أبواب دمشق واطراف مدينة حماة، قبل أيام من انعقاد الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف. السيد نصر الحريري، رئيس الوفد المفاوض للهيئة العليا للمفاوضات، ومقرها الرياض، بات يتبنى لغة اكثر تشددا، ويصر على مفاوضات مباشرة مع وفد الحكومة لبحث النقطة الأهم في السلال الأربعة وهي “الحكم”، والفترة الانتقالية وصلاحياتها على وجه الخصوص. المبعوث دي ميستورا اعلن عن اتفاق في الجولة السابقة على أربعة عناوين رئيسية يجب ان يتم بحثها بشكل متواز هي: الحكم، والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، والعنوان الأخير اصر وفد الحكومة السورية على اضافته، وهذا يعني تشكيل اربع لجان من الأطراف المتفاوضة لبحث هذه العناوين في الوقت نفسه. المعلومات المتسربة من جنيف تقول ان الوفد الرسمي السوري سيصر على بحث ملف الإرهاب أولا، ومطالبة وفود المعارضة بإدانته، وعدم وجود أي ممثلين للفصائل التي اشتركت مع هيئة “فتح الشام” او “النصرة” سابقا، في التصعيد العسكري الأخير في دمشق وحماة، من الوجود ضمن الوفد المفاوض لانها انتهكت اتفاق وقف اطلاق النار، واخلت بالتزاماتها في هذا الخصوص، وقاطعت مؤتمر الآستانة في جولته الثانية. المعادلة الجديدة تقول، اذا كانت فصائل الآستانة المسلحة انخرطت في القتال على جبهتي دمشق وحماة لتغيير موازين القوى لمصلحة وفد المعارضة المفاوض في جنيف، فان النظام في دمشق سيجد نفسه ملزما بالقتال لإعادة موازين القوى الى حالها قبل فتح جبهتي دمشق وحماة، وبما يفشل خطط دي ميستورا والدول الداعمة له في الغرب مثل الولايات المتحدة، وفي الشرق مثل السعودية وقطر وتركيا. الخلاصة ان مفاوضات جنيف ستكون متعثرة، وربما اقصر من سابقاتها، وفرص تحقيق أي تقدم فيها، تبدو ضعيفة جدا، ان لم تكن معدومة.

المصدر : عبد الباري عطوان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة