بات واضحاً أنّ هناك تنسيقاً بين سورية والعراق. بدايةً كان هذا التنسيق غير مباشر، أيّ رباعياً من خلال مكتب التنسيق الذي تمّ تشكيله ويضمّ سورية والعراق وإيران وروسيا،

 

ولاحقاً تواصلت اللقاءات الأمنية عبر مسؤول الأمن القومي العراقي فالح الفياض الذي لعب دوراً مزدوجاً حيث نقل رسائل أميركية تتعلق ببعض نشاطات الطائرات الأميركية في بعض المناطق السورية. لكن التنسيق الفعلي والذي يعبّر عن نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين منذ الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 تمثل بقيام الطائرات العراقية بقصف مواقع لتنظيم داعش داخل الأراضي السورية، بعد الحصول على موافقة مسبقة من دمشق على هذه الخطوة، كما تمثل بالموقف الذي أعلنه وزير خارجية العراق في الاجتماع التحضيري للقمة العربية والذي طالب فيه بعودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية.

 

 

الهامّ في هذا التنسيق هو الأسباب والعوامل التي جعلته حتمياً والذي ترشّحه لأن يتحوّل في المستقبل القريب إلى تنسيق وتعاون استراتيجي ينقل العلاقات السورية – العراقية إلى مستوى غير مسبوق.

 

ـ السبب الأول أو العامل الأول، الذي يفسّر نشوء هذا التنسيق، هو الاختلال في توازن القوى داخل فريق الحكم العراقي. من المعروف أنه في الفترة الواقعة ما بين عام 2003 وحتى وقت قريب كان هناك نفوذ أميركي قوي على الحكومة العراقية. ومعروف أن ليس من مصلحة الولايات المتحدة قيام تنسيق وتعاون وثيق بين سورية والعراق، واستغلت الولايات المتحدة موقف سورية من الاحتلال الأميركي للعراق، لتحريض بغداد على دمشق وللحؤول دون قيام علاقات وطيدة ومتطوّرة بين الدولتين. لكن من الواضح أنّ معركة العراق ضدّ داعش والموقف الأميركي المتردّد في دعم العراق في هذه المعركة، والحاجة إلى الاستعانة بقوات الحشد الشعبي من قبل الحكومة العراقية لمؤازرة الجيش في معركته ضدّ داعش، والنجاحات التي تحققت على الرغم من تدني الدعم الأميركي للقوات العراقية، ساهم في تعزيز استقلالية الحكومة العراقية في مواجهة الوصاية الأميركية، ولا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع سورية.

 

ـ السبب الثاني أو العامل الثاني، الذي دفع بغداد لتعزيز التعاون والتنسيق مع دمشق، هو قناعة المسؤولين العراقيين، أنّ العراق حتى لو نجح في طرد داعش من كلّ المناطق العراقية، إلا أنه إذا ما استمرّ داعش مسيطراً في مناطق سورية قرب الحدود العراقية فإنّ احتمال شنّ داعش هجمات جديدة داخل العراق وحتى العودة والسيطرة على مناطق من جديد، يظلّ احتمالاً قائماً، الأمر الذي يتطلب مطاردة هذا التنظيم الإرهابي داخل سورية، واقتلاعه بشكل كامل، وذلك لن يتحقق من دون التنسيق والتعاون الحصري مع الدولة السورية.

 

  • فريق ماسة
  • 2017-03-14
  • 14058
  • من الأرشيف

التنسيق السوري العراقي لماذا الآن؟

بات واضحاً أنّ هناك تنسيقاً بين سورية والعراق. بدايةً كان هذا التنسيق غير مباشر، أيّ رباعياً من خلال مكتب التنسيق الذي تمّ تشكيله ويضمّ سورية والعراق وإيران وروسيا،   ولاحقاً تواصلت اللقاءات الأمنية عبر مسؤول الأمن القومي العراقي فالح الفياض الذي لعب دوراً مزدوجاً حيث نقل رسائل أميركية تتعلق ببعض نشاطات الطائرات الأميركية في بعض المناطق السورية. لكن التنسيق الفعلي والذي يعبّر عن نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين منذ الاحتلال الأميركي للعراق في عام 2003 تمثل بقيام الطائرات العراقية بقصف مواقع لتنظيم داعش داخل الأراضي السورية، بعد الحصول على موافقة مسبقة من دمشق على هذه الخطوة، كما تمثل بالموقف الذي أعلنه وزير خارجية العراق في الاجتماع التحضيري للقمة العربية والذي طالب فيه بعودة سورية لشغل مقعدها في الجامعة العربية.     الهامّ في هذا التنسيق هو الأسباب والعوامل التي جعلته حتمياً والذي ترشّحه لأن يتحوّل في المستقبل القريب إلى تنسيق وتعاون استراتيجي ينقل العلاقات السورية – العراقية إلى مستوى غير مسبوق.   ـ السبب الأول أو العامل الأول، الذي يفسّر نشوء هذا التنسيق، هو الاختلال في توازن القوى داخل فريق الحكم العراقي. من المعروف أنه في الفترة الواقعة ما بين عام 2003 وحتى وقت قريب كان هناك نفوذ أميركي قوي على الحكومة العراقية. ومعروف أن ليس من مصلحة الولايات المتحدة قيام تنسيق وتعاون وثيق بين سورية والعراق، واستغلت الولايات المتحدة موقف سورية من الاحتلال الأميركي للعراق، لتحريض بغداد على دمشق وللحؤول دون قيام علاقات وطيدة ومتطوّرة بين الدولتين. لكن من الواضح أنّ معركة العراق ضدّ داعش والموقف الأميركي المتردّد في دعم العراق في هذه المعركة، والحاجة إلى الاستعانة بقوات الحشد الشعبي من قبل الحكومة العراقية لمؤازرة الجيش في معركته ضدّ داعش، والنجاحات التي تحققت على الرغم من تدني الدعم الأميركي للقوات العراقية، ساهم في تعزيز استقلالية الحكومة العراقية في مواجهة الوصاية الأميركية، ولا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع سورية.   ـ السبب الثاني أو العامل الثاني، الذي دفع بغداد لتعزيز التعاون والتنسيق مع دمشق، هو قناعة المسؤولين العراقيين، أنّ العراق حتى لو نجح في طرد داعش من كلّ المناطق العراقية، إلا أنه إذا ما استمرّ داعش مسيطراً في مناطق سورية قرب الحدود العراقية فإنّ احتمال شنّ داعش هجمات جديدة داخل العراق وحتى العودة والسيطرة على مناطق من جديد، يظلّ احتمالاً قائماً، الأمر الذي يتطلب مطاردة هذا التنظيم الإرهابي داخل سورية، واقتلاعه بشكل كامل، وذلك لن يتحقق من دون التنسيق والتعاون الحصري مع الدولة السورية.  

المصدر : حميدي العبدالله


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة