دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يبدو ان الحدث الأبرز بأحداث الحرب على الدولة السورية بمطلع عامها السابع ،وبالتزامن مع توسع رقعة انتصارات الجيش العربي السوري على الارض السورية،هو الحدث الذي تم مؤخراً من تركيا، وتمثل بالدخول التركي والأمريكي للاراضي السورية "شمالاً" تحت عناوين واهداف وحجج واهية ،وهذا مايؤكد إن هنالك مشروعاً ما، يستهدف إقامة مناطق عازلة بأقصى شمال وشمال شرق سورية من جهة الحدود التركية مع سورية،ومن هنا يقرأ بعض المطلعين أن ما يتم العمل عليه الآن على الارض ، ما هو إلّا جزءٌ من مشروع ما يعد لضرب وحدة وسيادة الدولة السورية، ويعد له الجمهوريون «الراديكاليون» بالشراكة مع بعض الاطراف الدولية والاقليمية، المنخرطة بالحرب على سورية.
فبعد أن ضمن الجمهوريين «الراديكاليين» غالبية مقاعد الكونغرس الامريكي بالاضافة إلى رئاسة البيض الابيض، أعلن السيناتور الأمريكي الجمهوري جون ماكين في مطلع العام الحالي ، لقائه بعدد ممن سماهم «مقاتليّ الجيش الحر وميلشيا سورية الديمقراطية » في شمال سورية وفي مدينة أورفه التركية ، وقد سبق لماكين أن أجرى مجموعة لقاءات سابقة مع ما يسمى «بالقوى المسلحة المعتدلة ، مع العلم أن ماكين قد بذل بالفترة الماضية جهوداً كبيرة، وسعى لإقامة منطقة الحظر الجوي في سورية، وتزويد الميليشيات المسلحة بالسلاح والمال والمقاتلين، كما سرّبت بعض وسائل أعلام تركية أخباراً، تؤكد لقاء بعض القادة العسكريين الأمريكان بعدد من القيادات المقربة من ما يسمى بجبهة النصرة "فتح الشام " بالشمال السوري، وهذا اللقاء تمّ بمدينة أورفة التركية، كما سرّبت وسائل الإعلام التركية، إنّهُ تمّ بالفترة الأخيرة عقد عدّة لقاءات، جمعت ماكين مع أبرز المسؤوليين الاتراك ، كان أخرها لقائه مع رئيس الاستخبارات التركية، هاكان فيدان بالأيام الأخيرة من الربع الأخير من عام 2016، والواضح هنا إن مناورة الجمهوريين الأخيرة ،يدعمها سعيٌ فرنسي - سعودي – تركي لتشديد الضغط العسكري على القيادة السياسية والعسكرية السورية، لدفعها لتقديم تنازلات كبرى،بعد نصرها الكبير بحلب المدينة وريف حلب الشرقي .
فاليوم، لايمكن الحديث أبداً عن إن امريكا وحلفائها، قد قاموا بإعادة دراسة لستراتيجيتهم للحرب بسورية من دون وجود مؤشرات توحي بذلك، فهم ما زالوا يدرّبون ويسلّحون ومن خلف الكواليس عشرات الآلاف من المسلّحين الذين يقاتلون الجيش العربي السوري ، وهم اليوم يعدون العدة لمعارك كبرى، سنعيش تفاصيلها قريباً كما تسرّب وسائل الإعلام الغربية بشمال شرق سورية " الرقة "، كما إن أمريكا وحلفائها ما زالوا يحتفطون بورقة الائتلاف السوري كورقة رابحة، وليس كما يعتقد البعض، إنّ الأئتلاف السوري المعارض"وفد الرياض "، قد أنتهت مدة صلاحيته بالغرب، كما أن امريكا وحلفائها ما زالوا يمارسون دورهم بالحصار الاقتصادي على الدولة السورية، كما إنهم ما زالوا يسعون لتعطيل أي مسار أو حل يضمن تحقيق حل سياسي للحرب على الدولة السورية، فهذه المؤشرات جميعها، توحي إنّهُ لا تغيير بأستراتيجية أمريكا بحربها على الدولة السورية ، ومن هنا فأن جميع الأقاويل والتحليلات التي تؤكد حدوث تغييرٍ ما ، ماهي إلّا تحليلات فارغة من أي مضمون .
فاليوم وبمطلع العام السابع للحرب على سورية بكل أركانها، فقد عادت أمريكا وحلفائها لتكرار نفس أسطوانتها المشروخة، والتي تكررها منذ ستة أعوام والى اليوم ، ومضمونها يدور مجدداً حول "الانتقال السياسي "،وهذا مايدحضُ بشكلٍ قطعي، رهان بعض المحللين والمتابعين الذين تحدثوا بالفترة الأخيرة على إنّ صمت واشنطن بالفترة الأخيرة عن معظم الاحداث التي تجري بسورية ، هو قبول بسياسة الأمر الواقع، وإنّ واشنطن قد أقرّت بهزيمتها فوق الاراضي السورية ، ولكن حقائق الواقع وخفايا ماوراء الكواليس، تدحض كل هذه التحليلات .
أمّا ألاحداث الميدانية السورية بمطلع عامها السابع ،فيبدو واضحاً، إنّ مجريات الميدان السوري ومسار المعارك على الارض، لايوحي أبداً بامكانية الوصول إلى حل سلمي أو حل سياسي للحرب على الدولة السورية بسهولة ، فما زالت المعارك تدور على الارض وبقوة وزخم أكبر ، ومع دوي وارتفاع صوت هذه المعارك، يمكن القول إنّهُ بهذه المرحلة، لاصوت يعلو على مسار الحسومات العسكرية لجميع الاطراف ..من الشمال الى الجنوب مروراً بالشرق السوري ،فالمعارك تسير بعكس عقارب الحلول السياسية ،فكلما سمعنا مؤشرات عن حل سياسي يأتي من هنا وهناك ،نرى حالة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مختلف الجبهات السورية المشتعلة،وهذا مايؤكد حتمية إن خيارات الحسم الميداني، وميزان القوة بالميدان، هو من سيحسم بالنهاية، المعركة على الارض السورية .
فاليوم من الواضح إنّ الاحداث بسورية ،بمطلع عامها السابع تعكس حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بسورية، ومجموعة من الرهانات المتعلقة بكل ما يجري في سورية، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للاحداث الميدانية على الارض، مع الحسابات الأمنية والعسكرية والجيو سياسية للجغرافيا السياسية السورية، وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة، وجملة مواضيع أخرى، ليس أولها ولا آخرها الرهان على دور ما لمصر في المرحلة المقبله، قد يقلب المعادلة في المنطقة، ويعيد خلط الاوراق فيها من جديد إلى أقصى الحدود ، وهذا مايوحي بمسار تعقيد شائك دخلته الحرب على الدولة السورية بمطلع عامها السابع ، فطرق الحل والتسويات بسورية، تخضع للكثير من التجاذبات والأخذ والرد قبل وصول الأطراف الرئيسية المعنية إلى قناعة شاملة بحلول وقت الحلول، وما لم تنضج ظروف التسويات الدولية - الإقليمية لا يمكن الحديث عن إمكان فرض حلول في المدى المنظور للحرب على الدولة السورية..
هذه العوامل بمجملها أثّرت بشكلٍ ملموس على حياة المواطن السوري بداخل سورية،وحتى اللاجىء الى دول جوارها ، فبمطلع العام السابع للحرب على الدولة السورية ، ما زالت حرب الإبادة التي تمارسها قوى "إرهابية "مختلفة على ارض سورية، وبحق شعب سورية، مازالت شاهده على إجرام الكثير من قوى العالم بحق سورية وشعبها ، فمن دمشق القديمة إلى حلب الى حماه الى القنيطرة الى الرقة الى دير الزور الى حمص الى دمشق الى اللاذقية ودرعا والحسكة ، ومختلف بقاع الجغرافيا السورية ، ما زالت نار الحرب تضرب بقوة كل مقومات العيش بحده الادنى للمواطن السوري،والناظر لحال الكثير من السوريين داخل وخارج سورية ،يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن السوري، فاليوم بسورية هناك مدنٌ بأكملها لايوجد بها لا ماء ولاكهرباء ولا حتى طحين، وإن وجد الطحين يوجد بشكل مقنن، ويستفيد منه بشكلٍ واسع ما يسمى «بتجار الأزمة أو تجار الحرب السوريين» لا فرق بذلك كما يقول السوريين ،فهؤلاء هم جزء من الحرب على سورية، ولكن بوجوه وصور مختلفة ،ومن هنا فمن الواضح من حجم الدمار والخراب وحجم الدماء الهائل التي دفعها السوريين، إنّ الخاسر الوحيد من كل ما يجري بسورية، هو الشعب السوري والشعب السوري فقط ..
ختاماً ،فأن دخول الحرب على الدولة السورية عامها السابع ، يؤكد بما لايقبل الشك، إنّ أي حديث عن مؤتمرات هدفها الوصول الى حل سياسي للحرب على الدولة السورية "جنيف -5 الاستانة -3" ، ماهو بالنهاية إلا حديث وكلام فارغ من أي مضمون، يمكن تطبيقه على أرض الواقع ، فامريكا وحلفائها بالغرب وبالمنطقة، كانوا وما زالوا يمارسون دورهم الساعي الى إسقاط الدولة السورية ، والواضح إنّ الحرب على الدولة السورية ستستمر الى عامٍ آخر على الاقل بنفس وتيرتها التي نعيشها اليوم ، وإلى حين اقتناع أمريكا وحلفائها بحلول وقت الحلول للملف السوري، ستبقى سورية تدور بفلك الصراع الدموي، إلا أن تقتنع أمريكا وحلفائها إنّ مشروعهم الساعي الى تدمير سوريا، قد حقق جميع أهدافه، أو أن تقتنع بإنهزام مشروعها فوق الأراضي السورية، وإلى ذلك الحين، سننتظر مسار المعارك على الارض، لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار الحلول المستقبلية للحرب على الدولة السورية ،وعلى الشعب السوري.. الخاسر الوحيد من مسار هذه الحرب المفروضة عليه.
المصدر :
الماسة السورية//هشام الهبيشان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة