دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
تتكشف يوماً إثر آخر حقائق مرعبة عما حصل في البلدان العربية من تدمير، وتخريب ممنهج، ومدروسٍ للدول، والمجتمعات، من خلال ما سُمي زوراً، وبهتاناً الربيع العربي، وتبدو ليبيا من البلدان التي مزقها مدّعو الثورة من المتأسلمين، والوهابيين بدعم إقليمي، ودولي مكشوف، ومفضوح بقيادة خزائن البترودولار.
وقبل أيام أي بتاريخ 25/2/2017 نشبت اشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس بين مجموعتين مسلحتين أدت إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح من المدنيين الليبيين نتيجة أعمال القصف العشوائية، والقنص، وحصار المدنيين بمن فيهم الأطفال.
وقد تابعت الأخبار الخاصة بهذه الاشتباكات لمعرفة ما الذي يجري على الأرض هناك من باب زيادة المعلومات في النتائج الباهرة للربيع العربي! فتبين لي حسب ما نشرت الحياة السعودية مثلاً أنه لا يُعرف ما إذا كان التنظيمان مواليين لما يسمى حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج الذي لا يمون حسب العديد من الكُتاب الليبيين على مساحة أوسع من المكان الموجود فيه، كما أشارت المعلومات إلى أن الاشتباكات دارت بين «كتيبة البركي»، وكتيبة «الككلي» التابعتين لتحالف ميليشيات داعم لحكومة السراج وفق مصادر أخرى، وذلك بعد أعمال خطف متبادلة بين المجموعتين.
ولأن شر البلية ما يضحك فإن كتيبة «الككلي» التي يقودها المدعو «عبد الغني الككلي»- المعروف بـ«غنيوة» خطفت (45) شخصاً واقتادتهم إلى مقرها… وأين؟! في حديقة الحيوانات في طرابلس حيث قيادة القائد الثوري (غنيوة)، وهو ما أدى إلى اندلاع الاشتباكات العنيفة مع كتيبة «البركي» التي يقودها المدعو (عمر البركي)- ولقبه «طمطم!».
إذاً مصائر المدنيين الليبيين في طرابلس وقعت بين قائدين ثوريين كبيرين هما (غنيوة) و(طمطم)، ويبدو واضحاً أن واقع ليبيا المزري جعل بعض الكُتاب الليبيين يطلقون الصرخات لإخراج الشعب الليبي من أيدي هؤلاء «الحثالة» على حد وصف الكاتب (إبراهيم محمد الهنقاري) في صحيفة رأي اليوم الإلكترونية، حيث أشار إلى أنه لا أحد يعرف من هؤلاء إن كانوا ليبيين، أم مرتزقة!
وفي كل الأحوال فإن الكاتب (الهنقاري) يقول بالحرف: (لدينا برلمانان منتهيا الصلاحية، وثلاث حكومات لا تحكم، ومجلس رئاسي مزعوم، ومجالس محلية، ومدنية، وعسكرية متعددة، وثوار، وميليشيات، وعصابات مسلحة، وأحزاب مختلفة، وحكماء، وحاكم عسكري…. وكلهم عاجزون عن وقف المجازر البشعة التي يرتكبها عدد من السفهاء، والمجانين…) ليتابع صرخته بالقول: (لم نعد نعرف من الشرعي، ومن المغتصب للسلطة والواقع أنه لا سلطة إلا سلطة العصابات، والميليشيات وحكومات وهمية لا حول لها ولا قوة، لا جيش ولا شرطة…) ويرى أن الحل الوحيد الذي يتطلع إليه الليبيون للعودة إلى دولة الدستور، والقانون هو عدم التعويل على القوى الدولية والإقليمية، وتجريد الميليشيات، والعصابات المسلحة من السلاح ودعم الجيش، والشرطة لإنقاذ ليبيا.
من حسن حظ السوريين، ونتيجة صمودهم، وتماسكهم، ودمائهم الزكية أنهم حافظوا ودعموا بقاء الدولة، ومؤسساتها، والأهم وقفوا خلف جيشهم البطل الذي صمد صموداً أسطورياً بذاته، إضافة لدعم الحلفاء، والأصدقاء، على الرغم من أن قوى العدوان الفاشية حاولت بشتى السبل تفكيك المؤسسة العسكرية، وتدميرها مادياً، ومعنوياً وفشلت في ذلك كما أنها حاولت إيجاد بنى بديلة من الدولة، ومؤسساتها، وهو ما لمسناه من خلال تشكيل ما سمي بداية «المجلس الوطني السوري»، ثم لاحقاً «الائتلاف»، وإنتاج «حكومة مؤقتة»، ولكنها كلها فشلت، وسقطت سقوطاً كبيراً نظراً للتقدير الواهم الذي بنيت عليه أحلام داعمي ثورة «غنيوة» و«طمطم» في سورية.
إن العمل المستمر على إنتاج مجالس محلية في العديد من المناطق السورية، إضافة للمجالس العسكرية، والكتائب، والفيالق والتشكيلات المسلحة ليس لها إلا هدف واحد، هو تفكيك الدولة السورية، ومؤسساتها بشكل تدريجي كي تعم الفوضى، وتمكن قوى العدوان الفاشية من التحكم بالكانتونات والعصابات المشكلة، والمدعومة من أجهزة الاستخبارات الخارجية، وما قرار السي آي إيه الأخير بوقف الدعم للمجموعات المسلحة الإرهابية إلا دليل جديد على حجم ارتباط هؤلاء بالأجندات الخارجية المعادية لوطنهم وشعبهم.
إن طرح بعض الواهمين في جنيف من أنصار ثورة (غنيوة) و(طمطم) لما يسمى (هيئة حكم انتقالي) ليس إلا وصفة مكشوفة، ومفضوحة لتفكيك الدولة وهو ما عجزوا عن فعله لسنوات ست ولذلك فإنه حلم إبليس في الجنة كما يقال، إضافة إلى أن الزمن تجاوزه، وهو طرح غير دستوري، وغير قانوني أساساً، ولا علاقة له بالواقع أبداً، وهؤلاء ما يزالون يكررون عبارات ممجوجة، وأسطوانات مشروخة غير قابلة للتطبيق والتحقيق.
إن انكشاف الوجه القبيح لمدعي ثورات (غنيوة) و(طمطم) لم يعد بالإمكان إخفاؤه ولو أرسلوا في كل مرة مفاوضين جدداً، وبدلوا الأسماء، وحلقوا اللحى، وغيروا أسماء المنصات، وقادتها.. ذلك أن وعي الشعوب ازداد، وأوراق الإرهاب الدموي انكشفت، واحترقت، ولا إمكانية لأي حل سياسي مع كتائب المرتزقة، والقتلة، والانتحاريين، ومن ينتحلون صفة المعارضة السياسية، وهم ليسوا إلا واجهة للدول الداعمة لهم، ويعيشون على موائد أمراء النفط والحرب.
إن مدعي الثورات القبيحة التي دمرت الأوطان، والشعوب لا يمكنهم المطالبة بما لا يستحقون إذ إنهم لا يخشون شيئاً في العالم أكثر من خشيتهم ورعبهم من كلمة (انتخابات)، وهو أمر غريب عجيب لدى مدعي المعارضات السورية الذين يجادلون في كل شيء، ويتحدون في كل شيء إلا الاحتكام إلى إرادة الشعب، وصندوق الاقتراع، ذلك أن المعارضات في كل الدنيا تتحدى دائماً النظام السياسي الذي تعارضه بصندوق الاقتراع، وباللجوء إلى الشعب إلا المعارضات السورية التي نسمع منها كل الاتهامات، والشتائم، ولكننا لا نسمع منها كلمة (انتخابات) أبداً، لأنها تعرف مصيرها المحتوم على ما يبدو!
إن اللف، والدوران لن ينفعهم بأي شيء فثورات (غنيوة) و(طمطم) التي يمثلونها سقطت، وانكشفت، وليس أمامكم سوى الشعب الذي تدعون تمثيله، فلنحتكم إليه إذا كان لديكم ذرة كرامة واحدة.
المصدر :
د. بسام أبو عبد الله
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة