لا تبدو المعارضة السورية بشقها السياسي مستعجلة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية, ولها في عدم استعجالها ما يبرر هذا الموقف سيما وأن موازين القوى على الارض لا تسمح لها برفع سقف شروطها التفاوضية على غرار ما كانت عليه في آخر جولة من مفاوضات جنيف قبيل تعليقها, فعندما اختارت هذه المعارضة الجلوس على طاولة المفاوضات كانت ورقة حلب وما تعنيه حلب بيدها, أما اليوم فهي بحاجة الى ورقة ميدانية لا تقل اهمية عن حلب تذهب بها الى المفاوضات .


أما وأن التنظيمات المسلحة قد وقعت على اتفاق لوقف اطلاق النار وفق تفاهمات روسية تركية لا يعني ابدا الجدية من قبل هذه الفصائل الانخراط في اي عملية تفاوضية على المدى القريب فتوقيعها على اتفاق وقف اطلاق النار يصب في مصلحتها على الاقل لجهة اعادة حساباتها الميدانية من جهة وترتيب البيت الداخلي لهذه الفصائل التي تعيش اليوم حالة من الاقتتال والخلاف لا تحسد عليها .


الواضح أن حظوظ مؤتمر استانة الذي لم يعقد بعد تتراجع على حساب تعنت الفصائل المسلحة على اختلاف ولاءاتها الاقليمية ... فتركيا التي تلعب دور الضامن لهذه الفصائل وفق تفاهمات مع موسكو ..تحاول عبر فصائلها المسلحة تحسين شروطها التفاوضية من جهة وزيادة الضغط على دمشق وموسكو من جهة اخرى وعليه كان قرار 10 فصائل بتعليق المشاركة في المفاوضات المزمع عقدها بحجة خرق القوات السورية لاتفاق وقف اطلاق النار .


عقبة أخرى تواجه مفاوضات استانة تتمثل في تحديد الاطراف المعارضة بصفتها السياسية الممثلة لفصائل العسكرية الموقعة على التفاهم الروسي التركي فالهيئة العليا للمفاوضات التي قادت المعارضة في مفاوضات جنيف بجولاته المتعددة لا يزال مصير مشاركتها في الاستانة رهين المشاورات الثلاثية بين انقرة وموسكو وطهران وهنا يبرز الاصرار الايراني على استبعاد مجموعة الرياض ومن خلفها السعودية من هذه المفاوضات ، فطهران التي وجدت في تركيا شريك اقليمي وحيد ادرك اخيرا ضرورة الحل السياسي في سورية تحاول ايران عبر هذا الشريك حشر المملكة السعودية في زاوية اللامؤثر في الازمة السورية وهذا ما بدى واضحا في غياب التصريحات السعودية والامريكية على حد سواء حيال الاتفاق الروسي التركي الايراني الامر الذي عزاه البعض الى انتظار تسلم ترامب دفة الادارة الامريكية رسميا في ال20 من الشهر الجاري .


وعليه يمكن القول بأن اتفاق وقف اطلاق النار في سورية الذي يفترض به التمهيد لعملية تفاوضية تقف في وجهه الكثير من العقبات التي يصعب تجاوزها في المدى القريب

 

  • فريق ماسة
  • 2017-01-08
  • 8249
  • من الأرشيف

الطريق إلى "أستانة" يمر بمطبات عديدة

 لا تبدو المعارضة السورية بشقها السياسي مستعجلة للجلوس على طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية, ولها في عدم استعجالها ما يبرر هذا الموقف سيما وأن موازين القوى على الارض لا تسمح لها برفع سقف شروطها التفاوضية على غرار ما كانت عليه في آخر جولة من مفاوضات جنيف قبيل تعليقها, فعندما اختارت هذه المعارضة الجلوس على طاولة المفاوضات كانت ورقة حلب وما تعنيه حلب بيدها, أما اليوم فهي بحاجة الى ورقة ميدانية لا تقل اهمية عن حلب تذهب بها الى المفاوضات . أما وأن التنظيمات المسلحة قد وقعت على اتفاق لوقف اطلاق النار وفق تفاهمات روسية تركية لا يعني ابدا الجدية من قبل هذه الفصائل الانخراط في اي عملية تفاوضية على المدى القريب فتوقيعها على اتفاق وقف اطلاق النار يصب في مصلحتها على الاقل لجهة اعادة حساباتها الميدانية من جهة وترتيب البيت الداخلي لهذه الفصائل التي تعيش اليوم حالة من الاقتتال والخلاف لا تحسد عليها . الواضح أن حظوظ مؤتمر استانة الذي لم يعقد بعد تتراجع على حساب تعنت الفصائل المسلحة على اختلاف ولاءاتها الاقليمية ... فتركيا التي تلعب دور الضامن لهذه الفصائل وفق تفاهمات مع موسكو ..تحاول عبر فصائلها المسلحة تحسين شروطها التفاوضية من جهة وزيادة الضغط على دمشق وموسكو من جهة اخرى وعليه كان قرار 10 فصائل بتعليق المشاركة في المفاوضات المزمع عقدها بحجة خرق القوات السورية لاتفاق وقف اطلاق النار . عقبة أخرى تواجه مفاوضات استانة تتمثل في تحديد الاطراف المعارضة بصفتها السياسية الممثلة لفصائل العسكرية الموقعة على التفاهم الروسي التركي فالهيئة العليا للمفاوضات التي قادت المعارضة في مفاوضات جنيف بجولاته المتعددة لا يزال مصير مشاركتها في الاستانة رهين المشاورات الثلاثية بين انقرة وموسكو وطهران وهنا يبرز الاصرار الايراني على استبعاد مجموعة الرياض ومن خلفها السعودية من هذه المفاوضات ، فطهران التي وجدت في تركيا شريك اقليمي وحيد ادرك اخيرا ضرورة الحل السياسي في سورية تحاول ايران عبر هذا الشريك حشر المملكة السعودية في زاوية اللامؤثر في الازمة السورية وهذا ما بدى واضحا في غياب التصريحات السعودية والامريكية على حد سواء حيال الاتفاق الروسي التركي الايراني الامر الذي عزاه البعض الى انتظار تسلم ترامب دفة الادارة الامريكية رسميا في ال20 من الشهر الجاري . وعليه يمكن القول بأن اتفاق وقف اطلاق النار في سورية الذي يفترض به التمهيد لعملية تفاوضية تقف في وجهه الكثير من العقبات التي يصعب تجاوزها في المدى القريب  

المصدر : ميرنا عجيب / آسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة