دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مدينة إدلب في الشمال السوري, المحاذية للحدود التركية من الشمال والشمال الغربي, وريف اللاذقية من الغرب, ومحافظة حماه من الجنوب, وريف حلب من الشرق, تكاد تكون بالكامل تحت سيطرة مسلحي المعارضة, باستثناء بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريفها .
أصبحت هذه المحافظة المأوى الأخير للآلاف من المسلحين الذين ضاقت بهم الأرض, ولم يجدوا مفراً من الموت غيرها, عبر اتفاقات مصالحة تنصّ على ترحيل من يرفض تسوية وضعه وترك حمل السلاح, حيث تم ترحيل مسلحي داريا بتعداد 1400 مسلح, و المعضمية بما يقارب 1000 مسلح, و قدسيا والهامة 2000 مسلح, و التل 1500 مسلح, بالإضافة للمئات من حي الوعر الحمصي, و حي القدم والعسالي بريف دمشق, الذي لم تكتمل فيه المصالحة حتى الآن .
ليصبح مجموع من تمّ ترحيلهم من حملة السلاح إلى إدلب ما يقارب 6000 مسلح, بالإضافة لعائلاتهم. ولكن السؤال هذا العدد الضخم القادر على تشكيل لواء ضخم, أين هم, وماذا يفعلون في إدلب؟
أولاً علينا ألاّ ننسى أن من تم ترحيلهم هم من مختلف الفصائل المسلحة, ويتبع معظمهم لتيارين بارزين هما الوهابيون والإخوان المسلمون, وقد حملوا خلافاتهم العقائدية معهم إلى إدلب, مما زاد الخلاف هناك بين الفصائل المتناحرة, حيث شهدت إدلب عدّة حوادث تفجير واختطاف واشتباكات واغتيالات بين الفصائل, كان أبرزها الخلاف بين فصيل جند الأقصى, المقرب من داعش, وبين أحرار الشام, الذي وصل لحدّ الاشتباك بالأسلحة الثقيلة بينهما . أما عن المسلحين المرحَّلين إلى إدلب, فقد وقع بعضهم ضحية تلك الخلافات, وتم اغتيال عدة شخصيات, كان أبرزها قائد " لواء شهداء الإسلام " أبو جعفر الحمصي, الذي وجد مقتولاً في منطقة دركوش بريف إدلب, في 13 تشرين الأول .
قسم آخر من المرحَّلين إلى إدلب قرر استكمال مسيرته في قتال الجيش السوري, حيث انضم إلى الفصائل المتواجدة هناك, وقاتل معهم, فشارك بعض مسلحي داريا بمعارك ريف حماة التي سميت بغزوة " مروان حديد, وتحدثت صفحات معارضة عن مقتل الكثير من مسلحي داريا بتلك المعارك .
أما القسم الآخر وهو القسم الأكبر من المرحّلين, يختار إدلب فقط لكونها نقطة عبور إلى تركيا, ومنها إلى أوروبا, حيث عبر الكثيرون الحدود عبر معبر اطمة, واختاروا الاستقرار في تركيا, أو حتى تجاوز البعض ذلك بالهجرة إلى أوروبا والاستقرار هناك, حيث استطاعت جبهة النصرة اعتقال 15 مسلحاً من مرحَّلي داريا, كانوا ينوون دخول الأراضي التركية, وتم توجيه تهم لهم بالردّة والتخاذل .
أحد قادة الفصائل المسلحة قال في رسالة نشرها " فيصل القاسم " على صفحته على الفيسبوك متحدثاً عن تجميع المسلحين في إدلب قال :
" أين سيذهبون بعد إدلب, هل ستقبل تركيا باستقبال كل هؤلاء, أم أن جميعهم سيعودون لحضن الوطن ! " متسائلاً عن مصير كل هؤلاء الذين لم يصمدوا على أطراف العاصمة دمشق, فكيف سيقاتلون قرب الحدود التركية ؟؟
لن يطول ملفّ إدلب كثيراً, فعين الدولة السورية على بلدتي كفريا والفوعة, اللتين من المتوقع أن تكونا الوجهة التالية للجيش السوري وحلفائه بعد حلب التي اقترب من السيطرة الكاملة عليها, وحينها سيعود ملفّ المرحَّلين إلى إدلب إلى الواجهة فهل ستستقبلهم تركيا, أم ستكون لهم وجهة أخرى؟
المصدر :
آسيا _ جعفر الجولاني
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة