دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
سخط تل ابيب ازاء التطورات الاخيرة في سوريا، والتقدير بأن مآلاتها لا تخدم وتتوافق والمصالح الاسرائيلية، يواصلان انعكاسهما في الاعلام العبري: غضب من اداء ورعونة الحليف الاميركي وفشل استراتيجياته،
في موازاة تشتت وتعارض مصالح الحلفاء، الذي ضيع على الحليف الكردي بدء اولى مراحل تفتيت سوريا، حيث المصلحة الاسرائيلية ثابته حيال التفتيت.
صحيفة اسرائيل اليوم، شبه الناطقة بإسم رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عبرت عن استيائها مما آلت اليه الامور في سوريا، وإتجاهها نحو ترسخ موقف وحضور اعداء تل ابيب، بما وصفته بـ «سيناريو الرعب»: ايران خلف الحدود، و الرئيس السوري بشار الاسد في القصر الرئاسي في دمشق.
تشير الصحيفة الى ان خمس سنوات ونصف سنة من عمر الحرب السورية، انتجت واقعا اشكاليا: بداية الدفء في العلاقة بين تركيا وروسيا وايران، و «محور الاسد – ايران – حزب الله، بمساعدة من روسيا، متسمر في سوريا»، اما لناحية الكرد، فيتأثرون سلبا جراء تراجع واشنطن وانسحابها، مقابل تحقيق انقرة المكاسب على حسابهم. تلفت الصحيفة ايضا الى «حقيقة مرة»: يضعف "المحور السني المعتدل"، بقيادة السعودية.. وهذا ليس هو الطفل الذي صلينا لأجل ولادته، اما السبب، كما ترى «اسرائيل اليوم»، فيعود الى فشل الاستراتيجيا الاميركية: «عندما تتخلى اميركا عن نفوذها، وتصبح لاعبة اقل اهمية، فسيكون لدينا الآن ما لدينا».
وشنت الصحيفة انتقادا لاذعا للخطوة العسكرية التركية في سوريا، لافتة الى ان «الاسد، في هذه المرحلة على الاقل، هو المنتصر الاكبر من التدخل العسكري التركي»، وتضيف: «سواء كنا نحبه أم لا، فالاسد هو احد اللاعبين في هذه الحرب.. وتصريح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ان بالإمكان اجراء مفاوضات معه» يشهد على ذلك. ها هي انقرة، تريد التفاوض مع الاسد «نعم الاسد اياه الذي طالبت حتى وقت قصير برأسه». لتختم الصحيفة بالقول: تذكرنا الساحة السورية بأمر بسيط، انه في الشرق الاوسط، لا توجد صداقات، بل مصالح فقط.
في السياق نفسه، كتب مستشار الامن القومي الاسرائيلي السابق، اللواء يعقوب عميدرور، في اسائيل اليوم، لافتا الى أن النتيجة المحققة والبادية للعيان، نتيجة للتطورات الاخيرة في سوريا، هي ان الاسد نجا وسيبقى في منصبه مدة طويلة. واشار الى ان «القضاء التركي على الحكم الذاتي الكردي اهم لانقرة من ازاحة الاسد. ومع هذا التحول في الموقف التركي، لم تبق أي جهة ذات نفوذ تطالب بازاحته، ويبدو ايضا ان الولايات المتحدة ستبتلع هذه الموسى (وترضى)، فهي لا تملك ورقة حقيقية في المفاوضات، التي تُجريها مع روسيا حول مستقبل سوريا».
ويرى عميدرور ان أكبر الخاسرين من التطورات الاخيرة في سوريا هم الكرد، بعد ضياع فرصة استقلالهم، و«من الصعب التكهن إن كان سيحظون بفرصة اخرى. لقد علّقوا آمالاً كبيرة على الولايات المتحدة، التي خيبت أملهم في لحظة الاختبار».
ويضيف عميدرور: لا شك ان الدعم الأميركي لتركيا ضد المطامح الكردية سيُسجّل نقطة خزي للبيت الأبيض في أنحاء الشرق الأوسط. مرة أخرى يبدو ان الولايات المتحدة خانت أصدقاءها. قد لا يكون هذا وصفاً صحيحاً للوقائع، لكن على الأقل هذا هو الانطباع المتراكم.
لكن ماذا عن «المحور السني»؟ يشدد عميدرور على ان «المجريات في سوريا تظهر ضعف المحور العربي (السني)، الذي تقوده السعودية، والذي لم ينجح حتى الان في تحقيق اي من أهدافه». اما لجهة المحور الآخر المعادي، فيؤكد عميدرور ان «الموقف الايراني هو الذي يتعزز في مقابل ذلك، وايران هي الجهة الرابحة الاكبر، اكثر من اي دولة اخرى، نتيجة لبقاء الاسد ونظامه».
ويحذر من المحصلة للنتائج وتداعياتها السلبية: تبدو الولايات المتحدة من دون تأثير في مستقبل سوريا، وهي تشبه واقع دولة عظمى لا تعرف ولا تريد استخدام قوتها في الاقليم. نعم هي تنجح في محاربة داعش، لكن تأثيرها في المنطقة يتقلص».
اما لجهة التأثير في مجمل المنطقة، فيرى عميدرور ان «المحور... يتعزز. تركيا منهمكة في شؤونها الداخلية، وتشعر انها اقرب الى الاخوان المسلمين من المحور العربي... بما يشمل السعودية ودول الخليج، «الذي اوضحنا انه فشل الى الان». وضمن التقدير نفسه ووجهة الحسرة نفسها، لكن على قدرة اسرائيل المحدودة في التأثير في مجريات الواقع السوري، يكتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، ليشير الى ان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، راضٍ عن التحسن في العلاقات مع موسكو، ويؤسس آلية تنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والروسي. «لكن كل ما فعلته إسرائيل، هو بلورة حل تكتيكي يرمي إلى منع تدهور الوضع، في ضوء التحول الإستراتيجي المتمثل بالدخول الروسي إلى الساحة السورية، وهو تحول لم تكن تملك السيطرة عليه منذ البداية».
ويضيف ان «الدفء النسبي الذي تبثه موسكو في الأشهر الأخيرة، لا يمكن بأي حال أن ينافس منظومة العلاقات العميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولا يمثّل لها بديلا. علاوة على ذلك: زيادة المساعدات الروسية للأسد رجحت الكفة لمصلحة التحالف القائم بين إيران والنظام السوري وحزب الله، ويبدو أنه ضمن بقاء الأسد في المدى المنظور».
المصدر :
يحيى دبوق- الاخبار
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة