لا دخان في سماء المنطقة هذه الأيام ،فالحياة شبه عادية تعيشها قرى جبل الشيخ في الريف الغربي للعاصمة دمشق

أصوات المعارك تكاد تقتصر على اشتباكات تسمع عند أطراف القرى بين فترة وأخرى, فللحرب الآن طابع خاص، تسيطر عليه حالة من الحذر والتأهب بانتظار جبهة قد تفتح في أي لحظة.

 

قرى السفوح الشرقية لجبل الشيخ ومعظم سكانها من طائفة الموحدين الدروز دخلت في خضم الحرب عام 2012 عندما بدأ أهلها يتعرضون لمضايقات من المناطق المجاورة لهم في الريف لحثهم على الانضمام إلى الاحتجاجات ضد الدولة، تطورت فيما بعد إلى حوادث ضرب وحرق ممتلكات، ولعل أبرز هذه الحوادث كانت التعرّض لإحدى أبرز المرجعيات الدينية الدرزية في المنطقة، لحقها فيما بعد محاولات للمصالحة بين الطرفين, لكنها لم تفلح في السيطرة على التوتر.

 

فرض تطور هذه الأحداث على قرى المنطقة تشكيل مجموعات دفاع ذاتية إلى جانب الجيش السوري في وجه انتشار للمسلحين أصبح قائما في المناطق المتاخمة لها, وأبرزها بلدة "بيت جن" المركز الأكبر لمسلحي"جبهة النصرة" إضافة إلى قرى "بيتيما" و"كفرحور" "وبيت سابر"

 

أبرز المواجهات التي شهدتها المنطقة مع جبهة النصرة منذ اندلاع الحرب كانت معركة "حربون" في قرية "عرنة" عام 2014، حيث هاجم مسلحو جبهة النصرة في بيت جن تلة "حربون" التي تشرف مباشرة على قرية عرنة, وقاموا عند الساعة الثانية ليلا باحتلال نقطة للجيش السوري وقتل كل من فيها، يروي أحد سكان القرية تلك الواقعة ويقول "لقد أفقنا ذلك اليوم على أصوات التكبير, واكتشفنا أن السفوح المشرفة على القرية باتت بيد النصرة, وأصبحت القرية تحت سيطرتهم النارية ومرمى قناصيهم "

أدرك أهل المنطقة حينها أن المعركة شبه محسومة لصالح النصرة, فقرروا الهجوم صعوداً مهما كانت النتائج, وتمكنوا بعد اشتباك دام لساعات وبتنسيق مع الطيران السوري من استعادة تلة حربون وقتل "أمير النصرة"في المنطقة المدعو"أحمد القادري".

ويتابع ابن القرية حديثه "كان أزيز الرصاص يسمع من كل صوب حولنا, وكانت المعركة شبه مستحيلة ،لا نعلم حقاً كيف نجحنا بالوصول إلى رأس التلة, ونجحنا بقتل عشرات المهاجمين واستعادة النقاط التي احتلت خلال الليل".

 

شكل مقتل أمير النصرة في تلك المعركة ردّة فعل كبيرة لدى مقاتليه, فقاموا بعدها بثلاثة أشهر بنصب كمين في قرية "عين الشعرة" لمجموعة دفاع وطني من أبناء قرى جبل الشيخ وقتلوا 42 شاباً.

 

لحقت هذه الأحداث محاولات هجوم من قبل جبهة النصرة على قرى الجبل, فشلت في قرى "قلعة جندل" و"حضر" و"حرفا" في حين نجحت النصرة باحتلال قرية "مغر المير" المجاورة لمزرعة "بيت جن " وقتلت عدداً من أهلها, فيما هجّرت الباقين وأحرقت منازلهم وأراضيهم، ولا تزال القرية حتى اليوم تحت سيطرتها.

 

تستمد منطقة جبل الشيخ أهميتها الاستراتيجية من مجاورتها للحدود اللبنانية وللأراضي المحتلة في الجولان من جهة, ومن اتصال حدودها الإدارية باوتوستراد السلام في منطقة "خان الشيح"من جهة أخرى, والذي شكل أكثر من مرة نقطة انطلاق لهجوم مسلحي الجبهة الجنوبية على العاصمة.

 

وفي سؤال طرحته وكالة آسيا على أبناء الطائفة الدرزية في المنطقة حول ما تردد عن ضمانات قدّمت لهم من قبل جهات درزية خارجية بعدم التعرض لهم من قبل مسلحي

"المعارضة" و"النصرة" رفضوا هذا الطرح نهائياً قائلين "شبابنا مرابطون على حدود قراهم منذ 4 سنوات لحماية المنطقة من أي هجوم جديد لجبهة النصرة، ولا ضمانة لدينا سوى البندقية واليقظة الدائمة، والمجموعات المسلحة الموجودة في القرى المتاخمة لنا لا تملك اليوم عدداً كبيراً من المقاتلين لأن معظمهم يقاتلون في جبهات أخرى لها أولويتها لديهم, وعندما تقرر قياداتهم أن الوقت حان لنقل جبهة القتال إلى حدودنا حينها ستكون المعركة

 

  • فريق ماسة
  • 2016-08-28
  • 3339
  • من الأرشيف

أهالي جبل الشيخ :لا ضمان لدينا سوى البندقية

 لا دخان في سماء المنطقة هذه الأيام ،فالحياة شبه عادية تعيشها قرى جبل الشيخ في الريف الغربي للعاصمة دمشق أصوات المعارك تكاد تقتصر على اشتباكات تسمع عند أطراف القرى بين فترة وأخرى, فللحرب الآن طابع خاص، تسيطر عليه حالة من الحذر والتأهب بانتظار جبهة قد تفتح في أي لحظة.   قرى السفوح الشرقية لجبل الشيخ ومعظم سكانها من طائفة الموحدين الدروز دخلت في خضم الحرب عام 2012 عندما بدأ أهلها يتعرضون لمضايقات من المناطق المجاورة لهم في الريف لحثهم على الانضمام إلى الاحتجاجات ضد الدولة، تطورت فيما بعد إلى حوادث ضرب وحرق ممتلكات، ولعل أبرز هذه الحوادث كانت التعرّض لإحدى أبرز المرجعيات الدينية الدرزية في المنطقة، لحقها فيما بعد محاولات للمصالحة بين الطرفين, لكنها لم تفلح في السيطرة على التوتر.   فرض تطور هذه الأحداث على قرى المنطقة تشكيل مجموعات دفاع ذاتية إلى جانب الجيش السوري في وجه انتشار للمسلحين أصبح قائما في المناطق المتاخمة لها, وأبرزها بلدة "بيت جن" المركز الأكبر لمسلحي"جبهة النصرة" إضافة إلى قرى "بيتيما" و"كفرحور" "وبيت سابر"   أبرز المواجهات التي شهدتها المنطقة مع جبهة النصرة منذ اندلاع الحرب كانت معركة "حربون" في قرية "عرنة" عام 2014، حيث هاجم مسلحو جبهة النصرة في بيت جن تلة "حربون" التي تشرف مباشرة على قرية عرنة, وقاموا عند الساعة الثانية ليلا باحتلال نقطة للجيش السوري وقتل كل من فيها، يروي أحد سكان القرية تلك الواقعة ويقول "لقد أفقنا ذلك اليوم على أصوات التكبير, واكتشفنا أن السفوح المشرفة على القرية باتت بيد النصرة, وأصبحت القرية تحت سيطرتهم النارية ومرمى قناصيهم " أدرك أهل المنطقة حينها أن المعركة شبه محسومة لصالح النصرة, فقرروا الهجوم صعوداً مهما كانت النتائج, وتمكنوا بعد اشتباك دام لساعات وبتنسيق مع الطيران السوري من استعادة تلة حربون وقتل "أمير النصرة"في المنطقة المدعو"أحمد القادري". ويتابع ابن القرية حديثه "كان أزيز الرصاص يسمع من كل صوب حولنا, وكانت المعركة شبه مستحيلة ،لا نعلم حقاً كيف نجحنا بالوصول إلى رأس التلة, ونجحنا بقتل عشرات المهاجمين واستعادة النقاط التي احتلت خلال الليل".   شكل مقتل أمير النصرة في تلك المعركة ردّة فعل كبيرة لدى مقاتليه, فقاموا بعدها بثلاثة أشهر بنصب كمين في قرية "عين الشعرة" لمجموعة دفاع وطني من أبناء قرى جبل الشيخ وقتلوا 42 شاباً.   لحقت هذه الأحداث محاولات هجوم من قبل جبهة النصرة على قرى الجبل, فشلت في قرى "قلعة جندل" و"حضر" و"حرفا" في حين نجحت النصرة باحتلال قرية "مغر المير" المجاورة لمزرعة "بيت جن " وقتلت عدداً من أهلها, فيما هجّرت الباقين وأحرقت منازلهم وأراضيهم، ولا تزال القرية حتى اليوم تحت سيطرتها.   تستمد منطقة جبل الشيخ أهميتها الاستراتيجية من مجاورتها للحدود اللبنانية وللأراضي المحتلة في الجولان من جهة, ومن اتصال حدودها الإدارية باوتوستراد السلام في منطقة "خان الشيح"من جهة أخرى, والذي شكل أكثر من مرة نقطة انطلاق لهجوم مسلحي الجبهة الجنوبية على العاصمة.   وفي سؤال طرحته وكالة آسيا على أبناء الطائفة الدرزية في المنطقة حول ما تردد عن ضمانات قدّمت لهم من قبل جهات درزية خارجية بعدم التعرض لهم من قبل مسلحي "المعارضة" و"النصرة" رفضوا هذا الطرح نهائياً قائلين "شبابنا مرابطون على حدود قراهم منذ 4 سنوات لحماية المنطقة من أي هجوم جديد لجبهة النصرة، ولا ضمانة لدينا سوى البندقية واليقظة الدائمة، والمجموعات المسلحة الموجودة في القرى المتاخمة لنا لا تملك اليوم عدداً كبيراً من المقاتلين لأن معظمهم يقاتلون في جبهات أخرى لها أولويتها لديهم, وعندما تقرر قياداتهم أن الوقت حان لنقل جبهة القتال إلى حدودنا حينها ستكون المعركة  

المصدر : لجين ابو الزلف - اسيا


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة