السيد رئيس مجلس الوزراء...

تحية و بعد...

ربما من كثرة المستشارين والراغبين بالإدلاء بدلوهم، يرفض كثيرون من أصحاب الحل و العقد في بلدنا، المتعب من التآمر عليه ومن أخطائنا، أن يقبلوا رأياً .

لكني قررت أن أرسل لكم هذه الرسالة المفتوحة، بعد أن قرأت عنكم كلاماً محترماً تقولون فيه إن هذه الحكومة حكومة العمال والفلاحين والفقراء في سورية، وشعرت أن من واجبي أن أشير إلى أشياء تساعد في زيادة النور، ودعم الناس الذين لم تكفهم المشاريع الخارجية الإجرامية بل زاد عليهم وجع الإقتصاد السوري شح العيش أيضاً .

لا يستطيع (مدير اقتصاد سورية الرسمي) أي رئيس الوزراء أن ينجز أي شيء مهم ما لم يخيط الجيب المثقوب أولاً، فكل قرش يوضع في جيب الدولة والناس مرشح للضياع بسبب الهجوم المسعور عليه من أؤلئك الذين تعودوا على أن الحكومة بقرة حلوب حلبوها طويلاً حتى جف ضرعها وباتت تستغيث. إذن أولاً و قبل كل شيء يجب أن تحسنوا خياطة جيب الحكومة ومنع استنزاف مالها بأية طريقة كانت ودون هذا ، كل تطوير وكل سياسة معرضة للفشل وهذا هو التحدي الأول الكبير، أما طريقته فهي لن تقل شجاعة عما يفعله العسكري السوري في المعركة ... له المجد.

في الاستراتيجية العامة، تأتي قضية الطاقة في مقدمة القضايا، ولا يستطيع أي عاقل أن يجيب في بلدنا أنه حتى اللحظة لم نر مزارع الطاقة الريحية تنتج الكهرباء في سورية، وقد تدهشون لوجود صناعيين سوريين كانوا يقومون بإنتاجها وبيعها في خارج البلاد، كمنتج سوري تمنعهم القوانين من استثمار هذا المنتج في بلدهم منهم الصناعي السوري وليد اليأس ؟! ولا نزال حتى الآن لا نرى الطرقات والبيوت وقد أنيرت بالخلايا الضوئية الشمسية التي تأخذ الطاقة من الشمس نهاراً، وتبقى مضيئة طوال الليل موفرة الكهرباء على الحكومة وعلى الناس وأثمانها بالغة الرخص في الصين وغير الصين، ولم نر أي تعاون حقيقي بين الحكومة والمخترعين والمبدعين السوريين يحول اختراعاتهم إلى منتج وطني !!؟ . وأنتم كوزير كهرباء حتى وقت قصير تدركون ربما هذه الأفكار أكثر مني، ولكني كمواطن (ربما) أستغرب أكثر منكم وأدهش أننا حتى اللحظة لا نستفيد من الريح، ولا من الشمس، لا في الإضاءة ولا في استخراج مياه الآبار عبرها، ولا في أي شيء يذكر ولا زال اعتمادنا على الفيول والغاز والمازوت يشبه اعتماد مرضى الفشل الكلوي على جهاز (الهيموديالز) الضروري لابقائهم على قيد الحياة . ولا أستطيع تفسير هذا بالأحداث التي نعيشها فهذا الوجع كان قبلها، واستمر بسبب (هيمودياليز) في منهجية تفكير الحكومات السابقة التي أصلي من عميق قلبي ألا تكون حكومتكم مثلها .

سيادة رئيس مجلس الوزراء

إن عزوف الدولة عن ممارسة دور التاجر داخل البلاد في منافسة ذاك الجزء من التجار والمحتكرين والسماسرة ممن لا يرف لهم جفن في أكل لحم المواطنين أمر لايمكن تبريره مهما كانت الصعاب أمامه، وهو أمر لو تم سوف يكفيكم الكثير من مؤنة التدخل للحفاظ على سعر الليرة و مرد ذلك ببساطة إلى أن مجرد قبول الحكومة مثلاً ببيع زجاجة الزيت أو كيلو السكر أو الرز للمواطن بسعر رخيص يفرض واقعاً في السوق يقوي الليرة بحكم (العملية التبادلية الواقعية) أي أن الحكومة لا تكتفي فقط بالتوقيع على الليرة، بل تغطي قيمتها سلعاً هي بنفسها وبالسعر الذي تراه هي صحيحاً وليس التجار والمتلاعبون وسارقو قوت الناس. وهذا يتطلب توسيع أفقي وعملي لمفهوم تجارة الدولة الداخلية ليس فقط عن طريق المنافذ التي نعرفها (المؤسسات الاستهلاكية) بل بطرق خلاقة جديدة، منها مثلاً أن تعطي الحكومة حق الاشراف (تعاقدياً) على صفقات البيع للمواطنين إلى النقابات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، ففكرة (التاجر الرحيم) بالأصل فكرة تحتاج إلى إيمان وهذا الإيمان لم يعد متوفراً للأسف لدى الموظفين الذين يعمل أغلبهم لحسابه الشخصي لأنه فقد الإيمان ! و هذه قصة تعرفونها وشجونها طويلة. إنني أرى مثلاً كلاً من أحزاب البعث والقومي السوري والشيوعي والنقابات وبعض الجمعيات يتقاسمون عملية الإشراف على هذه الصفقات داخل البلد والاشراف على عمليات بيع التجزئة للمواطن مباشرة، لكي نشهد نحن كمواطنين من منهم لازال مدافعاً عن إيمانه ويقبل بهذا الايمان وحده بدلاً عن الربح المادي، وهنا أعرف أن هذه الفكرة تحتاج إلى قرار ابتكاري خلاق منكم، وهذا أملي كمواطن، ولم لا بعد أن سمعت رئيس وزراء بلدي يقول : نحن حكومة الفقراء ! .

سيادة رئيس الوزراء

أعرف أنكم محكومون بموازنة الحكومة السابقة ولكني أعرف أيضاً أن البلد في حالة حرب، وأنه من الضروري أن تكون الحكومة حكومة حرب وتعريف هذا بحسب ما تعلمناه في العلوم السياسية هو أن يكون الرأس الاقتصادي للبلاد كالأب تماماً أي أنه جاهز دوماً من أجل أمر ذي قدسية أن يضحي، ويقدم على هذه التضحية بكل مسؤولية الأب الراعي وأية قدسية أهم من وضع المنتجين السوريين وأولهم المزارع السوري. هذا المزارع الذي بالكاد استطاع إنقاذ موسمه هذا العام قد يحجم هذا الموسم عن الانتاج بنسبة كبيرة بعد رفع أسعار مدخلات الانتاج وتجاوزها للحد الممكن التحمل بمعنى الكلمة. واسمحوا لي أن أحذر وأحذر أؤلئك المستشارين ممن يقولون لكم ولغيركم انظروا إن الانتاج الزراعي يملأ الأسواق، فأنا أعرف بالملموس أن كثيراً من المزارعين يستخدمون مدخرات سنوات الخير السابقة من أجل العمل والانتاج ليس إلا ولا يظنن أحد أن المزارع بخير، لأننا نرى سيارات الخضار تنقل البضائع إلى الأسواق ! و إن ارتفاع أسعار المنتج الفلاحي الغذائي السوري خطر للغاية على المواطنين، وعلى المنتجين الذين الآن في هذه الأيام يضربون أخماسهم بأسداسهم فلا يجدون ربحاً من كل العملية الانتاجية وهذا يتطلب منكم دعم مدخلات الانتاج بشكل فوري وسريع لصالح المزارع السوري الذي أثبت أنه قادر على جعل الحياة طبيعية من جديد برغم كل الحرب التي نعيشها وأن الأمل فيه كبير وعظيم من أجلنا جميعاً . أضف إلى كل هذا أؤلئك الذين يعملون في مجال الصناعات الغذائية، وهم يدخلون في الباب الأول للرعاية الحكومية مثلهم مثل المزارع .

سيادة رئيس الوزراء

القروض الصغيرة، القروض الصغيرة، القروض الانتاجية الصغيرة هذا هو ما يحتاجه المنتجون لكي ينتجوا ويقفوا مع دولتهم ووطنهم في هذا الظرف الصعب، وهذه القضية أم القضايا فيما يتعلق بفلسفة تأمين المال، وطرق إقراضه ولمن وهي أمامكم.

أتمنى لكم التوفيق من كل قلبي

د. محمد عبدالله الأحمد

  • فريق ماسة
  • 2016-08-12
  • 4546
  • من الأرشيف

رسالة إلى رئيس الحكومة... كل تطوير معرض للفشل وهذا هو التحدي الأول أما طريقته فهي لن تقل شجاعة عما يفعله العسكري السوري في المعركة

السيد رئيس مجلس الوزراء... تحية و بعد... ربما من كثرة المستشارين والراغبين بالإدلاء بدلوهم، يرفض كثيرون من أصحاب الحل و العقد في بلدنا، المتعب من التآمر عليه ومن أخطائنا، أن يقبلوا رأياً . لكني قررت أن أرسل لكم هذه الرسالة المفتوحة، بعد أن قرأت عنكم كلاماً محترماً تقولون فيه إن هذه الحكومة حكومة العمال والفلاحين والفقراء في سورية، وشعرت أن من واجبي أن أشير إلى أشياء تساعد في زيادة النور، ودعم الناس الذين لم تكفهم المشاريع الخارجية الإجرامية بل زاد عليهم وجع الإقتصاد السوري شح العيش أيضاً . لا يستطيع (مدير اقتصاد سورية الرسمي) أي رئيس الوزراء أن ينجز أي شيء مهم ما لم يخيط الجيب المثقوب أولاً، فكل قرش يوضع في جيب الدولة والناس مرشح للضياع بسبب الهجوم المسعور عليه من أؤلئك الذين تعودوا على أن الحكومة بقرة حلوب حلبوها طويلاً حتى جف ضرعها وباتت تستغيث. إذن أولاً و قبل كل شيء يجب أن تحسنوا خياطة جيب الحكومة ومنع استنزاف مالها بأية طريقة كانت ودون هذا ، كل تطوير وكل سياسة معرضة للفشل وهذا هو التحدي الأول الكبير، أما طريقته فهي لن تقل شجاعة عما يفعله العسكري السوري في المعركة ... له المجد. في الاستراتيجية العامة، تأتي قضية الطاقة في مقدمة القضايا، ولا يستطيع أي عاقل أن يجيب في بلدنا أنه حتى اللحظة لم نر مزارع الطاقة الريحية تنتج الكهرباء في سورية، وقد تدهشون لوجود صناعيين سوريين كانوا يقومون بإنتاجها وبيعها في خارج البلاد، كمنتج سوري تمنعهم القوانين من استثمار هذا المنتج في بلدهم منهم الصناعي السوري وليد اليأس ؟! ولا نزال حتى الآن لا نرى الطرقات والبيوت وقد أنيرت بالخلايا الضوئية الشمسية التي تأخذ الطاقة من الشمس نهاراً، وتبقى مضيئة طوال الليل موفرة الكهرباء على الحكومة وعلى الناس وأثمانها بالغة الرخص في الصين وغير الصين، ولم نر أي تعاون حقيقي بين الحكومة والمخترعين والمبدعين السوريين يحول اختراعاتهم إلى منتج وطني !!؟ . وأنتم كوزير كهرباء حتى وقت قصير تدركون ربما هذه الأفكار أكثر مني، ولكني كمواطن (ربما) أستغرب أكثر منكم وأدهش أننا حتى اللحظة لا نستفيد من الريح، ولا من الشمس، لا في الإضاءة ولا في استخراج مياه الآبار عبرها، ولا في أي شيء يذكر ولا زال اعتمادنا على الفيول والغاز والمازوت يشبه اعتماد مرضى الفشل الكلوي على جهاز (الهيموديالز) الضروري لابقائهم على قيد الحياة . ولا أستطيع تفسير هذا بالأحداث التي نعيشها فهذا الوجع كان قبلها، واستمر بسبب (هيمودياليز) في منهجية تفكير الحكومات السابقة التي أصلي من عميق قلبي ألا تكون حكومتكم مثلها . سيادة رئيس مجلس الوزراء إن عزوف الدولة عن ممارسة دور التاجر داخل البلاد في منافسة ذاك الجزء من التجار والمحتكرين والسماسرة ممن لا يرف لهم جفن في أكل لحم المواطنين أمر لايمكن تبريره مهما كانت الصعاب أمامه، وهو أمر لو تم سوف يكفيكم الكثير من مؤنة التدخل للحفاظ على سعر الليرة و مرد ذلك ببساطة إلى أن مجرد قبول الحكومة مثلاً ببيع زجاجة الزيت أو كيلو السكر أو الرز للمواطن بسعر رخيص يفرض واقعاً في السوق يقوي الليرة بحكم (العملية التبادلية الواقعية) أي أن الحكومة لا تكتفي فقط بالتوقيع على الليرة، بل تغطي قيمتها سلعاً هي بنفسها وبالسعر الذي تراه هي صحيحاً وليس التجار والمتلاعبون وسارقو قوت الناس. وهذا يتطلب توسيع أفقي وعملي لمفهوم تجارة الدولة الداخلية ليس فقط عن طريق المنافذ التي نعرفها (المؤسسات الاستهلاكية) بل بطرق خلاقة جديدة، منها مثلاً أن تعطي الحكومة حق الاشراف (تعاقدياً) على صفقات البيع للمواطنين إلى النقابات والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، ففكرة (التاجر الرحيم) بالأصل فكرة تحتاج إلى إيمان وهذا الإيمان لم يعد متوفراً للأسف لدى الموظفين الذين يعمل أغلبهم لحسابه الشخصي لأنه فقد الإيمان ! و هذه قصة تعرفونها وشجونها طويلة. إنني أرى مثلاً كلاً من أحزاب البعث والقومي السوري والشيوعي والنقابات وبعض الجمعيات يتقاسمون عملية الإشراف على هذه الصفقات داخل البلد والاشراف على عمليات بيع التجزئة للمواطن مباشرة، لكي نشهد نحن كمواطنين من منهم لازال مدافعاً عن إيمانه ويقبل بهذا الايمان وحده بدلاً عن الربح المادي، وهنا أعرف أن هذه الفكرة تحتاج إلى قرار ابتكاري خلاق منكم، وهذا أملي كمواطن، ولم لا بعد أن سمعت رئيس وزراء بلدي يقول : نحن حكومة الفقراء ! . سيادة رئيس الوزراء أعرف أنكم محكومون بموازنة الحكومة السابقة ولكني أعرف أيضاً أن البلد في حالة حرب، وأنه من الضروري أن تكون الحكومة حكومة حرب وتعريف هذا بحسب ما تعلمناه في العلوم السياسية هو أن يكون الرأس الاقتصادي للبلاد كالأب تماماً أي أنه جاهز دوماً من أجل أمر ذي قدسية أن يضحي، ويقدم على هذه التضحية بكل مسؤولية الأب الراعي وأية قدسية أهم من وضع المنتجين السوريين وأولهم المزارع السوري. هذا المزارع الذي بالكاد استطاع إنقاذ موسمه هذا العام قد يحجم هذا الموسم عن الانتاج بنسبة كبيرة بعد رفع أسعار مدخلات الانتاج وتجاوزها للحد الممكن التحمل بمعنى الكلمة. واسمحوا لي أن أحذر وأحذر أؤلئك المستشارين ممن يقولون لكم ولغيركم انظروا إن الانتاج الزراعي يملأ الأسواق، فأنا أعرف بالملموس أن كثيراً من المزارعين يستخدمون مدخرات سنوات الخير السابقة من أجل العمل والانتاج ليس إلا ولا يظنن أحد أن المزارع بخير، لأننا نرى سيارات الخضار تنقل البضائع إلى الأسواق ! و إن ارتفاع أسعار المنتج الفلاحي الغذائي السوري خطر للغاية على المواطنين، وعلى المنتجين الذين الآن في هذه الأيام يضربون أخماسهم بأسداسهم فلا يجدون ربحاً من كل العملية الانتاجية وهذا يتطلب منكم دعم مدخلات الانتاج بشكل فوري وسريع لصالح المزارع السوري الذي أثبت أنه قادر على جعل الحياة طبيعية من جديد برغم كل الحرب التي نعيشها وأن الأمل فيه كبير وعظيم من أجلنا جميعاً . أضف إلى كل هذا أؤلئك الذين يعملون في مجال الصناعات الغذائية، وهم يدخلون في الباب الأول للرعاية الحكومية مثلهم مثل المزارع . سيادة رئيس الوزراء القروض الصغيرة، القروض الصغيرة، القروض الانتاجية الصغيرة هذا هو ما يحتاجه المنتجون لكي ينتجوا ويقفوا مع دولتهم ووطنهم في هذا الظرف الصعب، وهذه القضية أم القضايا فيما يتعلق بفلسفة تأمين المال، وطرق إقراضه ولمن وهي أمامكم. أتمنى لكم التوفيق من كل قلبي د. محمد عبدالله الأحمد

المصدر : صاحبة الجلالة/د. محمد عبدالله الأحمد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة