عانى الاقتصاد السوري ما عاناه في العقود الماضية... اقتصاد وصف بالمشوّه من حيث الهوية .. لا يعرف عنه إن كان اقتصاد اشتراكي أو رأسمالي أو أي شكل آخر .. يوما ما سئل أحد الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة المالية السورية.. كيف لكم أن تفتتحوا بورصة ( سوق دمشق للأوراق المالية)  وانتم في اقتصاد اشتراكي ، لم يستطع أن يجيب إلا بالقول "القرار اتخذ".. هذا مثال بسيط عن الآلية التي كانت متبعة في اتخاذ القرارات الاقتصادية.. حيث كان التجريب هو المعيار الأول الذي يتخذ به القرار .. دون الحاجة للكشف عن مبررات إصداره .

عندما دخل الاقتصاد السوري في مرحلة اقتصاد السوق الاجتماعي في العام 2005 .. أيضا كان التجريب هو المعيار ، ولم يكن اقتصاد السوق الاجتماعي هو الحل الأمثل في ضوء ما كان يمر به البلد ، إلا أنه كان أفضل الموجود ، وفي مرحلة التحضير للدخول باقتصاد السوق الاجتماعي قدم التنظيم النقابي في سورية دراسة أكد فيها أن فكرة الدخول بهذا النوع من الاقتصادات جيدة، ولكنها بحاجة إلى وقت..  ريثما تستطيع الدولة بناء بنية تحتية قوية قادرة على رفد السوق بمنتجات منافسة (من حيث الجودة والنوعية)  للسلع الموجودة في السوق عندها فقط يصبح الدخول بهذا النوع من الاقتصادات ذو فعالية كبيرة ولن يصبح بمقدور السوق فرض سعر أي سلعة.. بل تستطيع الدولة من خلال منتجاتها أن تفرض على السوق السعر العادل للسلعة... إلا أن الوقت لم يسعف هذه الدراسة وتم الدخول باقتصاد السوق الاجتماعي قبل بناء البنية التحتية القادرة على المنافسة.. و بعد التجريب عاد صاحب القرار الاقتصادي ليقر بأهمية تلك الدراسة و جدواها...

دراسات عديدة قدمها التنظيم النقابي في سورية للاقتصاد السوري لم يؤخذ بها..دراسات تعلقت بالبطالة والتهرب الضريبي و غيرها ...  إلا أنه بعد دخولنا في الأزمة تم الرجوع إليها و التأكد من صوابيتها وبالتالي كان لابد من توثيق هذه الدراسات ..

وحرصاً منه على مساعدة صاحب القرار الاقتصادي في اتخاذ قراره على أسس علمية مدروسة كشف الاتحاد العام لنقابات العمال في لقاء لرئيسه الرفيق جمال القادري مع جريدة الوطن السورية عن افتتاح المرصد العمالي للدراسات والبحوث يوم الاثنين القادم.. خطوة ستوثق كل الدراسات العمالية لتكون مرجع و قرينة لصاحب القرار وذوي الاختصاص ..

هذا المرصد وفق ما كشف القادري يتكامل مع المؤسسات العلمية والجامعات أسوة بمراكز الأبحاث والدراسات العالمية عبر كادر متميز من الباحثين والأساتذة في الجامعات السورية  إضافة إلى الخبرات الموجودة في التنظيم النقابي العمالي في سورية ما يتيح للمرصد أن يشكل نافذة للانفتاح على الجمهور من خلال استقراء الرأي العام عبر تداول المعلومات ومن خلال عقد مؤتمرات مفتوحة وورش عمل يشترك فيها باحثو المرصد وغيرهم وبالتالي رصد الاقتصاد السوري و التحليل الواقعي له و اكتشاف المشكلات قبل وقوعها، ومن ثم التهيؤ لمواجهتها أو حتى قطع الطريق عليها والحيلولة دون وقوعها. ليكون الإنذار المبكر للاقتصاد السوري، وبالتالي يتيح له الاستعداد المبكر للمستقبل، للتحكم فيه، أو على الأقل للمشاركة في صنعه.

إذا كان عدد مراكز الأبحاث والمراصد في العالم قد اقترب من السبعة آلاف مركز حتى نهاية عام 2015 فإن المرصد العمالي للدراسات والبحوث لن يكون رقماً عادياً في عدد هذه المراكز ..فجميع مقومات النجاح قد توفرت له، ولعل المرحلة التي تمر بها سورية تفرض الحاجة الماسة لمثل هذا النوع من المراكز البحثية لا سيما في ضوء الأرقام المخيفة التي يحاول الغرب إلباسها للاقتصاد السوري في إطار الحرب الكونية التي تشن على سورية والتي كان لها تداعيات سلبية على الاقتصاد..وفق الله القائمين على المرصد العمالي للدراسات والبحوث في التصدي لهذه الأرقام وتصحيحها و في الوصول إلى بحوث عميقة وفق قاعدة بحثية يتم استثمارها على ارض الواقع.

  • فريق ماسة
  • 2016-07-15
  • 14229
  • من الأرشيف

عشية اطلاقه ..المرصد العمالي للدراسات والبحوث باكورة الطريق للقرار الاقتصادي السوري المدروس

عانى الاقتصاد السوري ما عاناه في العقود الماضية... اقتصاد وصف بالمشوّه من حيث الهوية .. لا يعرف عنه إن كان اقتصاد اشتراكي أو رأسمالي أو أي شكل آخر .. يوما ما سئل أحد الوزراء الذين تعاقبوا على وزارة المالية السورية.. كيف لكم أن تفتتحوا بورصة ( سوق دمشق للأوراق المالية)  وانتم في اقتصاد اشتراكي ، لم يستطع أن يجيب إلا بالقول "القرار اتخذ".. هذا مثال بسيط عن الآلية التي كانت متبعة في اتخاذ القرارات الاقتصادية.. حيث كان التجريب هو المعيار الأول الذي يتخذ به القرار .. دون الحاجة للكشف عن مبررات إصداره . عندما دخل الاقتصاد السوري في مرحلة اقتصاد السوق الاجتماعي في العام 2005 .. أيضا كان التجريب هو المعيار ، ولم يكن اقتصاد السوق الاجتماعي هو الحل الأمثل في ضوء ما كان يمر به البلد ، إلا أنه كان أفضل الموجود ، وفي مرحلة التحضير للدخول باقتصاد السوق الاجتماعي قدم التنظيم النقابي في سورية دراسة أكد فيها أن فكرة الدخول بهذا النوع من الاقتصادات جيدة، ولكنها بحاجة إلى وقت..  ريثما تستطيع الدولة بناء بنية تحتية قوية قادرة على رفد السوق بمنتجات منافسة (من حيث الجودة والنوعية)  للسلع الموجودة في السوق عندها فقط يصبح الدخول بهذا النوع من الاقتصادات ذو فعالية كبيرة ولن يصبح بمقدور السوق فرض سعر أي سلعة.. بل تستطيع الدولة من خلال منتجاتها أن تفرض على السوق السعر العادل للسلعة... إلا أن الوقت لم يسعف هذه الدراسة وتم الدخول باقتصاد السوق الاجتماعي قبل بناء البنية التحتية القادرة على المنافسة.. و بعد التجريب عاد صاحب القرار الاقتصادي ليقر بأهمية تلك الدراسة و جدواها... دراسات عديدة قدمها التنظيم النقابي في سورية للاقتصاد السوري لم يؤخذ بها..دراسات تعلقت بالبطالة والتهرب الضريبي و غيرها ...  إلا أنه بعد دخولنا في الأزمة تم الرجوع إليها و التأكد من صوابيتها وبالتالي كان لابد من توثيق هذه الدراسات .. وحرصاً منه على مساعدة صاحب القرار الاقتصادي في اتخاذ قراره على أسس علمية مدروسة كشف الاتحاد العام لنقابات العمال في لقاء لرئيسه الرفيق جمال القادري مع جريدة الوطن السورية عن افتتاح المرصد العمالي للدراسات والبحوث يوم الاثنين القادم.. خطوة ستوثق كل الدراسات العمالية لتكون مرجع و قرينة لصاحب القرار وذوي الاختصاص .. هذا المرصد وفق ما كشف القادري يتكامل مع المؤسسات العلمية والجامعات أسوة بمراكز الأبحاث والدراسات العالمية عبر كادر متميز من الباحثين والأساتذة في الجامعات السورية  إضافة إلى الخبرات الموجودة في التنظيم النقابي العمالي في سورية ما يتيح للمرصد أن يشكل نافذة للانفتاح على الجمهور من خلال استقراء الرأي العام عبر تداول المعلومات ومن خلال عقد مؤتمرات مفتوحة وورش عمل يشترك فيها باحثو المرصد وغيرهم وبالتالي رصد الاقتصاد السوري و التحليل الواقعي له و اكتشاف المشكلات قبل وقوعها، ومن ثم التهيؤ لمواجهتها أو حتى قطع الطريق عليها والحيلولة دون وقوعها. ليكون الإنذار المبكر للاقتصاد السوري، وبالتالي يتيح له الاستعداد المبكر للمستقبل، للتحكم فيه، أو على الأقل للمشاركة في صنعه. إذا كان عدد مراكز الأبحاث والمراصد في العالم قد اقترب من السبعة آلاف مركز حتى نهاية عام 2015 فإن المرصد العمالي للدراسات والبحوث لن يكون رقماً عادياً في عدد هذه المراكز ..فجميع مقومات النجاح قد توفرت له، ولعل المرحلة التي تمر بها سورية تفرض الحاجة الماسة لمثل هذا النوع من المراكز البحثية لا سيما في ضوء الأرقام المخيفة التي يحاول الغرب إلباسها للاقتصاد السوري في إطار الحرب الكونية التي تشن على سورية والتي كان لها تداعيات سلبية على الاقتصاد..وفق الله القائمين على المرصد العمالي للدراسات والبحوث في التصدي لهذه الأرقام وتصحيحها و في الوصول إلى بحوث عميقة وفق قاعدة بحثية يتم استثمارها على ارض الواقع.

المصدر : الماسة السورية/علي يونس مصطفى


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة