دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بالرغم من أن الأمم المتحدة كانت منظمة للدول القوية التي اخترعت هذا الشكل المسرحي الذي تتفاوض فيه خلف الكواليس .. وفيها تظهر القوى الدولية المتصارعة بأسها الديبلوماسي وشكيمتها السياسية فيما تحاول في العلن ايجاد غطاء أخلاقي لسرقاتها واعتداءاتها ..
بالرغم من كل هذا فان الأمم المتحدة كانت دوما تحاول أن تتصرف بأناقة ديبلوماسية وتراوغ بذكاء وهي تقدم نفسها على أنها الملاذ الأخير للاخلاق الاممية وخلاصة خلاصات التجربة الانسانية في الحوار البناء فتصف الصهيونية بالحركة العنصرية وتدين اسرائيل بالالفاظ وتحاول أن توبخ بعض المعتدين في محاولة لاقناع الناس أنها منظمة للأخلاق قبل كل شيء .. ولكن الحرب السورية على مايبدو كانت العقدة التي توقف فيها منشار هذه المنظمة البائسة التي تفتقر الى الأخلاق .. وفيها بدت علائم الوهن والانحطاط تبدو جلية على هذه المنظمة التي ظهر المرض والبثور والقروح على جسدها وتصرفاتها .. وككل المشاريع الانسانية الاستثمارية الضخمة والامبراطوريات لها عمر افتراضي ينتهي بظهور أزمات معنوية كبيرة وأزمات أخلاقية تهزها .. ومن هنا فان منظمة الامم المتحدة كأسطورة انتهت وسمعتها كملاذ أخير للأخلاق الانسانية نالها الأذى الكثير وتردت مكانتها الى حد فقدت فيه هيبتها القديمة التي زوّرتها ..
فقد تركت الأمم المتحدة كل أمم الارض وانتخبت من بينها السعودية لعضوية حقوق الانسان ورئاسة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب .. وهذا قرار يشبه أن يتم تعيين داعش في عضوية لجنة مكافحة التجارة بالنساء ورئاسة منظمة منع التعذيب .. فالسعودية دولة لعائلة يعامل فيها الانسان كالحيوان ويرغم على أن يفكر كالحيوان .. والا نحر بالسيف كالحيوان في الساحات العامة .. ومع هذا لاترى الأمم المتحدة مشكلة في هذا ..وتنصبها حكما على الناس !! ..
وتركت الأمم المتحدة كل أمم الأرض وقررت أن تعطي منتدى تحالف الحضارات لقطر .. فماذا تتوقعون من منظمة ترى في قطر ملتقى الحضارات وكأن قطر ملئة بالأهرامات والمدرجات والمسارح الحجرية والمسلات والنحت وفيها دفن المتنبي وويليام شكسبير وفكتور هوغو .. أو كأن الثورة الصناعية بدأت منها أو أن منها انطلق سور الصين العظيم .. هذا يعني أن يكون تميم بن حمد أستاذا في مدرسة الحضارات وتلامذته هم بوذا وكونفوشيوس والفارابي وابن سينا وابن رشد وكانط وهيغل .. وتكون موزة بنت مسند أستاذة الفلسفة وتلامذتها سقراط وأرسطو وأفلاطون وتوما الأكويني وجان بول سارتر ..
وتركت الأمم المتحدة كل أمم الأرض ومنحت تركيا مهمة استضافة القمة الانسانية الاولى لتقرر حكومتها منع الأنسان الأول الذي بدأ الحضارة وهو الوفد السوري من المشاركة فيها .. وتشبه هذه الاستضافة التركية لهذه القمة في زمن احياء زمن السلاطين العثمانيين أن ينظم محمد الفاتح ندوة عن آلام القسطنطينية قبل وصوله ... أو أن يتصدى قرد لشرح نظرية داروين عن النشوء والتطور فيما يكون دارون في القفص ..
وتركت الأمم المتحدة كل العالم ولم تجد مناسبا لتولي رئاسة اللجنة القانونية سوى أقل دولة في العالم شرعية وقانونية وهي اسرائيل وهي التي لم تترك قرارا دوليا وقانونا دوليا الا وأهانته وأذاقته الذل وسفكت دمه بدم بارد .. ولم تترك اتفاقا دوليا الا وجعلت مصيره سلة المهملات ..
الغريب ان هذه الدول هي التي تسببت في معظم الكوارث الانسانية في سجلات الأمم المتحدة وهتكت القوانين الدولية والأعراف وسخرت من كل أشكال الحضارات والحوارات ومع هذا فانها حولت المنظمة الى منظمة خاصة بسورية فقط ولجانها المنبثقة ليس لها شغل الا الشغل السوري والبؤس السوري والجوع السوري والمعاناة السورية والفقر السوري .. وظلت الوفود الدولية للأمم المتحدة توصينا بسورية حتى ظننا أن الأمم المتحدة قد خلقها الله من أجل سورية والسوريين وصار اسمها (منظمة الشؤون السورية) .. لأنه لايكاد يمر يوم واحد الا وتدعو احدى هذه الدول الى جلسة بكاء ونواح وعويل ولوم الحكومة السورية في مسرحية مقززة مملة مثيرة للتقيؤ ..
هذه المظاهر من الترهل في الأداء لهذه المنظمة دليل على نخر في جسدها وروحها ودنوّ أجلها ونهاية مهمتها الاستعراضية المسرحية لأن انهيار الثقة الكبير بأي نشاط بشري أو لقاء وتجمع بشري يعني أنه يخسر أخلاقيا ويتداعى معنويا .. وهذا هو حال منظمة صارت تعتمد على أكثر الأنظمة ارهابا وتخلفا وجريمة ولاشرعية .. والتكتلات الكبيرة في العالم عندما تظهر مظاهر انحطاط في تعيين القتلة والمجرمين لادارة أعرق الشؤون الأنسانية وصفوة القيم الأخلاقية وذورة النشاط الحضاري .. فانها تعلن أنها تموت ببطء وأن مستوى الثقة فيها متدن جدا وأن العالم صار بحاجة الى منظمة أكثر أخلاقا وانسجاما مع نفسها وميثاقها .. ولن يطول الزمن حتى تتململ كثير من الدول من هذه المنظمة التي تعرضت لفضيحة مهينة جدا في الصراع على سورية في الحرب الكونية على سورية ..
تابعوا ماقال مندوب سورية الدائم في المنظمة الدولية وهو يكشف الترهلات في جسد الأمم المتحدة والآفات التي تعرضت لها أجهزتها الحيوية التي تتنفس بها وتحيا وتعيش من خلالها وصارت مثل أي منظمة تبيع وتشتري وتتعرض للابتزاز والتحرشات والاغتصاب والسبي وبدل أن تحمي اطفال العالم فانها تخضع لابتزاز السعودية التي تضع لجاما من المال في فم المنظمة الدولية كي تصمت عن جرائم السعويدة في اليمن .. فهل هناك من عار بعد هذا العار ؟؟ وهل يمكن الثقة بمنظمة في فمها لجام من قبل نظام ارهابي دموي متخلف؟؟ بل ماهو مستقبل هذه المنظمة بعد أن خانت الميثاق الأممي ؟؟ ربما هي علامات عصر الانحطاط الأممي بدأت بالظهور ..
ان كان من خلاصة اراد المندوب السوري أن يقولها في بيانه فهي أننا أمام منظمة تموت أخلاقيا .. ومن يموت أخلاقيا سيموت وجوديا .. وأن علائم الموت البادية على هذه المنظمة سترغم العالم على استيلاد جسم بديل .. خاصة أن هذه المنظمة تحرس الارهاب وتغطيه وتتعاون مع دول الجريمة المنظمة والمجرمين والارهاب .. الارهاب هو الداء الذي تحاربه سورية نيابة عن العالم كله .. وان تلكأ العالم في هذه المهمة فلاشك أنه سيطال كل الحراس الذين يحرسونه كما ظهر جليا .. وكما سيظهر مع الأيام والفترات القادمة ..
المصدر :
نارام سرجون
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة