بعد أن عقد مجلس الشعب أولى جلساته في الدور التشريعي الثاني، تتجه الأنظار حالياً إلى الحكومة الجديدة المتوقع الإعلان عنها قريباً، ومع كثرة التكهنات حول أسماء التشكيل الوزاري، بدأ الحديث عن المطلوب والمتوقع من الحكومة القادمة وبالأخص الفريق الاقتصادي فيها، في ظل الوضع المعيشي الذي وصل إليه المواطن والتغيرات الكبيرة في القوة الشرائية لليرة السورية والحال الذي وصلت إليه قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة.

 أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية اعتبر أن أهم ما يجب على الحكومة أن تعمل عليه هو السعي لإيجاد التوازنات الاجتماعية التي تشكل ضرورة موضوعية لتحقيق التوازنات الاقتصادية، وأي خلل في عناصر ومقومات العدالة الاجتماعية يعصف بدوره بالتوازنات الاقتصادية ذاتها.

 وفي حديث خاص لـ«الوطن» أوضح فضلية أن إعادة الاعتبار للمضمون الاجتماعي للعمل الحكومي، يكون بالعودة إلى سياسة الدعم المباشر لأهم السلع، وتوسيع تشكيلة السلع الغذائية التموينية لتشمل الزيت النباتي على الأقل، ودعم الأسعار الحرة لسلع ضرورية أخرى مثل الطحين، وتوفير بعض أهم مواد ومستلزمات الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني من قبل مؤسسات الدولة وتوزيعها على الفلاحين والمنتجين بأسعار مخفضة.

وشدد فضلية على أهمية اتخاذ كل ما شأنه تدوير عجلة الإنتاج المادي السلعي، الزراعي والصناعي والحرفي، لأنه العتلة التي تحرك جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية، بما في ذلك زيادة العرض السلعي، تقليل البطالة، دعم التصدير، وبالمحصلة دعم قيمة العملة الوطنية، ومن الضروري التركيز في زيادة موارد الخزينة العامة للدولة من خلال إيجاد مصادر ومطارح ضريبية انتقائية جديدة، لا تؤثر على القوة الشرائية لأصحاب الدخل الضعيف والمحدود، بما في ذلك لدى الأنشطة الرائجة المستفيدة من الحرب، وعلى التركات الكبيرة وانتقال ملكية العقارات والأصول باهظة الثمن، وعلى الأنشطة الترفية والترفيهية، وضرورة إعادة النظر ببدلات الأملاك الحكومية المستثمرة من قبل الغير، واستثمار ما هو غير مستثمر.

ولفت فضلية إلى أنه يجب على الفريق الاقتصادي للحكومة القادمة إعادة النظر بسياسات التجارة الخارجية، بإزالة معوقات التصدير اللوجستية، وتلك التي تتسبب برفع تكاليفه، وتذليل مصاعب الاستيراد (بما فيها المتضمنة في القرار 703)، واستخدام أدوات المنع غير الجمركية (بفرض جعالات إضافية على السلع غير الضرورية) التي يتم تهريبها حالياً، وإعادة النظر في تشريعات وآليات وعقود طرح وتسليم مؤسسات التجزئة والتدخل الإيجابي للاستثمار الخاص، والتشديد من جهة أخرى في الرقابة التموينية على الأسواق، بما في ذلك تعرفات الخدمات، كأقساط التعليم الخاص والمراجعات والخدمات الطبية.

وأشار أستاذ الاقتصاد إلى ضرورة تفعيل السياسات النقدية والمالية، وإعادة النظر بآليات وإجراءات عمل المؤسسات ذات الصلة، بما في ذلك عمل المصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف والمصارف العامة والخاصة، من خلال عقلنة التدخل في سوق القطع وإمكانية إصدار سندات الخزينة، وإيجاد حلول للديون المصرفية المتعثرة، وتحريك معدلات الفائدة وضوابط منح القروض المصرفية، التشغيلية وغير التشغيلية.

 التوسع في الإقراض الزراعي

وفي قطاع الزراعة قال عضو مجلس إدارة اتحاد غرف الزراعة السورية سلمان الأحمد إن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي تعرضت لظلم كبير قبل الأزمة وأثناء الأزمة، وإن أغلب الإنتاج الزراعي في سورية هو من القطاع الخاص وقد أثبت هذا القطاع قدرة عالية على تخطي بعض الظروف القاهرة لاستمرار الإنتاج.

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد الأحمد أن الزراعة بأمس الحاجة لتنظيم ودعم مباشر وتقديم التسهيلات في الأنظمة والقوانين وتعليماتها التنفيذية، من خلال وضع الزراعة كأولوية في الاقتصاد الوطني بشكل فعلي من خلال الشراكة الحقيقية والفعلية بين الخاص والعام، مقترحاً إعادة هيكلية كافة الجهات المتعلقة بالقطاع الزراعي حتى وزارة الزراعة وتطوير قوانينها وتعليماتها لربط العمل المشترك لجميع الفعاليات الزراعية، ويجب أن يترافق ذلك مع اتخاذ قرارات سياسية مهمة جداً وجريئة تعتمد على استمرار د عم القطاع الزراعي الموجود في كافة النظم الاقتصادية في العالم وهي ضرورة هامة جداً لاسترداد مكانتنا الاقتصادية ويتم ذلك أيضاً من خلال التوسع في الإقراض الزراعي المترافق مع التسهيلات في الضمانات المصرفية لكل متطلبات الأنشطة الزراعية التي تحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وفرص العمل وخاصة المشاريع الصغيرة والتي تحقق أعلى قيمة مضافة وريعية اقتصادية على المنتجات الزراعية، حيث إن دعم وتطوير القطاع الزراعي يحقق حماية كبيرة للاقتصاد الوطني وعودة الأمن والاستقرار للمواطن ويحسن مستوى دخل الأسرة السورية ويؤمن فرص عمل واسعة لها.

 حل ملف القروض المتعثرة

وبالنسبة لقطاع الصناعة فقد شدد رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس على أن يتم اعتبار الصناعة هي القطاع الرائد وصاحب الأولوية في كافة القرارات الحكومية، وخاصة في مجال تمويل المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج للصناعة المحلية ومنح إجازات الاستيراد.

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح الدبس أنه يتأمل من الفريق الاقتصادي في الحكومة القادمة العمل بشكل جدي على إيجاد رؤية كاملة لموضوع القروض المتعثرة للصناعيين في المصارف العامة، بالإضافة إلى تسريع العمل في ملف منح القروض للصناعيين لتمويل تشغيل منشآتهم المتضررة نتيجة الأعمال الإرهابية، معتبراً أن هذين الملفين من أهم الملفات التي تهم قطاع الصناعة.

مضيفاً أن قطاع الصناعة يجب أن يكون له كل الأولوية كونه المحرك الإنتاجي لعجلة الاقتصاد السوري، ولذلك من المهم العمل على التشاركية في صنع القرارات بين الحكومة والقطاع الخاص لمصلحة الصناعيين.

  • فريق ماسة
  • 2016-06-12
  • 14968
  • من الأرشيف

إعادة النظر بالسياسة النقدية والمالية … حل القروض المتعثرة للصناعيين .. أهم الملفات من الفريق الاقتصادي للحكومة القادمة

بعد أن عقد مجلس الشعب أولى جلساته في الدور التشريعي الثاني، تتجه الأنظار حالياً إلى الحكومة الجديدة المتوقع الإعلان عنها قريباً، ومع كثرة التكهنات حول أسماء التشكيل الوزاري، بدأ الحديث عن المطلوب والمتوقع من الحكومة القادمة وبالأخص الفريق الاقتصادي فيها، في ظل الوضع المعيشي الذي وصل إليه المواطن والتغيرات الكبيرة في القوة الشرائية لليرة السورية والحال الذي وصلت إليه قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة.  أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عابد فضلية اعتبر أن أهم ما يجب على الحكومة أن تعمل عليه هو السعي لإيجاد التوازنات الاجتماعية التي تشكل ضرورة موضوعية لتحقيق التوازنات الاقتصادية، وأي خلل في عناصر ومقومات العدالة الاجتماعية يعصف بدوره بالتوازنات الاقتصادية ذاتها.  وفي حديث خاص لـ«الوطن» أوضح فضلية أن إعادة الاعتبار للمضمون الاجتماعي للعمل الحكومي، يكون بالعودة إلى سياسة الدعم المباشر لأهم السلع، وتوسيع تشكيلة السلع الغذائية التموينية لتشمل الزيت النباتي على الأقل، ودعم الأسعار الحرة لسلع ضرورية أخرى مثل الطحين، وتوفير بعض أهم مواد ومستلزمات الإنتاج الزراعي النباتي والحيواني من قبل مؤسسات الدولة وتوزيعها على الفلاحين والمنتجين بأسعار مخفضة. وشدد فضلية على أهمية اتخاذ كل ما شأنه تدوير عجلة الإنتاج المادي السلعي، الزراعي والصناعي والحرفي، لأنه العتلة التي تحرك جميع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الكلية، بما في ذلك زيادة العرض السلعي، تقليل البطالة، دعم التصدير، وبالمحصلة دعم قيمة العملة الوطنية، ومن الضروري التركيز في زيادة موارد الخزينة العامة للدولة من خلال إيجاد مصادر ومطارح ضريبية انتقائية جديدة، لا تؤثر على القوة الشرائية لأصحاب الدخل الضعيف والمحدود، بما في ذلك لدى الأنشطة الرائجة المستفيدة من الحرب، وعلى التركات الكبيرة وانتقال ملكية العقارات والأصول باهظة الثمن، وعلى الأنشطة الترفية والترفيهية، وضرورة إعادة النظر ببدلات الأملاك الحكومية المستثمرة من قبل الغير، واستثمار ما هو غير مستثمر. ولفت فضلية إلى أنه يجب على الفريق الاقتصادي للحكومة القادمة إعادة النظر بسياسات التجارة الخارجية، بإزالة معوقات التصدير اللوجستية، وتلك التي تتسبب برفع تكاليفه، وتذليل مصاعب الاستيراد (بما فيها المتضمنة في القرار 703)، واستخدام أدوات المنع غير الجمركية (بفرض جعالات إضافية على السلع غير الضرورية) التي يتم تهريبها حالياً، وإعادة النظر في تشريعات وآليات وعقود طرح وتسليم مؤسسات التجزئة والتدخل الإيجابي للاستثمار الخاص، والتشديد من جهة أخرى في الرقابة التموينية على الأسواق، بما في ذلك تعرفات الخدمات، كأقساط التعليم الخاص والمراجعات والخدمات الطبية. وأشار أستاذ الاقتصاد إلى ضرورة تفعيل السياسات النقدية والمالية، وإعادة النظر بآليات وإجراءات عمل المؤسسات ذات الصلة، بما في ذلك عمل المصرف المركزي ومجلس النقد والتسليف والمصارف العامة والخاصة، من خلال عقلنة التدخل في سوق القطع وإمكانية إصدار سندات الخزينة، وإيجاد حلول للديون المصرفية المتعثرة، وتحريك معدلات الفائدة وضوابط منح القروض المصرفية، التشغيلية وغير التشغيلية.  التوسع في الإقراض الزراعي وفي قطاع الزراعة قال عضو مجلس إدارة اتحاد غرف الزراعة السورية سلمان الأحمد إن قطاع الزراعة من أكثر القطاعات التي تعرضت لظلم كبير قبل الأزمة وأثناء الأزمة، وإن أغلب الإنتاج الزراعي في سورية هو من القطاع الخاص وقد أثبت هذا القطاع قدرة عالية على تخطي بعض الظروف القاهرة لاستمرار الإنتاج. وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد الأحمد أن الزراعة بأمس الحاجة لتنظيم ودعم مباشر وتقديم التسهيلات في الأنظمة والقوانين وتعليماتها التنفيذية، من خلال وضع الزراعة كأولوية في الاقتصاد الوطني بشكل فعلي من خلال الشراكة الحقيقية والفعلية بين الخاص والعام، مقترحاً إعادة هيكلية كافة الجهات المتعلقة بالقطاع الزراعي حتى وزارة الزراعة وتطوير قوانينها وتعليماتها لربط العمل المشترك لجميع الفعاليات الزراعية، ويجب أن يترافق ذلك مع اتخاذ قرارات سياسية مهمة جداً وجريئة تعتمد على استمرار د عم القطاع الزراعي الموجود في كافة النظم الاقتصادية في العالم وهي ضرورة هامة جداً لاسترداد مكانتنا الاقتصادية ويتم ذلك أيضاً من خلال التوسع في الإقراض الزراعي المترافق مع التسهيلات في الضمانات المصرفية لكل متطلبات الأنشطة الزراعية التي تحقق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي وفرص العمل وخاصة المشاريع الصغيرة والتي تحقق أعلى قيمة مضافة وريعية اقتصادية على المنتجات الزراعية، حيث إن دعم وتطوير القطاع الزراعي يحقق حماية كبيرة للاقتصاد الوطني وعودة الأمن والاستقرار للمواطن ويحسن مستوى دخل الأسرة السورية ويؤمن فرص عمل واسعة لها.  حل ملف القروض المتعثرة وبالنسبة لقطاع الصناعة فقد شدد رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها سامر الدبس على أن يتم اعتبار الصناعة هي القطاع الرائد وصاحب الأولوية في كافة القرارات الحكومية، وخاصة في مجال تمويل المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج للصناعة المحلية ومنح إجازات الاستيراد. وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح الدبس أنه يتأمل من الفريق الاقتصادي في الحكومة القادمة العمل بشكل جدي على إيجاد رؤية كاملة لموضوع القروض المتعثرة للصناعيين في المصارف العامة، بالإضافة إلى تسريع العمل في ملف منح القروض للصناعيين لتمويل تشغيل منشآتهم المتضررة نتيجة الأعمال الإرهابية، معتبراً أن هذين الملفين من أهم الملفات التي تهم قطاع الصناعة. مضيفاً أن قطاع الصناعة يجب أن يكون له كل الأولوية كونه المحرك الإنتاجي لعجلة الاقتصاد السوري، ولذلك من المهم العمل على التشاركية في صنع القرارات بين الحكومة والقطاع الخاص لمصلحة الصناعيين.

المصدر : الوطن/ علي محمود سليمان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة