جاء عراب الحروب الأهلية الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي هذه المرة، ليولي وجهه شطر الأكراد من خلال استغلال محاربتهم لتنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، وتوظيف القضية في إطار مخطط لا يهدف سوى تنفيذ الأجندات الصهيوامريكية الرامية إلى تقسيم المنطقة.

 

ليفي المعروف بمساندته للحركة الصهيونية ودوره في تحطيم ليبيا وجلب طيران الناتو لقصف الاراضي الليبية وإشعال فتيل الفتنة في سوريا واليمن، جاء هذه المرة ليفاجئ جمهور ومتتبّعي مهرجان كان السينمائي، المنعقد حالياً، ولعشرة أيام، في الجنوب الفرنسي، بحشر فيلم له يحمل عنوان "بيشمركه"، بعد أيام على افتتاح المهرجان، وإعلان برامج عروض أفلام المسابقة الرسمية.

 

الأمر الذي استنكره كثيرون، فمن جهة، شعر الجميع بأن يد الضغوط السياسية استطاعت أن تفرض نفسها على العروض، ما يجعل المهرجان برمّته عرضة للتشكيك، ومن ثمّ بسبب سماح الأكراد لكاتب عرف بتطرّفه وعدائه الشديد للإسلام ومناصرته لكيان الاحتلال الإسرائيلي، أن يتولى هو تحقيق هذا الفيلم بعد أن جال على مختلف جبهات المعارك التي يخوضها الأكراد ضد تنظيم "داعش".

 

وقد برر المهرجان العريق إضافة فيلم "بيشمركه" (إنتاج فرنسي، 92 دقيقة) بقوله "هذا الفيلم، الذي اكتشفناه للتوّ، صوّر بالقرب من المحاربين الأكراد البيشمركة، بفريق عمل صغير، وقطع المخرج 1000 كيلومتر على الحدود العراقية من الجنوب إلى الشمال، ليصور مواقف ومناظر من الحرب، ووجوهاً لرجال ونساء من النادر أن تتاح مشاهدتهم".

 

ويوصف ليفي بأنه قريب من مراكز القرار في فرنسا والكيان الاسرائيلي، فهو صديق لكبار الأثرياء والسياسيين، هو المولود في الجزائر لعائلة فرنسية يهودية، ففي عام 2005، نشر مع الكاتب البريطاني سلمان رشدي بيانا بعنوان "معا ضد التوتاليتاريا الجديدة"، انتقد فيه يشدة حملة الاستنكار الواسعة، التي عمت البلدان الإسلامية، ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم (ص)، والتي نشرتها إحدى الصحف الدنماركية. وكذلك "محاولات نشر نموذج الحياة الإسلامي في أوروبا".

 

عرف عنه أيضا تأييده الشديد للكيان الإسرائيلي إلى حدّ وصفه لجيش الاحتلال، بعد حرب غزة العام 2010، بأنه "أحد أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية"، كما اعتبر الجولان "أرضاً مقدسة"، وكان مرشحاً في العام 2011 لرئاسة الحكومة الإسرائيلية.

 

وكان عرَّاب "الربيع العربي"، فقد انتقل في شهر آذار/ مارس من عام 2011، إلى ليبيا، وزار عددا من المدن الليبية حيث شارك في المفاوضات مع "الثوار" في بنغازي، ودعا دول العالم إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الحديث التشكيل.. وفي وقت متأخر من الشهر نفسه أعلن مع الرئيس الفرنسي (السابق) نيكولا ساركوزي عن مبادرة للتدخل العسكري في ليبيا.. ويقال إنه كان صاحب "الفضل الكبير في إقناع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بشن غارات جوية في هذا البلد العربي.

 

زياراته تلك كانت حجة لأعداء "الربيع العربي"، أولئك الذين اتّهموا "الربيع" برمّته بأنه مؤامرة صهيونية كونية، وما تحمُّس برنار هنري ليفي إلا الدليل الأقوى على ذلك!

 

أما في عام 2013، فقد بدأ دعايته الصاخبة ضد سوريا ورئيسها، حيث كتب، في 20 تموز/ يوليو، إحدى مقالاته الدورية المناهضة للقيادة السورية تحت عنوان "أنقذوا حلب"، والتي دعا فيها إلى التدخل العسكري ضد الرئيس بشار الأسد، وهو لم يتخل حتى الآن عن حلمه بتكرار الأحداث الليبية المروعة في سوريا.

 

هذا ما جعل فيلم هنري ليفي عن "البيشمركة" اليوم، وحتى قبل أن يشاهده أحد، مثار جدل أيضاً بين السوريين أنفسهم، عرباً وأكراداً، ففي وقت هلّل فيه بعض الأكراد لفيلم عنهم، يعرض في مهرجان ذائع الصيت، قال بعض مواطنيهم من السوريين إنه "إذا أردت أن تشوّه قضية أرسل برنار ليفي ليدافع عنها".

 

هكذا وصف البعض ليفي بـ "تاجر القضايا"، و"المخرّب"، الذي يدّعي مناصرة المظلومين والقضايا العادلة، في وقت لا يتردد في الوقوف إلى جانب "إسرائيل" في حروبها المدمرة على قطاع غزة.

 

برنار هنري ليفي من ناحية لا يؤمن بأي شيء إنساني، ومن ناحية أخرى يستغل بمهارة كل المشاعر الإنسانية، ويصرخ بصوت عال، مؤججا الرعب والمخاوف، ربما لأنه يهيم بالموت، ويثيره صوت انفجار القنابل.. فإذا ظهر في مكان ما، فذلك يعني أن مسلخا بشريا سيبدأ عمله في الجوار، وأن الدماء ستتدفق هناك، هو نذير بالفتن المرعبة الكبرى وموقد نارها. وهو هنا لم يتغير.

  • فريق ماسة
  • 2016-05-21
  • 8830
  • من الأرشيف

برنار ليفي... يولي وجهه شطر الأكراد!

جاء عراب الحروب الأهلية الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي هذه المرة، ليولي وجهه شطر الأكراد من خلال استغلال محاربتهم لتنظيم "داعش" الإرهابي في العراق وسوريا، وتوظيف القضية في إطار مخطط لا يهدف سوى تنفيذ الأجندات الصهيوامريكية الرامية إلى تقسيم المنطقة.   ليفي المعروف بمساندته للحركة الصهيونية ودوره في تحطيم ليبيا وجلب طيران الناتو لقصف الاراضي الليبية وإشعال فتيل الفتنة في سوريا واليمن، جاء هذه المرة ليفاجئ جمهور ومتتبّعي مهرجان كان السينمائي، المنعقد حالياً، ولعشرة أيام، في الجنوب الفرنسي، بحشر فيلم له يحمل عنوان "بيشمركه"، بعد أيام على افتتاح المهرجان، وإعلان برامج عروض أفلام المسابقة الرسمية.   الأمر الذي استنكره كثيرون، فمن جهة، شعر الجميع بأن يد الضغوط السياسية استطاعت أن تفرض نفسها على العروض، ما يجعل المهرجان برمّته عرضة للتشكيك، ومن ثمّ بسبب سماح الأكراد لكاتب عرف بتطرّفه وعدائه الشديد للإسلام ومناصرته لكيان الاحتلال الإسرائيلي، أن يتولى هو تحقيق هذا الفيلم بعد أن جال على مختلف جبهات المعارك التي يخوضها الأكراد ضد تنظيم "داعش".   وقد برر المهرجان العريق إضافة فيلم "بيشمركه" (إنتاج فرنسي، 92 دقيقة) بقوله "هذا الفيلم، الذي اكتشفناه للتوّ، صوّر بالقرب من المحاربين الأكراد البيشمركة، بفريق عمل صغير، وقطع المخرج 1000 كيلومتر على الحدود العراقية من الجنوب إلى الشمال، ليصور مواقف ومناظر من الحرب، ووجوهاً لرجال ونساء من النادر أن تتاح مشاهدتهم".   ويوصف ليفي بأنه قريب من مراكز القرار في فرنسا والكيان الاسرائيلي، فهو صديق لكبار الأثرياء والسياسيين، هو المولود في الجزائر لعائلة فرنسية يهودية، ففي عام 2005، نشر مع الكاتب البريطاني سلمان رشدي بيانا بعنوان "معا ضد التوتاليتاريا الجديدة"، انتقد فيه يشدة حملة الاستنكار الواسعة، التي عمت البلدان الإسلامية، ضد الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم (ص)، والتي نشرتها إحدى الصحف الدنماركية. وكذلك "محاولات نشر نموذج الحياة الإسلامي في أوروبا".   عرف عنه أيضا تأييده الشديد للكيان الإسرائيلي إلى حدّ وصفه لجيش الاحتلال، بعد حرب غزة العام 2010، بأنه "أحد أكثر الجيوش أخلاقية وديمقراطية"، كما اعتبر الجولان "أرضاً مقدسة"، وكان مرشحاً في العام 2011 لرئاسة الحكومة الإسرائيلية.   وكان عرَّاب "الربيع العربي"، فقد انتقل في شهر آذار/ مارس من عام 2011، إلى ليبيا، وزار عددا من المدن الليبية حيث شارك في المفاوضات مع "الثوار" في بنغازي، ودعا دول العالم إلى الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي الحديث التشكيل.. وفي وقت متأخر من الشهر نفسه أعلن مع الرئيس الفرنسي (السابق) نيكولا ساركوزي عن مبادرة للتدخل العسكري في ليبيا.. ويقال إنه كان صاحب "الفضل الكبير في إقناع الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بشن غارات جوية في هذا البلد العربي.   زياراته تلك كانت حجة لأعداء "الربيع العربي"، أولئك الذين اتّهموا "الربيع" برمّته بأنه مؤامرة صهيونية كونية، وما تحمُّس برنار هنري ليفي إلا الدليل الأقوى على ذلك!   أما في عام 2013، فقد بدأ دعايته الصاخبة ضد سوريا ورئيسها، حيث كتب، في 20 تموز/ يوليو، إحدى مقالاته الدورية المناهضة للقيادة السورية تحت عنوان "أنقذوا حلب"، والتي دعا فيها إلى التدخل العسكري ضد الرئيس بشار الأسد، وهو لم يتخل حتى الآن عن حلمه بتكرار الأحداث الليبية المروعة في سوريا.   هذا ما جعل فيلم هنري ليفي عن "البيشمركة" اليوم، وحتى قبل أن يشاهده أحد، مثار جدل أيضاً بين السوريين أنفسهم، عرباً وأكراداً، ففي وقت هلّل فيه بعض الأكراد لفيلم عنهم، يعرض في مهرجان ذائع الصيت، قال بعض مواطنيهم من السوريين إنه "إذا أردت أن تشوّه قضية أرسل برنار ليفي ليدافع عنها".   هكذا وصف البعض ليفي بـ "تاجر القضايا"، و"المخرّب"، الذي يدّعي مناصرة المظلومين والقضايا العادلة، في وقت لا يتردد في الوقوف إلى جانب "إسرائيل" في حروبها المدمرة على قطاع غزة.   برنار هنري ليفي من ناحية لا يؤمن بأي شيء إنساني، ومن ناحية أخرى يستغل بمهارة كل المشاعر الإنسانية، ويصرخ بصوت عال، مؤججا الرعب والمخاوف، ربما لأنه يهيم بالموت، ويثيره صوت انفجار القنابل.. فإذا ظهر في مكان ما، فذلك يعني أن مسلخا بشريا سيبدأ عمله في الجوار، وأن الدماء ستتدفق هناك، هو نذير بالفتن المرعبة الكبرى وموقد نارها. وهو هنا لم يتغير.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة