اكتملت السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية الدامية التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها في أي بلد عربي أم غربي لجهة الاعداد والتجنيد والتنفيذ للخراب والاجرام بكل بشاعته.

 مع بداية الازمة السورية اعتقد الكثير في بلاد العرب وبلاد الغرب ان ما يجري في سوريا هو عبارة عن انتفاضة شعبيه من اجل تحقيق مطالب معيشيه محقه مرفقة بطلب تحقيق الديمقراطية والتحرر من سطوة الأجهزة الأمنية في مرافق الدولة السورية

 جاء ذلك الاعتقاد متزامناً مع هجمة اعلامية واعلانية منسقة و مبرمجة بدقة متناهيه تمت ادارتها من غرف سوداء انشأت خصيصاً لهذا الغرض لما للميديا من تأثير فعال بغسل العقول من خلال تلفيق الاخبار وتعليبها وتغليفها بالاكاذيب التي تترك اثرها السيء على عامة الناس.

اليوم وبعد مرور خمس سنوات من ممارسة تلك الاساليب الملتويه والتي اعتُمِدٓت لها اموالا طائله معطرة برائحة النفط والغاز للوصول الى الهدف الرئيس الا وهو تدمير سوريا قلب العروبة النابض وتغيير النمط العقائدي للجيش العربي السوري تمهيداً لضربه واعادة تكوينه من جديد، ليكون مطواعاً قابلا بأي حلٍ مُذلٍ يُفرٓض على سوريا يقضي بالتخلي عن القضية الفلسطينية أولاً وعن دعم سوريه لقوى المقاومة في المنطقة ضد اسرائيل وعلى رأسها حزب الله اللبناني والقوى الفلسطينية الرافضة لاية حلول استسلامية والملتزمه نهج مقاومه العدو الاسرائيلي والاهم من هذا وذاك هو العمل الدؤوب عبر اية وسيلة قذرة تهدف الى فك التحالف الاستراتيجي بين سوريا وايران المعمول به منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد.

 ظلت مراكز الدراسات الامريكية منها والاوروبية وبعضها عربية اضافة الى تقارير مراكز المخابرات الغربية والامريكية والعربية تتفق فيما بينها على شيطنة ايران وكل من حالفها واصفاً ايران وحلفاءها بمحور الشر الراعي للارهاب في المنطقه بينما كانت العين على سوريا كونها تشكل نقطة ارتكاز اساسية في هذا المحور نظرا لموقعها الجيوسياسي البالغ الاهمية لان سوريا تمثل قلب العرب النابض بالنضال العربي المتمسك بفلسطين والداعم الرئيس لقوى المقاومة في المنطقة ضد العدو الاسرائيلي وضد اي انتداب امريكي غربي جديد للمنطقة.

 الرغبة الجامحة لعرب الخليج هي تمرير ما سمي بالمبادره العربية المنبثقه عن مؤتمر بيروت عام 2002 القاضيه بانسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران من عام 1967 الهادفه للاعتراف باسرائيل وتقبلها ككيان مستقل في وطننا العربي فتنتهي بذلك القضية الفلسطينية عند حدود 1967.

 لكن في المقابل كانت هناك عقدة كأداء اسمها سوريا ومحور المقاومة اللبنانية. ومن اجل اخضاع سوريا العروبة ضغطت بعض دول الخليج على امريكا لاعطاء الضوء الاخضر للعدو الاسرائيلي بضرب المقاومة اللبنانية وهذا ما حصل في شهر تموز من العام 2006.

 لكن الحسابات العربيه لم تأت بالنتائج المرجوه وانقلب السحر على المُحرّض وأُلحِقت باسرائيل الهزيمة المدوية

مرة اخرى، العين على سوريا الممانعة فبعدما نجح تآمر بعض العرب بتدمير ليبيا وقتل معمر القذافي اعتقد بعض العرب ان الساحة السوريه صارت مباحة لإسقاط النظام السوري وتفتيت جيشه عبر تطويع مئات الالاف من اصقاع العالم للذهاب الى سوريا والمشاركة باخطر عملية في تاريخنا الحديث الا وهي ضرب المجتمع السوري وتهجيره وتخريب وتدمير سوريا الحضارة والتراث والتاريخ بالارهاب الذي فتك بالحجر والبشر السوري لكن سوريا صمدت وقاومت بشكل اسطوري ما دفع بعض عرب الخليج بالضغط وممارسة الاغراءات والرشوة على جامعة الدول العربيه لارتكاب مجزرة الضمير العربي افضت الى تجميد عضوية البلد المؤسس للجامعه العربيه سوريه بالاضافه الى الطلب من امريكا بالتدخل المباشر ولكن الادارة الامريكيه تمنّعت عن القيام بضرب سوريه بعد اكتشاف المراد الخليجي وهو توريط امريكا بحرب في المنطقه لا مصلحة لامريكا فيها.

 في هذا الوقت كانت ايران تسعى للوصول الى اتفاق في ملفها النووي عبر مباحثات سرية مع الولايات المتحدة قبل ان تنكشف تلك المباحثات وتشكل الصدمة الكبرى للدول العربية الداعمة لضرب ايران تمهيدا لتطويق وتطويع سوريا

ايران وبعد مباحثات ماراثونية مع دول الـ 1+5 حصلت على مبتغاها وتم التوقيع على اتفاق في ملفها النووي وُصِف بالتاريخي ودخلت ايران النادي النووي السلمي من الباب الواسع ما تسبب بنكسة قوية ممزوجة بخيبة كبيرة لبعض دول الخليج العربي المعوّلة على تطويع الغرب وامريكا بهدف تعطيل التوقيع على مثل هذا الاتفاق من خلال ابرام اتفاقات اقتصادية ضخمة وشراء الذمم والمواقف المدفوع ثمنها مسبقاً.

 لكن الغرب عموماً وامريكا خصوصاً لا تهتم لرغبات العرب وما يهم الغرب هو تحقيق مصالحه على حساب بلادنا وثرواتنا وشعبنا العربي، وهذا ما قاله الرئيس الامريكي باراك اوباما عندما صرح في مقابلة صحفيه قائلا ""اذا كان هناك من يطلب منا شن الحرب في الشرق الاوسط نيابة عنه، عليه ان يقوم بذلك بنفسه لأن امريكا لا تستطيع حل مشاكل الدول وتغيير الامور".

 الان يتهافت الغرب الاوروبي ومعه امريكا للتواصل والانفتاح على سوريه الاسد بهدف التنسيق في محاربة الارهاب الذي استُجلِب الى سوريه باموال تفوح منها رائحة النفط والغاز بعد ان بات يهدد العالم باسره .

 زيارات أوروبية سرية وعلنية الى دمشق، ترغب في اعادة فتح سفاراتها في دمشق اضافة الى وفود ورسائل امريكية بالاستعداد للتعاون مع سوريا لتنتفي القطيعة مع الدولة السورية، خاصة بعد الحضور والدعم الروسي الذي قلب المشهد سياسيا وعسكريا في سوريا رأسا على عقب لاغيا نظام الاحادية في العالم.

 اذن، لم تعد سوريا عقدة الغرب، لتبقى سورية بصمودها الاسطوري عقدة العرب خصوصاً عرب دول النفط الخليجي التي تسوّق لمبادرات وحلول استسلامية مع العدو الاسرائيلي مصدّرة مدارس التكفير والتطرف والارهاب في وقت اضحى فيه الارهاب متفلتاً من السيطرة ليرتد على داعميه.

  • فريق ماسة
  • 2016-04-12
  • 6405
  • من الأرشيف

سوريا.. عقدة العرب أم الغرب .....رفعت البدوي

اكتملت السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية الدامية التي لم يشهد التاريخ الحديث مثيلا لها في أي بلد عربي أم غربي لجهة الاعداد والتجنيد والتنفيذ للخراب والاجرام بكل بشاعته.  مع بداية الازمة السورية اعتقد الكثير في بلاد العرب وبلاد الغرب ان ما يجري في سوريا هو عبارة عن انتفاضة شعبيه من اجل تحقيق مطالب معيشيه محقه مرفقة بطلب تحقيق الديمقراطية والتحرر من سطوة الأجهزة الأمنية في مرافق الدولة السورية  جاء ذلك الاعتقاد متزامناً مع هجمة اعلامية واعلانية منسقة و مبرمجة بدقة متناهيه تمت ادارتها من غرف سوداء انشأت خصيصاً لهذا الغرض لما للميديا من تأثير فعال بغسل العقول من خلال تلفيق الاخبار وتعليبها وتغليفها بالاكاذيب التي تترك اثرها السيء على عامة الناس. اليوم وبعد مرور خمس سنوات من ممارسة تلك الاساليب الملتويه والتي اعتُمِدٓت لها اموالا طائله معطرة برائحة النفط والغاز للوصول الى الهدف الرئيس الا وهو تدمير سوريا قلب العروبة النابض وتغيير النمط العقائدي للجيش العربي السوري تمهيداً لضربه واعادة تكوينه من جديد، ليكون مطواعاً قابلا بأي حلٍ مُذلٍ يُفرٓض على سوريا يقضي بالتخلي عن القضية الفلسطينية أولاً وعن دعم سوريه لقوى المقاومة في المنطقة ضد اسرائيل وعلى رأسها حزب الله اللبناني والقوى الفلسطينية الرافضة لاية حلول استسلامية والملتزمه نهج مقاومه العدو الاسرائيلي والاهم من هذا وذاك هو العمل الدؤوب عبر اية وسيلة قذرة تهدف الى فك التحالف الاستراتيجي بين سوريا وايران المعمول به منذ عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد.  ظلت مراكز الدراسات الامريكية منها والاوروبية وبعضها عربية اضافة الى تقارير مراكز المخابرات الغربية والامريكية والعربية تتفق فيما بينها على شيطنة ايران وكل من حالفها واصفاً ايران وحلفاءها بمحور الشر الراعي للارهاب في المنطقه بينما كانت العين على سوريا كونها تشكل نقطة ارتكاز اساسية في هذا المحور نظرا لموقعها الجيوسياسي البالغ الاهمية لان سوريا تمثل قلب العرب النابض بالنضال العربي المتمسك بفلسطين والداعم الرئيس لقوى المقاومة في المنطقة ضد العدو الاسرائيلي وضد اي انتداب امريكي غربي جديد للمنطقة.  الرغبة الجامحة لعرب الخليج هي تمرير ما سمي بالمبادره العربية المنبثقه عن مؤتمر بيروت عام 2002 القاضيه بانسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران من عام 1967 الهادفه للاعتراف باسرائيل وتقبلها ككيان مستقل في وطننا العربي فتنتهي بذلك القضية الفلسطينية عند حدود 1967.  لكن في المقابل كانت هناك عقدة كأداء اسمها سوريا ومحور المقاومة اللبنانية. ومن اجل اخضاع سوريا العروبة ضغطت بعض دول الخليج على امريكا لاعطاء الضوء الاخضر للعدو الاسرائيلي بضرب المقاومة اللبنانية وهذا ما حصل في شهر تموز من العام 2006.  لكن الحسابات العربيه لم تأت بالنتائج المرجوه وانقلب السحر على المُحرّض وأُلحِقت باسرائيل الهزيمة المدوية مرة اخرى، العين على سوريا الممانعة فبعدما نجح تآمر بعض العرب بتدمير ليبيا وقتل معمر القذافي اعتقد بعض العرب ان الساحة السوريه صارت مباحة لإسقاط النظام السوري وتفتيت جيشه عبر تطويع مئات الالاف من اصقاع العالم للذهاب الى سوريا والمشاركة باخطر عملية في تاريخنا الحديث الا وهي ضرب المجتمع السوري وتهجيره وتخريب وتدمير سوريا الحضارة والتراث والتاريخ بالارهاب الذي فتك بالحجر والبشر السوري لكن سوريا صمدت وقاومت بشكل اسطوري ما دفع بعض عرب الخليج بالضغط وممارسة الاغراءات والرشوة على جامعة الدول العربيه لارتكاب مجزرة الضمير العربي افضت الى تجميد عضوية البلد المؤسس للجامعه العربيه سوريه بالاضافه الى الطلب من امريكا بالتدخل المباشر ولكن الادارة الامريكيه تمنّعت عن القيام بضرب سوريه بعد اكتشاف المراد الخليجي وهو توريط امريكا بحرب في المنطقه لا مصلحة لامريكا فيها.  في هذا الوقت كانت ايران تسعى للوصول الى اتفاق في ملفها النووي عبر مباحثات سرية مع الولايات المتحدة قبل ان تنكشف تلك المباحثات وتشكل الصدمة الكبرى للدول العربية الداعمة لضرب ايران تمهيدا لتطويق وتطويع سوريا ايران وبعد مباحثات ماراثونية مع دول الـ 1+5 حصلت على مبتغاها وتم التوقيع على اتفاق في ملفها النووي وُصِف بالتاريخي ودخلت ايران النادي النووي السلمي من الباب الواسع ما تسبب بنكسة قوية ممزوجة بخيبة كبيرة لبعض دول الخليج العربي المعوّلة على تطويع الغرب وامريكا بهدف تعطيل التوقيع على مثل هذا الاتفاق من خلال ابرام اتفاقات اقتصادية ضخمة وشراء الذمم والمواقف المدفوع ثمنها مسبقاً.  لكن الغرب عموماً وامريكا خصوصاً لا تهتم لرغبات العرب وما يهم الغرب هو تحقيق مصالحه على حساب بلادنا وثرواتنا وشعبنا العربي، وهذا ما قاله الرئيس الامريكي باراك اوباما عندما صرح في مقابلة صحفيه قائلا ""اذا كان هناك من يطلب منا شن الحرب في الشرق الاوسط نيابة عنه، عليه ان يقوم بذلك بنفسه لأن امريكا لا تستطيع حل مشاكل الدول وتغيير الامور".  الان يتهافت الغرب الاوروبي ومعه امريكا للتواصل والانفتاح على سوريه الاسد بهدف التنسيق في محاربة الارهاب الذي استُجلِب الى سوريه باموال تفوح منها رائحة النفط والغاز بعد ان بات يهدد العالم باسره .  زيارات أوروبية سرية وعلنية الى دمشق، ترغب في اعادة فتح سفاراتها في دمشق اضافة الى وفود ورسائل امريكية بالاستعداد للتعاون مع سوريا لتنتفي القطيعة مع الدولة السورية، خاصة بعد الحضور والدعم الروسي الذي قلب المشهد سياسيا وعسكريا في سوريا رأسا على عقب لاغيا نظام الاحادية في العالم.  اذن، لم تعد سوريا عقدة الغرب، لتبقى سورية بصمودها الاسطوري عقدة العرب خصوصاً عرب دول النفط الخليجي التي تسوّق لمبادرات وحلول استسلامية مع العدو الاسرائيلي مصدّرة مدارس التكفير والتطرف والارهاب في وقت اضحى فيه الارهاب متفلتاً من السيطرة ليرتد على داعميه.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة