نواكشوط ـ «القدس العربي»: يتصدر الحمار أحاديث وتدوينات الموريتانيين هذه الأيام بعد أن كشفت جمعية حماية المستهلك عن ترخيص حكومي لتصدير لحوم الحمير الأهلية إلى الصين وهو ما وجد فيه المدونون مادة للسخرية من الحكومة ولاستذكار الحمار في الثقافة والفكر وحتى في الموروث الديني.

المدون البارز الدكتور أبو العباس ابرهام ارتأى في تدوينة طريفة «أن معضلة الحمار هي معضلة دينيّة» بل «مشكلة الحمار هي مشكلة علمانيّة».

وأضاف «فخصوصيّة الحمار، مثلُها مثل خصوصيّة الخنزير، خصوصيّة دينيّة، ويُمكِن، بتحريفٍ، القول أن الحمار مُقدّس. ولكنها قداسة سلبيّة، قداسة تحريميّة، لا ترفيعيّة».

وتابع أبو العباس تدوينته بمقارنة طريفة بين الحمار والجمل قائلا «إن الحمار نقيض الجمل، تماماً كما- بالمنطق نفسه يكون- النبيذ، وإن شئتَ، كما في القصة التّفسير-قرآنيّة، الجمر نقيض التمر، فالنّص الديني يزهو بالجمل. ويدعو للتدبُّر فيه. إنّ الإبل من أسمى الآيات. ولكنّه يستنكِرُ، وإن بفعاليّة لُقمانيّة، صوت الحمار. إنّ الحمير من أنكر الآيات. إنّه يرفَعُ من الجمل ويضَعُ من الحمار. ثمّ إن النّص الدِّيني، الذِي تنزّل في بيئة تَسْتَحِلُّ وتَستَحْلي لحمَ الإبل، قد حرَّمُ، في المقابل، لحم الحمار».

وعن الحمار والخنزير يقول الكاتب «ظلّ الحمار طوال القرون المُزكّاة أحسن حالاً من الخنزير، المنبوذ، الذي اُخرِجَ ليس فقط من السلسلة الغذائيّة والتجاريّة-الغذائيّة، بل من الحياة الأهلية بأجمعِها».

وأضاف «ليس صُدفة أن أزمة الاستعمار في المغرب في القرن التّأسع عشر كانت هي «أزمة الحلّوف» فقد اعتبَرَ المسلمون أن بلادَهم تدنّست بحظائر الخنازير التي أتت بها الرأسمالية الاستعماريّة. إن حرمة الحمار هي في لحمه الدّاخلي. أما حرمة الخنزير، فإن كانت طبعاً لحمه الدّاخلي، فإنّها أساساً في لحمه الخارجي. وهكذا يُمنعُ توريد الخنزير؛ ويُمنَعُ تصدير الحمار. الحمار مؤمن؛ والخنزير كافر».

«إنّ كلّ معركة السُّخرية من تصدير الحمار، يقول الكاتب، هي معركة دينيّة، ولكنّها ملوية العنق، معركة قداسية وقد عُلمِنَت».

وشارك عملاق التدوين في موريتانيا إكس ولد إكس إكرك بتدوينة مفصلة عن تاريخ الحمار وتقصى ذكره في القرآن قبل أن يصل إلى سرد قصة يعفور حمار النبي محمد عليه السلام الذي تردى بعد قبض النبي، في بئر بن التيهان فصارت قبره جزعا منه على رسول الله».

وأورد المدون نصوصا شعرية عديدة عن حياة الحمار قبل أن يذكر أن الروائي الكبير توفيق الحكيم كتب سنة 1940 روايته الشهيرة «حمار الحكيم» وكتب عدة مقالات عن الحمير حتى سماه البعض «توفيق الحمير».

وقبل الثورة المصرية 2011 أصدر الشاعر أسامة صلاح الأبنودي ديوانا شعريا بعنوان «البرادعي والحمار» تنبأ فيه بخروج جماعي للمجتمع من أجل التغيير، وقد رسم ذلك بطريقة ساخرة ورمزية.

أما الباحث الموريتاني الكبير سيد احمد ولد الأمير فذكر قصصا عن الحمار في التاريخ السياسي الموريتاني فذكر «أن الرائد الفرنسي فريرجان ألزم نهاية 1908سكان إينشيري (شمال موريتانيا) بإمداد جيشه بالحمير لأن جمال الفرنسيين وأعوانهم أصابها مرض فنفقت، وكان لا بد من تعويضها بالحمير، فجمعوا له منها ما استطاعوا فسمى الناس ذلك الجيش بغزي (جيش) لحميرْ سخرية وتهكما».

وتابع تدوينته قائلا «ومما يعرف في الثقافة النباتية في اللهجة الموريتانية المحلية ( الحسانية) «حدجة الحمار» أي بطيخة الحمار وهي رديئة وذات طعم شديد المرارة».

هكذا استحوذ الحمار على اهتمام ساسة ومدوني موريتانيا أياما طويلة فأعطوه وقتهم وعرضوا على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي عشرات التدوينات عن دوره وحياته في المنظومة الدينية وفي المجتمع وفي موروث الأدب وتراث الثقافة.

  • فريق ماسة
  • 2016-04-09
  • 9965
  • من الأرشيف

صدّرت الحكومة لحومها إلى الصين وتناول المدونون تاريخها: اهتمام خاص وطريف بالحمير في موريتانيا

نواكشوط ـ «القدس العربي»: يتصدر الحمار أحاديث وتدوينات الموريتانيين هذه الأيام بعد أن كشفت جمعية حماية المستهلك عن ترخيص حكومي لتصدير لحوم الحمير الأهلية إلى الصين وهو ما وجد فيه المدونون مادة للسخرية من الحكومة ولاستذكار الحمار في الثقافة والفكر وحتى في الموروث الديني. المدون البارز الدكتور أبو العباس ابرهام ارتأى في تدوينة طريفة «أن معضلة الحمار هي معضلة دينيّة» بل «مشكلة الحمار هي مشكلة علمانيّة». وأضاف «فخصوصيّة الحمار، مثلُها مثل خصوصيّة الخنزير، خصوصيّة دينيّة، ويُمكِن، بتحريفٍ، القول أن الحمار مُقدّس. ولكنها قداسة سلبيّة، قداسة تحريميّة، لا ترفيعيّة». وتابع أبو العباس تدوينته بمقارنة طريفة بين الحمار والجمل قائلا «إن الحمار نقيض الجمل، تماماً كما- بالمنطق نفسه يكون- النبيذ، وإن شئتَ، كما في القصة التّفسير-قرآنيّة، الجمر نقيض التمر، فالنّص الديني يزهو بالجمل. ويدعو للتدبُّر فيه. إنّ الإبل من أسمى الآيات. ولكنّه يستنكِرُ، وإن بفعاليّة لُقمانيّة، صوت الحمار. إنّ الحمير من أنكر الآيات. إنّه يرفَعُ من الجمل ويضَعُ من الحمار. ثمّ إن النّص الدِّيني، الذِي تنزّل في بيئة تَسْتَحِلُّ وتَستَحْلي لحمَ الإبل، قد حرَّمُ، في المقابل، لحم الحمار». وعن الحمار والخنزير يقول الكاتب «ظلّ الحمار طوال القرون المُزكّاة أحسن حالاً من الخنزير، المنبوذ، الذي اُخرِجَ ليس فقط من السلسلة الغذائيّة والتجاريّة-الغذائيّة، بل من الحياة الأهلية بأجمعِها». وأضاف «ليس صُدفة أن أزمة الاستعمار في المغرب في القرن التّأسع عشر كانت هي «أزمة الحلّوف» فقد اعتبَرَ المسلمون أن بلادَهم تدنّست بحظائر الخنازير التي أتت بها الرأسمالية الاستعماريّة. إن حرمة الحمار هي في لحمه الدّاخلي. أما حرمة الخنزير، فإن كانت طبعاً لحمه الدّاخلي، فإنّها أساساً في لحمه الخارجي. وهكذا يُمنعُ توريد الخنزير؛ ويُمنَعُ تصدير الحمار. الحمار مؤمن؛ والخنزير كافر». «إنّ كلّ معركة السُّخرية من تصدير الحمار، يقول الكاتب، هي معركة دينيّة، ولكنّها ملوية العنق، معركة قداسية وقد عُلمِنَت». وشارك عملاق التدوين في موريتانيا إكس ولد إكس إكرك بتدوينة مفصلة عن تاريخ الحمار وتقصى ذكره في القرآن قبل أن يصل إلى سرد قصة يعفور حمار النبي محمد عليه السلام الذي تردى بعد قبض النبي، في بئر بن التيهان فصارت قبره جزعا منه على رسول الله». وأورد المدون نصوصا شعرية عديدة عن حياة الحمار قبل أن يذكر أن الروائي الكبير توفيق الحكيم كتب سنة 1940 روايته الشهيرة «حمار الحكيم» وكتب عدة مقالات عن الحمير حتى سماه البعض «توفيق الحمير». وقبل الثورة المصرية 2011 أصدر الشاعر أسامة صلاح الأبنودي ديوانا شعريا بعنوان «البرادعي والحمار» تنبأ فيه بخروج جماعي للمجتمع من أجل التغيير، وقد رسم ذلك بطريقة ساخرة ورمزية. أما الباحث الموريتاني الكبير سيد احمد ولد الأمير فذكر قصصا عن الحمار في التاريخ السياسي الموريتاني فذكر «أن الرائد الفرنسي فريرجان ألزم نهاية 1908سكان إينشيري (شمال موريتانيا) بإمداد جيشه بالحمير لأن جمال الفرنسيين وأعوانهم أصابها مرض فنفقت، وكان لا بد من تعويضها بالحمير، فجمعوا له منها ما استطاعوا فسمى الناس ذلك الجيش بغزي (جيش) لحميرْ سخرية وتهكما». وتابع تدوينته قائلا «ومما يعرف في الثقافة النباتية في اللهجة الموريتانية المحلية ( الحسانية) «حدجة الحمار» أي بطيخة الحمار وهي رديئة وذات طعم شديد المرارة». هكذا استحوذ الحمار على اهتمام ساسة ومدوني موريتانيا أياما طويلة فأعطوه وقتهم وعرضوا على صفحاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي عشرات التدوينات عن دوره وحياته في المنظومة الدينية وفي المجتمع وفي موروث الأدب وتراث الثقافة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة