بعد خمس سنوات على أعتى عدوان استهدف دولا عربية ومحور المقاومة يبدو ان المعتدي وصل الى حال يظهر فيه عجزه عن المتابعة وعجزه عن تحقيق اهداف العدوان وظهور قناعة لديه بان المقاومة بمحورها وحلفائها تملك من الإرادة والقدرات العسكرية الإمكانات السياسية ما يجعلها عصية على السقوط وان لديها مرونة تمكنها من المناورة في الميدان والاستيعاب في السياسة بشكل يحرم المعتدي من الوصول الى اهدافه.

 و مع التطورات الأخيرة في الميدان السوري و على ضوء الحراك على المسار السياسي في جنيف3 يمكن القول بان الحرب الأساسية باتت في مراحلها الأخيرة حتى و يمكن القول انها انتهت كجهد رئيسي و تحولت الان الى معارك تصفية مواقع لضبط الميدان بما يتلاءم مع المسار السياسي ، و بتعبير اخر يمكن القول ان المخطط الرئيسي لا يملك او ليس بمقدوره او ليس واردا عنده من الان وصاعدا العودة الى الميدان بخطط او استراتيجيات جديدة تهدف الى تحقيق الاهداف الرئيسية للعدوان بعد ان فشله في خمس خطط خلال خمس سنوات يكفي و لهذا كان قول صريح من الوزير الأميركي "حرب اليمن و سورية يجب ان تتوقفا ".

 طبعا قال كيري هذا بعد ان دمر الحريق الذي اضرم في الجسم العربي دمر ما دمر و هجر من هجر و قتل من قتل لكنه عجز عن كسر الإرادة السورية و عن لي ذراع محور المقاومة الذي بدل ان يتفكك كما ابتغى المعتدون ، تمكن من جذب حلفاء جدد من الوزن الدولي الكبير الفاعل المالك للقدرات السياسية و العسكرية الاستراتيجية و المؤثرة التي من شأنها ان ترسي توزانا يستفيد منه من شارك في الدفاع او من انتظر او حتى من ساهم بالعدوان تابعا للمخطط ، و قد عبر الرئيس الأسد بدقة عن هذا الامر عندما اكد بان "انتصار سورية و حلفاؤها انما هو إرساء لعالم اكثر توزنا ".

 بعد هذه النتيجة ومع انطلاق متثاقل للمباحثات في جنيف 3، ومع العاصفة التي أحدثها القرار الروسي المنسق مع سورية ومحور المقاومة بتقليص القوات الروسية في سورية، يطرح السؤال حول طبيعة المشهد او خصائص المرحلة التي وصلت اليها المواجهة بين معسكر العدوان على سورية والمنطقة ومعسكر الدفاع عنها وعن محور المقاومة. المجابهة التي انطلقت بين مشروعين متناقضين، مشروع إقامة شرق أوسط أميركي يقوم على منطق الاحتلال والسيطرة ومشروع إقامة شرق أوسط لأهله يقوم على الاستقلالية والسيادية مع تعاون مع الاخرين الذين لا يبتغون استعمارا او هيمنة.

 قد يكون من المبكر اليوم رسم المشهد بتفاصيله مع ما يزخر به الواقع من طروحات التقسيم و الفدرلة ، او ما زال البعض يمني النفس بتحقيقه مما نراه اليوم بات مستحيلا ، و مع استمرار المعارك الميدانية التي وصفناها بانها معارك تصفية وضبط إيقاع في الميدان ، و مع ذلك فان ما تحقق يمكن من القول بان المرحلة التي بتنا فيها انما هي مرحلة طي ملفات الحرب و التهيئة لمرحلة الحل السياسي او ترجمة ما انتهى اليه الميدان بشكل سياسي عبر الحوار و التفاوض ، أي اننا الان في مرحلة الاعداد للمرحلة السياسية التي قد تستلزم وقتا غير قصير لولوج بابها بشكل جدي ، و لكن يمكن اليوم تحديد معالم او ثوابت سيكون على العاملين على الحل السياسي احترامها مهما كانت طموحاتهم او رغباتهم هذه الثوابت نجمت او جاءت نتيجة للمواجهة في الميدان الذي عجز فيه المهاجم عن تحقيق ما ابتغى من العدوان ، ثوابت أساسية هي :

 1) سقوط مشاريع التقسيم والتجزئة او إعادة النظر بخرائط الدول القائمة. وهنا نذكر انه منذ العام 1975 – تاريخ الحرب اللبنانية – وخطر التقسيم يشغل الاذهان وهاجس التجزئة يرعب دول المنطقة، ومع الحرب على سورية طرح هدفان للعدوان: هدف أساسي يتمثل بأسقاط الدولة وتغيير موقعها الاستراتيجي، وهدف استطرادي بديل ويتمثل بتقسيم سورية وتوزيعها على قوى ومحور العدوان. اما الان و مع الصمود السوري الأسطوري و رغم كل ما يستمر تكراره من اقاويل حول التقسيم الفعلي او الواقعي او المقنع عبر اطلاق نظرية الدولة الفيدرالية ، فإننا، نستطيع القول بانه كما اخفق مشروع اسقاط سورية فشل هو الاخر طرح التقسيم و باي صيغة كانت ملطفة او جذرية ،ما يعني ان انتصار سورية اسقط مشاريع التقسيم ، و باتت خرائط دول الشرق الأوسط القائمة بمنأى عن المراجعة و بات كل ما نسمعه او سنسمعه بعد الان حول هذا الطرح انما هو من قبيل التهويل و الابتزاز او الاستعمال كأوراق تفاوضية ، ما يعني ان انتصار سورية حمى دول المنطقة من التجزئة .

 2) سقوط ظاهرة اسقاط الدول وتغيير الحكام بالقوة. وهذه نتيجة هامة تمخضت عنها الحرب-العدوان على سورية، الحرب التي ابتغت منذ اللحظة الأولى وعملا بسياسة اميركا تنصيب الحكام على الدول التابعة لها مهما كانت صفتهم (رؤساء او ملوك وامراء او ...)، وحكم تلك البلدان عبر من تنصبهم، الحرب التي ابتغت ان تسقط سورية وتسقط من اختاره الشعب لقيادتها من اجل ان تعين لها حاكما يعمل بإملاءاتها واوامرها، هذه الحرب على وشك ان تنتهي الان مع قناعة أميركية بان سورية لا يسري عليها القرار او الإرادة الامريكية فسورية من طبيعة مختلفة عما عرفت اميركا. الامر الذي سيكون له تداعيات هامة لدى الشعوب والدول المتحفزة لحفظ كراماتها واستقلالها والتمسك بسيادتها لتقتدي بالسلوك السوري وتقدم كما قدمت سورية من التضحيات إذا فرض عليها الامر ذلك وأننا نعتقد ان هذه النتيجة قد تكون قاعدة يعمل بها في العلاقات الدولية ما يعني ان دول الهيمنة والسيطرة على العالم ستتردد بعد الان قبل ان تقدم على عدوانها، ما سيشكل اطاحة بفكرة التدخل الدولي الانساني في شؤون الدول الأخرى، الفكرة التي كادت اميركا ان ترسيها في النظام العالمي الأحادي الساقط.

 3) تبلور نظرية الشعب المتماسك يحتمي بعضه بالبعض الاخر وبقيادة الدولة وتراجع فكرة الأقليات الخائفة والاكثريات المهيمنة. قبل الحرب-العدوان على سورية كان حديث في المنطقة دائما عن الأقليات ونظرة اليها كما لو انها قنابل موقوتة في داخل الاكثريات الشعبية، او كما لو كانت خاصرة ضعيفة او ايتام على مائدة الأجنبي. اما الان فقد ظهر بوضوح ان الحماية الحقيقية للأقلية هي الحماية التي تؤمنها الدولة وان تظهير فكرة المواطنة التي تتقدم على أي انتماء اخر يشكل ضمانا للجميع. وفي هذا النقطة سيكون من المهم التركيز من الان وصاعدا على مسالة الوحدة الوطنية التي تتقدم على أي اعتبار أخر كما والاتجاه الى بلورة فكرة مرجعية الشعب وقراره وعدم السماح لأي تيار او نزعة من شانها تهميش الإرادة الشعبية فالشعب يحتمي ببعضه والشعب يجب ان يكون وحده هو من يأتي بالحكام ومن يخرجهم دون املاء خارجي عليه.

 في ظل هذا النتائج – الثوابت انطلقت المرحلة التحضيرية للأعداد للحل السوري السلمي في جنيف ، و لكن و رغم ان مرحلة الاعداد تلك تتطلب وقتا ليس بقصير لانضاج الأمور و تلمس الحلول الناجعة و المستقرة ، و رغم ان الجولة الثانية من جنيف 3 و كما توقعنا لم تصل الى شيء يعول عليه ،رغم ذلك نرى ان لهذه الجولة أهمية من عدة جوانب ، حيث انها أظهرت ان من يدعي الحديث باسم المعارضة ليس جاهزا مطلقا للحل او للبحث في الحل و السبب في ذلك ان هذه الجهة كانت تتصور ان الحل يعني بالنسبة لها استلام السلطة و ليس العودة الى الشعب في ظل الثوابت المتقدم ذكرها لذلك صدمت بالحقيقة ما جعلها تخرس ،ما قد يوقظها من الأوهام الوردية و تجهز نفسها مستقبلا للسلوك الواقعي ، و بالمقابل ظهرت الدولة السورية واثقة بنفسها و بقدراتها و حسنا فعل رئيس وفدها بان طلب تأجيل الجولة الثالثة لتزامنها مع الانتخابات ليفهم الاخر ان احترام الدستور القائم و الاستحقاقات الدستورية متقدم على أي شان اخر .

 و على هذا الأساس نرى ان سورية الان و معها محور المقاومة و الحلفاء خاصة الحليف الروسي ، ان سورية تعمل مطمئنة على المسارين ، المسار العسكري فتواصل التطهير و ضرب الإرهاب للتخلص من شروره و المسار السياسي لإرساء حل يستجيب لثوابتها ورغم انها تريد الخروج من المحنة بأسرع وقت ممكن لكنها لن تتسرع باتخاذ أي مواقف من شانها ان تمس بشيء من مبادئها فمن صبر 5 سنوات و خاض الغمار للدفاع عن الذات و الحقوق يمكنه ومن اجل المحافظة على الإنجاز و المكتسب ان يصبر و يقدم بعض التضحيات الإضافية ليخرج من الميدان و قد اهدى للمنطقة نظاما إقليميا سياديا في شرق أوسط لأهله ويوفر للعالم فرصة إقامة نظام عالمي جديدا فيه من التوزان ما يمنع الحروب .

  • فريق ماسة
  • 2016-03-21
  • 15085
  • من الأرشيف

الحريق العربي الى انحسار... فما هو المشهد العام؟ ...

بعد خمس سنوات على أعتى عدوان استهدف دولا عربية ومحور المقاومة يبدو ان المعتدي وصل الى حال يظهر فيه عجزه عن المتابعة وعجزه عن تحقيق اهداف العدوان وظهور قناعة لديه بان المقاومة بمحورها وحلفائها تملك من الإرادة والقدرات العسكرية الإمكانات السياسية ما يجعلها عصية على السقوط وان لديها مرونة تمكنها من المناورة في الميدان والاستيعاب في السياسة بشكل يحرم المعتدي من الوصول الى اهدافه.  و مع التطورات الأخيرة في الميدان السوري و على ضوء الحراك على المسار السياسي في جنيف3 يمكن القول بان الحرب الأساسية باتت في مراحلها الأخيرة حتى و يمكن القول انها انتهت كجهد رئيسي و تحولت الان الى معارك تصفية مواقع لضبط الميدان بما يتلاءم مع المسار السياسي ، و بتعبير اخر يمكن القول ان المخطط الرئيسي لا يملك او ليس بمقدوره او ليس واردا عنده من الان وصاعدا العودة الى الميدان بخطط او استراتيجيات جديدة تهدف الى تحقيق الاهداف الرئيسية للعدوان بعد ان فشله في خمس خطط خلال خمس سنوات يكفي و لهذا كان قول صريح من الوزير الأميركي "حرب اليمن و سورية يجب ان تتوقفا ".  طبعا قال كيري هذا بعد ان دمر الحريق الذي اضرم في الجسم العربي دمر ما دمر و هجر من هجر و قتل من قتل لكنه عجز عن كسر الإرادة السورية و عن لي ذراع محور المقاومة الذي بدل ان يتفكك كما ابتغى المعتدون ، تمكن من جذب حلفاء جدد من الوزن الدولي الكبير الفاعل المالك للقدرات السياسية و العسكرية الاستراتيجية و المؤثرة التي من شأنها ان ترسي توزانا يستفيد منه من شارك في الدفاع او من انتظر او حتى من ساهم بالعدوان تابعا للمخطط ، و قد عبر الرئيس الأسد بدقة عن هذا الامر عندما اكد بان "انتصار سورية و حلفاؤها انما هو إرساء لعالم اكثر توزنا ".  بعد هذه النتيجة ومع انطلاق متثاقل للمباحثات في جنيف 3، ومع العاصفة التي أحدثها القرار الروسي المنسق مع سورية ومحور المقاومة بتقليص القوات الروسية في سورية، يطرح السؤال حول طبيعة المشهد او خصائص المرحلة التي وصلت اليها المواجهة بين معسكر العدوان على سورية والمنطقة ومعسكر الدفاع عنها وعن محور المقاومة. المجابهة التي انطلقت بين مشروعين متناقضين، مشروع إقامة شرق أوسط أميركي يقوم على منطق الاحتلال والسيطرة ومشروع إقامة شرق أوسط لأهله يقوم على الاستقلالية والسيادية مع تعاون مع الاخرين الذين لا يبتغون استعمارا او هيمنة.  قد يكون من المبكر اليوم رسم المشهد بتفاصيله مع ما يزخر به الواقع من طروحات التقسيم و الفدرلة ، او ما زال البعض يمني النفس بتحقيقه مما نراه اليوم بات مستحيلا ، و مع استمرار المعارك الميدانية التي وصفناها بانها معارك تصفية وضبط إيقاع في الميدان ، و مع ذلك فان ما تحقق يمكن من القول بان المرحلة التي بتنا فيها انما هي مرحلة طي ملفات الحرب و التهيئة لمرحلة الحل السياسي او ترجمة ما انتهى اليه الميدان بشكل سياسي عبر الحوار و التفاوض ، أي اننا الان في مرحلة الاعداد للمرحلة السياسية التي قد تستلزم وقتا غير قصير لولوج بابها بشكل جدي ، و لكن يمكن اليوم تحديد معالم او ثوابت سيكون على العاملين على الحل السياسي احترامها مهما كانت طموحاتهم او رغباتهم هذه الثوابت نجمت او جاءت نتيجة للمواجهة في الميدان الذي عجز فيه المهاجم عن تحقيق ما ابتغى من العدوان ، ثوابت أساسية هي :  1) سقوط مشاريع التقسيم والتجزئة او إعادة النظر بخرائط الدول القائمة. وهنا نذكر انه منذ العام 1975 – تاريخ الحرب اللبنانية – وخطر التقسيم يشغل الاذهان وهاجس التجزئة يرعب دول المنطقة، ومع الحرب على سورية طرح هدفان للعدوان: هدف أساسي يتمثل بأسقاط الدولة وتغيير موقعها الاستراتيجي، وهدف استطرادي بديل ويتمثل بتقسيم سورية وتوزيعها على قوى ومحور العدوان. اما الان و مع الصمود السوري الأسطوري و رغم كل ما يستمر تكراره من اقاويل حول التقسيم الفعلي او الواقعي او المقنع عبر اطلاق نظرية الدولة الفيدرالية ، فإننا، نستطيع القول بانه كما اخفق مشروع اسقاط سورية فشل هو الاخر طرح التقسيم و باي صيغة كانت ملطفة او جذرية ،ما يعني ان انتصار سورية اسقط مشاريع التقسيم ، و باتت خرائط دول الشرق الأوسط القائمة بمنأى عن المراجعة و بات كل ما نسمعه او سنسمعه بعد الان حول هذا الطرح انما هو من قبيل التهويل و الابتزاز او الاستعمال كأوراق تفاوضية ، ما يعني ان انتصار سورية حمى دول المنطقة من التجزئة .  2) سقوط ظاهرة اسقاط الدول وتغيير الحكام بالقوة. وهذه نتيجة هامة تمخضت عنها الحرب-العدوان على سورية، الحرب التي ابتغت منذ اللحظة الأولى وعملا بسياسة اميركا تنصيب الحكام على الدول التابعة لها مهما كانت صفتهم (رؤساء او ملوك وامراء او ...)، وحكم تلك البلدان عبر من تنصبهم، الحرب التي ابتغت ان تسقط سورية وتسقط من اختاره الشعب لقيادتها من اجل ان تعين لها حاكما يعمل بإملاءاتها واوامرها، هذه الحرب على وشك ان تنتهي الان مع قناعة أميركية بان سورية لا يسري عليها القرار او الإرادة الامريكية فسورية من طبيعة مختلفة عما عرفت اميركا. الامر الذي سيكون له تداعيات هامة لدى الشعوب والدول المتحفزة لحفظ كراماتها واستقلالها والتمسك بسيادتها لتقتدي بالسلوك السوري وتقدم كما قدمت سورية من التضحيات إذا فرض عليها الامر ذلك وأننا نعتقد ان هذه النتيجة قد تكون قاعدة يعمل بها في العلاقات الدولية ما يعني ان دول الهيمنة والسيطرة على العالم ستتردد بعد الان قبل ان تقدم على عدوانها، ما سيشكل اطاحة بفكرة التدخل الدولي الانساني في شؤون الدول الأخرى، الفكرة التي كادت اميركا ان ترسيها في النظام العالمي الأحادي الساقط.  3) تبلور نظرية الشعب المتماسك يحتمي بعضه بالبعض الاخر وبقيادة الدولة وتراجع فكرة الأقليات الخائفة والاكثريات المهيمنة. قبل الحرب-العدوان على سورية كان حديث في المنطقة دائما عن الأقليات ونظرة اليها كما لو انها قنابل موقوتة في داخل الاكثريات الشعبية، او كما لو كانت خاصرة ضعيفة او ايتام على مائدة الأجنبي. اما الان فقد ظهر بوضوح ان الحماية الحقيقية للأقلية هي الحماية التي تؤمنها الدولة وان تظهير فكرة المواطنة التي تتقدم على أي انتماء اخر يشكل ضمانا للجميع. وفي هذا النقطة سيكون من المهم التركيز من الان وصاعدا على مسالة الوحدة الوطنية التي تتقدم على أي اعتبار أخر كما والاتجاه الى بلورة فكرة مرجعية الشعب وقراره وعدم السماح لأي تيار او نزعة من شانها تهميش الإرادة الشعبية فالشعب يحتمي ببعضه والشعب يجب ان يكون وحده هو من يأتي بالحكام ومن يخرجهم دون املاء خارجي عليه.  في ظل هذا النتائج – الثوابت انطلقت المرحلة التحضيرية للأعداد للحل السوري السلمي في جنيف ، و لكن و رغم ان مرحلة الاعداد تلك تتطلب وقتا ليس بقصير لانضاج الأمور و تلمس الحلول الناجعة و المستقرة ، و رغم ان الجولة الثانية من جنيف 3 و كما توقعنا لم تصل الى شيء يعول عليه ،رغم ذلك نرى ان لهذه الجولة أهمية من عدة جوانب ، حيث انها أظهرت ان من يدعي الحديث باسم المعارضة ليس جاهزا مطلقا للحل او للبحث في الحل و السبب في ذلك ان هذه الجهة كانت تتصور ان الحل يعني بالنسبة لها استلام السلطة و ليس العودة الى الشعب في ظل الثوابت المتقدم ذكرها لذلك صدمت بالحقيقة ما جعلها تخرس ،ما قد يوقظها من الأوهام الوردية و تجهز نفسها مستقبلا للسلوك الواقعي ، و بالمقابل ظهرت الدولة السورية واثقة بنفسها و بقدراتها و حسنا فعل رئيس وفدها بان طلب تأجيل الجولة الثالثة لتزامنها مع الانتخابات ليفهم الاخر ان احترام الدستور القائم و الاستحقاقات الدستورية متقدم على أي شان اخر .  و على هذا الأساس نرى ان سورية الان و معها محور المقاومة و الحلفاء خاصة الحليف الروسي ، ان سورية تعمل مطمئنة على المسارين ، المسار العسكري فتواصل التطهير و ضرب الإرهاب للتخلص من شروره و المسار السياسي لإرساء حل يستجيب لثوابتها ورغم انها تريد الخروج من المحنة بأسرع وقت ممكن لكنها لن تتسرع باتخاذ أي مواقف من شانها ان تمس بشيء من مبادئها فمن صبر 5 سنوات و خاض الغمار للدفاع عن الذات و الحقوق يمكنه ومن اجل المحافظة على الإنجاز و المكتسب ان يصبر و يقدم بعض التضحيات الإضافية ليخرج من الميدان و قد اهدى للمنطقة نظاما إقليميا سياديا في شرق أوسط لأهله ويوفر للعالم فرصة إقامة نظام عالمي جديدا فيه من التوزان ما يمنع الحروب .

المصدر : الثورة/ أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة