دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
بعد ان اعلن الامريكيون عن عدم توصلهم الى اتفاق على وقف الاعمال العدائية في سوريا هل يذهب الوضع الى التازيم الميداني في سوريا؟ هذا السؤال يشغل بال الجميع في الشرق الاوسط ، ثمة شيء يسير مماعرفناه خلال اجتماعات الطرفين في جنيف خلال الايام الماضية وراء الابواب المغلقة ، وهو ان الروس والامريكيين كانا يطوران موقفا متقدما في سوريا ، ما كان يحدث في جنيف كان ابعد من بحث وقف النار ، فالسري في اجتماعات الطرفين اضعاف ما يعلناه وهذا ليس الان فقط ، انما على امتداد عمر الازمة السورية . وهذا ما ساحاول تلمسه في هذه العجالة مما استطعت الاطلاع عليه مؤخرا.
في ايلول سبتمبر 2013 عقدت اجتماعات بين الجانبين الامريكي والروسي ، حمل الروس معهم اقتراحا لافتا للارادة الامريكية يقضي بتسليم سوريا مخزونها الاستراتيجي من السلاح الكيماوي ، مقابل تراجع الادارة عن نية توجيه ضربات جوية مباشرة لدمشق، في تلك الاجتماعات كان ثمة ملاحق تحوي تفاهمات تخص الميدان السوري تضع الخطوط الاولى للتنسيق بين موسكو وواشنطن ، تفاهم الطرفان على معادلة ميدانية تقضي بعدم سماح واشنطن للفصائل المسلحة بدخول دمشق والاطاحة بالنظام مقابل ان تتعهد روسيا بمنع هزيمة الفصائل المسلحة هزيمة كاملة. واتفق الطرفان على البناء على هذا التفاهم حلا سياسيا كمخرج وحيد للازمة السورية، وهنا نذكر كيف تغيرت اللهجة الامريكية التي كررت حتى اليوم ان الحل في سوريا سياسي وليس عسكريا.
اعلنت واشنطن عن بدء الغارات داخل الاراضي السورية ضد تنظيم الدولة فقط ، على هامش هذه التفاهمات . لكن موازين القوى العسكرية اختلت في سوريا بعد ذلك بشهور ، زادت القوى الاقليمية من دعمها للفصائل المسلحة وعلى راسها جبهة النصرة التي دخلت ادلب وجسر الشغور، ثم ريف الاذقية بعد مجزرة مروعه . دخلت قوات ايضا من الحدود التركية مباشرة الى بلدة كسب وبدعم واسناد تركي ، باتت الاذقية والمنطقة الساحلية امام خطر حقيقي. اندفعت فصائل مسلحة اخرى من الجنوب السوري كانت لتوها قد حصلت على انواع متطورة من السلاح وسيطرت على مواقع استراتيجية وعلى المعابر مع الاردن معلنة بدء محاولة عاصفة الجنوب الاولى. تنظيم الدولة سيطر على اجزاء من ريف حمص الشرقي وعلى مدينة تدمر الاثرية وعلى بصرى الشام جنوبا وبدء بتهديد محافظة السويداء ومطار خلخلة العسكري هناك.
شعرت موسكو بان التفاهم مع واشنطن بات يهتز ، ومع تجاهل الاخيرة للالتزام المتفق عليه على هامش صفقة الكيماوي، دخلت موسكو مباشرة في الثلاثين من سبتمبر 2015 لاعادة ميزان القوى الى وضعه السابق. عارض الامريكيون الدخول الروسي في ايامه الاولى ، وهذا ما اطلق لدى حلفائها العرب فرضية دخول الروس المستنقع الافغاني وبدء فعلا البحث في هذه العواصم ( انقرة والرياض) عن افشال التدخل الروسي في سوريا عبر استنزافه ، ولكن اجتماعات جرت بين وزيري خارجية الطرفين اعاد بها الجانب الامريكي احياء ملاحق الاتفاق الكيماوي السوري مع الروس ( لاهزيمة مطلقة لاحد طرفي النزاع تمهيدا لحل سياسي) مقابل ان يتفهم الامريكون الدخول الروسي المباشر، والبدء فورا باجراءات التفاوض السوري السوري للوصول الى مخرج سياسي.
اليوم مع تقدم الجيش السوري وحلفائه بدعم روسي ، يرفع الامريكيون شعار كفى ، وتشعر الادارة الامريكية ان التفاهم الملحق بالصفقة الكيمياوية يهتز ، ولهذا كثفت واشنطن اجتماعاتها بموسكو في جنيف لبحث حدود التقدم السوري الميداني ، وهذا ما يفسر تصريح فيتالي تشوركين التي عارضت تصريحات الرئيس الاسد حول الانتصار الكامل على الفصائل المسلحة وبسط سلطة الدولة على كامل البلاد ، تصريح تشوركين كان بتقديرنا باتجاه واشنطن لطمأنتها وليس انتقادا للحليف السوري.
اعلان واشنطن عن عدم التوصل مع موسكو على وقف النار هو تفصيل صغير في مباحثات كان جوهرها بحث تموضع القوات وحدود التقدم السوري هل يشمل حلب كاملة ام يكتفى بالمناطق التي سيطر عليها الجيش السوري في ريفها هل تفتح معركة ادلب ( جسر الشغور في ريفها مهمة للروس) ام تتوقف عند حدود كنسبا على مشارفها ، وحركة قوات سوريا الديمقراطية وحدود سيطرتها بما يراعي المصالح التركية .
ما يثير القلق الان هو اعلان المبعوث الدولي ان موعد اللقاء السوري السوري في جنيف اواخر هذا الشهر غير واقعي ، وعدم تحديده موعدا، تاركا الامر الى استعداد الطرفين ، بالتزامن مع اعلان واشنطن انها وموسكو لم يتوصلا الى اتفاق لوقف النار في سوريا. فهل ينذر ذلك بقرار امريكي بتأجيل الحل السياسي فسحا للمجال لقلب ميزان القوى العسكرية في سوريا لصالحها مجددا . سننتظر اياما اخرى لنعرف الاجابة.
المصدر :
كمال خلف / رأي اليوم
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة