في الأمس القريب كان حكّام أنقرة ينتظرون إعلان سقوط دمشق. رجب طيب أردوغان وفريقه تصرفوا كأنّهم الحكام الفعليون للميدان السوري «المحرّر»، لكن مع تسارع الأحداث في ريفي حلب واللاذقية، تظهر تركيا كالمؤتمنة على أعزاز فقط.

 

تقلّص التأثير التركي شمالاً، ليبدو رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أمس كالمنفصل عن الواقع. هو، في رحلته إلى أوكرانيا، يحذّر الأكراد من التحرك شرق عفرين، فيما «قوات سوريا الديمقراطية» تدخل مدينة تل رفعت وكفرنايا وكفرناصح وتهدد «قواته» في قرى عدة.

 

أنقرة «ستجعل قاعدة منغ (الجوية) غير صالحة للاستخدام ما لم ينسحب المقاتلون الأكراد من المنطقة التي انتزعوا السيطرة عليها»، بينما أمسى «أصدقاء تركيا» محاصرين في مارع وأعزاز. إذ نجحت «وحدات الدفاع الشعبي» الكردية في السيطرة أمس على مدينة تل رفعت، أحد معاقل المسلحين في ريف حلب الشمالي، بالتزامن مع سيطرة الجيش السوري على أحرص ومسقان، في عملية تكاملية، تهدف إلى إغلاق الحدود السورية ــ التركية في هذا الجزء من ريف حلب الشمالي.

ورغم تواتر عمليات التنسيق ـ غير المعلن ـ بين الروس من جهة، و«الوحدات» الكردية المنضوين في «قوات سورية الديمقراطية» من جهة أخرى، إلا أن الأخيرين لا يجدون حرجاً في نفي وجود أي تنسيق بينهما، رغم أن الوقائع على الأرض مختلفة، وتؤكّد بنحو قاطع التعاون ما بين القوات البرية والطائرات الروسية، الذي تصاعد تدريجاً.

في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني الماضي قصفت الطائرات الروسية مواقع تابعة لـ«الجبهة الشامية» (المحسوبة على أنقرة) في قرية دير جمال القريبة من منطقة عفرين، والواقعة شمال نبّل في ريف حلب الشمالي. هذا القصف تزامن مع سلسلة غارات روسية في ريف أعزاز التي شهدت اشتباكات بين المجموعات المعارضة و«قوات سوريا الديمقراطية» كالمالكية وشوارغة الأرز وتنّب وكشتعار.

القصف الروسي، حينها، لم يكن على محاور جبهات الجيش السوري، وهو يظهر اليوم أنّه يتخطى «رد الفعل» على إسقاط طائرة «السوخوي» (24 تشرين الثاني) بقصف مناطق حدودية مع تركيا. فمنذ نجاح عملية فك الحصار عن نبل والزهراء، كان التنسيق غير المعلن مع «الجيران» في عفرين وحلفائهم في «جيش الثوار» يأخذ منحى «العمل بخطة واحدة». بالتزامن مع وصول القوات السورية إلى نبّل، كانت القوات الكردية تدخل قرية الزيارة شمالاً ثمّ تسيطر على دير جمال الواقعة على طريق حلب ــ اعزاز، ما سهّل تحرير ماير وكفيّن على يد الجيش السوري والحلفاء. أيام قليلة، وبعد ضربات جوية ومدفعية واشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي كفرنايا (شمال معرسته الخان وشرق كفين) انسحب من بقي من المسلحين لتدخل القوات الكردية المتقدمة من دير جمال قرية كفرنايا.

بالتوازي، كانت قوات الدفاع الشعبي بعد سيطرتها على مطار منغ تتجه نحو عين دقنة لتقطع بالنار أي إمداد بشري ولوجستي لمسلحي تل رفعت من الحدود التركية، كل ذلك حصل بغطاء جوّي روسي فاعل.

الجيش السوري، بدوره، نجح بالسيطرة أمس على قريتي مسقان واحرص، ليضيّق الخناق على مسلحي «جَيْب» تل رفعت ومارع. وفي إتمام السيطرة على تل رفعت يكون الوجود «التركي» في ريف حلب الشمالي مقتصراً على منطقتين: الأولى «عاصمتها» أعزاز، والثانية عاصمتها مارع ومعزولة عن المنطقة الأولى.

وإذا كان التقدّم نحو أعزاز سيواجه بردّ تركي، أقلّه بالقصف المدفعي، فإن التقدّم نحو مارع وتحويل «المنطقة الثانية» إلى خط جبهة مع «داعش» حصراً يبدو كأمر واقع. السيطرة على منغ وتل رفعت كان بتنسيق روسي – كردي فاعل، وإن لم يكن معلناً. جرابلس أو أي قرية في ريف حلب الشمالي، والتي ستدار عبر المجلس المحلي لمنطقة الشهباء».

  • فريق ماسة
  • 2016-02-15
  • 16266
  • من الأرشيف

«سلطنة» أردوغان الحلبية تتآكل: مارع محاصرة... وأعزاز تفقد عمقها

في الأمس القريب كان حكّام أنقرة ينتظرون إعلان سقوط دمشق. رجب طيب أردوغان وفريقه تصرفوا كأنّهم الحكام الفعليون للميدان السوري «المحرّر»، لكن مع تسارع الأحداث في ريفي حلب واللاذقية، تظهر تركيا كالمؤتمنة على أعزاز فقط.   تقلّص التأثير التركي شمالاً، ليبدو رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو أمس كالمنفصل عن الواقع. هو، في رحلته إلى أوكرانيا، يحذّر الأكراد من التحرك شرق عفرين، فيما «قوات سوريا الديمقراطية» تدخل مدينة تل رفعت وكفرنايا وكفرناصح وتهدد «قواته» في قرى عدة.   أنقرة «ستجعل قاعدة منغ (الجوية) غير صالحة للاستخدام ما لم ينسحب المقاتلون الأكراد من المنطقة التي انتزعوا السيطرة عليها»، بينما أمسى «أصدقاء تركيا» محاصرين في مارع وأعزاز. إذ نجحت «وحدات الدفاع الشعبي» الكردية في السيطرة أمس على مدينة تل رفعت، أحد معاقل المسلحين في ريف حلب الشمالي، بالتزامن مع سيطرة الجيش السوري على أحرص ومسقان، في عملية تكاملية، تهدف إلى إغلاق الحدود السورية ــ التركية في هذا الجزء من ريف حلب الشمالي. ورغم تواتر عمليات التنسيق ـ غير المعلن ـ بين الروس من جهة، و«الوحدات» الكردية المنضوين في «قوات سورية الديمقراطية» من جهة أخرى، إلا أن الأخيرين لا يجدون حرجاً في نفي وجود أي تنسيق بينهما، رغم أن الوقائع على الأرض مختلفة، وتؤكّد بنحو قاطع التعاون ما بين القوات البرية والطائرات الروسية، الذي تصاعد تدريجاً. في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني الماضي قصفت الطائرات الروسية مواقع تابعة لـ«الجبهة الشامية» (المحسوبة على أنقرة) في قرية دير جمال القريبة من منطقة عفرين، والواقعة شمال نبّل في ريف حلب الشمالي. هذا القصف تزامن مع سلسلة غارات روسية في ريف أعزاز التي شهدت اشتباكات بين المجموعات المعارضة و«قوات سوريا الديمقراطية» كالمالكية وشوارغة الأرز وتنّب وكشتعار. القصف الروسي، حينها، لم يكن على محاور جبهات الجيش السوري، وهو يظهر اليوم أنّه يتخطى «رد الفعل» على إسقاط طائرة «السوخوي» (24 تشرين الثاني) بقصف مناطق حدودية مع تركيا. فمنذ نجاح عملية فك الحصار عن نبل والزهراء، كان التنسيق غير المعلن مع «الجيران» في عفرين وحلفائهم في «جيش الثوار» يأخذ منحى «العمل بخطة واحدة». بالتزامن مع وصول القوات السورية إلى نبّل، كانت القوات الكردية تدخل قرية الزيارة شمالاً ثمّ تسيطر على دير جمال الواقعة على طريق حلب ــ اعزاز، ما سهّل تحرير ماير وكفيّن على يد الجيش السوري والحلفاء. أيام قليلة، وبعد ضربات جوية ومدفعية واشتباكات بين الجيش السوري ومسلحي كفرنايا (شمال معرسته الخان وشرق كفين) انسحب من بقي من المسلحين لتدخل القوات الكردية المتقدمة من دير جمال قرية كفرنايا. بالتوازي، كانت قوات الدفاع الشعبي بعد سيطرتها على مطار منغ تتجه نحو عين دقنة لتقطع بالنار أي إمداد بشري ولوجستي لمسلحي تل رفعت من الحدود التركية، كل ذلك حصل بغطاء جوّي روسي فاعل. الجيش السوري، بدوره، نجح بالسيطرة أمس على قريتي مسقان واحرص، ليضيّق الخناق على مسلحي «جَيْب» تل رفعت ومارع. وفي إتمام السيطرة على تل رفعت يكون الوجود «التركي» في ريف حلب الشمالي مقتصراً على منطقتين: الأولى «عاصمتها» أعزاز، والثانية عاصمتها مارع ومعزولة عن المنطقة الأولى. وإذا كان التقدّم نحو أعزاز سيواجه بردّ تركي، أقلّه بالقصف المدفعي، فإن التقدّم نحو مارع وتحويل «المنطقة الثانية» إلى خط جبهة مع «داعش» حصراً يبدو كأمر واقع. السيطرة على منغ وتل رفعت كان بتنسيق روسي – كردي فاعل، وإن لم يكن معلناً. جرابلس أو أي قرية في ريف حلب الشمالي، والتي ستدار عبر المجلس المحلي لمنطقة الشهباء».

المصدر : ايلي حنا - الاخبار


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة