على نحو متزايد، يتابع ريف حلب الشمالي غليانه، ليسرق الأضواء من جميع الجبهات السورية المشتعلة، بعد أن حقق الجيش السوري خرقا فيه، وتمددت «قوات سوريا الديموقراطية»،

 

 التي يشكل الأكراد عمودها الفقري فيه، قبل أن تلتحق تركيا بركب المشاركين في تأجيجه عبر سلسلة استهدافات مدفعية طالت مواقع الأكراد، في وقت قرر فيه الجيش السوري الاستعداد لـ «معركة حاسمة» قد يشهدها الشمال، وفق تعبير مصدر عسكري سوري.

 

وبعد أن أعاد الجيش السوري رسم الخريطة الميدانية عبر كسره الحصار الذي كان مفروضاً على قريتي نبّل والزهراء، وتشكيل طوق عسكري يحيط بمدينة حلب، توغلت «قوات سوريا الديموقراطية» في الشمال المفتوح على تركيا انطلاقاً من مدينة عفرين، لتبسط سيطرتها على قرية منغ ومطارها العسكري، قبل أن تتجه نحو مدينة إعزاز الحدودية، وقرية تل رفعت التي تشكل مع جارتها مارع آخر مواقع سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا مع تنظيم «داعش» المتمركز في دابق ومحيط مارع.

تقدم الأكراد نحو الحدود التركية، واقترابه من تل رفعت، جوبه بردة فعل تركية عنيفة، تمثلت بقصف مدفعي متواصل على مواقع القتال، بالتزامن مع إدخال أكثر من 700 مسلح من معبر باب السلامة الحدودي نحو جبهات القتال المشتعلة، ما أدى إلى انسحاب القوات الكردية من تخوم إعزاز، ومن محيط قرية تل رفعت التي وصفها مصدر كردي بأنها «ساقطة عسكرية لولا التدخل التركي».

وقال مصدر ميداني كردي، لـ «السفير»، «تعرضت مناطق سيطرتنا لقصف مدفعي تركي عنيف، تركز على منغ، مريمين، المالكية، مرعناز ومحيطها»، ما تسبب بمقتل مدنيين اثنين حتى الآن، وإصابة العشرات، بينهم أطفال. وبحسب المصدر فإن «المسلحين الذين دخلوا من معبر باب السلامة يبدو أنهم مدربون بشكل يشبه تدريب الجيش النظامي، ما قد يعني أن هذه القوات هي قوات تركية، دخلت على خط المعارك، تحت عباءة المسلحين التركمان (لواء السلطان مراد)، خصوصاً أن المدفعية التركية أمنت لهم غطاء نارياً كثيفاً».

التدخل التركي قوبل بانسحاب جزئي كردي من مواقع الاشتباك، وتصعيد سياسي عبر القنوات السياسية الكردية، والسورية الرسمية، حيث أرسلت الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة تدين فيهما القصف، وتطالب «مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤوليته في حفظ السلم والأمن الدوليين، ووضع حد لجرائم النظام التركي».

بالتوازي مع ذلك، بدأت قوات الجيش السوري التحرك نحو مدينة حلب قادمة من قريتي نبل والزهراء، حيث تمكنت من السيطرة على قرية الطامورة جنوب غرب بلدة الزهراء، الأمر الذي وضع قوات الجيش على تماس مباشر مع بلدة حيان والأجزاء الشمالية الغربية لبلدة عندان، بالتزامن مع غارات جوية روسية عنيفة بتأمين غطاء جوي لتحرك قوات الجيش السوري، و «قوات سوريا الديموقراطية» خلال معاركها في قرية تل رفعت.

وأشار مصدر عسكري سوري، خلال حديثه إلى «السفير»، إلى أن تحرك الجيش السوري عبر هذا المحور جاء بعد عدة أيام من الهدوء، تلبية لطلب وجهاء من الأهالي حاولوا التوسط لتسليم هذه المناطق من دون قتال، إلا أن «جبهة النصرة» أفشلت مساعيهم. وقال «هذا التحرك يهدف إلى تأمين مؤخرة مواقع الجيش السوري، ووصل مدينة حلب بمواقع قوات الجيش السوري المتقدمة في عمق الريف الشمالي، استعداداً لمعارك عنيفة قد تشهدها المنطقة في حال استمرت تركيا بتدخلها، أو حتى تدخلت السعودية بشكل فعلي».

وبحسب المصدر فإن «قوات الجيش السوري، وضمن عملياتها، تستعد لأية متغيرات قد تحدث، من ضمنها الاستعدادات لمعركة حاسمة»، في حال إصرار تركيا والسعودية على التدخل البري.

على الصعيد ذاته، قالت مصادر أهلية، لـ «السفير»، إن التطورات التي شهدها ريف حلب الشمالي، والتدخل التركي المباشر، دفعت عدداً كبيراً من الشبان للالتحاق بالنقاط العسكرية في مدينة حلب ومحيطها، استعداداً للمعركة في حال وقوعها. كما رفعت الوحدات الكردية من مستوى جاهزيتها بشكل كبير، وفق تأكيد مصدر كردي أكد أيضاً أن «التدخل التركي قوبل بتحرك شعبي داعم للقوات المقاتلة».

وشدد المتحدث باسم «هيئة الدفاع والحماية في مقاطعة عفرين» فوزي سليمان، خلال حديثه لـ «السفير»، على أن «الأكراد يقومون بالدفاع عن أنفسهم في مناطق سيطرتهم». وأضاف إن «التقدم الذي تم على جبهات عفرين أو تل رفعت جاء من قبل جيش الثوار تلبية لدعوات الأهالي لتخليصهم من الإرهاب».

وعن الاستعدادات الكردية في حال قررت تركيا أن تتدخل بشكل مباشر عبر إرسال قوات مشاة، قال سليمان «يبدو أن تركيا فقدت صوابها بعد أن تحطمت آمالها بإقامة منطقة آمنة في ريف حلب الشمالي»، مضيفاً «سندافع عن مناطقنا بكل تأكيد، ولكننا مع ذلك نعول على التحرك السياسي لحل هذا الأمر».

وبرغم تأكيد المصادر العسكرية السورية والكردية على عدم وجود تنسيق فعلي بين الجيش السوري والأكراد، وأن ما يجري هو «اتحاد أمر واقع»، يبقى العامل المشترك في تقدم الطرفين هو الغطاء الجوي الروسي، حيث كثفت المقاتلات طلعاتها الجوية في ريف حلب الشمالي، وأمنت غطاء لتحركات الجيش السوري الأخيرة، وتقدم «الوحدات» الكردية في محيط إعزاز وتل رفعت. وأكدت مصادر عسكرية وميدانية أن مقاتلة من طراز «سوخوي 35»، وهي أحدث ما في الترسانة الروسية من الطائرات الحربية، حلقت في شمال حلب، في ما يبدو أنها رسائل روسية ردعية موجهة لتركيا، مفادها أن موسكو لن تقف متفرجة، ولاسيما أن المقاتلة تتفوق على ما يتوفر الآن لدى الأتراك من مقاتلات، وهي مسلحة برادار وصواريخ يزيد مداها عن 100 كيلومتر، كما أنها واحدة من أصل خمس طائرات من هذا النوع أرسلت إلى سوريا، من أصل نحو 40 طائرة فقط تملكها روسيا، ما يعني أن الرسالة الروسية جدية ولا تحتمل التأويل.

  • فريق ماسة
  • 2016-02-14
  • 9182
  • من الأرشيف

ريف حلب الشمالي يغلي: تدخل تركي.. والجيش يستعد لـ«معركة حاسمة»

على نحو متزايد، يتابع ريف حلب الشمالي غليانه، ليسرق الأضواء من جميع الجبهات السورية المشتعلة، بعد أن حقق الجيش السوري خرقا فيه، وتمددت «قوات سوريا الديموقراطية»،    التي يشكل الأكراد عمودها الفقري فيه، قبل أن تلتحق تركيا بركب المشاركين في تأجيجه عبر سلسلة استهدافات مدفعية طالت مواقع الأكراد، في وقت قرر فيه الجيش السوري الاستعداد لـ «معركة حاسمة» قد يشهدها الشمال، وفق تعبير مصدر عسكري سوري.   وبعد أن أعاد الجيش السوري رسم الخريطة الميدانية عبر كسره الحصار الذي كان مفروضاً على قريتي نبّل والزهراء، وتشكيل طوق عسكري يحيط بمدينة حلب، توغلت «قوات سوريا الديموقراطية» في الشمال المفتوح على تركيا انطلاقاً من مدينة عفرين، لتبسط سيطرتها على قرية منغ ومطارها العسكري، قبل أن تتجه نحو مدينة إعزاز الحدودية، وقرية تل رفعت التي تشكل مع جارتها مارع آخر مواقع سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا مع تنظيم «داعش» المتمركز في دابق ومحيط مارع. تقدم الأكراد نحو الحدود التركية، واقترابه من تل رفعت، جوبه بردة فعل تركية عنيفة، تمثلت بقصف مدفعي متواصل على مواقع القتال، بالتزامن مع إدخال أكثر من 700 مسلح من معبر باب السلامة الحدودي نحو جبهات القتال المشتعلة، ما أدى إلى انسحاب القوات الكردية من تخوم إعزاز، ومن محيط قرية تل رفعت التي وصفها مصدر كردي بأنها «ساقطة عسكرية لولا التدخل التركي». وقال مصدر ميداني كردي، لـ «السفير»، «تعرضت مناطق سيطرتنا لقصف مدفعي تركي عنيف، تركز على منغ، مريمين، المالكية، مرعناز ومحيطها»، ما تسبب بمقتل مدنيين اثنين حتى الآن، وإصابة العشرات، بينهم أطفال. وبحسب المصدر فإن «المسلحين الذين دخلوا من معبر باب السلامة يبدو أنهم مدربون بشكل يشبه تدريب الجيش النظامي، ما قد يعني أن هذه القوات هي قوات تركية، دخلت على خط المعارك، تحت عباءة المسلحين التركمان (لواء السلطان مراد)، خصوصاً أن المدفعية التركية أمنت لهم غطاء نارياً كثيفاً». التدخل التركي قوبل بانسحاب جزئي كردي من مواقع الاشتباك، وتصعيد سياسي عبر القنوات السياسية الكردية، والسورية الرسمية، حيث أرسلت الخارجية السورية رسالتين متطابقتين إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة تدين فيهما القصف، وتطالب «مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤوليته في حفظ السلم والأمن الدوليين، ووضع حد لجرائم النظام التركي». بالتوازي مع ذلك، بدأت قوات الجيش السوري التحرك نحو مدينة حلب قادمة من قريتي نبل والزهراء، حيث تمكنت من السيطرة على قرية الطامورة جنوب غرب بلدة الزهراء، الأمر الذي وضع قوات الجيش على تماس مباشر مع بلدة حيان والأجزاء الشمالية الغربية لبلدة عندان، بالتزامن مع غارات جوية روسية عنيفة بتأمين غطاء جوي لتحرك قوات الجيش السوري، و «قوات سوريا الديموقراطية» خلال معاركها في قرية تل رفعت. وأشار مصدر عسكري سوري، خلال حديثه إلى «السفير»، إلى أن تحرك الجيش السوري عبر هذا المحور جاء بعد عدة أيام من الهدوء، تلبية لطلب وجهاء من الأهالي حاولوا التوسط لتسليم هذه المناطق من دون قتال، إلا أن «جبهة النصرة» أفشلت مساعيهم. وقال «هذا التحرك يهدف إلى تأمين مؤخرة مواقع الجيش السوري، ووصل مدينة حلب بمواقع قوات الجيش السوري المتقدمة في عمق الريف الشمالي، استعداداً لمعارك عنيفة قد تشهدها المنطقة في حال استمرت تركيا بتدخلها، أو حتى تدخلت السعودية بشكل فعلي». وبحسب المصدر فإن «قوات الجيش السوري، وضمن عملياتها، تستعد لأية متغيرات قد تحدث، من ضمنها الاستعدادات لمعركة حاسمة»، في حال إصرار تركيا والسعودية على التدخل البري. على الصعيد ذاته، قالت مصادر أهلية، لـ «السفير»، إن التطورات التي شهدها ريف حلب الشمالي، والتدخل التركي المباشر، دفعت عدداً كبيراً من الشبان للالتحاق بالنقاط العسكرية في مدينة حلب ومحيطها، استعداداً للمعركة في حال وقوعها. كما رفعت الوحدات الكردية من مستوى جاهزيتها بشكل كبير، وفق تأكيد مصدر كردي أكد أيضاً أن «التدخل التركي قوبل بتحرك شعبي داعم للقوات المقاتلة». وشدد المتحدث باسم «هيئة الدفاع والحماية في مقاطعة عفرين» فوزي سليمان، خلال حديثه لـ «السفير»، على أن «الأكراد يقومون بالدفاع عن أنفسهم في مناطق سيطرتهم». وأضاف إن «التقدم الذي تم على جبهات عفرين أو تل رفعت جاء من قبل جيش الثوار تلبية لدعوات الأهالي لتخليصهم من الإرهاب». وعن الاستعدادات الكردية في حال قررت تركيا أن تتدخل بشكل مباشر عبر إرسال قوات مشاة، قال سليمان «يبدو أن تركيا فقدت صوابها بعد أن تحطمت آمالها بإقامة منطقة آمنة في ريف حلب الشمالي»، مضيفاً «سندافع عن مناطقنا بكل تأكيد، ولكننا مع ذلك نعول على التحرك السياسي لحل هذا الأمر». وبرغم تأكيد المصادر العسكرية السورية والكردية على عدم وجود تنسيق فعلي بين الجيش السوري والأكراد، وأن ما يجري هو «اتحاد أمر واقع»، يبقى العامل المشترك في تقدم الطرفين هو الغطاء الجوي الروسي، حيث كثفت المقاتلات طلعاتها الجوية في ريف حلب الشمالي، وأمنت غطاء لتحركات الجيش السوري الأخيرة، وتقدم «الوحدات» الكردية في محيط إعزاز وتل رفعت. وأكدت مصادر عسكرية وميدانية أن مقاتلة من طراز «سوخوي 35»، وهي أحدث ما في الترسانة الروسية من الطائرات الحربية، حلقت في شمال حلب، في ما يبدو أنها رسائل روسية ردعية موجهة لتركيا، مفادها أن موسكو لن تقف متفرجة، ولاسيما أن المقاتلة تتفوق على ما يتوفر الآن لدى الأتراك من مقاتلات، وهي مسلحة برادار وصواريخ يزيد مداها عن 100 كيلومتر، كما أنها واحدة من أصل خمس طائرات من هذا النوع أرسلت إلى سوريا، من أصل نحو 40 طائرة فقط تملكها روسيا، ما يعني أن الرسالة الروسية جدية ولا تحتمل التأويل.

المصدر : علاء حلبي / السفير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة