من كان يتوقع أو يتخيل أن يدخل الجوع إلى مدينة ‫#‏مضايا أو أن نستمع لمناشدات من جميع دول العالم تطالب بإطعام آلاف السوريين المتمسكين بأرضهم رغم جميع الظروف الصعبة والقاسية التي مرّوا بها ‫#‏وحالهم كحال عشرات القرى والمدن السورية التي وقعت ضحية هذه الحرب وكانت قضيتها كباقي قضايا سورية حيث أحدثت خلافات إعلامية من جهة واختلاف ‫#‏الرؤى من قبل الشارع السوري.. فما حقيقة ملف مضايا الذي شغل العالم ؟؟

- تطــورات ملــف مضايا وخلفياتــه

مضايا ‫#‏بلدة_سورية تقع شمال غرب دمشق ضمن سلسلة جبال لبنان الشرقية وكانت تُعد من أهم المصايف السورية إلى جانب مدينة الزبداني ومنطقة وادي بردى وارتفاعها عن سطح البحر يتجاوز الألف وستمائة متر وقد دخلت الأزمة إلى مضايا ذات الأغلبية المؤيدة للدولة السورية بداية العام 2012 من خلال خروج مظاهرات أسبوعية رُفعت فيها شعارات "الحرية" و "إسقاط النظام" ومالبثت أن تطورت تلك المظاهرات إلى حمل السلاح والهجوم على مخفر البلدة والقضاء على جميع مظاهر الدولة لتقع ضحية الميليشيات المسلحة ابتداءً من "الجيش الحر" وصولاً إلى "جبهة النصرة" و "أحرار الشام" حالها كحال مدينة الزبداني المجاورة إلا أن طبيعة المنطقة الجغرافية والسكانية اختلفت بشكل كبير عن الزبداني من حيث كمية السلاح ونوعيته وأيضاً من عدد المسلحين الذين لم يتجاوز عددهم 500 مسلح من أصل 30.000 مدني يقطن مضايا وغالبيتهم من وادي بردى والزبداني .

استطاعت بلدة مضايا خلال الحرب من خلال لجان مصالحاتها أن تضبط مسلحي البلدة وليكونوا الأقل تطرفاً مقارنة بمسلحي الزبداني أو وادي بردى المجاورتين لها حيث كانت الأكثر هدوءاً في المنطقة والأقل اشتباكاً مع الجيش السوري والمقاومة اللبنانية إلا أن معركة الزبداني الشهيرة والتي استمرت لأكثر من ستة أشهر أدخلت مضايا في المعركة غصباً عن سكانها من خلال جعل المنطقة في خندق واحد من قبل الميليشيات المسلحة وفتح الطرق والمشافي الميدانية أمام مسلحي الزبداني ماجعل المنطقة تتعرض لمنع دخول وخروج قاطني البلدة نتيجة فقدان الدولة سيطرتها عليها بالكامل وانتشار مسلحي مضايا في شوارعها وجعلها ملجأ لعشرات من أخطر مسلحي مدينة الزبداني الذين فرّوا إلى مضايا وجعلوها مقراً لعملياتهم ضد الجيش السوري والمقاومة اللبنانية .

- مضـايا جائعـة والإعـلام كــاذب

استطاع ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي من جعل قضية جوع سكان مضايا المفترضة الأكثر تداولاً على موقع فيس بوك وتويتر وخرجت منه إلى الإعلام المرئي والصحافة المكتوبة ليتم استغلال صوراً مفبركة ومزورة لعشرات الحالات يظهر فيها أطفال ونساء ورجال كبار في السن وذلك للضغط على الحكومة السورية واتهامها بتجويع المواطنين السوريين وتحدثت منظمة أطباء بلا حدود أن 33 مواطناً في مضايا لاقوا حتفهم نتيجة الجوع إلى أن مصادر دمشق الآن في البلدة نوهت إلى عدة نقاط هامة أبرزها :

أولاً : جميع الوفيات التي حصلت لم تحصل نتيجة الجوع وانعدام الأغذية بل نتيجة الأمراض ونقص التغذية والبرد وهذه الوفيات تحصل في أي منطقة بهذه الأرقام تقريباً حتى التي هي تحت سيطرة الدولة السورية .

ثانياً : تم إدخال قافلة مساعدات غذائية منذ شهرين إلى البلدة إلا أن الميليشيات المسلحة سطت على 60% من مكوناتها واحتكرتها للعناصر المسلحة وعائلاتهم وقامت ببيع جزء آخر بأسعار خيالية حيث أن سعر الكيلو غرام الواحد من مواد كالسكر والرز والزيت وصل إلى عشرات الآلاف وحصل في ذاك الوقت فضيحة كبرى ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي حيث كانت بعض المواد كالبسكويت منتهية الصلاحية وتسببت في حالات اسهال واقياء .

ثالثاً : في البلدة مستودعات أغذية إلا أنها تحت سيطرة المسلحين وحراستهم حالها كحال مستودعات "جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية والتي أيضاً يعاني سكانها من نقص التغذية .

إذاً لا يستطيع أحد أن ينكر أن المدينة تعاني من نقص كبير في التغذية وهو المصطلح الأدق لتوصيف حالة سكان المدينة وتم استغلال وضع السكان السيء جداً عبر وسائل الإعلام لشيطنة الدولة السورية وتم اختلاق صوراً تعود لأعوام لأشخاص يعانون من نقص حاد في التغذية إلا أن ذلك لا يبرر حالة الإنكار التي انتهجها البعض بأن بعض سكان مضايا لم يدخل الجوع إلى منازلهم حيث أن ما يفوق 50% من سكان البلدة يعيش على وجبة واحدة يومياً فقط وهم بحاجة إلى رعاية واهتمام الدولة السورية كونهم مواطنين يحملون هويتها بغض النظر عن الأسباب التي ذكرت في سياق التقرير عن سبب تطويق المنطقة .

من جهة أخرى لا يخفَ على أحد بأن ربط ملف مضايا والزبداني بكفريا والفوعا يحصل بضغوط خارجية من أجل مزامنة إدخال الأغذية والأدوية لتلك المناطق في وقت واحد كون أن المأساة واحدة والوجع واحد ويتم إحداث توازن بين الملفين وهذا أيضاً يلقى انقساماً في الشارع السوري كأي ملف سياسي وميداني إلا أن الحرب التي تحصل في سورية حيدت جميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان وبات جميع السوريون بلا استثناء يتوقون لأي حل سياسي ينقذ السوريين من براثن الحرب التي نهشت البطون جوعاً وأتعبت العائلات فقراً وحصدت ما حصدت من أرواح عشرات آلاف السوريين وهجّرت آخرين لتصبح سورية بلا أي تجميل للواقع "دولة المآسي الباحثة عن أمل قريب" .

  • فريق ماسة
  • 2016-01-08
  • 7355
  • من الأرشيف

قضية مضايا بين الاستثمار السياسي والكذب الإعلامي وحقائق تُكشف للمرة الأولى

من كان يتوقع أو يتخيل أن يدخل الجوع إلى مدينة ‫#‏مضايا أو أن نستمع لمناشدات من جميع دول العالم تطالب بإطعام آلاف السوريين المتمسكين بأرضهم رغم جميع الظروف الصعبة والقاسية التي مرّوا بها ‫#‏وحالهم كحال عشرات القرى والمدن السورية التي وقعت ضحية هذه الحرب وكانت قضيتها كباقي قضايا سورية حيث أحدثت خلافات إعلامية من جهة واختلاف ‫#‏الرؤى من قبل الشارع السوري.. فما حقيقة ملف مضايا الذي شغل العالم ؟؟ - تطــورات ملــف مضايا وخلفياتــه مضايا ‫#‏بلدة_سورية تقع شمال غرب دمشق ضمن سلسلة جبال لبنان الشرقية وكانت تُعد من أهم المصايف السورية إلى جانب مدينة الزبداني ومنطقة وادي بردى وارتفاعها عن سطح البحر يتجاوز الألف وستمائة متر وقد دخلت الأزمة إلى مضايا ذات الأغلبية المؤيدة للدولة السورية بداية العام 2012 من خلال خروج مظاهرات أسبوعية رُفعت فيها شعارات "الحرية" و "إسقاط النظام" ومالبثت أن تطورت تلك المظاهرات إلى حمل السلاح والهجوم على مخفر البلدة والقضاء على جميع مظاهر الدولة لتقع ضحية الميليشيات المسلحة ابتداءً من "الجيش الحر" وصولاً إلى "جبهة النصرة" و "أحرار الشام" حالها كحال مدينة الزبداني المجاورة إلا أن طبيعة المنطقة الجغرافية والسكانية اختلفت بشكل كبير عن الزبداني من حيث كمية السلاح ونوعيته وأيضاً من عدد المسلحين الذين لم يتجاوز عددهم 500 مسلح من أصل 30.000 مدني يقطن مضايا وغالبيتهم من وادي بردى والزبداني . استطاعت بلدة مضايا خلال الحرب من خلال لجان مصالحاتها أن تضبط مسلحي البلدة وليكونوا الأقل تطرفاً مقارنة بمسلحي الزبداني أو وادي بردى المجاورتين لها حيث كانت الأكثر هدوءاً في المنطقة والأقل اشتباكاً مع الجيش السوري والمقاومة اللبنانية إلا أن معركة الزبداني الشهيرة والتي استمرت لأكثر من ستة أشهر أدخلت مضايا في المعركة غصباً عن سكانها من خلال جعل المنطقة في خندق واحد من قبل الميليشيات المسلحة وفتح الطرق والمشافي الميدانية أمام مسلحي الزبداني ماجعل المنطقة تتعرض لمنع دخول وخروج قاطني البلدة نتيجة فقدان الدولة سيطرتها عليها بالكامل وانتشار مسلحي مضايا في شوارعها وجعلها ملجأ لعشرات من أخطر مسلحي مدينة الزبداني الذين فرّوا إلى مضايا وجعلوها مقراً لعملياتهم ضد الجيش السوري والمقاومة اللبنانية . - مضـايا جائعـة والإعـلام كــاذب استطاع ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي من جعل قضية جوع سكان مضايا المفترضة الأكثر تداولاً على موقع فيس بوك وتويتر وخرجت منه إلى الإعلام المرئي والصحافة المكتوبة ليتم استغلال صوراً مفبركة ومزورة لعشرات الحالات يظهر فيها أطفال ونساء ورجال كبار في السن وذلك للضغط على الحكومة السورية واتهامها بتجويع المواطنين السوريين وتحدثت منظمة أطباء بلا حدود أن 33 مواطناً في مضايا لاقوا حتفهم نتيجة الجوع إلى أن مصادر دمشق الآن في البلدة نوهت إلى عدة نقاط هامة أبرزها : أولاً : جميع الوفيات التي حصلت لم تحصل نتيجة الجوع وانعدام الأغذية بل نتيجة الأمراض ونقص التغذية والبرد وهذه الوفيات تحصل في أي منطقة بهذه الأرقام تقريباً حتى التي هي تحت سيطرة الدولة السورية . ثانياً : تم إدخال قافلة مساعدات غذائية منذ شهرين إلى البلدة إلا أن الميليشيات المسلحة سطت على 60% من مكوناتها واحتكرتها للعناصر المسلحة وعائلاتهم وقامت ببيع جزء آخر بأسعار خيالية حيث أن سعر الكيلو غرام الواحد من مواد كالسكر والرز والزيت وصل إلى عشرات الآلاف وحصل في ذاك الوقت فضيحة كبرى ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي حيث كانت بعض المواد كالبسكويت منتهية الصلاحية وتسببت في حالات اسهال واقياء . ثالثاً : في البلدة مستودعات أغذية إلا أنها تحت سيطرة المسلحين وحراستهم حالها كحال مستودعات "جيش الإسلام" في الغوطة الشرقية والتي أيضاً يعاني سكانها من نقص التغذية . إذاً لا يستطيع أحد أن ينكر أن المدينة تعاني من نقص كبير في التغذية وهو المصطلح الأدق لتوصيف حالة سكان المدينة وتم استغلال وضع السكان السيء جداً عبر وسائل الإعلام لشيطنة الدولة السورية وتم اختلاق صوراً تعود لأعوام لأشخاص يعانون من نقص حاد في التغذية إلا أن ذلك لا يبرر حالة الإنكار التي انتهجها البعض بأن بعض سكان مضايا لم يدخل الجوع إلى منازلهم حيث أن ما يفوق 50% من سكان البلدة يعيش على وجبة واحدة يومياً فقط وهم بحاجة إلى رعاية واهتمام الدولة السورية كونهم مواطنين يحملون هويتها بغض النظر عن الأسباب التي ذكرت في سياق التقرير عن سبب تطويق المنطقة . من جهة أخرى لا يخفَ على أحد بأن ربط ملف مضايا والزبداني بكفريا والفوعا يحصل بضغوط خارجية من أجل مزامنة إدخال الأغذية والأدوية لتلك المناطق في وقت واحد كون أن المأساة واحدة والوجع واحد ويتم إحداث توازن بين الملفين وهذا أيضاً يلقى انقساماً في الشارع السوري كأي ملف سياسي وميداني إلا أن الحرب التي تحصل في سورية حيدت جميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان وبات جميع السوريون بلا استثناء يتوقون لأي حل سياسي ينقذ السوريين من براثن الحرب التي نهشت البطون جوعاً وأتعبت العائلات فقراً وحصدت ما حصدت من أرواح عشرات آلاف السوريين وهجّرت آخرين لتصبح سورية بلا أي تجميل للواقع "دولة المآسي الباحثة عن أمل قريب" .

المصدر : دمشق الآن / وسام الطير


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة