برمي الاتهامات جزافاً على إيران، والإعلان عن رفض الانضمام إلى التحالف الرباعي واستقبال المنسق العام لـ«الهيئة العليا للتفاوض» المتمخضة عن مؤتمر الرياض، عبَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طريق زيارته إلى السعودية للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز.

 

تركيا، التي تقوضت سياستها الخارجية على مذبح القضية السورية، وباتت مهددة في نفوذها الإقليمي، بل وفي استقرارها الداخلي، تجد صعوبة في شق طريقها بالمنطقة من دون عون دولي أو إقليمي. إلا أن الأبواب موصدة. فالعلاقات مع إيران تراجعت بعد أزمة سورية. وعقب إسقاط الجيش التركي للطائرة الروسية في الأجواء السورية انقلبت العلاقات الروسية التركية من الصداقة التقليدية إلى العداء السافر. ولا تزال الروابط بين أنقرة والمحور المصري الإماراتي الأردني مقطوعة، نتيجة دعم تركيا للإخوان المسلمين. علاوة على ذلك، يظل الجفاء مسيطراً بين أنقرة وواشنطن، بسبب دعم الأولى لداعش، ودعم الثانية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية لمواجهة التنظيم المتطرف. وتعتبر تركيا هذا الحزب امتداداً لحزب العمال الكردستاني. ويصل أردوغان، المعزول، إلى الرياض في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه السياسة التركية، على الرغم من وجود تناقض خفي بين العاصمتين حول سورية. فالسعودية، وإن كانت قليلة الحماس تجاه العملية الروسية في سورية إلا أنها لم تعلن موقفاً رافضاً لها حتى الآن. في المقابل، تعهد أردوغان بدعم المقاتلين في سورية في مواجهة «الاحتلال» الذي تتعرض له بلادهم. ويواصل المسؤولون الأتراك انتقادهم للضربات الروسية معتبرين أنها تستهدف المدنيين، إلا أن السعوديين اختاروا الصمت حيال كل هذه المسألة. وتجري الزيارة غداً الاثنين لمدة يومين تلبية لدعوة الملك سلمان، حسب وكالة الأناضول التركية للأنباء. وأفاد البيان، أن «أردوغان سيتناول في مباحثاته مع الملك سلمان، العلاقات الثنائية بين البلدين والمسائل الإقليمية».

 

والتقى أردوغان بالملك السعودي في تركيا قبل نحو شهر ونصف الشهر، على هامش مؤتمر قمة مجموعة العشرين. وفي آذار الماضي، زار الرئيس التركي السعودية، حيث عقد التفاهمات الأساسية التي أسفرت عن إطلاق «عاصفة الأمل» ضد اليمن، وتشكيل جيش الفتح في محافظة إدلب. وقبل يومين من وصوله إلى العاصمة السعودية، اتهم الرئيس التركي إيران بتبني سياسات طائفية في سورية. وقال في كلمة متلفزة في مدينة اسطنبول التركية، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية مقتطفات منها: «لو لم تقف إيران خلف (الرئيس بشار) الأسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سورية». وانتقد أردوغان روسيا وإيران وتنظيم داعش والمسلحين السوريين الأكراد واتهمهم بـ«قتل الأبرياء من دون رحمة» في سورية. وقال: إن جماعات مثل تنظيم داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي هي «أدوات في الصراع العالمي على السلطة». وأضاف: إن هذه الجماعات «هي مثل حزب العمال الكردستاني هنا. لا فرق بينها».

وسبق لأردوغان أن أكد أول من أمس وجود خلافات بين بلاده والقيادة الإيرانية، لكنه أعرب عن أمله في ألا تؤثر هذه الخلافات على علاقات حسن الجوار بينهما. وأشار إلى وجود أطراف تسعى لتقسيم المنطقة على أساس طائفي، ودعا إلى ضرورة تصدي شعوب وحكومات المنطقة، بما في ذلك إيران، لهذه «المؤامرة».

وأكّد الرئيس التركي خلال مقابلة مع فضائية «العربية» المملوكة لآل سعود، أن إثارة موضوع وجود القوات التركية في شمال العراق، مرتبط بالحلف الرباعي الذي شكلته روسيا وسورية والعراق وإيران، والذي أعلن أن أنقرة رفضت الانضمام إليه بعد طلب روسي.

وقدمت أنقرة دعماً حيوياً لمؤتمر الرياض وفر للسعودية النفوذ اللازم للإمساك بورقة المعارضة السورية السياسية والعسكرية وجددت هذا الدعم مع تسارع التحضيرات لزيارة أردوغان إلى المملكة. وفي هذا السياق التقى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو برئيس الائتلاف خالد خوجة، والمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، في مدينة إسطنبول.

ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر في رئاسة الحكومة التركية، أن داود أوغلو جدد خلال اللقاء أول أمس، تأكيد دعم بلاده للمعارضة السورية خلال المفاوضات التي ستجري ضمن إطار قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2254، بشأن التسوية السياسية لحل الأزمة السورية.

ودعا داود أوغلو المعارضة السورية للوحدة والعزم خلال المرحلة المقبلة من المفاوضات في وجه الأطراف الهادفة لإضعاف صفوف المعارضة.

  • فريق ماسة
  • 2015-12-27
  • 4659
  • من الأرشيف

أردوغان «المعزول» يعبد الطريق إلى السعودية برمي الاتهامات الجزافية على إيران

برمي الاتهامات جزافاً على إيران، والإعلان عن رفض الانضمام إلى التحالف الرباعي واستقبال المنسق العام لـ«الهيئة العليا للتفاوض» المتمخضة عن مؤتمر الرياض، عبَّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان طريق زيارته إلى السعودية للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز.   تركيا، التي تقوضت سياستها الخارجية على مذبح القضية السورية، وباتت مهددة في نفوذها الإقليمي، بل وفي استقرارها الداخلي، تجد صعوبة في شق طريقها بالمنطقة من دون عون دولي أو إقليمي. إلا أن الأبواب موصدة. فالعلاقات مع إيران تراجعت بعد أزمة سورية. وعقب إسقاط الجيش التركي للطائرة الروسية في الأجواء السورية انقلبت العلاقات الروسية التركية من الصداقة التقليدية إلى العداء السافر. ولا تزال الروابط بين أنقرة والمحور المصري الإماراتي الأردني مقطوعة، نتيجة دعم تركيا للإخوان المسلمين. علاوة على ذلك، يظل الجفاء مسيطراً بين أنقرة وواشنطن، بسبب دعم الأولى لداعش، ودعم الثانية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية لمواجهة التنظيم المتطرف. وتعتبر تركيا هذا الحزب امتداداً لحزب العمال الكردستاني. ويصل أردوغان، المعزول، إلى الرياض في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه السياسة التركية، على الرغم من وجود تناقض خفي بين العاصمتين حول سورية. فالسعودية، وإن كانت قليلة الحماس تجاه العملية الروسية في سورية إلا أنها لم تعلن موقفاً رافضاً لها حتى الآن. في المقابل، تعهد أردوغان بدعم المقاتلين في سورية في مواجهة «الاحتلال» الذي تتعرض له بلادهم. ويواصل المسؤولون الأتراك انتقادهم للضربات الروسية معتبرين أنها تستهدف المدنيين، إلا أن السعوديين اختاروا الصمت حيال كل هذه المسألة. وتجري الزيارة غداً الاثنين لمدة يومين تلبية لدعوة الملك سلمان، حسب وكالة الأناضول التركية للأنباء. وأفاد البيان، أن «أردوغان سيتناول في مباحثاته مع الملك سلمان، العلاقات الثنائية بين البلدين والمسائل الإقليمية».   والتقى أردوغان بالملك السعودي في تركيا قبل نحو شهر ونصف الشهر، على هامش مؤتمر قمة مجموعة العشرين. وفي آذار الماضي، زار الرئيس التركي السعودية، حيث عقد التفاهمات الأساسية التي أسفرت عن إطلاق «عاصفة الأمل» ضد اليمن، وتشكيل جيش الفتح في محافظة إدلب. وقبل يومين من وصوله إلى العاصمة السعودية، اتهم الرئيس التركي إيران بتبني سياسات طائفية في سورية. وقال في كلمة متلفزة في مدينة اسطنبول التركية، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية مقتطفات منها: «لو لم تقف إيران خلف (الرئيس بشار) الأسد لأسباب طائفية، لما كنا نناقش اليوم ربما قضية مثل سورية». وانتقد أردوغان روسيا وإيران وتنظيم داعش والمسلحين السوريين الأكراد واتهمهم بـ«قتل الأبرياء من دون رحمة» في سورية. وقال: إن جماعات مثل تنظيم داعش وحزب الاتحاد الديمقراطي هي «أدوات في الصراع العالمي على السلطة». وأضاف: إن هذه الجماعات «هي مثل حزب العمال الكردستاني هنا. لا فرق بينها». وسبق لأردوغان أن أكد أول من أمس وجود خلافات بين بلاده والقيادة الإيرانية، لكنه أعرب عن أمله في ألا تؤثر هذه الخلافات على علاقات حسن الجوار بينهما. وأشار إلى وجود أطراف تسعى لتقسيم المنطقة على أساس طائفي، ودعا إلى ضرورة تصدي شعوب وحكومات المنطقة، بما في ذلك إيران، لهذه «المؤامرة». وأكّد الرئيس التركي خلال مقابلة مع فضائية «العربية» المملوكة لآل سعود، أن إثارة موضوع وجود القوات التركية في شمال العراق، مرتبط بالحلف الرباعي الذي شكلته روسيا وسورية والعراق وإيران، والذي أعلن أن أنقرة رفضت الانضمام إليه بعد طلب روسي. وقدمت أنقرة دعماً حيوياً لمؤتمر الرياض وفر للسعودية النفوذ اللازم للإمساك بورقة المعارضة السورية السياسية والعسكرية وجددت هذا الدعم مع تسارع التحضيرات لزيارة أردوغان إلى المملكة. وفي هذا السياق التقى رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو برئيس الائتلاف خالد خوجة، والمنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، في مدينة إسطنبول. ونقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر في رئاسة الحكومة التركية، أن داود أوغلو جدد خلال اللقاء أول أمس، تأكيد دعم بلاده للمعارضة السورية خلال المفاوضات التي ستجري ضمن إطار قرار مجلس الأمن الدولي ذي الرقم 2254، بشأن التسوية السياسية لحل الأزمة السورية. ودعا داود أوغلو المعارضة السورية للوحدة والعزم خلال المرحلة المقبلة من المفاوضات في وجه الأطراف الهادفة لإضعاف صفوف المعارضة.

المصدر : الماسة السورية/الوطن


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة