تزداد يوماً تلو آخر المؤشرات التي تدل على وجود خلاف بين عدد من الدول الأوروبية وبين الولايات المتحدة بسبب ظهور التناقض في مصالح كل جهة تجاه مصالح الجهة الأخرى.

 

ويثبت تاريخ الصراعات بين الدول أو في الحروب أن الرأسمالية العالمية تعتبر من أهم العوامل التي تولد النزاعات بين الدول وبين كتلة دولية وأخرى وخصوصاً بعد انتهاء وجود كتلة الدول السوفييتية في نهاية القرن العشرين.

 

وهذا ما دفع الدول الأوروبية إلى تشكيل اتحاد يراد منه إبعاد النزاعات الأوروبية الداخلية بعد انتهاء الحرب الباردة والنزاع بين نظامين اقتصاديين في العالم.. ومع ذلك يدرك الجميع أن الحرب العالمية الأولى اندلعت بين دول من نفس النظام الاقتصادي الرأسمالي وقبل ظهور نظام مناقض سوفييتي وهذا ما يفرض نفسه على الظروف التي يمر بها عالمنا في القرن الحادي والعشرين حيث يتصاعد التنافس بين دول كثيرة على المصالح الخاصة وتتولد أشكال حصار وضغوط لفرض مصالح طرف على طرف آخر، وفي قلب هذا الصراع يتوقع علماء التاريخ أن تبتعد أوروبا أكثر فأكثر باستثناء بريطانيا عن السير خلف السياسة الأميركية التي حققت مكاسبها من حربين عالميتين الأولى والثانية وما تزال تتطلع إلى توسيع مصالحها على حساب الجميع.

لكن دوامة الحروب هذه لم تعد مغرية لعدد من دول أوروبا وخصوصاً ألمانيا وإيطاليا الدولتين اللتين دفعتا ثمن الهزيمة في حربين عالميتين كما لم تعد فرنسا بنفس الوزن والقوة التي تؤهلها فرض حصة مساوية لواشنطن أو لندن في أي حرب عالمية تفرض نفسها.. والملاحظ بموجب ما يكشفه (ميخائيل هودسون) أمس في تحليل حول الطموحات الأميركية وأدوات تحقيقها أن الدول الكبرى في أوروبا باستثناء بريطانيا أثبتت أن لديها هامشاً للمناورة يخرج عن السياسة الأميركية على المدى القريب والبعيد ويتناقض معها بشكل ملموس حول الشرق الأوسط وآسيا بشكل خاص.. فالولايات المتحدة تتوقع أن تتحول آسيا وبحر الصين إلى ساحة حرب أميركية ضد كل من يقف في وجه طموحاتها وخصوصاً بعد أن بلغت الديون المستحقة على واشنطن 17 تريليون دولار 7% منها ديون ستدفعها للصين أي (1.19) تريليون.. ويتوقع (ميخائيل هودسون) في (موقع ليستغرز) الإلكتروني الأميركي أن تحاول واشنطن حل أي خطر يهددها بركود اقتصادي عن طريق حرب عالمية تكون فيها الصين وروسيا خصماً لها فتتخلص من ديونها على غرار الحرب العالمية الأولى والثانية التي فرضت ركوداً اقتصادياً حاداً على الولايات المتحدة.. لكن هذه الحسابات الأميركية تصطدم كما يرى (هودسون) بعراقيل من أوروبا التي تجد مصلحتها أمام القوى الكبرى (الصين وروسيا) والولايات المتحدة في الامتناع عن الانخراط في حرب كهذه مهما كلفها ذلك من ثمن.. وهذا ما تدركه روسيا والصين معاً حين تعملان على التقرب من أوروبا بكل المجالات السياسية والاقتصادية وفي استمالة فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى اتخاذ موقف متوازن يحقق مصالح الدول الثلاث دون حروب مباشرة.

ويرى (هودسون) أن موسكو وطهران ودمشق ستتحول إلى عواصم تركز اهتمامها على زيادة قدراتها العسكرية ومنع واشنطن من الاستفراد بأي عاصمة من هذه العواصم الثلاث أما في آسيا فستتحول الصين في الأشهر المقبلة إلى مرتبة ثاني أكبر دولة اقتصادية في العالم قبل اليابان وبعد والولايات المتحدة ويتوقع (هودسون) أن تشكل كوريا الشمالية في العام المقبل أهم عقبة أمام واشنطن تمنع كرويا الجنوبية واليابان من الانخراط بأي حرب ضد الصين أو حلفائها في آسيا.. كما يتوقع أن يزداد تأثير ألمانيا في العامين المقبلين على المستوى الدولي ودون التطابق مع توجهات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وخصوصاً لجهة تعزيز علاقات ألمانيا مع طهران ودمشق بشكل خاص وهو ما بدأت به ألمانيا على مستوى التعاون المخابراتي مع دمشق ضد الإرهاب قبل أسبوع.

 

  • فريق ماسة
  • 2015-12-21
  • 5042
  • من الأرشيف

(2016) عام المكاسب الصينية والروسية وتعزيز تحالفهما مع طهران ودمشق

 تزداد يوماً تلو آخر المؤشرات التي تدل على وجود خلاف بين عدد من الدول الأوروبية وبين الولايات المتحدة بسبب ظهور التناقض في مصالح كل جهة تجاه مصالح الجهة الأخرى.   ويثبت تاريخ الصراعات بين الدول أو في الحروب أن الرأسمالية العالمية تعتبر من أهم العوامل التي تولد النزاعات بين الدول وبين كتلة دولية وأخرى وخصوصاً بعد انتهاء وجود كتلة الدول السوفييتية في نهاية القرن العشرين.   وهذا ما دفع الدول الأوروبية إلى تشكيل اتحاد يراد منه إبعاد النزاعات الأوروبية الداخلية بعد انتهاء الحرب الباردة والنزاع بين نظامين اقتصاديين في العالم.. ومع ذلك يدرك الجميع أن الحرب العالمية الأولى اندلعت بين دول من نفس النظام الاقتصادي الرأسمالي وقبل ظهور نظام مناقض سوفييتي وهذا ما يفرض نفسه على الظروف التي يمر بها عالمنا في القرن الحادي والعشرين حيث يتصاعد التنافس بين دول كثيرة على المصالح الخاصة وتتولد أشكال حصار وضغوط لفرض مصالح طرف على طرف آخر، وفي قلب هذا الصراع يتوقع علماء التاريخ أن تبتعد أوروبا أكثر فأكثر باستثناء بريطانيا عن السير خلف السياسة الأميركية التي حققت مكاسبها من حربين عالميتين الأولى والثانية وما تزال تتطلع إلى توسيع مصالحها على حساب الجميع. لكن دوامة الحروب هذه لم تعد مغرية لعدد من دول أوروبا وخصوصاً ألمانيا وإيطاليا الدولتين اللتين دفعتا ثمن الهزيمة في حربين عالميتين كما لم تعد فرنسا بنفس الوزن والقوة التي تؤهلها فرض حصة مساوية لواشنطن أو لندن في أي حرب عالمية تفرض نفسها.. والملاحظ بموجب ما يكشفه (ميخائيل هودسون) أمس في تحليل حول الطموحات الأميركية وأدوات تحقيقها أن الدول الكبرى في أوروبا باستثناء بريطانيا أثبتت أن لديها هامشاً للمناورة يخرج عن السياسة الأميركية على المدى القريب والبعيد ويتناقض معها بشكل ملموس حول الشرق الأوسط وآسيا بشكل خاص.. فالولايات المتحدة تتوقع أن تتحول آسيا وبحر الصين إلى ساحة حرب أميركية ضد كل من يقف في وجه طموحاتها وخصوصاً بعد أن بلغت الديون المستحقة على واشنطن 17 تريليون دولار 7% منها ديون ستدفعها للصين أي (1.19) تريليون.. ويتوقع (ميخائيل هودسون) في (موقع ليستغرز) الإلكتروني الأميركي أن تحاول واشنطن حل أي خطر يهددها بركود اقتصادي عن طريق حرب عالمية تكون فيها الصين وروسيا خصماً لها فتتخلص من ديونها على غرار الحرب العالمية الأولى والثانية التي فرضت ركوداً اقتصادياً حاداً على الولايات المتحدة.. لكن هذه الحسابات الأميركية تصطدم كما يرى (هودسون) بعراقيل من أوروبا التي تجد مصلحتها أمام القوى الكبرى (الصين وروسيا) والولايات المتحدة في الامتناع عن الانخراط في حرب كهذه مهما كلفها ذلك من ثمن.. وهذا ما تدركه روسيا والصين معاً حين تعملان على التقرب من أوروبا بكل المجالات السياسية والاقتصادية وفي استمالة فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى اتخاذ موقف متوازن يحقق مصالح الدول الثلاث دون حروب مباشرة. ويرى (هودسون) أن موسكو وطهران ودمشق ستتحول إلى عواصم تركز اهتمامها على زيادة قدراتها العسكرية ومنع واشنطن من الاستفراد بأي عاصمة من هذه العواصم الثلاث أما في آسيا فستتحول الصين في الأشهر المقبلة إلى مرتبة ثاني أكبر دولة اقتصادية في العالم قبل اليابان وبعد والولايات المتحدة ويتوقع (هودسون) أن تشكل كوريا الشمالية في العام المقبل أهم عقبة أمام واشنطن تمنع كرويا الجنوبية واليابان من الانخراط بأي حرب ضد الصين أو حلفائها في آسيا.. كما يتوقع أن يزداد تأثير ألمانيا في العامين المقبلين على المستوى الدولي ودون التطابق مع توجهات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط وخصوصاً لجهة تعزيز علاقات ألمانيا مع طهران ودمشق بشكل خاص وهو ما بدأت به ألمانيا على مستوى التعاون المخابراتي مع دمشق ضد الإرهاب قبل أسبوع.  

المصدر : تحسين الحلبي


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة